صحافة إسرائيلية

في الذكرى الخامسة للتطبيع.. باحثة "إسرائيلية" تطرح 5 مسائل جدلية مع الإمارات

الخارجية الإماراتية تقول إن ضمّ إسرائيل أراض في الضفة الغربية سيشكّل خطاً أحمر بالنسبة للإمارات - الأناضول
بعد خمس سنوات من اتفاقات التطبيع "الإبراهيمية"، يعترف الاسرائيليون أن مصالح الدول العربية المطبّعة تختلف كبيرًا عن نظيرتها الإسرائيلية، سواء ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أو العلاقات الشخصية، وكشف مرور هذه السنوات أن الواقع أكثر تعقيدًا مما تصور الجانبان، وتُذكرهما بالوضع الراهن المعقد، لأنه يصعب تجاهل الأزمة الحالية في العلاقات مع دول الخليج، والظلال الثقيلة التي تُلقيها حرب غزة.

موران زيغا، الباحثة في شؤون الإمارات العربية المتحدة بجامعة حيفا، والمستشارة بمؤسسة "مايند إسرائيل" البحثية، ذكرت أن "مرور هذه السنوات الخمس على تلك الاتفاقيات فرصة لطرح خمس مسائل جدلية تخصّها، لاسيما ما يتعلق منها بدولة الإمارات، أولاها أنه في ربيع 2020، لم تبدُ الأخيرة بحاجة كبيرة لدولة الاحتلال، فقد حافظت على علاقات دافئة مع إدارة ترامب، ومن خلالها تمتعت بنفوذ مباشر في واشنطن؛ وتطبيع علاقاتها مع طهران، وفتحت قنوات حوار معها بعد سنوات من التوتر".

وأضافت في مقال نشرته موقع ويللا، وترجمته "عربي21" أنه "حين أجرت أبو ظبي تحولاً في علاقتها مع تل أبيب بصورة رسمية وعلنية، وجدت بابًا مفتوحًا، بعد أن حافظا على علاقات سرية واسعة، مباشرة وغير مباشرة، شملت صفقات ضخمة، وزيارات رفيعة المستوى لم تُعلن قط، واليوم بعد مرور هذه السنوات الخمس يمكن الحديث عن دافعين رئيسيين لدخولها في اتفاقيات التطبيع: أولهما الرغبة بتوسيع نفوذها في المنطقة، خاصة بعد مرحلة الربيع العربي، ونجحت كواحدة من أكثر الدول استقرارًا وقوةً بكل المقاييس، بعد أن تضررت مراكز القوة التقليدية في المنطقة بشكل كبير، باستثناء دولة الاحتلال".

وأشارت أنه "في الحرب الحالية على غزة، منح الاحتلال للإمارات أولوية الوصول لغزة، وعملت وسيطا بين تل أبيب ودمشق في عدة مناسبات، ما يعني أن استراتيجية نفوذها تؤتي ثمارها، سواء في إدارة النزاعات أو في إعادة بناء الدول، أما الدافع الثاني فهو القيادة الإقليمية، بعد أن وقعت السعودية، التي اعتُبرت سنوات طويلة راعية الخليج وزعيمة العالم العربي، في أزمة سياسية عقب أن قوّض مقتل خاشقجي مكانتها الدولية، وأعاقتها الحرب في اليمن، مما دفع أبو ظبي للإدراك أنها أمام فرصة لأخذ زمام المبادرة، وشكل إقامتها لعلاقات مع الاحتلال، الشريك الاستراتيجي للولايات المتحدة، منحها ميزة كدولة إقليمية".

وأوضحت أن "المسالة الجدلية الثانية في اتفاقيات التطبيع في ذكراها الخامسة، تتمثل بـ"العنصر الفلسطيني المهم، فمنذ توقيع الاتفاقيات، أساء الاحتلال تفسير الثمن الفلسطيني المنخفض، حيث تبين أن الإمارات طالبت بالعودة للمفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين أكثر من أي دولة أخرى منذ توقيع الاتفاقيات التي زعمت أنها رافعةً لتحقيق اختراق سياسي بينهما، واعتبرت أن التطبيع يهدف لفتح الباب أمام ديناميكية جديدة، تمنح الاحتلال تكاملاً إقليمياً، والفلسطينيين أفقاً سياسياً".

وأضافت أن "الإمارات شاركت في كل مبادرة إقليمية إسرائيلية، مثل منتدى النقب، لكنها سرعان ما يئست من أي فترة لجأ فيها الاحتلال إلى الركود، فكلما تضرر الفلسطينيون أكثر، ابتعد من اعتبروا الاتفاقيات طريقًا للسلام، ومن ترددوا منذ البداية في الانضمام لها، لأن المناخ السياسي تدهور تدريجيًا في آخر عامين ونصف منذ صعود حكومة الاحتلال الحالية".

وأوضحت أن "المسألة الجدلية الثالثة تتعلق بـ"الرأي العام، لأن العلاقة "الدافئة" الناشئة بين تل أبيب وأبو ظبي لم تكن ثمرة مصالح أمنية أو اقتصادية فحسب، بل تم تعزيزها بشكل حقيقي في الساحة الاجتماعية، من خلال شبكات التواصل، ومبادرات رجال الأعمال، ومشاريع المجتمع المدني، لكن هذا التواصل ظل محصورًا في دوائر ضيقة جدًا من الجمهور الإماراتي، رغم ما حظي به من دعم القيادة فيها، من خلال تعميم صور السياح الإسرائيليين في دبي، ومشاركتها على وسائل التواصل، رغم أن هناك شبه إجماع في الرأي العام الإماراتي على دعم قيام دولة فلسطينية".

وأشارت أن "المسألة الجدلية الرابعة تتعلق بأن "كل شيء شخصي، حيث تقوم السياسة الخليجية أساساً على الروابط الشخصية والقبلية، وبُنيت طبقات إضافية من الأيديولوجية والبراغماتية والقومية على هذه الأسس، لكن البنية الأصلية لا تزال هي التي تحدد القواعد، ولهذا السبب، نرى حتى يومنا هذا كيف تُقبَل شخصيات إسرائيلية بحرارة، بينما تُستبعد أخرى، ليس بالضرورة بسبب مناصبها أو مواقفها، ولكن بسبب جودة العلاقة الشخصية، هكذا تسير الأمور ليس فقط في عالم الأعمال والبحث والثقافة، بل بالطبع في الدوائر السرية التي بُنيت فيها العلاقات مع الإسرائيليين لسنوات عديدة قبل توقيع اتفاقيات التطبيع".

وأضافت أن المسألة الجدلية الخامسة تتمثل في "اتفاقيات أبراهام ذاتها، حيث دأبت القيادة الإماراتية على استخدام هذه العبارة بهدف انتقاد الخطوات الإسرائيلية المناقضة لها، بما فيها الحرب على غزة، ونوايا الضم في الضفة الغربية، وانتهاك سيادة سوريا وقطر، وانتهاك الوضع الراهن في المسجد الأقصى، ففي نظر الإمارات، انحرف الاحتلال عن هذه الاتفاقيات عندما اختارت إدارة الصراع الفلسطيني بالقوة بدلاً من المبادرة السياسية، واعتبرت التدهور إلى العنف خروجًا عن الرؤية التي ترمز إليها الاتفاقيات".

يمكن القول إن البعد الشخصي كان حاضرا منذ البداية، فقد وقف بنيامين نتنياهو يوم توقيع الاتفاقية بجانب وزيري خارجية الإمارات والبحرين، في حديقة البيت الأبيض، وليس بالأميرين، وأوضح هذا الغياب مدى الدور المركزي الذي تلعبه الشخصية في تشكيل العلاقات، وحتى اليوم، لم يُصوَّر علنًا مع محمد بن زايد، بينما التقى به يائير لابيد ونفتالي بينيت عدة مرات، مما يكشف عن غياب الكيمياء الشخصية بين ابن زايد ونتنياهو.