أثار مشروع تعديل قانون
الجنسية الجزائري
جدلاً واسعًا، وسط تباين بين الموقف الرسمي ومواقف المنظمات الحقوقية، خصوصًا
منظمة شعاع التي أعربت عن قلقها العميق من أن المشروع قد يُستغل لتقييد حرية
التعبير وتهديد حقوق المواطنين.
فقد أكد وزير العدل حافظ الأختام لطفي
بوجمعة أن المشروع يقتصر على حالات استثنائية جدًا، مثل الخيانة العظمى، المساس
بالمصالح الحيوية للدولة، أو المساس بالوحدة الوطنية. وأوضح أن القانون يستهدف
الحالات التي يرتكب فيها الجزائري المقيم خارج الوطن أفعالاً تلحق ضررًا بالدولة
أو تعلن الولاء لدولة أجنبية، أو يشارك في جماعات إرهابية أو تخريبية.
وأشار بوجمعة إلى أن تجريد الجنسية لا يمكن
أن يتم إلا بعد حكم قضائي نهائي، داخليًا أو خارجيًا، وعقوبته خمس سنوات سجناً أو
أكثر، مع تحديد سقف زمني للوقائع ولإعلان التجريد. كما يمكن للمعنيين استرجاع
الجنسية بعد مرور 24 شهرًا من التجريد بموجب مرسوم رئاسي، ما يعكس الطابع
الاستثنائي والإطار القانوني المحكوم.
تحذيرات حقوقية: مخاطر على حرية التعبير
والمواطنة
من جانبها، حذرت منظمة شعاع من أن المشروع
يفتح الباب أمام المساس بحق الجزائريين في جنسيتهم الأصلية، مستندًا إلى مفاهيم
فضفاضة مثل “المساس بمصالح الدولة” أو “الوحدة الوطنية”. وأشارت المنظمة إلى أن
تركيز القانون على الأفعال المرتكبة خارج التراب الوطني يعني استهداف الجزائريين
المقيمين في الخارج، الذين يمارسون حقهم في التعبير السياسي بحرية نسبية بعيدًا عن
القمع المباشر.
وأكدت شعاع، في بيان لها اليوم أرسلت نسخة
منه لـ
"عربي21"، أن اللجوء إلى التجريد في هذا السياق قد يصبح أداة
انتقامية لتكميم الأفواه ومعاقبة الرأي المخالف، محذرة من أن المشروع يحوّل
الجنسية من حق أصيل إلى وسيلة ضغط وابتزاز سياسي، متعارضة مع الدستور الجزائري
والالتزامات الدولية، بما في ذلك المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان،
والمادتين 19 و24 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
ودعت المنظمة نواب المجلس الشعبي الوطني،
والأحزاب السياسية، والمجتمع المدني، والهيئات الحقوقية الدولية إلى رفض المشروع،
وسحب مقترح تعديل القانون فورًا، وتحقيق تحييد كامل للجنسية الأصلية عن أي إجراء
عقابي أو أمني، ووقف التوسع في استعمال النصوص الزجرية ضد المنتقدين السلميين.
ويعكس المشروع من جانب الحكومة رغبة في
تحصين السيادة والوحدة الوطنية في ظل تحديات إقليمية ودولية، بينما ترى المنظمات
الحقوقية فيه تهديدًا لحرية التعبير والمواطنة. التوازن بين الأمن القومي وحماية
الحقوق الأساسية سيظل محور النقاش خلال عرضه على المجلس الشعبي الوطني يومي 20 و21
ديسمبر 2025، وسط متابعة حقوقية ومحلية ودولية دقيقة.
ولم يغلق النص الباب أمام من يتم تجريده من
جنسيته، إذ يمكنه استرجاع الجنسية الجزائرية الأصلية بعد مرور 24 شهرًا على الأقل
من تاريخ التجريد، بموجب مرسوم رئاسي، ما يعكس الطابع الاستثنائي وغير الانتقامي
للإجراء.
وأشار الوزير إلى أن المشروع يوازن بين
حماية الحقوق المرتبطة بالجنسية من جهة، وصون الأمن القومي والوحدة الوطنية من جهة
أخرى، مؤكدًا أن هذا القانون لا يستهدف أي فئة بعينها، وإنما يهدف إلى حماية
الدولة في ظل تحديات إقليمية ودولية معقدة.
ويعكس هذا النص توجهًا تشريعيًا دفاعيًا
أكثر منه أداة إقصاء، ذلك أن الضوابط الصارمة التي وضعها المشرع تجعل
سحب الجنسية
إجراءً نادرًا ومحدودًا جدًا، قائمًا على اعتبارات سيادية لا غنى عنها للحفاظ على
الاستقرار الوطني.
اظهار أخبار متعلقة