منذ عودته
إلى البيت الأبيض، يحاول دونالد
ترامب أن يرسم لنفسه صورة مختلفة عمّا اعتاده العالم
في ولايته الأولى. الرجل الذي عُرف بخطابه الصاخب ومواقفه المثيرة للجدل، عاد اليوم
ليقدّم نفسه في ثوبٍ آخر: رجل
سلام، يتوسط بين الخصوم ويوقف نزيف الحروب.
أوكرانيا..
من لغة السلاح إلى لغة الحوار
في ذروة
الحرب
الأوكرانية، استطاع ترامب جمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن على طاولة واحدة في قمة
بألاسكا. اللقاء لم يُفضِ إلى اتفاق نهائي، لكنه أعاد الأمل بإمكانية فتح قنوات حوار
بين موسكو وواشنطن بعد سنوات من القطيعة. مجرد جلوس بوتين وترامب معا بدا كأنه بداية
لكسر الجمود، وخطوة نحو تجنّب حرب أوسع في قلب أوروبا.
إيران وإسرائيل..
هدنة غير مسبوقة
في حزيران/
يونيو 2025، كان الشرق الأوسط على شفا مواجهة شاملة بين إيران وإسرائيل. لكن تدخل ترامب،
بوساطة قطرية ودعم إقليمي، قاد إلى اتفاق هدنة غير مسبوق؛ صحيح أن الهدنة شهدت بعض
الخروقات، لكنها أوقفت حربا كان يمكن أن تجرّ المنطقة إلى كارثة. ووصف ترامب الأمر
بأنه "انتصار للجميع"، ونجح في تحويل المسار من صدام عسكري إلى تهدئة مؤقتة.
الامتحان الأكبر لترامب كان في غزة، فبعد عام من حرب مدمرة، أعلن خطة من عشرين نقطة تتضمن وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى، وانسحاب إسرائيلي تدريجي، وبداية عملية سياسية جديدة
سوريا.. سياسة
الخطوات الهادئة
في الملف السوري،
لم يلجأ ترامب إلى المواجهة أو التصعيد، بل اتبع سياسة أكثر هدوءا: تخفيف العقوبات
تدريجيا وتشجيع الدول العربية على إعادة دمج دمشق في محيطها. لم تتحقق معجزات، لكن
الرسالة كانت واضحة: واشنطن في عهده تبحث عن الاستقرار بدلا من الفوضى.
غزة.. قمة
الاختبار الحقيقي
الامتحان الأكبر
لترامب كان في غزة، فبعد عام من حرب مدمرة، أعلن خطة من عشرين نقطة تتضمن وقف إطلاق
النار، وتبادل الأسرى، وانسحاب إسرائيلي تدريجي، وبداية عملية سياسية جديدة.
وبالفعل، في
تشرين الأول/ أكتوبر 2025 تم تنفيذ المرحلة الأولى: وقف القصف، وتبادل للأسرى، وفتح
المعابر الإنسانية. وأعلنت حماس أن "الحرب انتهت"، فيما أكدت إسرائيل التزامها
بالاتفاق، تحت ضغط وضمانات أمريكية- عربية، كان لقطر ومصر دور أساسي فيها.
بين الجدل
والواقع
لا شك أن صورة
ترامب كرجل سلام تُثير جدلا كبيرا، فخصومه يتهمونه بالمبالغة في تسويق إنجازات لم تكتمل
بعد، لكن الوقائع على الأرض تقول إن الحروب توقفت أو خفّت وتيرتها في أكثر من جبهة
بفضل تدخل مباشر منه.
ففي أوكرانيا
لم تُشعل مواجهة جديدة، وفي الشرق الأوسط هدنة بين إيران وإسرائيل، وفي سوريا مقاربة
أقل حدة، وفي غزة، اتفاق هو الأول من نوعه منذ سنوات.
قد لا يكون
السلام الذي يصنعه ترامب مثاليا أو دائما، لكنه على الأقل يُعيد العالم إلى طاولة التفاوض
بدلا من ساحات القتال.