كتاب عربي 21

فشل عدوان نتنياهو على قطر

منير شفيق
"تآمرُ ترامب مع نتنياهو، ومواصلة حمايته من العقوبات، سوف تجعل الوضع بالنسبة إليهما أسوأ مما كان عليه قبلها"
"تآمرُ ترامب مع نتنياهو، ومواصلة حمايته من العقوبات، سوف تجعل الوضع بالنسبة إليهما أسوأ مما كان عليه قبلها"
يختلف نتنياهو عن كل قادة الدول في العالم، وذلك من حيث العلاقة بين سياساته وقراراته من جهة، وبين النتائج التي تسفر عنها من جهة ثانية. فما من قيادة تنتقل من فشل إلى فشل؛ إلاّ وتحاول أن توقف الخسارة من بعد خسارة.

طبعا، لا أحد يفعل ذلك غير الذين يخسرون على موائد القمار، أو من دخل في حالة مرضية وشاذة، كحالة نتنياهو المهدّد بالسجن إذا أوقف تلك السياسات.

أما في حالة نتنياهو، فسوء سياساته يعود على دولة الكيان الصهيوني بأشدّ الأضرار. وهو أمر جيد بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني، وإلى العرب والمسلمين، إن لم يكن للعالم كله، وذلك لكونه كيانا استيطانيا، عنصريا اقتلاعيا إحلاليا، غير شرعي الوجود، ولكونه كيانا يتحدّى العالم كله، ولا يسعى إلا في الإفساد في الأرض.
صحيح أن ترامب يشكل المسؤول الأول وراء هذه البلطجة، وتشجيعها وحمايتها، وصحيح أن ترامب أعطى الضوء الأخضر لعدوان نتنياهو على قطر، ولكن وجد نفسه هذه المرّة، وربما بسبب فشل العملية، معزولا، ومحرجا، وفاقدا للصدقية

ولكن هذا البُعد من الأضرار التي تلحقها سياسات نتنياهو أخذت تتحوّل إلى دمار، لسمعة الكيان الصهيوني نفسه، ولكل من يغطيه ويناصره، ولا سيما أمريكا والغرب، وذلك حين يتحوّل إلى "البلطجي" العسكري في فلسطين ولبنان وسوريا واليمن وتونس، مهدّدا إيران وتركيا، وأخيرا، ارتكب جريمة عدوان على قطر، وذلك لما عناه من إنذار بالخطر في ارتكاب العدوان على كل دول الخليج العربي، والدول العربية. فقد وصل الأمر بنتنياهو، من خلال عدوانه العسكري على دولة قطر، إلى إعلان التحدّي لهيئة الأمم المتحدة، والدول العربية والإسلامية، ولكل العالم، بالقول: أنا من يفعل ما يريد، ولا يهمني القانون الدولي، أو مواقفكم جميعا، واركبوا أعلى خيولكم.

صحيح أن ترامب يشكل المسؤول الأول وراء هذه البلطجة، وتشجيعها وحمايتها، وصحيح أن ترامب أعطى الضوء الأخضر لعدوان نتنياهو على قطر، ولكن وجد نفسه هذه المرّة، وربما بسبب فشل العملية، معزولا، ومحرجا، وفاقدا للصدقية، حتى بالنسبة إلى من يعتبرهم ممن يتوجب عليه أن يؤمنهم، في الأقل من تنمّر نتنياهو وبلطجته. لذلك راح يعتذر، ويكذب ويكذب، ليخفف مما لحق به من خطر العزلة هو الآخر، بسبب الموقف الدولي العالمي الإجماعي في شجب العدوان على قطر، ومن ثم تعالي الأصوات لوضع حدّ لهذه البلطجة، وإنزال عقوبات بنتنياهو.

نتنياهو وترامب خسرا سياسيا، حتى لو لم تؤخذ خطوات عملية -لا سمح الله- ضدّ نتنياهو، سواء أكان من قِبَل المؤتمر العربي- الإسلامي، أم من قِبَل مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة، أم على مستوى مبادرات دولية من قِبَل عدد من الدول، كما تفعل إسبانيا مثلا، أو كما يتوجب على الدول العربية والإسلامية أن تفعل، فرادى ومجتمعة.

إن ردود الفعل الدولية تؤكد أن محصلتها، حتى الآن، ذات نتائج وخيمة سياسيا على نتنياهو وترامب، بعد أن تمادى مجرم الإبادة، القاتل للأطفال، في العدوان على قطر. وتآمرُ ترامب معه، ومواصلة حمايته من العقوبات، سوف تجعل الوضع بالنسبة إليهما (نتنياهو وترامب) أسوأ مما كان عليه قبلها.

أما من الجهة الأخرى، فإن ذلك سيعزز الموقف السياسي لحماس والمقاومة في غزة، موضوعيا وذاتيا، مما يجعل "اليوم التالي" على غير ما يسعى له نتنياهو وترامب. فالعالم، وإن لم يستطع ردع نتنياهو حتى الآن، لا يعني أنه لن يستطيع غدا.
التعليقات (0)

خبر عاجل