قضايا وآراء

الحرب على الإخوان بين قطيش وزيدان

حمزة زوبع
لقد وقعت الثورة السورية في الفخ الخليجي الأمريكي الصهيوني وكما صرحت كارولين ليفات المتحدثة باسم الرئيس الأمريكي ترامب بأن الرئيس الأمريكي قد اشترط / طلب التوقيع على اتفاقية إبراهام للتطبيع مع الكيان قبل أن يلتقي بالرئيس الشرع في الرياض. (سانا)
لقد وقعت الثورة السورية في الفخ الخليجي الأمريكي الصهيوني وكما صرحت كارولين ليفات المتحدثة باسم الرئيس الأمريكي ترامب بأن الرئيس الأمريكي قد اشترط / طلب التوقيع على اتفاقية إبراهام للتطبيع مع الكيان قبل أن يلتقي بالرئيس الشرع في الرياض. (سانا)
"نحن لم نتخلص من التشدد الشيعي لنستبدله بالتشدد السني، لن نسمح بتكرار تجربة محمد مرسي مرة ثانية في سورية، هذا القرار لا رجعة عنه" نديم قطيش ـ تصريح تلفزيوني بعد أسابيع قليلة من إزاحة بشار الأسد".

"الملف الأساسي ملف الإخوان ما نضحك على بعض هذه معركة لم تنتهي ولن تنتهي، المشروع الاخواني لا يزال هو نفسه" نديم قطيش ـ إعلامي لبناني في لقاء مع قناة القاهرة والناس منذ سنوات.

"وباعتقادي المتواضع، ومع احترامي إخواني وأصدقائي في التنظيم، فإن حل التنظيم اليوم، كما فعلت المكونات الأخرى سيخدم البلد، والذي هو رأسمالنا جميعا، ومقصدنا كلنا" من مقال الدكتور أحمد موفق زيدان ـ مستشار الرئيس الشرع لشؤون الإعلام المنشور على موقع الجزيرة نت (متى ستحل جماعة الإخوان المسلمين في سوريا نفسها)

"لقد بدا لنا بشكل واضح ومن خلال التجربة الإخوانية التي حلت نفسها في هذه الدول، أن معظم من حل نفسه، ومارس العمل السياسي والدعوي بتسميات جديدة كان أفضل حالا ممن أصر على التمسك بسياسة ديناصورية، محكوم عليها بنظر بعض الجيولوجيين بالاندثار، ما دام الديناصور قد عجز عن التأقلم مع الظروف الطبيعية الجديدة، وهو حال تنظيم يرفض أن يتأقلم مع ظروف داخلية وإقليمية ودولية تجاوزته" نفس المصدر السابق.

ليس من الطبيعي أن تسأل عن علاقة الدكتور موفق زيدان بالإخوان لأن الرجل منذ شبابه كان عضوا في الإخوان السوريين وإن حاول التنكر لتلك الفترة مدعيا أنه كان فيهم ولكنه كان يحتفظ لنفسه بخط مختلف عنهم كما قال في المقال المشار إليه "كنتُ قد انتميت في فترة من حياتي إلى جماعة الإخوان المسلمين، غير أنني بقيت دائمًا وفيًّا لتاريخي وللأمانة الفكرية، منتميًا إلى جماعة الأستاذ عصام العطار ـ رحمه الله"، ولكن قد يكون من الطبيعي أن تسأل عن علاقة نديم قطيش بالإخوان، ولك بعض العذر لأن نديم على عكس موفق زيدان ليس علما في مجال السياسة أو الفكر وإن كان حدثا في مجال الإعلام، وإن كان زيدان محسوبا على الإسلاميين الحركيين خصوصا الإخوان والتنظيمات الجهادية إلا أن نديم لاعلاقة له بالفكر أو السياسة إلا من باب أنه نائحة مستأجرة أو بلغة الإعلام بوقا إعلاميا يتحدث نيابة عن بعض عربان الخليج ممن لا يجيدون الحديث ولم يعرفوا القراءة والكتابة إلا على يد المصريين والفلسطينيين والسوريين منذ خمسينيات القرن الماضي.

موفق ونديم التقيا على طريق الحرب على الإخوان المسلمين، فالأول يعمل في مؤسسة إعلامية عالمية صهيونية الهوى وإماراتية التمويل تقوم وبطريقة ممنهجة بالتشكيك في الإسلام والقيم والمعاملات والعبادات شأنها في ذلك شأن قناة العربية السعودية التمويل والأمريكية التشغيل، وقناة سكاي نيوز لا تتوقف عن دورها في الحرب على الإسلام السياسي وعلى المقاومة في غزة باعتبارها أحد روافد الإسلام السياسي وعليه فمن المفهوم والمقبول أن يهاجم رئيس التحرير فيها وواحد من أبرز مذيعيها بالهجوم على الإخوان فما بال أحمد موفق زيدان؟

في تقديري أن الدكتور زيدان لا يعبر عن نفسه ولا عن تاريخه الممتد لعقود في دواليب الحركة الإسلامية وحتى في تنظيم النصرة أو أحرار الشام وإنما يعبر عن المصلحة التي يروج لها باعتبارها طريقا جديدا للثورة السورية التي يتم اختطافها، وقد أعلنت وحذرت مرارا قبل ذلك  في مقالاتي وبرنامجي التلفزيوني "التعليق السياسي" من تلك المحاولات ويبدو أنها نجحت أو في طريقها للنجاح، وموفق زيدان لم يخرج عن خط السلطة التي عينته مستشارا للرئيس ليكون أول حديث له عن حل الإخوان وكأنما جيء به ليكون أول من يتحدث عن ذلك علانية في ظرف سياسي ليس للإخوان فيه أي دور معارض ولا معاكس للسلطة الجديدة، وإنما أراد من أوعز إليه أن يقول ها هو زيدان ابن الإخوان يطالب بحل الإخوان، وهذه قصة عجيبة حقا.

تصريحات الشرع ومقالة زيدان تؤكد ما ذهبت إليه يوما ما في تحليلي من أن الثورة السورية قد تم "تكويعها" مبكرا حتى قبل أن يتم القصاص من نظام بشار الدموي وقبل أن يثبت النظام الجديد أقدامه في السلطة، فالاستجابة المبكرة لطلبات الرياض وأبو ظبي وتل أبيب تخبرنا أن سوريا تسير في الإتجاه الخطأ وأن الثورة وقعت في الفخ وجاري عملية احتواء الثوار الذين أخشى أن يتم إضافة كلمة سابقا إلى التعريف بهم فيصبح "الثوار الإسلاميون" "سابقا".
المتتبع للحرب على الإخوان يجد أن من يقومون عليها يقومون بانتقاء عناصر من الإخوان ذاتها للهجوم عليها، وقد سبق زيدان إلى ذلك مختار نوح أحد رموز الإخوان في العمل النقابي والخرباوي وهو محسوب على الإخوان أكثر من كونه إخوانيا لحما وعظما ودما ناهيك عن طوابير من يسمون بالباحثين في شؤون الحركات الإسلامية، مع العلم أن فريقا منهم دخل السجن بتهم جنائية كسرقة الملابس ولكن صودف وجوده في السجن مع اعتقال قيادات للجماعات الإسلامية ثم خرج ليعلن أنه مناضل إسلامي والحقيقة أنه (حرامي هدوم) كما نقول بالعامية المصرية، والبعض الآخر معروف بأنه مخبر صجفي أو غير صحفي أتعبه الفقر والجوع ووجد في مهاجمة الإخوان لقمة طرية خصوصا في القنوات السعودية والإماراتية التي تدفع بالدولار.

يثور سؤال مهم عن سر التوقيت الذي نشر فيها أحمد موفق زيدان مقاله؟ والإجابة بسيطة لقد وقعت الثورة السورية في الفخ الخليجي الأمريكي الصهيوني وكما صرحت كارولين ليفات المتحدثة باسم الرئيس الأمريكي ترامب بأن الرئيس الأمريكي قد اشترط / طلب التوقيع على اتفاقية إبراهام للتطبيع مع الكيان قبل أن يلتقي بالرئيس الشرع في الرياض.

وهل يعني التطبيع مع الكيان العداء مع الإخوان؟ الإجابة نعم، فالتطبيع والإخوان خطان متوازيان لن يلتقيا بإذن الله، هذا يعرفه القاصي والداني وبالتالي كان لابد من إعلان العداء للإخوان، وهل هناك أفضل ممن كان من بين الإخوان وعاش معهم  ليعلن ذلك، ليبدو مقنعا للغرب ومعبرا عن صوت الشرع نفسه بل إنه هو نفسه قد تبرأ من تاريخه وماضيه في وجود الوفد الإعلامي الليبرالي العربي وكان من بين الحضور نديم قطيش لينقل للعالم تصريحات الشرع والتي جاء فيها وبالفم المليان "لست امتدادا للأحزاب الإسلامية، سواء التنظيمات الجهادية أو الإخوان المسلمين ولست امتدادا للربيع العربي"، فمن أنت ومن أين أتيت؟

لم يتجاوز أحمد موفق زيدان رئيسه الشرع وإن سبقه في خطوة مرتبة سلفا حين نشر مقاله بالجزيرة قبل أن ينشرنديم قطيش تصريحات الشرع التي انخلع فيها عن كافة التنظيمات وإنكاره علاقته بالتنظيمات الجهادية والإخوان المسلمين، وإن كان مفهوما إنكاره اتباعه للإخوان فماذا عن التنظيمات التي عاش فيها عقودا وترقى فيها كقائد وأدلى بأحاديث تبين كيف أن نهجه الجهادي المعاصر ليس موجها فقط ضد الأنظمة ولكنه موجه أيضا ضد أمريكا والكيان الصهيوني، هل تبخر كل ذلك وبات عليه أن يتحدث بحديث أهل التطبيع؟

تصريحات الشرع ومقالة زيدان تؤكد ما ذهبت إليه يوما ما في تحليلي من أن الثورة السورية قد تم "تكويعها" مبكرا حتى قبل أن يتم القصاص من نظام بشار الدموي وقبل أن يثبت النظام الجديد أقدامه في السلطة، فالاستجابة المبكرة لطلبات الرياض وأبو ظبي وتل أبيب تخبرنا أن سوريا تسير في الإتجاه الخطأ وأن الثورة وقعت في الفخ وجاري عملية احتواء الثوار الذين  أخشى أن يتم إضافة كلمة سابقا إلى التعريف بهم فيصبح "الثوار الإسلاميون" "سابقا".
التعليقات (0)

خبر عاجل