دعا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر
حكومته لاجتماع طارئ هذا الأسبوع حول أزمة غزة، في خطوة تنذر بتحوّل كبير في
موقف
لندن من الصراع المتفاقم في الشرق الأوسط. يأتي ذلك بالتزامن مع اجتماع مرتقب له
مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في اسكتلندا، يُتوقع أن يكون بمثابة لحظة فاصلة
يمكن أن تعيد ترتيب أولويات الموقف الغربي من
الحرب الإسرائيلية المستمرة على
القطاع.
من المنتجع الرئاسي في "ترنبيري"
باسكتلندا، يُنتظر أن يضغط ستارمر على ترامب لاتخاذ موقف أكثر حزماً تجاه إسرائيل،
في محاولة لإحياء مفاوضات السلام المتوقفة، والوصول إلى وقف إطلاق نار شامل يعيد
تدفق المساعدات ويمنع المزيد من الكارثة الإنسانية.
صحيفة "الغارديان" نقلت اليوم
الاثنين عن مصادر حكومية تأكيدها أن ستارمر "مذعور" من الصور القادمة من
غزة، و"مصدوم" من مشاهد المجاعة والأطفال المحتضرين، في وقت تتصاعد فيه
المطالب المحلية والدولية باتخاذ خطوات جريئة.
وفي الوقت نفسه، يتجه وزير الخارجية
البريطاني ديفيد لامي إلى نيويورك للمشاركة في مؤتمر أممي يناقش سبل الاعتراف
بدولة
فلسطينية، في مؤشر على تصاعد التوجه داخل حكومة حزب العمال لمراجعة
الاستراتيجية البريطانية تجاه القضية الفلسطينية.
الاعتراف بالدولة الفلسطينية.. "مسألة
وقت"
وأشارت "الغارديان" إلى أنه وعلى
الرغم من دعوات من ثلث نواب حزب العمال للاعتراف الفوري بفلسطين، لا تزال الحكومة
البريطانية تتمسك بضرورة ربط الاعتراف بالتقدم في مسار السلام. ومع ذلك، أكد
مسؤولون أن الاعتراف قادم لا محالة: "المسألة تتعلق بالوقت، لا بالمبدأ".
في المقابل، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل
ماكرون أن بلاده ستعترف بدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر،
وهو ما وصفه مسؤولون بريطانيون بأنه "رمزي" ما لم يرافقه تقدم عملي على
الأرض.
وأكدت "الغارديان"
أن الحكومة البريطانية تدرك أن ترامب هو مفتاح التأثير على الحكومة
الإسرائيلية، وفق ما صرّحت به النائبة العمالية المخضرمة إميلي ثورنبيري، التي
قالت: "نتنياهو لا
يستمع إلا لترامب، وربما بالكاد حتى له... على ستارمر أن يقنعه بأنه الرجل القادر
على إنهاء الحرب".
لكن المخاطرة قائمة: خطوة الضغط على ترامب
قد تغضبه، خصوصاً في ظل توتر ملف التجارة بين
بريطانيا والولايات المتحدة، والذي
يسعى ستارمر لتعزيزه في ظل معاهدة جديدة تُخفّض الرسوم على بعض السلع الاستراتيجية.
وفي غزة، لم
تتغير الصورة المأساوية كثيراً. رغم إعلان إسرائيل عن "ممرات إنسانية"
محدودة، حذّرت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة من أن تلك الخطوات "لا تفي
باحتياجات المحاصرين"، وأن المجاعة تتوسع بشكل "غير مسبوق".
وزير الخارجية البريطاني دعا إلى توسيع عاجل
للمساعدات البرية، وقال: "الهدن
العسكرية لا تكفي، نحتاج إلى وقف حرب حقيقي وإدخال المساعدات من البر بشكل دائم
وغير مشروط".
ووفق "الغارديان" فأمام ستارمر
خياران: الشجاعة أو التواطؤ، فيما تتزايد المطالب من البرلمان البريطاني ـ بمختلف
أطيافه ـ باتخاذ موقف أكثر حزماً، حذّر النائب المحافظ كيت مالثاوس من أن: "كل لحظة صمت
هي مشاركة في الجريمة.. التاريخ لن ينسى من كان بيده إيقاف المجازر ولم يفعل."
وأضافت: "لقاء ستارمر
مع ترامب ليس مجرد بروتوكول سياسي، بل قد يكون الفرصة الأخيرة قبل أن تنزلق غزة
إلى مجاعة شاملة، وتموت فكرة "حل الدولتين" إلى الأبد. أمام ستارمر
اختبار قيادي صعب: هل سيكتفي ببيانات الإدانة، أم سيغامر بالضغط الحقيقي على أقوى
رجل في العالم لإجبار إسرائيل على وقف حربها؟ العالم يراقب، والفرصة لن تتكرر".
اظهار أخبار متعلقة
وتعيش غزة أسوأ الأزمات الإنسانية في
تاريخها، إذ تتداخل المجاعة القاسية مع حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل، بدعم
أمريكي، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ورغم التحذيرات الدولية والأممية
والفلسطينية من تداعيات المجاعة بغزة، تواصل إسرائيل إغلاق معابر القطاع بشكل كامل
أمام المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية منذ 2 مارس/ آذار الماضي، في تصعيد
لسياسة التجويع التي ترتكبها منذ بدء الحرب، وسط تحذيرات من خطر موت جماعي يهدد
أكثر من 100 ألف طفل في القطاع.
وحسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة بغزة، صباح
الأحد، بلغ عدد الوفيات الناجمة عن المجاعة وسوء التغذية 133 فلسطينيا، بينهم 87
طفلا منذ 7 أكتوبر 2023.
ومنذ 7 أكتوبر 2023 تشن إسرائيل حرب إبادة
جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات
الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 204
آلاف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة
إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.
اظهار أخبار متعلقة