مقابلات

برلمانية بريطانية سابقة: حكومتنا ترعى "الإرهاب الإسرائيلي" وتمنع محاسبة تل أبيب (فيديو)

كلوديا ويب أكدت أن الحكومة البريطانية متورطة حتى العنق في جرائم الإبادة الجماعية بغزة- عربي21
كلوديا ويب أكدت أن الحكومة البريطانية متورطة حتى العنق في جرائم الإبادة الجماعية بغزة- عربي21
قالت النائبة البريطانية السابقة، كلوديا ويب، إن حكومة بلادها "ترعى الإرهاب الإسرائيلي بشكل مباشر، من خلال تسليحها لإسرائيل، وتسهيلها لمجازر الاحتلال، وتوفير الغطاء الدبلوماسي والسياسي للجرائم المرتكبة في غزة"، مؤكدة أن "بريطانيا لم تكتفِ بالصمت، بل أصبحت شريكا أصيلا في الإبادة الجماعية بغزة".

وأضافت ويب، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن "الحكومة البريطانية تمنع أي مسار للمحاسبة الدولية لإسرائيل، وتستخدم نفوذها لتعطيل العدالة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة"، مؤكدة أن "بريطانيا لم تفشل فحسب، بل خانت مبادئ العدالة والإنسانية".

وأشارت النائبة البريطانية السابقة، إلى أن "صادرات الأسلحة البريطانية لإسرائيل ارتفعت بنسبة 47% خلال عام واحد فقط، في وقت يتعرض فيه الفلسطينيون للتجويع والقصف والتهجير القسري، وسط تواطؤ صريح من وستمنستر".


واعتبرت ويب أن "تضامن النساء البريطانيات مع غزة ليس خيارا عاطفيا، بل امتداد لإرث النضال ضد الاستعمار والعنصرية"، داعية إلى "تحرّك شعبي واسع لمحاسبة الحكومة على دورها المباشر في تمويل آلة الموت الإسرائيلية باسم الشعب البريطاني"، مؤكدة أن "ما يحدث في غزة اختبار أخلاقي عالمي، وبريطانيا سقطت فيه سقوطا مدويا".

وإلى نص المقابلة المصوّرة مع "عربي21":

كيف تقيّمين الموقف الرسمي للحكومة البريطانية من العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة حتى الآن؟

منذ أكثر من 21 شهرا، يعيش سكان غزة تحت عدوان رهيب، تمرّ عليهم الليالي طويلة، وأحلامهم بلا أمل، وأيامهم بلا كرامة. لقد كانت بريطانيا متواطئة. في هذا الكابوس المستمر، تجاوز عدد القتلى 56 ألف فلسطيني، وأكثر من 127 ألف جريح، والغالبية العظمى من هؤلاء الضحايا هم من النساء والأطفال.

تشير تقارير إلى أن أكثر من 350 ألف شخص إما مفقودون ومدفونون تحت الأنقاض أو تم اعتقالهم من قِبل القوات الإسرائيلية. نصف مليون إنسان يواجهون المجاعة، الأطفال يموتون من العطش، والمستشفيات تُقصف وسط صمت عالمي، ولم تعد سيارات الإسعاف قادرة على العمل.

السكان محاصرون في أقل من 20% من مساحة القطاع، في ظل توقف شبه كامل لإمدادات الغذاء والوقود والدواء.

المشكلة أن بريطانيا لا تكتفي بدور المتفرّج، بل تموّل وتسهّل. الحكومة البريطانية ليست مجرد شاهدة، بل شريك أصيل في المؤامرة؛ فمنذ عام 2015، منحت المملكة المتحدة تراخيص أسلحة بقيمة تتجاوز 470 مليون جنيه إسترليني لإسرائيل. ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر 2024، وافقت بريطانيا على تصدير أسلحة بأكثر من 160 مليون جنيه خلال ثلاثة أشهر فقط، أي أكثر مما فعلته الحكومات السابقة خلال أربع سنوات مجتمعة.

طائرات عسكرية، ومعدات استهداف، ومتفجرات، كلها من صنع بريطاني، وبموافقة بريطانية، وإمداد بريطاني. هذا ليس دعما للأمن، بل وقود خطير للمجازر. وفي حين تدّعي حكومتنا احترامها للقانون الدولي، فإنها تغضّ الطرف عن جرائم الحرب التي تُرتكب بأسلحة بريطانية. فأين الغضب؟، أين المساءلة؟، بينما يطالب الناس في بريطانيا وفلسطين ومختلف أنحاء العالم بالعدالة، يكتفي قادتنا السياسيون بوعود كاذبة وتصريحات جوفاء.

وفي الوقت الذي تتساقط فيه القنابل على غزة، يخرج السياسيون البريطانيون ببيانات قلق، نعم دعوا إلى وقف إطلاق النار، وأوقفوا بعض محادثات التجارة، وفرضوا عقوبات محدودة على بعض المسؤولين الإسرائيليين، لكن الأسلحة ما زالت تتدفق، والأموال تُضخ، وآلة الموت لا تتوقف، والبصمات البريطانية حاضرة في كل زاوية.

يتحدثون عن السلام وهم يبيعون أدوات القتل، يتشدّقون بحقوق الإنسان وهم يموّلون القمع، يزعمون الوقوف مع إسرائيل، وهم عمليا يقفون على قبور الأطفال الفلسطينيين.

يدّعون دعم حل الدولتين، بينما يموّلون تدمير واحدة منهما. يقولون إنهم يؤمنون بالعدالة، بينما يستفيدون من الظلم. هذا نفاق صارخ. تدين الحكومة البريطانية الممارسات الوحشية، وتحذر نظريا من التطهير العرقي والتهجير القسري، لكنها في الواقع تواصل منح التراخيص للأسلحة المُستخدمة في هذه الجرائم.

ما يجري ليس دبلوماسية، وليس توازنا، ولا علاقة له بحفظ السلام. بل هو تواطؤ فعلي وإجرامي. الحكومة البريطانية لا تكتفي بالفشل في غزة، بل تشارك بنشاط في تدميرها. هذا ليس حيادا، هذه ليست دبلوماسية. بريطانيا متورطة في جرائم ضد الإنسانية. كل قنبلة تسقط، كل طفل يتضوّر جوعا، كل عائلة تفقد أبناءها، وبريطانيا ليست بعيدة عمّا يحدث، بل شريكة في ارتكابه بالفعل. لقد سهّلت بريطانيا كل ذلك، وخانت مبادئ العدالة والتضامن التي تتظاهر بالدفاع عنها.

ما الذي كان ينبغي على بريطانيا فعله لوقف إطلاق النار وحماية الأبرياء في غزة؟

اليوم، تحوّلت غزة إلى مقبرة للقانون الدولي. منذ أواخر أيار/ مايو، قُتل ثمانية من الباحثين عن الطعام في مراكز توزيع المساعدات. وأسفرت الهجمات الإسرائيلية قرب ما يسمى بالمواقع الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل عن مقتل أكثر من 600 شخص، وإصابة قرابة 1000 من المدنيين اليائسين، كثير منهم كانوا يحاولون إطعام عائلاتهم.

نحن نتحدث هنا عن استخدام المساعدات كسلاح. لقد تحوّلت مناطق الإغاثة إلى ساحات للقتل، وسط تفشي المجاعة، وحرمان السكان عمدا من الطاقة كأداة للعقاب الجماعي. وماذا فعلت بريطانيا؟، بينما تتهاطل القنابل وتمتلئ قوائم الضحايا بأسماء الأطفال، اكتفت الحكومة البريطانية بإصدار بيانات إدانة وشجب، وتعليق بعض محادثات التجارة، والتعبير عن "القلق". لكن خلف الأبواب المغلقة، استمرت تجارة الأسلحة مع إسرائيل بالازدهار.

كان بمقدور الحكومة البريطانية أن تعلّق مبيعات الأسلحة فورا، وأن تفرض عقوبات على مجرمي الحرب، وأن تقود جهودا دولية لوقف إطلاق النار الفوري، لكنها اختارت استراتيجية الغموض، وهو ما لا يعني إلا شيئا واحدا: التواطؤ تحت غطاء الدبلوماسية.

المفارقة أن حكومة حزب العمال، في غضون ثلاثة أشهر فقط، منحت تراخيص تصدير أسلحة لإسرائيل تفوق ما فعلته حكومات المحافظين مجتمعة على مدى أربع سنوات. هذا لا يمكن وصفه بدعم دفاعي، ولا يمكن تبريره بحياد. بل هو مشاركة نشطة في تمكين آلة الإبادة الجماعية، ودعم مباشر تقدّمه وستمنستر.

في الوقت الذي يطالب فيه العالم بوقف إطلاق النار، تمارس بريطانيا المماطلة، وتتبنّى مواقف غامضة، بل وتمتنع عن التحرك الحقيقي. هذا الرفض ليس خطأ، بل قرار سياسي. سياسة تعطي الأولوية لصفقات السلاح على حساب أرواح المدنيين، والتحالفات الجيوسياسية على حساب العدالة الدولية.

بريطانيا كان يمكنها أن تكون في طليعة الدعوات لوقف إطلاق النار منذ اليوم الأول. كان بإمكانها فرض حظر شامل على تصدير الأسلحة، وفرض عقوبات ملموسة على مجرمي الحرب، واستخدام نفوذها الدبلوماسي لحماية الأبرياء. لكنها اختارت الطريق الآخر: الربح على المبادئ، الأسلحة على المساعدات، والتواطؤ على حساب العدالة.

كان بإمكان بريطانيا أن تكون منارة أخلاقية، لكنها اختارت أن تكون متفرجة، بل أكثر من ذلك، أصبحت ميسّرة ومسهّلة للجرائم البشعة.

كيف تفسرين صمت أو تواطؤ بعض وسائل الإعلام البريطانية في تناول أحداث غزة؟

العالم كلّه شاهد الصور: أطباء يُجرون عمليات جراحية على ضوء المصابيح اليدوية، وآباء ينبشون الأنقاض بأيديهم بحثا عن أطفالهم، ومع ذلك لا تزال وسائل الإعلام البريطانية، بثقلها التاريخي المثقل بالماضي الاستعماري، تردّد عبارات "الدفاع عن النفس" و"التحفّظ". في هذا المشهد، تحوّلت الحقيقة إلى ضحية، وأصبحت العدالة مجرد تفصيلة هامشية.

صمت وسائل الإعلام لم يكن مجرّد موقف سلبي، بل كان له ثمن باهظ. التحيّز الإعلامي لم يكن فقط فشلا مهنيا، بل خلّف عواقب قاتلة، عبر تصوير المتظاهرين المؤيدين لفلسطين على أنهم تهديد أمني أو مجموعة من المتطرفين. أسهمت الصحافة في تأجيج كراهية المسلمين داخل المملكة المتحدة من خلال تجاهلها لمعاناة الفلسطينيين، كما ساهمت في شرعنة حملة التطهير التي تعتبرها أعلى محكمة في العالم "إبادة جماعية".

عندما أزالت "بي بي سي" فيلما وثائقيا عن الأطفال الناجين من العنف العسكري الإسرائيلي، استجابة لحملة تشويه مُسيّسة، اختارت إسكات أصوات الضعفاء بدلا من مواجهة الحقائق غير المريحة. وفي الوقت نفسه، تواصل وسائل الإعلام الغربية تكرار الروايات الإسرائيلية التي تُبرّر القتل تحت ذريعة الدفاع عن النفس، بينما تُقصي أصوات الفلسطينيين وتُصوّر كل شكل من أشكال المقاومة وكأنه عدوان.

كل قنبلة تُلقى، وكل حصار يُفرض، وكل مستشفى يُدمّر، هو قرار سياسي، يُوقّعه ويُنفذه مهندسو السياسات الإمبريالية في وستمنستر وتل أبيب. وفي تلك الأثناء، يُروّج الإعلام البريطاني المملوك للنخبة والخاضع لتأثير الدولة لرواية "الدفاع عن النفس"، ويُسكت أصوات الفلسطينيين، ويشوّه المقاومة، ويطمس الحقيقة.

لكن الحقيقة لا تُهزم. غزة ليست مجرد منطقة حرب، بل تحوّلت إلى ساحة تجريب للقمع، ومختبر لاختبار أحدث تقنيات المراقبة والسيطرة الجماهيرية، وآخر ما توصّلت إليه الصناعات العسكرية التي تُنتجها المصانع البريطانية وتسوقها وتبيعها من أجل الربح. دعونا نقولها بوضوح ودون تردّد: صمت وتواطؤ بعض وسائل الإعلام البريطانية ليسا مجرد إخفاقات صحفية، بل هما شكل من أشكال العنف عبر التجاهل، إنهما القفازات المخملية التي تُخفي القبضة الحديدية للإمبريالية، وغرفة الصدى التي تحجب صرخات المظلومين.

إلى أي مدى تعتقدين أن الحكومة البريطانية أخفقت في محاسبة إسرائيل على تجاوزاتها الخطيرة في قطاع غزة؟

بينما تتعرض غزة للقصف والتجويع والإبادة على يد إسرائيل، يواصل البرلمان البريطاني النقاش والتأجيل، ولا يقدّم سوى وعود جوفاء. بيانات الحكومة ضعيفة، وأفعالها أضعف؛ فعلى الرغم من تصاعد الحملة العسكرية الإسرائيلية، لم تتجاوز بريطانيا إصدار تصريحات تعرب عن القلق، وتعليق بعض مناقشات التجارة، وفرض عقوبات رمزية على عدد محدود من الأفراد، شملت تجميد أصول وزيرين إسرائيليين فقط، بتهمة التحريض على العنف، لكن القنابل استمرت في السقوط، والجوع تفاقم، والحصار اشتد.

الحقيقة أن الحكومة البريطانية نفسها أقرّت بأنها تخشى من استخدام الأسلحة البريطانية في انتهاك القانون الدولي في غزة، ومع ذلك لم تعلّق سوى 30 ترخيصا من أصل 250 لتصدير الأسلحة. مكونات طائرات F-35 المقاتلة التي تُستخدم لقصف ما يُسمى بالمناطق الآمنة لا تزال تُرسل من بريطانيا إلى إسرائيل. هذا ليس تقييدا، بل تسهيلا ومشاركة فعلية.

تشير أحدث الإحصائيات الصادرة عن حملة مناهضة تجارة الأسلحة إلى أن صادرات الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل ارتفعت بنسبة 47% خلال العام الماضي فقط. ضعف البرلمان ليس حدثا عرضيا، بل هو قرار سياسي مدروس. تواصل المملكة المتحدة علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل، حتى في ظل تصاعد الأدلة على ارتكاب إبادة جماعية.

في 27 أيار/ مايو، وجّه 800 محامٍ و96 نائبا في البرلمان دعوة واضحة لفرض عقوبات على إسرائيل، استنادا إلى انتهاكات صارخة للقانون الدولي، والتحذير من وقوع إبادة جماعية.

محكمة العدل الدولية، والهيئات التابعة للأمم المتحدة، أقرّت بأن إسرائيل تنتهك القانون الدولي، لكن البرلمان البريطاني ما زال يتلكأ ويتردّد. سأكون صريحة: الدولة الإسرائيلية، بسياسات الفصل العنصري والعدوان المستمر، والحكومة البريطانية التي تسلّح وتُموّل وتحمي إسرائيل من المساءلة، بالإضافة إلى شركات مثل  BAE Systems، وإلبت سيستمز المملكة المتحدة، وبنك باركليز– جميعهم يحققون أرباحا ملوّثة بدماء الفلسطينيين.

هذا ليس حيادا، ولا دعما لـ "الدفاع عن النفس"، بل تواطؤ مباشر في جريمة إبادة جماعية.

بالتالي هل يمكن اعتبار بريطانيا شريكا أصيلا في الحرب على غزة بسبب سياستها في تصدير الأسلحة لإسرائيل؟

عندما أعلنت محكمة العدل الدولية وجود ما يكفي من الأدلة لرفع قضية إبادة جماعية ضد إسرائيل، هل أوقفت بريطانيا تصدير الأسلحة؟ لا، بل استمر التدفق، وزادت الأرباح، وتكدّست الأموال الملطخة بالدماء.

شركة  BAE Systems، أكبر مُصنّع أسلحة في المملكة المتحدة، أعلنت عن زيادة أرباحها بنسبة 32% في النصف الأول من عام 2025، كنتيجة مباشرة لعقود التصدير إلى إسرائيل.

بينما احتفل المستثمرون، قُتل الأطفال. هذا ليس أمانا، ولا دفاعا. إنها آلة فتك، صُنعت في المصانع البريطانية، وشُحنت من الموانئ البريطانية، بمباركة من الوزراء البريطانيين.

محامو الحكومة أنفسهم حذروا من أن استمرار صادرات الأسلحة قد يُورّط بريطانيا قانونيا في ارتكاب جرائم غير إنسانية. ومع ذلك، تم تجاهل هذا التحذير.

متفجرات، قنابل يدوية، صواريخ، أجزاء لطائرات F-35 المقاتلة، جميعها أُرسلت إلى إسرائيل من بريطانيا، بينما وقف الوزراء في البرلمان وادّعوا العكس.

العالم يرى الحقيقة. الأمم المتحدة، منظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، جميعهم أدانوا دور المملكة المتحدة. ومع ذلك، يواصل مكتب وستمنستر تعزيز دعمه متستّرا بخطاب "الشراكة الاستراتيجية" و"القيم المشتركة"، لكن، ما هي هذه القيم؟!، قيم الفصل العنصري؟، التطهير العرقي؟، العقاب الجماعي؟

دعونا نسمّي الأمور بمسمياتها: بريطانيا شريك أساسي في الإبادة الجماعية. تصدير الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل لا يغذّي الحرب فحسب، بل يُغذي الإبادة الجماعية في غزة.

الأمر لا يتعلّق بغزة وحدها. إنّه يتعلّق بروحنا، بمستقبل مجتمعاتنا. عندما تصبح الأرباح أهم من البشر، وتُصدّر أدوات الموت باسمنا، فإننا جميعا نتقزّم أخلاقيا.

تجارة الأسلحة هي النبض الحي للإمبريالية، والقبضة الحديدية للرأسمالية، والمملكة المتحدة هي المهندس الطموح لتلك المنظومة.

كل صاروخ يسقط على غزة يحمل ختم "صُنع في بريطانيا". هذه هي الحقيقة بكل أسف.

لا يمكن الوقوف على الحياد في وجه الإبادة الجماعية. لا يوجد أي مبرر للتواطؤ. سياسة بريطانيا في تصدير الأسلحة لإسرائيل تُمثل اعتداءً على الإنسانية، والذين يواصلون تنفيذها هم أعداء العدالة، وأعداء السلام، وأعداء الشعوب.

كيف ترون الاتهامات الموجهة إلى الحكومة البريطانية لفشلها في الالتزام بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة بشأن فلسطين؟

كما تعلم، فإن الحكومة البريطانية في عام 2025 لم تكتفِ بالفشل في احترام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة بشأن فلسطين، بل قامت فعليا بتقويضها. وبهذا السلوك، أصبحت بريطانيا متواطئة في جرائم لن يغفرها التاريخ، ولا ينبغي أن تُغتفر.

للتوضيح، في الثامن عشر من آذار/ مارس الماضي، أعلن وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، بوضوح ما كان العالم يعرفه مسبقا بشأن إسرائيل: أنها خرقت القانون الدولي. لكن في اليوم التالي، شنّت إسرائيل هجوما جديدا عنيفا على غزة، وسرعان ما تراجع مكتب رئيس الوزراء في داونينغ ستريت، ملوّحا بالسرد مجددا ليزعم أن أفعال إسرائيل "قد تُشكّل" انتهاكا للقانون الدولي. هذا لم يكن زلّة لسان، بل كان انعطافا متعمّدا وخيانة محسوبة للعدالة، وضوءا أخضر للمزيد من الفظائع.

اللجنة البريطانية لفلسطين أوضحت أن المملكة المتحدة مُلزمة قانونيا بتعليق كافة الأنشطة العسكرية والتجارية مع إسرائيل، واتخاذ إجراءات لمنع الإبادة الجماعية. ومع ذلك، ومنذ أيلول/ سبتمبر، أصدرت الحكومة 34 تصريحا إضافيا لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل.

أما تبرير الحكومة بأنه "ينقصها الدليل" لتحديد ما إذا كانت إسرائيل قد احترمت قانون التناسب في غزة، فهو ادعاء فارغ؛ فالأدلة دامغة: خسائر فادحة في الأرواح، قصف جوي كثيف، تجويع ممنهج، وتدمير شامل للبنية التحتية المدنية.

أكثر من 800 محامٍ من مؤسسات دولية، وهيئات تابعة للأمم المتحدة، ومحكمة العدل الدولية، جميعهم أكدوا أن أفعال إسرائيل في غزة والضفة الغربية تُشكّل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، بما في ذلك جرائم الإبادة الجماعية، أو على الأقل وجود خطر جدي لوقوعها.

استمرار العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين المملكة المتحدة وإسرائيل في ظل تزايد الأدلة يجعل بريطانيا عرضة للتواطؤ القانوني. نعم، أوقفت الحكومة البريطانية محادثات اتفاقية التجارة الحرة، وفرضت عقوبات على عدد من الوزراء الإسرائيليين، وجمّدت أصولهم، لكن مع استمرار القصف، ومعاناة الأطفال، والعائلات التي أُبيدت من الوجود، بدا رد الفعل البريطاني كدرس في التمثيل السياسي.

فرضوا عقوبات على أفراد، بينما بقيت آلة الاحتلال قائمة ومدعومة بأسلحة بريطانية الصنع.

حكومتنا في عام 2025 تقف في الجانب الخطأ من التاريخ. لقد فضّلت السلطة على المبادئ، والربح على أرواح الناس، والصمت على التضامن. خيانة حكومة حزب العمال ليست فشلا في السياسة فحسب، بل انهيار أخلاقي شامل.

كيف تفسرين إصرار بعض الجهات الغربية على وصف المقاومة الفلسطينية بـ"الإرهاب"، في حين تصف دفاع أوكرانيا عن نفسها بأنه حق مشروع؟

في الغرب، نفس اليد التي تصفق للأوكرانيين في مواجهة الدبابات الروسية، تهاجم الفلسطينيين وتصف مقاومتهم بالإرهاب.

نفس وسائل الإعلام الغربية التي تفيض عاطفة على معاناة الأوكرانيين، تُدير ظهرها للإبادة الجارية في غزة. نفس الحكومات التي تسلّح أوكرانيا حتى الأسنان، تجرّم نشطاء بريطانيين لدعمهم فلسطين، وتصفهم بالإرهابيين لمجرد احتجاجهم على آلة القتل الجماعي. نفس الصحافة التي تُبرز المعاناة الإنسانية للأوكرانيين، تُهمّش الفلسطينيين. ونفس الجهات التي تدافع عن السيادة الأوكرانية، تنكر حق الفلسطينيين في الوجود.

هذا التناقض الصارخ ناتج عن بنية عرقية سلطوية، ومنطق استعماري لا يزال يوجّه النظام العالمي.

في المملكة المتحدة، أقدمت الحكومة على حظر "فلسطين أكشن" بموجب قوانين مكافحة الإرهاب، مساويةً إياها بتنظيم "داعش" والقاعدة، وهو تصعيد مرعب. إنه هجوم على الحقوق المدنية، مُصمّم لقمع المعارضة وإسكات التضامن.

الرسالة واضحة: الوقوف في وجه الظلم المدعوم خارجيا سيُعتبر جريمة، سواء في الداخل أو الخارج.

هذه المعايير المزدوجة ليست مسألة لغة، بل مسألة حياة أو موت. حين نقارن الموقف من فلسطين بأوكرانيا، فإننا نرى استعمارا معاصرا، وتسترا منهجيا على الجرائم.

المؤسسة الغربية، بقيادة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، ومعها أدواتها الإعلامية، اختارت موقعها. لقد اختاروا الفصل العنصري، والإبادة الجماعية، وتجريم الصمود في وجه القمع.

أكثر من 56 ألف فلسطيني فقدوا حياتهم، معظمهم من النساء والأطفال، والكثير منهم ما زالوا مدفونين تحت الأنقاض. ومع ذلك، تُصرّ المملكة المتحدة على تجريم التضامن. لا يمكن أن نصمت، ولا أن يُسكت صوتنا.

ما الدور الذي تلعبه الحملات الشعبية البريطانية، خصوصا من المجتمعات الإسلامية، في التأثير على القرارات المتعلقة بغزة؟

من الواضح تماما أن صوت المسلمين البريطانيين لم يعد هامشيا، بل أصبح صوتا له صدى قوي، هزّ أسس وأركان السياسة البريطانية.

في عموم المملكة المتحدة، تغيّر المشهد السياسي. فالمجتمع المسلم – 4 ملايين شخص – أصبح قوة سياسية موحدة ومصممة لا يمكن تجاهلها. في الانتخابات العامة لعام 2024، برز هذا الصوت الجماعي مصمما على وضع غزة في قلب النقاش الوطني، ولم يعد يقبل بأن يُعامل كأمر مُسلّم به.

نعم، المسلمون البريطانيون أطلقوا حركة واسعة، متنوعة، وواضحة في دعمهم للقضية الفلسطينية. لم يعودوا قلةً يمكن تجاهلها، بل أصبحوا صوت الضمير الحي، وجزءا فاعلا من المشهد الديمقراطي.

حملة "تصويت المسلمين" برزت بشكل لافت في انتخابات 2024، حيث أثّرت بشكل مباشر في الدوائر الانتخابية الهامشية. تشير الإحصائيات إلى أن 44% من الناخبين المسلمين وضعوا غزة ضمن أول خمس قضايا انتخابية، و86% اعتبروها أولوية قصوى.

هذا التأثير لا يمكن إنكاره. ليس مجرد توازن انتخابي، بل تعبير عن مجتمع يطالب بأن يُسمع صوته، وتُحترم قيمه، ويُترجم غضبه من الإبادة في غزة إلى فعل سياسي مؤثّر.

هل ترين حقا فرصة للمساءلة الجنائية الدولية ضد قادة الاحتلال الإسرائيليين؟

هذا سؤال مهم، وأتمنى أن تكون الإجابة "نعم"؛ فالأدلة باتت دامغة. برنامج الأغذية العالمي يؤكد أن 98% من أطفال غزة يعانون من سوء التغذية الحاد، وأن 68 طفلا ماتوا جوعا منذ نيسان/ أبريل وحده. تحولت المستشفيات إلى مقابر. ما نشهده هو تدمير منهجي ومتعمد لشعب بأكمله.

في حزيران/ يونيو 2025، خلص تقرير اللجنة الدولية المستقلة للتحقيق التابعة للأمم المتحدة إلى أن القوات الإسرائيلية ارتكبت أفعالا تُشكّل إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وفي 24 أيار/ مايو 2025، أصدرت محكمة العدل الدولية أمر الربط الثالث، مشيرة إلى وجود خطر "معقول" للإبادة الجماعية، وطالبت بوقف العمليات العسكرية في رفح وفتح المعابر للمساعدات الإنسانية، لكن هذه الأوامر رُفضت بشكل متعجرف.

وفي 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، منها استخدام التجويع كسلاح ضد المدنيين.

هذه ليست مبالغات، بل توصيف قانوني دقيق صادر عن أعلى المحاكم في العالم.

التهجير القسري لنحو مليوني شخص، والتجويع المتعمّد، واستهداف الطواقم الطبية والصحفيين، وتدمير المنازل والمدارس والبنى التحتية، وكل ذلك موثّق.

تصريحات علنية من مسؤولين إسرائيليين تعكس نوايا واضحة للإبادة.

وفي تحالف غير مسبوق، أعلنت مجموعة لاهاي المكوّنة من 31 دولة دعمها للمحكمة الجنائية الدولية لملاحقة القادة الإسرائيليين.

نحن أمام حركة مساءلة عالمية، ليست من أجل الفلسطينيين فحسب، بل من أجل مبدأ العدالة ذاته.

ما يُسمّى بـ"حق الدفاع عن النفس" الذي تتذرع به إسرائيل، وتدعمه بعض الدول، هو تشويه فاضح للقانون الدولي. لا يمكن لقوة احتلال أن تدّعي الدفاع عن نفسها ضد الشعب الذي تحتله.

ما هي الرسالة التي تودون إرسالها إلى النساء البريطانيات حول دورهن الأخلاقي في إظهار التضامن مع نساء وأطفال غزة؟

لقد شهد العالم بشكل مباشر ولحظي التدمير الممنهج لحياة الفلسطينيين وثقافتهم وأملهم، وهو التدمير الذي تم التخطيط له ومكنته أدوات النفوذ الغربي، وكانت بريطانيا في قلب الأحداث؛ فالدولة البريطانية، من خلال دعمها المتواصل عسكريا لإسرائيل، دبلوماسيا واقتصاديا، أصبحت متورطة في واحدة من أكثر الحملات المستمرة للتهجير القسري والتطهير في العصر الحديث.

يؤكد أحدث تقرير لليونيسف أن 73% من جميع الضحايا هم إما دون سن الثامنة عشرة أو من الإناث. وقد أعلنت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين أن غزة لم تعد صالحة للعيش، حيث تلوثت 98% من مصادر المياه، وأُعلن رسميا وجود أزمة غذائية، بحسب برنامج الأغذية العالمي.

النساء البريطانيات هنّ الوريثات لإرث طويل من النضال؛ من السافراجيت اللواتي تحدين سلطة الدولة، إلى نساء غرينهام كومون اللواتي وقفن ضد الدمار النووي، إلى أمهات أورغريف والناشطات ضد التمييز العنصري في وجه سياسات تاتشر. التضامن ليس خيارا ثانويا لهن، بل هو حق طبيعي وامتداد لذلك الإرث.

إن الدور الأخلاقي للنساء البريطانيات اليوم هو الوقوف متكاتفات بكل قوة مع نساء وأطفال غزة. ليس كمشاهدات صامتات، بل كناشطات وناقدات ضد العنف الاستعماري الذي يُرتكب باسمهن. الأنظمة التي ترتكب الفظائع ضد النساء والأطفال الفلسطينيين، هي نفسها التي تفرض الفقر والعنصرية وكراهية النساء داخل بريطانيا.

النضال واحد، والعدالة لا تتجزأ. لا ننسى أن كل عمل من أعمال التضامن هو ضربة ضد الإمبراطورية، وكل رفض للصمت هو عمل من أعمال المقاومة. تحرير غزة مرتبط بتحريرنا جميعا.

كيف تقيمين المخاطر الإقليمية والدولية لهذه الحرب واحتمال توسعها لتشمل القوى الكبرى؟

في 13 حزيران/ يونيو، شنّت إسرائيل، وهي القوة النووية الوحيدة في المنطقة والمسلحة حتى مفرق رأسها، سلسلة من الغارات الجوية على المنشآت النووية الإيرانية، بالإضافة إلى أهداف عسكرية ومدنية. لم تكن هذه الضربات دقيقة، بل كانت مروّعة. قُتل ما لا يقل عن 610 أشخاص، من بينهم نساء وأطفال وعاملون في القطاع الصحي، وأُصيب أكثر من 4700 آخرين، وتعرّضت مستشفيات للقصف. الصواريخ قتلت 28 شخصا وأصابت أكثر من 3200، وتسبب النزوح الجماعي في كارثة إنسانية جديدة.

لم يكن هذا دفاعا، بل كان إرهاب دولة. هذا هو منطق الإبادة، والسعي للهيمنة بأي ثمن. هذه الحرب لم تكن من أجل الأمن، بل من أجل تثبيت الإمبراطورية.

دعنا نكن واضحين: حرب نتنياهو لم تكن دفاعا عن القوات الإسرائيلية، بل كانت تهدف إلى القضاء على أي مقاومة للاحتلال ولسياسات القمع والتوسع، من غزة إلى طهران. وقد دعمت إدارة ترامب هذا العدوان بالقنابل والمال والتغطية الدبلوماسية، تماما كما دعمت الإبادة الجماعية في غزة.

ما يُسمى بالضربة الاستباقية على إيران ليست سوى حيلة استعمارية قديمة تتخفى تحت غطاء الخطر الداهم. الآن، نحن في بداية "حرب العتبة"، حيث تسعى إسرائيل، الدولة المسلحة نوويا، إلى فرض الاستسلام على إيران من خلال القصف والاغتيالات وتدمير المستقبل.

لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية والخبراء النوويين أكدوا أن الهجمات الإسرائيلية لم تفلح في تقويض القدرات النووية الإيرانية. لقد بقيت المنشآت والمعرفة والمخزونات الإيرانية سليمة. والنتيجة الوحيدة هي أن طهران أصبحت ترى في امتلاك السلاح النووي وسيلة وحيدة للردع.

كل قنبلة إسرائيلية جعلت السعي النووي الإيراني أكثر إصرارا، وكل صاروخ إيراني جعل إسرائيل أكثر يأسا. نحن أمام مأزق حقيقي، والمنطقة على شفير الانفجار. هذه ليست حربا إقليمية فقط، بل تعبير عن منطق الإمبريالية: عسكرة دائمة، حروب لا تنتهي، وشعوب تعاني من أجل الحفاظ على توازن عالمي مبني على المال والنفوذ.

تدعو حكومتا الولايات المتحدة وبريطانيا إلى "تهدئة الأوضاع"، بينما تستمران في تمويل وتسليح إسرائيل، وتحميانها من أي مساءلة. ما يُسمى بالمجتمع الدولي يعبّر عن القلق، لكنه لا يفعل شيئا لوقف نزيف الدماء.

الخطر الحقيقي لم يكن فقط الصواريخ التي طارت فوق تل أبيب أو طهران، بل في الحرب التي قد تشمل القوى الكبرى: الولايات المتحدة، روسيا، الصين، وكل منها يسعى لحماية مصالحه الاستراتيجية، كما حدث دائما في التاريخ.

إن الحرب الاستباقية، والتهديد النووي، وانهيار مفهوم الردع، تضع العالم على مفترق طرق في عصر جديد مليء بالتحديات. فأي نظام يرفض الخضوع للضغوط الإمبريالية، يواجه الآن خطر الزوال.

كيف تابعتم التصعيد الإسرائيلي الأخير ضد إيران؟ وهل كان ذلك بضوء أخضر من بعض العواصم الغربية؟

نحن نشهد فصلا جديدا من العدوان الإمبريالي، كُتب بالدم من قِبل نتنياهو، بدعم من ترامب، وتشجيع من مهندسي رأس المال، من واشنطن إلى وستمنستر. في حزيران/ يونيو الماضي، شنّت إسرائيل أكبر هجوم عسكري على إيران منذ عقود. غارات جوية طالت عمق الأراضي الإيرانية، واستهدفت ليس فقط المواقع العسكرية، بل العلماء النوويين، والبنية التحتية المدنية، وحتى نسيج المجتمع الإيراني.

لم تكن هذه حربا دفاعية، بل كانت حربا من أجل السيطرة. ولنكن صريحين: حرب إسرائيل على إيران هي الامتداد المنطقي لحملات الإبادة في غزة، والتطهير العرقي، والاحتلال، والتوسع الرأسمالي.

إسرائيل، الدولة الوحيدة التي تملك سلاحا نوويا في المنطقة، تنتقد إيران على برنامجها النووي، بينما هي ترفض التوقيع على معاهدة عدم الانتشار وتقصف المنشآت النووية للآخرين في خرق واضح للقانون الدولي.

وبدعم كامل ومع معرفة مسبقة من إدارة ترامب، شنّت إسرائيل الحرب على إيران. بينما ادعت الولايات المتحدة الابتعاد عن العملية، كانت الرسالة واضحة: الغياب هو ضوء أخضر. لولا الدعم العسكري والمالي والدبلوماسي الأمريكي، لما تمكنت إسرائيل من شن هذه الحرب.

بريطانيا أيضا شريكة في هذا العدوان. فبينما تطالب الحكومة البريطانية بـ"الهدوء"، عززت وجودها العسكري في المنطقة، وكررت رواية "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس"، رافضة في الوقت نفسه تحميل إسرائيل مسؤولية جرائمها.

القوى الأوروبية، من ألمانيا إلى فرنسا، أكدت على "حق الدفاع" لإسرائيل، بينما أدانت الرد الإيراني. ازدواجية المعايير الإمبريالية كانت واضحة، كما كانت دائما. إسرائيل هي القوة المعتدية، وهي الذراع الإقليمي للغرب في مواجهة إيران.

رغم كل الضغوط، لم تبدأ إيران الحرب. النظام الإيراني، رغم قسوته، أُجبر على الرد بسبب الحصار والهجوم الخارجي المستمر.

انتصار إسرائيل والولايات المتحدة لم يكن ليستهدف النظام الإيراني فقط، بل الشعوب المضطهدة والطبقة العاملة في المنطقة بأسرها.

دعونا نكشف النفاق: إسرائيل تزعم استهداف النظام، لكنها تقتل العلماء وتقصف الأحياء السكنية وتترك مئات القتلى. أما الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، فتدينان الانتشار النووي، بينما تدعمان إسرائيل المسلحة نوويا.

وسائل الإعلام الغربية تُركّز على العدوان على إيران، لكنها تتجاهل 35 ألف هجوم إسرائيلي في أنحاء الشرق الأوسط، وتغض الطرف عن المأساة المستمرة في غزة.

هذه الحرب ليست من أجل الأمن، بل من أجل إعادة تشكيل الشرق الأوسط بما يخدم مصالح الاحتلال الرأسمالي والهيمنة الإمبريالية. الهدف هو سحق أي مقاومة للإبادة، ونزع سلاح إيران، وإخضاعها، وتوجيه رسالة مفادها أن كل من يتحدى الإمبراطورية، سيُواجه بالقوة.

لكن الحرب جاءت بنتائج عكسية؛ حيث فشلت إسرائيل في إزاحة إيران كقوة إقليمية، وأدى العدوان إلى تعميق عدم الاستقرار، ودفع إيران إلى تقارب أكبر مع روسيا والصين. وبهذا، كُشف إفلاس الغرب الاستراتيجي أمام العالم.
التعليقات (0)

خبر عاجل