مقابلات

أحمد مكي يتحدث لـ"عربي21" عن صراع السلطة والقضاء.. وكواليس أيام مبارك ومرسي (شاهد)

(عربي21)
(عربي21)
حاورت صحيفة "عربي21" وزير العدل المصري في عهد الرئيس محمد مرسي، المستشار أحمد مكي، حيث كشف جوانب غير معلنة من كواليس الصراع بين السلطة القضائية والنظام المصري في العقود الأخيرة، متحدثًا بصراحة عن فساد السلطة التنفيذية، وتواطؤ الأجهزة الأمنية، والتضييق على استقلال القضاء.

كما سرد مواقف شخصية عايشها مع رموز مثل حسني مبارك ومرسي والمشير طنطاوي، وفضح كيف استخدمت الأجهزة الأمنية أدواتها لإفشال المناسبات الاجتماعية والتضييق على أبناء القضاة المعارضين، كما حصل مع أبناء المستشار أحمد سليمان، خليفته في وزارة العدل، الذي ظلّ ملاحقًا حتى بعد مغادرته المنصب.



اسمح لنا أن نبدأ من وفاة وزير العدل الأسبق المستشار أحمد سليمان، الذي وافته المنية منذ أيام. بدأت معرفتكما ببعض منذ عام 1985، فكيف نشأت هذه العلاقة؟

كنتُ مرشحًا للانتخابات -رغم كراهيتي الترشح لأي انتخابات- والكثير من القضاة أصحاب الفضل على القضاء لم يترشحوا، وكان ترشحي لأسباب ضاغطة عليَّ، علمًا أن أبرز مواقفي كانت في فترة 2006-2006 ولم تكن لي صفة في نادي القضاة.

كان الترشيح مهمة ثقيلة، وفرضه عليَّ أستاذي وأستاذ جيلي المستشار يحيى الرفاعي.

وكانت رحلة ترشحي إلى محافظة المنيا في الصعيد، وشاء حظي الطيب أن ألتقي بالمستشار أحمد سليمان، وتحدث وأفاض -بلغة عربية سليمة- في أهمية عملنا لاستقلال القضاء، وكان يُكثر الاستشهاد بالآيات والأحاديث، وذكر حديثًا فاستأذنته وكتبته، رغم أنني أكبر منه بنحو عشر سنوات وأقدم منه في القضاء بهذه المدة أيضًا، لكنني شعرت أنني أمام أستاذ، وكلما التقيته وجدته شديد الاستقامة، ويشعرك دومًا أنه كبير، وفي تلك الفترة كانت لقاءاتنا معدودة، وانشغلت بعدها في التحضير لمؤتمر العدالة الأول الذي كنتُ صاحب فكرته والأمين العام له.

عندما نظمتم مؤتمر العدالة الأول (عام 1986)، كيف استجاب له نظام مبارك؟

رحَّب النظام بفكرة المؤتمر، وبدأ نقاشًا مع المستشار يحيى الرفاعي بشأنه، وكان من مطالبنا المستمرة: إنهاء القوانين سيئة السمعة وخاصة حالة الطوارئ، وحرية الانتخابات، ومطالبنا الخاصة باستقلال القضاء، وعودة مجلس القضاء الأعلى.

وتناقش النظام مع المستشار يحيى الرفاعي في مسألة الطوارئ، وكان ذلك بعد أحداث الأمن المركزي، ووجود مشروع قانون يجعل الشرطة تخضع للقضاء العسكري، ونحن أصلًا ضد فكرة القضاء العسكري، فهذه الأمور كانت معروضة على الرئيس وكلَّفني يحيى الرفاعي وقتها بإعداد مذكرة للعرض على رئيس الجمهورية بشأن إنهاء حالة الطوارئ، وسلمتها إلى أسامة الباز مدير مكتب الرئيس، ونشرتُها بعد المؤتمر في جريدة الوفد عام 1987 تقريبًا. وأعقب المؤتمر الإطاحة بالمستشار يحيى الرفاعي.

إذًا لم يستجب النظام لمطالبكم؟

بل عصف بنا. وكان وزير الداخلية وقتها زكي بدر، يوهم الرئيس بخطورة إنهاء الطوارئ، رغم أننا كنا نعرض عليهم بدائل كثيرة من القوانين الموجودة.

لو استعرضنا المحطات البارزة في صراع السلطة القضائية مع النظام، فسنجد أن المحطة التالية كانت في انتخابات البرلمان عام 2000 عندما صدر حكم الدستورية العليا بوجوب الإشراف القضائي الكامل.

كان مؤمن شاكر رئيس نادي القضاة، وفيها بدأ احتكاك القضاء بالشرطة، لأنهم لمسوا التزوير بأنفسهم، ثم تولى زكريا عبد العزيز نادي القضاة.

وكانت هناك انتخابات تكميلية أظن عام 2003، ووقع صدام بين القضاء والشرطة، وانتهزنا فرصة وجود زكريا عبد العزيز على رأس النادي، وصعَّدنا نتيجة ما حدث في هذه الانتخابات، وتهيَّأْنا إلى أن يؤدي النادي دورًا في انتخابات البرلمان عام 2005، بحماية القضاة من العدوان.

في الانتخابات عام 2005، كانت الحكومة على قدر كبير من النزاهة في المرحلة الأولى، ربما كان التجاوز فقط في انتخابات دمنهور بين مصطفى الفقي وجمال حشمت، وهذه فضيحة تولتها المستشارة نهى الزيني التي شهدت ضد رئيس اللجنة بأنه يظهر نتائج بخلاف الموجودة في اللجان الفرعية، وكان لنادي الإسكندرية ولي دور في إبراز شهادتها، وحاولوا استثارة القضاة ضدها لأنها قالت "القضاء الواقف والقضاء المنبطح".

وفي المرحلة الثانية بدأ تدخل الحكومة، وفي الثالثة تدخلت تدخلًا كاسحًا.

وهنا يجب أن يعرف الناس أنه رغم القول بالإشراف القضائي والحكم بوجود قاضٍ على رأس كل لجنة، فإن إدارة الانتخابات في وزارة الداخلية هي التي تختار القضاة للجان، وتحدد أماكن تواجدهم فيها، وهي التي تنقل الصناديق من اللجان.

هل كانت انتخابات عام 2005 سببًا في تفجير الوضع مع النظام عام 2006؟

بالطبع، عندما شكَّل نادي القضاة لجانًا ومنها لجنة برئاسة المستشار حسام الغرياني، بشأن انتخابات الرئاسة، ولجنة ترأستُها بسبب انتخابات البرلمان، وفي ظل هذه الأحداث، وجدنا أن محمود مكي وهشام البسطويسي قُدِّمَا إلى محكمة تأديبية بسبب تعليقهما على أحداث الانتخابات، ثم دخلنا في صدام مع مجلس القضاء الأعلى وكان رئيسه المستشار فتحي خليفة، لأن هذه محاولة لقمع النادي الذي يتحدث عن تزوير الانتخابات، ما سبَّب إزعاجًا للحكومة خاصة في الخارج، وكانت منظمات حقوق الإنسان تأتي.

وقُدِّمتُ أنا وحسام الغرياني بصدد "التنبيه"، وكلانا يرأس دوائر في محكمة النقض.

أين كان المستشار أحمد سليمان من أحداث القضاة عام 2006؟

كان مُعارًا إلى دولة الإمارات، يرأس مركز الدراسات القضائية، وكان اعتصام القضاة بين شهري نيسان/إبريل وأيار/مايو عام 2006، فاتصل بي وأخبرني أنه سيأتي إلى مصر ليشارك معهم، والحقيقة أننا في فترة الرئيس مبارك لم يكن هناك تهديد جدِّي لنا، فيمكنك قول ما تريد، وهم يتعامل بمنطق "خليهم يتسلوا"، ولم يكن يغضب كثيرا مما نقوله، فهو يعلم في قرارة نفسه أننا نقول الحق، فلم تكن هناك قسوة في محاربتنا.

فقلت لسليمان، نحن نعمل في الصباح ونعود إلى الاعتصام مساء، فعرض التبرع بالمال، فأخبرته أننا نقبض مرتباتنا ونصرف على الاعتصام.

ربما تكون المرحلة التالية عام 2011، فقد تغير الوضع في البلد، فما انعكاسه على القضاء؟

كنت وقتها في مجلس القضاء الأعلى، وكنت قد طالبت بالتحقيق مع قضاة أظن أنهم تابعين لأمن الدولة، وأخذت مجموعة من المواقف جعلتني شبه مقاطع للمجلس.

وللعلم، فقد استقبل المجلسُ الرئيسَ حسني مبارك قبل الثورة بأيام قليلة، وفي هذه الجلسة تحدثتُ عن بعض مطالب استقلال القضاء، ورغم نصيحة زملائي بألا أتحدث، فإن الرئيس قال لي: "لماذا لا تتحدث"، فأخبرته بنصيحتهم، فطلب مني الكلام، فقلت ما أريد، فأعلن استجابته ووعْدَه بتنفيذ مطالبنا التي طرحتُها.

وبعد اندلاع الثورة شكَّل الرئيس لجنة لتعديل الدستور برئاسة المستشار سِرِّي صِيَام، وأخبرني أنني عضو فيها، ومعهم أحمد الزند، فاعترضت على دخول اللجنة، وبعد نقاش، أخبرني أن الذي اختارني لعضويتها هو حسني مبارك نفسه، وتشكَّلت اللجنة وكان فيها علي عبد العال، فوضعت من شروط دخولي اللجنة أن تكون اجتماعاتها علنية، لأنها كانت بها أسماء منها المجهول، ولم تكن لدي ثقة في الأجهزة التي تزج بأسماء سيئة، فخشيت أن أتلوث بوجودي فيها، لكن صيام أخبرني أن ذلك قرار بيد اللجنة كلها، فاشترطت أن أُعلن آرائي، فقال هذا بيد من اختارك، ونَقَلَ ذلك إلى زكريا عزمي، وبدوره نقلَ موافقة مبارك على أن أقول ما أشاء.

عرضتُ التزام الرئيس بأنه لن يشارك في انتخابات أخرى، وطالبتُ بوجود نائب له، وحلِّ مجلس الشعب الحالي. فكلمني الدكتور حسام بدراوي، وتساءل عن كيفية ما أعرضه، فأخبرته أن السادات عام 1987 فعل ما شاء في الدولة استنادًا إلى المادة 78 من دستور 1971، وما أعرضه استجابة لمطالب الناس، فاقتنع بدراوي، وأخبرني أنه سيعرض ذلك على الرئيس ثم حدث التنحي.

بعدها بأشهر أُحلتَ إلى المعاش في حزيران/يونيو 2011، وفي آب/أغسطس 2012 توليت وزارة العدل.

بعد المعاش شكَّل المستشار حسام الغرياني لجنة لإصدار مشروع قانون السلطة القضائية، وكنتُ فيها مع المستشار أحمد سليمان، واجتمعت اللجنة لأيام في منزل خاص بي، ووقتها عرفت أحمد سليمان عن قرب، وكان معلِّمًا ونموذجًا للإنسان الملتزم بصفة مستمرة، وتحب أن تتعلم منه.

ثم فوجئت بطلب اختياري للوزارة، لأنه لا صلة لي بجماعة الإخوان، سوى أنني كنت أصلي في مسجد بجوار المنزل يصلي فيه صبحي صالح، وكان مجلس الدولة قد أحال الطعن في دستورية قانون الانتخابات (عام 2011) إلى المحكمة الدستورية العليا، وكان قرار الإحالة خاطئًا، وتنبَّأت بحل المجلس، وأخبرت صبحي صالح بذلك، وبعدها صدر حكم حل مجلس الشعب من المحكمة الدستورية العليا، وهو حكم خاطئ، فدور المحكمة أن تحكم بدستورية المادة من عدمه، أما حل المجلس فيكون باستفتاء. وأنا لا أطمئن إلى المحكمة الدستورية منذ نشأتها.

لماذا لا تطمئن إليها؟

المحكمة الدستورية ترجع نشأتها إلى عام 1969 عندما أنشأ عبد الناصر المحكمة العليا، للهيمنة على أحكام المحاكم، ويجعل الحكم الذي لا يرتضيه يُعرض عليها، فيحدث تنازع اختصاص. ثم أنشأ السادات المحكمة الدستورية العليا، وقتها اعترض نادي القضاة عليها، ونقابة المحامين، ود. محمد حلمي مراد رئيس الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع، ود. محمد عصفور، هاجموا كلهم تشكيل المحكمة.

ولما عقدنا مؤتمر العدالة عام 1986 كان من توصياتها إلغاء المحكمة الدستورية، واستبدالها بهيئة مكونة من رؤساء دوائر محكمة النقض ومجلس الدولة، لكن لا تُنشئ مؤسسةً قضائية مستقلة بموازنة مستقلة وتُعيِّن أعضاءها. ما ولَّد عدم الثقة فيها، وهكذا جاء حكم تيران صنافير، فالمحكمة الإدارية العليا أصدرت حكمًا بملكية الدولة لتيران وصنافير، فتأتي محكمة مستعجلة تقول إن هذا ليس دور المحكمة الإدارية العليا ليحدث تنازع اختصاص، ولا أزال أعتقد حتى الآن بضرورة إعادة تنظيم القضاء كله.

ما مآل مشروع قانون السلطة القضائية؟

تعطَّل، كان يُفترض أن يحضر المشير طنطاوي النقاش، ثم اعتذر، كما اعتذر رئيس الوزراء د. عصام شرف، وبعدها تسلط الزند على اللجنة وانتهى المشروع.

اخترتَ المستشار أحمد سليمان مساعدًا لك؟

اخترته في منصب مساعد الوزير للدراسات القضائية، وقد أدى دوره على أكمل وجه.

لماذا لم تختره في أحد الأماكن التنفيذية كمجلس الدولة أو محكمة الاستئناف وما إلى ذلك؟

أهم دور هو تنشئة القاضي على المبادئ القضائية، ولا سلطان لي على المحاكم، وكنت عام 1978 أطالب بإلغاء منصب وزير العدل، لأن تدخله في العمل غير مستحب، وكان المنصب الحساس هو مساعد الوزير لشؤون الكسب غير المشروع، واخترت له يحيى جلال، وكان مستقلًّا تمامًا.

وكان هو من اعتقل د. أحمد فتحي سرور الذي كنت أعدُّه أستاذًا لي، وهو بالمناسبة كان في قرارة نفسه ميَّالًا لاستقلال القضاء، وما لا يعلمه الناس عنه، أنه هو من سرَّب إلى المستشار يحيى الرفاعي مشروع قانون العيب أيام السادات، وكان منتدبًا لصياغة القانون، فهاله بشاعة ما في القانون، فسرَّب النسخة، وهذا ما تسبَّب لنا جميعًا في المشاكل.

حاولنا نشر اعتراضنا على القانون، فأخبرَنا نقيب الصحفيين وقتها كامل زهيري أن من المستحيل أن تنشر الحكومة بياننا، وكان هذا أول انخراطي في استقلال القضاء. فذهبتُ إلى الأستاذ إبراهيم شكري، الذي كان صديقًا لوالدي، فأيقظناه ونزل معنا إلى الأهرام لطباعته في جريدة الشعب، ونبَّهه رئيس تحرير الشعب إلى أن عواقب نشر البيان قد تصل إلى إغلاق الجريدة، وبعدها بدأتْ الحملة ضد القانون، فاضطر الرئيس إلى تعديل المشروع.

رشَّحتَ المستشار أحمد سليمان لخلافتك في الوزارة، فما سبب ترشيحك له؟

كان أدنى الناس إلى الثقة، وكنتُ مدركًا لصعوبة المهمة، وقد تركتها باختياري وإلحاح على الدكتور محمد مرسي، وقد انتهزت فرصة إخراج الإخوان مظاهرة تهتف بسقوطي فأذعت نبأ استقالتي، وكتبت أنني حققت الإجماع بأن الطرفين يهاجمونني، وأذعته لأفرض قبولها.

ماذا كانت مشكلة الإخوان معك؟

الدكتور مرسي كان أكثر من رائع، وأعتقد أنها كانت فرصة مهدَرة، لكن بعض المحيطين به قد لا يقبلون تنوع الرأي، فمثلًا رفضت إقالة عبد المجيد محمود، وأخبرتُه أن خطأه أنه يستجيب للحكومة، لكن بما أننا الحكومة الآن، فعلينا ألا نجعله يفعل ما يخالف ضمائرنا، لكنهم كانوا يريدون كسب الشارع بالاستجابة إلى مطلب إقالته.

لكن البعض يقول إن النيابة كانت تفرج عن متهمين بمهاجمة وحرق مقرات، فجزء من الإشكال أن الجهات القضائية تقف أمام النظام السياسي وقتها.

أنا الذي اشتكيت من هذا، فقد كلمت عبد المجيد محمود عن ذلك، فتبيَّن أن المحاضر المقدَّمَة من الشرطة بها عيوب قانونية تستلزم الإفراج عنهم، فالشرطة كانت متواطئة، وهذا ما كنت أشعر به من قبل تولي الوزارة، فيوم تكليفي بالوزارة، استمعتُ إلى كلمة رئيس الجمهورية، ولم يعقِّب أحد بعدها، فتذكرت كلمة رئيس الوزارة أيام العرابيين، بأنه لاحكومة بغير قوة، ولا قوة إلا إذا كانت أجهزة القوة تنصاع للحكومة.

فقلت أنا وزير العدل، ورمز العدالة سيف مغمود، وأنا الغمد لكنني غمد فارغ دون سيف، وعند قدومي إلى هنا أوقف المتظاهرون القطار خمس مرات، فلا بد من ضوابط. وكان المشير طنطاوي حاضرًا في الجلسة، فأنا كنت مقتنعًا بأن أجهزة الأمن تتآمر ضد الحكومة.

وأذكر أن سامح عاشور نقيب المحامين الأسبق قد أعلن أنه في يوم 15 يناير 2013، سيتظاهر مع المحامين لمنع وزير العدل من دخول الوزارة بسبب استيلاء الوزارة على أتعاب المحامين منذ الخمسينيات، وبلغت نحو مليار جنيه. والحقيقة أن الوزارة ليست لديها أموال، فكل ما تحصِّله تورِّده إلى وزارة المالية، ونحن نأخذ مرتباتنا منها. فقلت إذا حضر سأبلغ النيابة عنه بتهمة منع موظف عام من تأدية وظيفته.

يوم التظاهرة أبلغني مسؤول المباحث أنه لا يمكنني دخول الوزارة بسبب إضراب الموظفين أمام بابها، وهناك خطة لإدخالي عبر وزارة الداخلية، فأخبرته أنني سأدخل من حيث أنا معتاد على الدخول، ووجدت مجموعة من الموظفين أمام الباب تتظاهر، ولما وصلت أفسحوا الطريق للدخول، ولم يتحدث سوى سائق صرخ مطالبًا بمنعي، فأزحته من طريقي، وبعدها اعتذر المعتصمون لي تباعًا، وعلمت أن الأجهزة الأمنية هي التي طلبت منهم التظاهر ضدي، ولهم أشخاص في الوزارة يحركونهم.

بالعودة إلى ترشيحك للمستشار سليمان، هو استمر في الوزارة حتى حدوث الانقلاب العسكري.

أبلغته بأنني رشحته للدكتور هشام قنديل، وكان يوافقني في معارضة قرار خفض سن القضاة من 70 إلى 60، والمناسبة، كنتُ معارضًا لقرار رفع السن في كل مرة عُرض فيها هذا الأمر، لكن لا ينبغي أن يوصم من في هذه الفئة العمرية بأنهم تابعون للأمن، وأبلغت د. مرسي هذا، فقال إن مرتباتهم ستستمر حتى سن السبعين، فسألته عمن بلغ 59 عامًا، هل سيأخذ مرتب عام، ومن بلغ 61 عامًا سيأخذ مرتبًا لتسع سنوات!

بعد الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي، هل تعرض المستشار أحمد سليمان لمضايقات؟

أحمد سليمان لا يستطيع أن يكتم رأيه، وكان إذا تكلم تحمَّس، وهذا طبعه، وأولاده مثله، وأعرف منهم ثلاثة أولاد؛ محمد وهذا وكيل نيابة يفوقه حماسة، وقد فُصِل. والدكتور أسامة كان في الطب الشرعي ثم درس في كلية الحقوق وتفوق بامتياز، وتقدم ليصبح وكيل نيابة فلم يقبلوه، وفصلوه من الطب الشرعي لأنه ابن أحمد سليمان. والثالث خالد، وهو شاعر، كان سيتزوج منذ نحو ثلاث سنوات، فعرضتُ عليه أن يكون زواجه في منزلي واتصلت بجميع أصدقائنا المشتركين، فجاء أفراد من أمن الدولة إليَّ، وأخبروني أنني أرتِّب لانقلاب باحتفال بأحمد سليمان وجمع الناس! فأخبرته أنني أدعوهم وسنأكل معًا، وعرضتُ عليه أن يحضر ويأكل معنا، وسأخبر الحضور بأنه من أمن الدولة وسيسمع منهم رأيهم في الأحداث كما نقول في أي مكان، فطلب مني أن ألغي الدعوة فرفضت، فضغطوا على سليمان وابنه وعلى الضيوف، فلم يحضر أحد وأفسدوا العُرس.
التعليقات (0)