كتاب عربي 21

نقاشات وحوارات عن الحروب المستمرة: خلل أمني كبير لكن المعركة لم تنته

قاسم قصير
"الحرب على إيران كشفت عن ثغرات استراتيجية وأمنية وعسكرية لدى الصهاينة"- جيتي
"الحرب على إيران كشفت عن ثغرات استراتيجية وأمنية وعسكرية لدى الصهاينة"- جيتي
في إطار تقييم الحروب الأخيرة والمستمرة بين قوى المقاومة والعدو الصهيوني، سواء في فلسطين ولبنان واليمن وإيران، وخصوصا الحرب الأخيرة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والكيان الصهيوني، وبانتظار وضوح صورة الأوضاع في لبنان وفلسطين، عُقدت في العاصمة اللبنانية (بيروت) سلسلة لقاءات حوارية جمعت شخصيات فكرية وسياسية وأمنية ودبلوماسية وإعلامية بعيدا عن الأضواء، وذلك بهدف تقييم تلك الحروب بين الإيجابيات والسلبيات، وتحديد الثغرات التي برزت في هذه الحروب وفي سلسلة المعارك المستمرة منذ طوفان الأقصى إلى اليوم ومرورا بالحرب المستمرة على لبنان.

وهنا حصيلة أولية لهذه النقاشات والتي شارك فيها مسؤولون أمنيون وسياسيون ودبلوماسيون وإعلاميون، بعضهم كانت لهم أدوار مهمة خلال السنوات الأخيرة في لبنان والمنطقة:

المطلوب إعادة مراجعة المشروع السياسي لقوى المقاومة وخصوصا في لبنان وفلسطين من أجل إعادة بناء جبهة وطنية شاملة قادرة على مواجهة المشروع الإسرائيلي؛ لأنه لا يمكن لقوة وحيدة أن تواجه هذا المشروع، وهذا يتطلب مراجعة الخطاب السياسي والعلاقات مع مختلف الأطراف السياسية وعلى صعيد القوى الإقليمية والدولية

أولا: ما جرى هو حرب وجود بين مشروعين كبيرين، المشروع الأول ذو البعد الفلسطيني والعربي والإسلامي والثاني المشروع الصهيوني المدعوم أمريكيا وغربيا، وكلا المشروعين يستندان على خلفيات دينية وأيديولوجية وفكرية عميقة، ولذا لا يمكن أن تنتهي هذه الحروب بتسويات جزئية أو وقف لإطلاق النار، والمطلوب إما حل شامل للقضية الفلسطينية على أساس قيام دولة واحدة يعيش فيها الجميع من عرب ويهود ومسلمين ومسيحيين، أو الاستمرار في الحروب والمعارك طيلة السنوات المقبلة حتى يحسم أحد الطرفين هذه المعركة.

ثانيا: الخلل الكبير الذي أصاب محور المقاومة وخصوصا في لبنان وإيران هو الخلل الأمني، سواء كان خللا بشريا أو تقنيا أو تكنولوجيا، وهذا يعود لتضخم الجسم العسكري والاهتمام ببناء القدرات العسكرية دون الاهتمام الكبير بالجانب الأمني. وهناك نقاط مشتركة بين ما جرى في لبنان وما جرى في إيران، إضافة إلى تداخل الأدوار بين الذين يتولون المهام الأمنية والمهام السياسية واللوجيستية، وهذا يتطلب مراجعة شاملة للأداء الأمني والسياسي واللوجيتسي من أجل تجنب الأخطاء وإعادة بناء المنظومات الأمنية بطريقة جديدة تراعي التطور التكنولوجي وتأخذ بالاعتبار الثغرات التي برزت، إضافة إلى دخول العامل التكنولوجي والذكاء الاصطناعي في الحروب وتقدم العدو الصهيوني على قوى المقاومة في هذا الجانب.

ثالثا: رغم الضربات القاسية التي تلقاها محور المقاومة في لبنان وفلسطين واليمن وإيران فإنه لا يزال يمتلك القدرات والإمكانيات الكبيرة، والدليل استمرار القتال في غزة وتوجيه ضربات قاسية للجيش الإسرائيلي وخصوصا في الأسابيع الأخيرة، وفشل القضاء على نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، واستمرار قوة حزب الله في لبنان، واستمرار إطلاق الصواريخ من اليمن على الكيان الصهيوني رغم ما يتعرض له اليمن من اعتداءات إسرائيلية وما تعرض له من عدوان أمريكي، ولذلك ليس صحيحا أن المشروع الإسرائيلي- الأمريكي حسم المعركة لصالحه رغم ما حققه من إنجازات تكتيكية. وقد نشهد في المرحلة المقبلة أشكالا جديدة من المعارك وخصوصا عبر استهداف الداخل الإيراني، إضافة لمواصلة الضغوط على حركة حماس في غزة وحزب الله في لبنان والسعي لإسقاط حكم أنصار الله في اليمن.

رابعا: المطلوب إعادة مراجعة المشروع السياسي لقوى المقاومة وخصوصا في لبنان وفلسطين من أجل إعادة بناء جبهة وطنية شاملة قادرة على مواجهة المشروع الإسرائيلي؛ لأنه لا يمكن لقوة وحيدة أن تواجه هذا المشروع، وهذا يتطلب مراجعة الخطاب السياسي والعلاقات مع مختلف الأطراف السياسية وعلى صعيد القوى الإقليمية والدولية.

المعركة لم تنته رغم كل اتفاقيات وقف إطلاق النار على كافة الجبهات، والمطلوب الاستعداد لمعارك جديدة في المرحلة المقبلة، وقد تأخذ أبعادا أمنية وسياسية واقتصادية وفكرية وإعلامية

خامسا: كشفت المعركة ضد إيران عن خطورة المشروع الصهيوني في المنطقة كلها وأنه لا يشكل خطرا على فئة محددة أو دولة معينة، بل إنه قد يطال دولا عربية وإسلامية كبرى وخصوصا مصر وتركيا وباكستان، وحتى إن دول الخليج العربي لن تكون بعيدة عن المخاطر لو نجحت الحرب على إيران، إضافة للتداعيات الدولية لهذه الحرب، ولذا لا بد من إعادة ترتيب العلاقات بين كل هذه الدول لمواجهة المخاطر المستقبلية في ظل وجود تيار صهيوني حاكم يريد تغيير المنطقة والعالم.

وهناك دعوات من عدة جهات عربية وإسلامية لإطلاق مبادرات جديدة لجمع القوى العربية والإسلامية في جبهة موحدة، مع السعي للتواصل مع الجهات والمؤسسات الدولية الداعمة للحقوق العربية والفلسطينية والرافضة للمشروع الصهيوني.

سادسا: بعكس ما يروّج له البعض من أن الكيان الصهيوني حقق نتائج استراتيجية في هذه الحروب وأنهى المخاطر التي يواجهها، فإن التطورات التي حصلت منذ معركة طوفان الأقصى إلى الحرب على إيران كشفت عن ثغرات استراتيجية وأمنية وعسكرية لدى الصهاينة، ولولا الدعم الأمريكي لما صمد الكيان الصهيوني في وجه الضربات التي تعرض لها. وهذا يتطلب تقييما شاملا لهذه المعارك من أجل بناء رؤية استراتيجية للصراع في المرحلة المقبلة.

هذه بعض الخلاصات التي تم التوصل إليها من خلال لقاءات ونقاشات حوارية في بيروت، وهذا يتطلب أيضا توسعة النقاش على الصعيد العربي والإسلامي والدولي من أجل تقييم كامل لما جرى حتى الآن من حروب ومعارك، ووضع استراتيجيات جديدة للمواجهة. فالمعركة لم تنته رغم كل اتفاقيات وقف إطلاق النار على كافة الجبهات، والمطلوب الاستعداد لمعارك جديدة في المرحلة المقبلة، وقد تأخذ أبعادا أمنية وسياسية واقتصادية وفكرية وإعلامية.

ولا نهاية لهذا الصراع طالما أن هناك كيانا صهيونيا عنصريا ينفذ سياسات الإجرام والقتل والعدوان؛ بدعم أمريكي وغربي وصمت عربي ودولي.

x.com/kassirkassem
التعليقات (0)