يسعى الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب ورئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو، لاستثمار احتمال توقف القتال في قطاع غزة والضغط على إيران لتحقيق تطبيع العلاقات بين "إسرائيل" والسعودية، في وقت يواجهان فيه تحديات معقدة تتعلق بحماس والملف النووي الإيراني ومستقبل الدولة الفلسطينية.
ونشرت صحيفة "
وول ستريت جورنال" مقالا للصحفيين مايكل غوردون ودوف ليبر قالا فيه إنه عندما التقى ترامب لنتنياهو في البيت الأبيض الاثنين، بدا
الشرق الأوسط "مختلفا تماما عما كان عليه قبل أشهر فقط.. منطقة غارقة في الصراعات والمخاطر تبدو الآن جاهزة للدبلوماسية".
وجاء في المقال أنه "للوهلة الأولى، تبدو هذه فرصة نادرة لنهج ترامب في عقد الصفقات، بينما استأنفت إسرائيل وحماس محادثات غير مباشرة بشأن وقف إطلاق النار في غزة بعد أشهر من العمل العسكري الإسرائيلي المكثف".
اظهار أخبار متعلقة
وقال "إيران، التي تضررت بشدة من الضربات الأمريكية والإسرائيلية، ترسل إشارات تفيد بأنها قد تكون مستعدة لاستئناف المفاوضات النووية، وإن كان ذلك بشروطها الخاصة. ويتواصل البيت الأبيض مع الحكومة السورية الجديدة، على أمل تحسين العلاقات بين دمشق وإسرائيل".
وأضاف أن "اجتماع ترامب ونتنياهو كان في البيت الأبيض يهدف جزئيا إلى نسب الفضل إلى كليهما في هذه التحولات، وجزئيا إلى مناقشة الخطوات التالية. لكن متانة ونطاق الدبلوماسية لا يزالان موضع شك".
وذكر أنه "من المرجح أن تُختبر جهود ترامب لادعاء صفة "رئيس السلام"، كما وصفه وزير الخارجية ماركو روبيو، في ظل الخلافات العالقة مع نتنياهو، ومسألة الدولة الفلسطينية، وإيران المتعثرة، وأسلوب الرئيس الارتجالي".
وأوضح أن "توقف القتال لمدة شهرين في غزة يُعد أمرا بالغ الأهمية لترامب ونتنياهو لإحراز أي أمل في إحراز تقدم في نهاية المطاف نحو الهدف الذي يسعى إليه كلاهما: تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية. ويتمثل هدف ترامب الأكثر طموحا في تخفيف عقود من العداء بين
الولايات المتحدة وإيران".
قال دانيال شابيرو، السفير الأمريكي السابق لدى "إسرائيل" والمسؤول في البنتاغون، والذي يعمل الآن في المجلس الأطلسي: "فيما يتعلق بإنهاء الحرب في غزة، والبناء على الضربات ضد إيران، وتوسيع التطبيع، يواجه ترامب ونتنياهو فرصة حقيقية. نأمل أن ينتهزاها".
أضاف: "إذا استمرت حرب غزة بعد توقف دام 60 يوما، أو إذا أخفت إيران اليورانيوم عالي التخصيب وهددت بتخصيبه أكثر، أو إذا أعاقت حسابات نتنياهو السياسية قرارات رئيسية، فقد تمر اللحظة دون تحقيق الكثير".
ومن بين جميع القضايا المدرجة على جدول أعمالهم، يُعد وقف إطلاق النار في غزة النتيجة الأكثر قابلية للتحقيق. وقد رفض نتنياهو مرارا وتكرارا الدعوات إلى إنهاء الصراع بشكل دائم دون إنهاء دور حماس، لكن المسؤولين الإسرائيليين وقادة حماس استأنفوا محادثات غير مباشرة في قطر بشأن اتفاق محتمل.
وصرح البيت الأبيض الاثنين أن المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف سيسافر إلى الدوحة هذا الأسبوع للضغط من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وأبلغ رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير، الحكومة أنه يفضل التحرك نحو "صفقة رهائن" لأن المزيد من العمليات سيهدد حياة الأسرى الإسرائيليين بينما لا تزال فائدة إضعاف حماس بشكل أكبر غير واضحة، وفقا لشخص مطلع على الأمر.
اظهار أخبار متعلقة
قال نتنياهو، وهو يستقل الطائرة المتجهة إلى واشنطن إنه لن يتخلى عن هدفه المتمثل في إبعاد حماس عن السلطة ونزع سلاحها، حتى مع حديثه عن وعده بتوسيع علاقات إسرائيل مع الدول ذات الأغلبية المسلمة والتزامه بتحرير الرهائن الإسرائيليين.
وأوضح المقال أنه "إذا نجح ائتلاف نتنياهو حتى نهاية الشهر، فمن المرجح أن يكون لديه ستة أشهر أخرى على الأقل مضمونة كرئيس للوزراء. يبدأ البرلمان الإسرائيلي عطلة في 27 تموز/ يوليو ولن يستأنف حتى 19 تشرين الأول/ أكتوبر. وحتى لو انهار ائتلافه بعد العطلة، فسيكون هناك ثلاثة أشهر على الأقل قبل أي انتخابات".
يقول مسؤولون ومحللون سابقون إن "إعادة ضبط المنطقة تتطلب إنهاء مستداما للقتال في غزة يمتد إلى ما هو أبعد من فترة راحة مدتها 60 يوما، وهو هدف يتطلب تنازلات إضافية من حماس، ومرونة إسرائيلية جديدة، ودعما من الدول العربية في المنطقة".
وأكد المقال أن "حتى الوقف الدائم للقتال في غزة من غير المرجح أن يكون كافيا لإحياء آفاق تحقيق انفراجة دبلوماسية إسرائيلية سعودية. فلطالما أكدت السعودية على ضرورة موافقة إسرائيل على مسار نحو إقامة دولة فلسطينية قبل أن يصبح التطبيع مع إسرائيل ممكنا. ويقول محللون إسرائيليون وعرب إن السعوديين سيجدون صعوبة أكبر في تخفيف هذا المطلب بعد مشاعر العداء تجاه إسرائيل التي ولّدها صراع غزة في الدول العربية".
ومع ذلك، تعارض غالبية كبيرة من الإسرائيليين الآن إقامة دولة فلسطينية، بحجة أنها ستكون مكافأة على هجمات حماس و"ستهدد أمن إسرائيل في المستقبل".
كما أن إقناع إيران بالتخلي عن خططها لتخصيب اليورانيوم يُنذر بمهمة شاقة أخرى. ويأمل المسؤولون العرب أن يلتقي ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قريبا للتوصل إلى اتفاق من شأنه أن يعرض على طهران رفع العقوبات مقابل قيود نووية تهدف إلى إغلاق خيارها لإنتاج سلاح نووي.
ولم يُعلن عن مثل هذا الاجتماع بعد، ولم تظهر أي مؤشرات على استعداد المسؤولين الإيرانيين للتخلي عن تخصيب اليورانيوم والاعتماد حصريا على إمدادات الوقود الأجنبية للبرنامج النووي المدني للبلاد، كما طالب ويتكوف. وصرح البنتاغون يوم الأربعاء بأن الضربة العسكرية الأمريكية أعاقت البرنامج النووي الإيراني لمدة تتراوح بين عام وعامين.
وخلال زيارته إلى السعودية في أيار/ مايو، أعلن ترامب أن الولايات المتحدة ستتجنب التدخل العسكري وجهود بناء الدولة في الشرق الأوسط، وستسعى لتحقيق "حلمه" بانضمام السعودية إلى اتفاقيات أبراهام، وهي مجموعة اتفاقيات عام 2020 التي طبّعت العلاقات بين إسرائيل والدول ذات الأغلبية المسلمة، بما في ذلك الإمارات والبحرين.
اظهار أخبار متعلقة
وبقصر الضربات الأمريكية على هجوم واحد على البنية التحتية النووية الإيرانية مع تجنب تغيير النظام، يكون ترامب قد التزم إلى حد كبير بهذا الهدف.
وعلى الرغم من أن "إسرائيل" هي التي بدأت الضربات على البنية التحتية النووية الإيرانية، إلا أن قرار ترامب باستخدام قاذفات بي 2 وصواريخ كروز التي تطلقها الغواصات ضد أكثر المواقع الإيرانية تحصينا قد منحه نفوذا إضافيا لدى نتنياهو. لكنه يواجه الآن سؤالا حول كيفية استخدامه.
وأكد نتنياهو أن الحرب في إيران قد "خلقت فرصا دبلوماسية لإسرائيل. تشير تصريحاته إلى أنه يعتقد أنه قد يكون قادرا على مواصلة الحرب في غزة والسعي إلى التطبيع مع السعودية في الوقت نفسه، وهو تقييم يتعارض مع معظم المحللين الأمريكيين".
قال أمير أفيفي، مسؤول دفاعي سابق مقرب من الحكومة الإسرائيلية الحالية والمؤسسة الأمنية: "السؤال هو: هل يمكن لإسرائيل أن تبدأ في التحرك نحو التطبيع دون إنهاء الحرب؟".
وأكد مسؤول أمريكي سابق أن الدافع وراء تحركات ترامب المتباينة ظاهريا هو تصميمه على أن يُعرف بأنه الرئيس الذي حقق الاستقرار في الشرق الأوسط أخيرا. لكن الانفراجات الدبلوماسية التي يسعى الآن إلى استغلالها تعتمد على إشراك نتنياهو، إلى جانب حماس وإيران.
وبدت بعض أفكار ترامب الأولية منذ عودته إلى البيت الأبيض ارتجالية ولم تُحقق نجاحا يُذكر. كان اقتراحه في شباط/ فبراير بخروج سكان غزة من القطاع لإعادة إعماره غير مُجدٍ لسكان القطاع والدول العربية.
وأكد المقال "تفتقر عناصر أخرى من استراتيجيته إلى التحديد. يقول العديد من المحللين إن أي حل طويل الأمد لغزة سيحتاج إلى توفير شكل من أشكال الحكم الفلسطيني البديل لحماس وقوة أمنية عربية، بالإضافة إلى خطط إعادة الإعمار، التي لم يُفصّل مسؤولو إدارة ترامب معظمها بعد".
قال دينيس روس، الذي شغل منصب مسؤول كبير في قضايا الشرق الأوسط في إدارات جمهورية وديمقراطية: "يريد ترامب أن يُنظر إليه كصانع سلام، ولكنه أيضا شخص يعرف كيفية استخدام النفوذ لتعزيز الصفقات.. لا توجد استراتيجية متكاملة، لكن ترامب يستغل ما فعلته إسرائيل عسكريا".
والاثنين، أبلغ نتنياهو ترامب أنه سيرشحه لجائزة نوبل للسلام تقديرا لجهوده في الشرق الأوسط.