كتاب عربي 21

الأسبوع الحرج في الحرب على غزة

منير شفيق
"تدخل ترامب للطلب من المحكمة إسقاط القضايا"- جيتي
"تدخل ترامب للطلب من المحكمة إسقاط القضايا"- جيتي
منذ أوائل شهر تموز/ يوليو 2025، راح الرئيس الأمريكي يلوّح بضرورة عقد اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة. وقد دعا نتنياهو إلى أن يكون إلى جانبه، ليحسم التوصل إلى اتفاق.

يقدَّر بأن العوامل المختلفة المتدخلة في هذه الحرب، طوال عشرين شهرا، قد بلغت لحظة الفرض على نتنياهو، للقبول بتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار المؤقت، لستين يوما.

ولكن نتنياهو راح يحاول رسم صورة المنتصر، إلى جانب ترامب، في التمهيد لزيارته. فجعل يعدّد الإنجازات التي حققها في الحرب على إيران، كما في غزة ولبنان، وصولا إلى التباهي بأنه غيّر خريطة دول "الشرق الأوسط".

محصلة الحروب والمعارك، التي خاضها نتنياهو منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تؤكد بأن الصورة التي يرسمها، لوضعه الراهن وإنجازاته، لا تسمح له بالتباهي وادّعاء الانتصارات. بل إن زيارته الحالية لواشنطن، تظهر كم وصل من التبعية لترامب

على أن محصلة الحروب والمعارك، التي خاضها نتنياهو منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تؤكد بأن الصورة التي يرسمها، لوضعه الراهن وإنجازاته، لا تسمح له بالتباهي وادّعاء الانتصارات. بل إن زيارته الحالية لواشنطن، تظهر كم وصل من التبعية لترامب، حين رجاه بالتدخل لإنقاذه من قضايا الفساد التي تنتظره لدى المحكمة العليا. وقد وصل ذلك التوسّل إلى مستوى تدخل ترامب للطلب من المحكمة إسقاط القضايا. وهي خطوة تشكل فضيحة، لتدخل سافر في الشأن الداخلي من جانب ترامب، في قضايا دولة الكيان، كما هي خطوة تدلّ على الوضع المذلّ الذي يعيشه نتنياهو.

كانت عزلة نتنياهو على شفا إسقاطه، لولا الثالث عشر من حزيران/ يونيو 2025، حين سمح له ترامب بشنّ الحرب على إيران، حيث حوّله إلى قائد وراءه وحدة واسعة داخل الكيان، لتأييد الحرب، بعد انقسام حادّ، وحيث حشد تأييد الدول الغربية له في هذه الحرب، بعد إجماع على عزلة أوروبية، رسميا ورأيا عاما، بسبب استمرار حربه على قطاع غزة، وارتكاب جرائم الإبادة.

على أن هذه الفترة في خروج نتنياهو من مأزقه، سرعان ما انقضت بسبب الضربات الإيرانية الصاروخية فرط الصوتية، التي أثخنت في الكيان طوال اثني عشر يوما، الأمر الذي دفع ترامب للإسراع لإنقاذ نتنياهو، بمشاركة أمريكا في الحرب ضدّ إيران، من خلال قصف المواقع النووية الثلاثة، نطنز وأصفهان وفوردو. ثم سارع ترامب بعد يومين، وبعد بدء الردّ الإيراني على أمريكا،
صحيح أن نتنياهو يتوسّل حتى الذل، في هذه اللحظات، طلبا من ترامب لإنقاذه، وصحيح أن ترامب غير موثوق في ثباته على رأي، إلّا أن اللحظة التي تواجه المفاوضات في الدوحة، وتواجه كلا من ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض، ستكون في غير ما يريد نتنياهو
بإعلان وقف الحرب، بموافقة كل من الكيان الصهيوني وإيران، وبما يتضمن وقف الحرب بين أمريكا وإيران، كذلك.

وبهذا كانت النتيجة إعلانا بفشل أهداف الحرب التي شنّها نتنياهو، كما الحرب التي شنّها ترامب، وكان في مقدّمتها إسقاط نظام الثورة الإسلامية 1979. وقد خرجت إيران منها أثْبَتَ قدما، وأقوى ساعدا، وذلك بالرغم من الخسائر الفادحة.

لا يختلف اثنان بأن استراتيجية نتنياهو منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إلى اليوم، هي إبقاء الحرب في غزة مستمرة، أو شنّ العدوان على لبنان، كما الحرب على إيران.

ولهذا فإن وقف الحرب على إيران، كما تمّ في الاتفاق الذي أعلنه ترامب في 24 حزيران/ يونيو 2025، ثم الانتقال في هذا الأسبوع لبحث وقف إطلاق النار في قطاع غزة، شكّل محصلة في غير مصلحة استراتيجية نتنياهو، بل وضع نتنياهو مرّة أخرى على شفا السقوط، وهو ما جعل ترامب يستدعيه، في محاولة لإيجاد مخرج تخفيفي لما ينتظره، من قرار وقف إطلاق النار في غزة، وبكل ما يعنيه من انتصار للمقاومة والشعب في غزة.

صحيح أن نتنياهو يتوسّل حتى الذل، في هذه اللحظات، طلبا من ترامب لإنقاذه، وصحيح أن ترامب غير موثوق في ثباته على رأي، إلّا أن اللحظة التي تواجه المفاوضات في الدوحة، وتواجه كلا من ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض، ستكون في غير ما يريد نتنياهو.
التعليقات (0)