غزة لا
تساوي شيئا وهي تنبض بالحياة، لكنها تصبح "كنزا" يتصارعون عليه حين تحترق وتحتضر. الآن..
غزة على الطاولة، لكنها ليست طرفا في الحديث، إنها الوجبة التي تتقاسمها الذئاب.
🔹 ترامب يريد "هدنة"؛ لا
حبا في السلام، بل ليظهر بمظهر "رجل الدولة والسلام" قبيل انتخابات الكونغرس. غزة بالنسبة
له مجرد ورقة دعائية لشدّ أصوات الناخبين اليهود والعرب. الدم؟ مجرد خلفية ممتازة للمشهد.
🔹 نتنياهو يتلعثم بين
شريكه الفاشي وضغط واشنطن، فإن قبل، خسر حكومته المتطرفة؛ وإن رفض، خسر الدعم الأمريكي.
هو يبحث عن صفقة تبقيه في المنصب، ولو على ركام غزة وأشلاء أهلها.
🔹 السعودية تلوّح بالتطبيع..
لا حبا في القدس، بل لتجميل صورتها وتثبيت دور "قائد العرب" في بازار المصالح، شرطها الوحيد: أن
تظل بعيدة عن دماء الفلسطينيين.
وسط هذا المشهد المُشبع بالنفاق والمصالح، تُفرض الهدنة على غزة وكأنها قدر، لا خيار. ورغم أن المقترح المطروح لوقف إطلاق النار المؤقت جاء مجحفا ومنحازا للجلاد، وافقت حماس عليه بشروط
🔹 الإمارات تدفع نحو
تسوية.. لا لإنهاء الاحتلال، بل لتحجز مقعد "الراعي
الجديد" لغزة، بشرط أن تكون بلا حماس، وبلا
مقاومة، وبعقود إعادة إعمار تدر ذهبا.
🔹 قطر توازن على الحبل
المشدود: الحفاظ على علاقة مع حماس، وإرضاء واشنطن، ومنافسة القاهرة، والظهور كـ"فاعل خير"دائما
على الشاشة.
🔹 مصر تبتسم.. ليس
لأنها ترى ضوءا في آخر النفق، بل لأنها لا تزال في المشهد، المهم أن تمر الخيوط كلها
من معبر رفح، وتحت رقابتها الأمنية. غزة، في نظر السيسي، جارة متعِبة يجب السيطرة عليها
داخل قفص، لا احتضانها.
وسط هذا
المشهد المُشبع بالنفاق والمصالح، تُفرض الهدنة على غزة وكأنها قدر، لا خيار. ورغم
أن المقترح المطروح لوقف
إطلاق النار المؤقت جاء مجحفا ومنحازا للجلاد، وافقت حماس
عليه بشروط ثلاثة:
أولا: انسحاب الاحتلال إلى ما قبل
انهيار التهدئة في آذار/ مارس.
ثانيا:
وقف فوري للعدوان بكل أشكاله، لا مجرد "خفض التصعيد".
ثالثا:
ضمانات أمريكية بعدم استئناف القصف إذا فشل الاتفاق النهائي.
هكذا يحاولون
نزع إرادة غزة باسم "الإنسانية"، يتفاوضون على دمها، ثم يطالبونها بالامتنان.
لكنها، بشروطها، انتزعت لنفسها مقعدا على الطاولة، رفضت
أن تُؤكل كفريسة رغم جراحها.
ولكن ماذا
بعد شروط غزة؟
طرْح الشروط
الثلاثة من جانب المقاومة لا يُتوقّع أن يمرّ بهدوء. فأمريكا، على الأرجح، ستصفها بـ"غير الواقعية"،
خاصة ما يتعلق بأي تقييد لدورها أو أدواتها المتمثلة في مؤسسة غزة الإنسانية. وقد يُقال
إن حماس تطلب المستحيل، بينما الحقيقة أن هذا الشرط يضع خطوطا حمراء لإنهاء العبث بحياة
أهل غزة.
في
إسرائيل،
سيرى اليمين المتطرف أن هذه الشروط تمثل استسلاما ناعما للعدو، ما يهدد حكومة نتنياهو
من الداخل، فيما قد يدفعه الضغط الأمريكي لقبولها جزئيا، إنقاذا لصورته الخارجية.
أما في
المحيط الاقليمي، فالردود يُرجّح أن تكون متباينة ومتوجسة:
التحدي الحقيقي سيكون في قدرة غزة على الثبات في وجه الضغوط، وفي صمودها أمام عاصفة الابتزاز القادمة تحت اسم "الفرصة الإنسانية الأخيرة"
▪️ مصر قد
تحاول إعادة صياغة الشروط لعدم إحراج إسرائيل وبما يرضي الجميع، دون المساس بجوهر رقابتها
على غزة.
▪️ قطر قد
تطرح نفسها كوسيط ناعم لتدوير الزوايا، وتحويل الشروط إلى مبادرة.
▪️ السعودية
ربما ستختار التريث، بانتظار اتضاح اتجاه الرياح قبل المجازفة بأي موقف.
▪️ الإمارات
ستعارض بعض الشروط علنا، باعتبارها "إقصائية" وتعيق "إعادة
الإعمار"، لكنها -عمليا- ستسعى لاستبعاد حماس من أي ترتيب
مستقبلي، وتمكين شركاتها من السيطرة على ما بعد الحرب، حتى لو تطلّب ذلك التماهي مع
أجندة الاحتلال.
لكن التحدي
الحقيقي سيكون في قدرة غزة على الثبات في وجه الضغوط، وفي
صمودها أمام عاصفة الابتزاز القادمة تحت اسم "الفرصة
الإنسانية الأخيرة".
الكل يتحدث
عن غزة.. لكن لا أحد ينظر في عيون أمهات الشهداء، لا أحد يسمع أنين الجرحى تحت الركام،
ولا صرخات الأطفال الذين يموتون جوعا. ولا أحد، أبدا، يسأل: ماذا تريد غزة؟
يتعاملون
معها كأنها بلا صوت.. حتى تزأر المقاومة معلنة: "غزة لا تموت.. ما دام في ترابها
شهيدٌ لم يُدفن، وفي صدور أبنائها رغبة في الحياة الحرة، لا الموت المجاني.. غزة لا
تموت، ما دام في أرضها من يقاوم".