تعيش
الطائفة الدرزية، حالة من التوتر السياسي والشعبي، على وقع التطورات في
السويداء السورية والموقف
منها، ما فتح باب النقاش على مصراعيه حول موقع الزعامة الجنبلاطية التاريخية ومستقبلها.
وبحسب تقرير نشر في
صحفية الأخبار
اللبنانية كشفت أن الأحداث التي شهدتها محافظة السويداء في
سوريا
حفرت عميقا في الحياة الدرزي في علاقة القاعدة الشعبية الدرزية مع زعيمها الأبرز وليد
جنبلاط، مشيرا إلى أن أصواتا متصاعدة بدأت تتهمه بـ "التخلي عن الطائفة والتآمر
عليها".
وأشار التقرير إلى
ان المزاج الدرزي يشهد تحولا غير مسبوق، إذ خرجت تظاهرات في السويداء تهاجم جنبلاط
مباشرة وتصفه بـ"الخائن"، فيما عقدت خلوات دينية جاهر بعض مشايخها برفض مواقفه
من الأحداث السورية، ولفت إلى أن هذا التحول يعكس بداية تمرد داخل "بني معروف"
على الزعامة الجنبلاطية التي احتفظت طويلا بمرجعيتها الدينية والسياسية.
وأضافت الصحيفة أن
الشرعية الدينية التي شكلت على مدى عقود المدخل الأساس إلى السياسة الدرزية باتت اليوم
ساحة صراع مفتوحة، بعدما برزت مرجعيات منافسة مثل الشيخ موفق طريف والشيخ حكمت الهجري،
اللذين حصلا على حضور إقليمي ودولي أضعف من نفوذ المختارة.
اظهار أخبار متعلقة
وأوضح التقرير أن هذه المرجعيات تستفيد من خطاب مغاير
لخط جنبلاط التقليدي القائم على العروبة، مع نزعة أكثر تقاربا مع مشاريع انفصالية أو
حتى مع الاحتلال الإسرائيلي.
واعتبرت الصحيفة أن
الأزمة الراهنة تتزامن مع تحديات داخلية يعيشها الحزب التقدمي الاشتراكي، حيث لم يعد
بمقدور جنبلاط الإمساك الكامل بخيوط الشارع أو ضبط أصوات حزبية تنتقده علناً.
وأضافت أن هذه الأزمة
تتقاطع مع هواجس الزعيم الدرزي بشأن توريث نجله تيمور، إذ يواجه الأخير رفضا صريحا
من بعض المشايخ الذين أعلنوا أنّ مرجعيتهم انتقلت من المختارة إلى الجليل.
في المقابل، أوضح
التقرير أن شخصيات درزية نافذة ما زالت تراهن على قدرة جنبلاط على امتصاص الغضب وإعادة
شد العصب حوله، كما فعل في محطات سابقة، ولفت إلى أن خطوة تسليم مخازن سلاح للجيش اللبناني
تعكس حرصه على منع أي انزلاق أمني في الجبل، وتؤكد استراتيجيته الدائمة في حماية الوجود
الدرزي داخل "البحر السني" والابتعاد عن السياسات الانعزالية.
وختم التقرير بالتأكيد
أن الزعامة الجنبلاطية تمر بمرحلة دقيقة هي
الأصعب منذ عقود، بين تمرد شعبي واضح في السويداء، وصعود مرجعيات دينية بديلة، وتحديات
داخلية في البيت الجنبلاطي، غير أنها شددت على أن نهاية نفوذ المختارة ليست محسومة
بعد، في ظل قدرة
وليد جنبلاط على استشراف المخاطر وتبديل تموضعه السياسي بما يحفظ زعامته
التاريخية.