أطلق
الرئيس الغابوني، الجنرال بريس أوليغي
نغيما، حزبًا سياسيًا جديدًا تحت اسم "الاتحاد الديمقراطي للبنائين"، في
خطوة سياسية لافتة تأتي بعد نحو شهرين فقط من تنصيبه رئيسًا للبلاد، إثر فوزه
الساحق في انتخابات أبريل الماضي.
وخلال كلمة له أمام حشد تجاوز 10 آلاف شخص
في العاصمة ليبرفيل، أول أمس السبت، شدد نغيما على أن الهدف من تأسيس الحزب ليس
الفوز بالانتخابات فحسب، بل دعم مشروعه الوطني بعيدًا عن "المقايضات
السياسية" المعهودة، على حد تعبيره.
وقال نغيما: "لا نريد إنشاء حزب
انتخابي يستغل الانتخابات، بل نريد حزبًا يؤمن بما نقوم به، لا أداة سياسية تجعلنا
نساوم الأغلبية من أجل الإجماع".
وأكد الرئيس الغابوني أن التجربة السياسية
في بلاده على مدى نصف قرن أظهرت أن "القادة يتحولون إلى أدوات بأيدي
أحزابهم"، مضيفًا: "لن نلقن أحدًا عقيدة حزبية، وسنعتمد الانتخابات
التمهيدية لاختيار مرشحينا".
إرث البونغوية.. نصف قرن من الحكم
ويُذكر أن الغابون خضعت لحكم عائلة بونغو
لأكثر من 50 عامًا، بداية من الرئيس الراحل عمر بونغو أونديمبا الذي تولى السلطة
منذ عام 1967 حتى وفاته في 2009، مرورًا بنجله علي بونغو أونديمبا الذي خلفه في
الحكم حتى الإطاحة به عام 2023.
وقد ارتبطت تلك الحقبة، رغم بعض الإنجازات
الاقتصادية، بالفساد المستشري، والتضييق على الحريات، وتركيز الثروة والسلطة في
أيدي القلة، مما أسهم في اتساع الفجوة بين السلطة والشعب، وتآكل الثقة في العملية
السياسية.
حزب لما بعد البونغوية
وفي بيان تأسيسي، قال الحزب الجديد إن
انطلاقه "يجسد رغبة مشتركة في إعادة بناء العقد الاجتماعي الغابوني"،
مشيرًا إلى أن ما وصفه بـ"الفوز الباهر لنغيما" في الانتخابات، أنهى
أكثر من 50 عامًا من حكم سلالة بونغو، في إشارة إلى الرئيس المخلوع علي بونغو
أونديمبا.
ورفع الحزب شعار "الشمول والتنمية
والسعادة"، مؤكداً أن رؤيته تقوم على "توحيد الغابون وتحويلها إلى دولة
مزدهرة ومتقدمة"، في وقت تسود فيه البلاد حالة ترقب حذرة بشأن ما إذا كانت
هذه التحركات تمهد لترسيخ نظام نغيما أو تمثل بوابة فعلية للتحول الديمقراطي.
من الانقلاب إلى صناديق الاقتراع
وكان الجنرال نغيما قد قاد انقلابًا عسكريًا
في نهاية أغسطس 2023 أطاح خلاله بالرئيس علي بونغو، بعد إعلان نتائج انتخابات
رئاسية اعتُبرت مثيرة للجدل. وقد قوبل الانقلاب آنذاك بترحيب شعبي واسع، لاسيما في
ظل استياء شعبي من عقود من حكم عائلة بونغو.
وفي 3 مايو 2025، أدى نغيما اليمين
الدستورية رئيسًا للبلاد لولاية مدتها سبع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، بعد
حصوله على 94.85% من الأصوات في انتخابات وصفتها المعارضة بـ"غير التنافسية".
طريق سياسي محفوف بالتساؤلات
ويُنظر إلى تأسيس نغيما لحزب سياسي في هذا
التوقيت المبكر أنه قد يعكس رغبته في تحصين سلطته سياسيًا وشعبيًا، بعد عامين من
وصوله إلى الحكم عبر انقلاب عسكري، وتحوله السريع إلى رئيس منتخب.
لكن آخرين يحذرون من أن الانتقال من العسكرة
إلى العمل الحزبي لا يضمن تلقائيًا التحول الديمقراطي، ما لم ترافقه مؤسسات
مستقلة، وبيئة سياسية تعددية حقيقية.
ويُنتظر أن يحدد الحزب الجديد خططه
التنظيمية وخارطة طريقه السياسية خلال الأسابيع المقبلة، في ظل تساؤلات حول موقف
النخب القديمة، وقدرة "الاتحاد الديمقراطي للبنائين" على تجاوز إرث
"البونغوية" الثقيلة في
السياسة الغابونية.
اظهار أخبار متعلقة