أكدت
غيد قاسم، محامية الطبيب حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان أنه يعاني كثيرا ومُنهك بشدة نتيجة للتعذيب وتعرضه لضغوطات وإهانات ليعترف بأفعال لم يرتكبها.
وقالت قاسم في حوار خاص مع "عربي21"، إن "الاحتلال ضرب وعذب وأهان الدكتور حسام منذ لحظة الاعتقال الأولى في 27 كانون أول/ ديسمبر 2024 حتى الآن، علما بأنهم صنفوه كمقاتل شرعي، ولهذا سيُحاكم وفقا لهذه الصفة".
وقالت إن التهم الموجهة ضده ينفيها أبو صفية بشدة.
وأثار استغراب المحامية عدم وجود اهتمام من قبل المنظمات الدولية المعنية بالقطاع الطبي بوضع أبو صفية وبقية الكوادر الصحية المُعتقلين داخل سجون الاحتلال، مؤكدة عدم تواصل أي من هذه المنظمات معها للسؤال عن وضعه الصحي والنفسي والقانوني.
ولفتت إلى أنه "رغم سعي أبو صفية لبقاء معنوياته عالية إلا أنه بعد عودة الحرب على قطاع غزة ازداد قلقه على أسرته وعلى وضعه خاصة في ظل اعتقاله وغيابه عن المنزل، كذلك رغم معاناته من الأسر، إلا أنه كان كثير السؤال عن وضع الجرحى ومستشفيات قطاع غزة".
وتاليا نص الحوار كاملا:
كيف هي ظروف وأوضاع الدكتور حسام أبو صفية في الأسر؟
الدكتور حسام مُنهك جدا وهذا أمر متوقع، فظروف اعتقاله قاسية جدا وصعبة، حيث تعرض في بداية اعتقاله إلى تنكيل وتعذيب شديد بالذات أثناء تواجده في معسكر سدي تيمان.
بالطبع رحلة العذاب لكل المعتقلين ومن ضمنهم دكتور حسام قاسية، تبدأ من لحظة الاعتقال والتي يتم فيها إجبارهم على خلع ملابسهم، ثم يُقتادون إما في حافلة أو سيارة شرطة إلى معسكر سدي تيمان.
ورأينا جميعا في العلن كيف تم اقتياد الدكتور حسام في دبابة إلى المعتقل، وبالتالي تستمر رحلة العذاب بدءا من المحطة الأولى لجميع معتقلي غزة وهي معسكر سدي تيمان.
ويتم تصنيف المعتقلين في المعتقل كل شخص منهم بحسب ملفه أو تهمته، بمعنى هل هو متهم من قبل المخابرات؟ أو هل لديهم نية بأن ينسبوا له لائحة اتهام؟ بالطبع معسكر سدي تيمان هو عبارة عن أقفاص وكل قفص يكون فيه خمسون معتقلا.
ويتم إجبار المعتقلين داخل هذه الأقفاص على الجلوس طوال الوقت على "مؤخرتهم" وممنوع أن يتحركوا أو يقيموا الصلاة.. أيضا ممنوعون من التحدث مع بعضهم البعض، ويخرج كل معتقل بين الفترة والأخرى للتحقيق أكثر من مرة.
في ما يخص الدكتور حسام خضع للتحقيق في هذا المعسكر 4- 5 مرات، سواء التحقيق من قبل المخابرات أو التحقيق للإدلاء بإفادته أو لجمع المعلومات، وتعرض لضرب وتنكيل وتعذيب شديد خلال هذه التحقيقات.
علما بأن أي مُعتقل يكون في عذاب من اللحظة الأولى لاقتياده من القسم للتحقيق يتخلله ضرب وتنكيل والتعرض للشتائم.. بالطبع الدكتور حسام بالذات كان مستهدفا من البداية من قبلهم لأنه تحداهم على الملأ وعلنا ولم ينصع لأوامرهم.
ولهذا كانوا يريدون أن يجعلوا من الدكتور حسام عبرة لغيره من المعتقلين داخل المعتقلات والسجون، بمعنى أنهم كانوا يريدون أن يُروا بقية المعتقلين أن هذا ما يحدث مع من لا يسمع كلامنا وأنه سوف يتم التنكيل به.
وبالتالي، فقد تعرض الدكتور حسام للضرب الشديد وتم تكسير أربع أضلاع لديه في منطقة القفص الصدري وتم لكمه على عينه، إضافة إلى الضغط النفسي والترهيب وسوء المعاملة.. بالطبع جميع المعتقلين في هذه اللحظة يتم تجريدهم من أي حق إنساني.
واستمر هذا الوضع مع الدكتور لمدة 14 يوما.. أيضا كان ممنوعا من لقاء أي محام لأكثر من 45 يوما، ولهذا لم نتمكن من زيارته منذ اللحظة الأولى أو نراه ونساعده ونمنحه استشارة قانونية، بعد ذلك تم نقله إلى سجن عوفر.
وفور وصوله إلى سجن عوفر مكث 25 يوما في زنزانة عزل انفرادي لا تتعدى مساحتها الـ1.5*1 متر، وهناك أصابه التعب صحيا وجسديا ما اضطرهم إلى أن يسمحوا للأطباء بإجراء الفحوصات اللازمة له، إلا أننا لم نحصل على نتائج هذه الفحوصات حتى الآن وبالتالي فهو لم يتلق العلاج اللازم.
وتشمل ظروف السجن السيئة، التجويع وسوء المعاملة والضرب والاقتحامات المتكررة.. الأصفاد وحدها كفيلة بأن تصيب المعتقل بالمرض، حيث إنه يتم شدها دائما على أيدي المعتقلين ما يُسبب لهم التهابات جلدية ونزيفا في بعض الأحيان لدرجة قد يصل فيها الأمر إلى البتر.
إذن في ظل عدم حصولكم على نتائج فحوصاته الطبية، هل لديكم معلومات عن وضعه الصحي العام؟ وكيف هو من الناحية النفسية والمعنوية؟
معنوياته عالية، ونحن كمحامين من واجبنا رفعها، ولهذا أنا مستحيل أخرج من زيارة المعتقل قبل أن تكون نفسيته عالية ومرتفعة، وبالتأكيد يُسعده عندما يعلم أن هناك اهتماما سواء من شعبه أو دوليا، وأن هناك من يتتبع وضعه وظروف اعتقاله.
ولكن في النهاية فالاعتقال هو اعتقال، وللأسف أنه بالذات في الأيام القليلة الماضية مع عودة الحرب على قطاع غزة، هذا الأمر يُحطم معنويات المعتقل، لهذا أصبح الدكتور حسام قلقا كثيرا على عائلته وأبنائه علما بأنه فقد ابنا له قبل أسره بفترة قصيرة.
ولهذا أكثر ما يقلقه حاليا هو وضع عائلته، أيضا يقلقه وضع ومصير الطواقم الطبية. لهذا فهو كثير السؤال عنها، حيث يسأل كيف هو وضع الكوادر الطبية وماذا يحدث الآن مع المصابين وكيف هو وضع المستشفيات وهل بقي منها أي مستشفى قائم.. ورغم ما مر به حتى الآن فإنه يُشعر بمسؤولية تجاه المرضى، ولهذا فإن رسالته إلى الآن هي المرضى والجرحى في مستشفيات قطاع غزة.
الاحتلال قال إنه سيحاكم الدكتور حسام أبو صفية كمقاتل غير شرعي، هل ما زال ينوي القيام بذلك؟
نعم.. على ما يبدو ستتم محاكمته وفق هذا التصنيف، وللأسف 95 في المئة من معتقلي قطاع غزة والذين يبلغ عددهم منذ 7 أكتوبر حتى الآن 5000 معتقل تم تصنيفهم على أساس أنهم مقاتلون غير شرعيين، وفقا للقانون الإسرائيلي الذي تم سنه عام 2002 وبدأ تطبيقه عام 2005 على أهالينا في غزة.
وبحسب هذا القانون فإنه يكفي أن يقوم الغزي بأي عمل عدائي يضر بإسرائيل - وفقا لتفسيرها – هذا كاف لأن يتم اعتقاله وتمديد هذا الاعتقال بدون توجيه أي تهمة أو محاكمته وبدون أي تمثيل قانوني أو أي حق من الحقوق المتعارف عليها وفق اتفاقيات جنيف.
بالتالي فإنه تم تصنيف الدكتور حسام كمقاتل غير شرعي وفق هذا القانون، ونحن في انتظار أن يُعرض قريبا على قاض.. طبعا سيتم عرضه عن بُعد، بمعنى أنه لن يكون موجودا داخل المحكمة، فقط سيتكلم معه مترجم عبر الهاتف ويخبره بأنه تم تمديد فترة اعتقالك إلى فترة غير محددة بتهمة مثل الانتماء إلى منظمة إرهابية.
بالطبع هم يحاولون حتى الرمق الأخير الحصول منه على اعترافات بالتهم التي ينسبونها له.. مثلا أنا زرته زيارتين الأولى في 6 مارس والثانية في 19 مارس وقاموا بأخذه للتحقيق ما بين هاتين الزيارتين وكان هناك ضغوطات عليه ليعترف بأفعال لم يقم بها.
وشاهدنا في الفيديو الذي عرضته القناة 13 الإسرائيلية كيف أن حتى الصحفي يسأله ويستجوبه في العلن، ويقول له: من رأيت في المستشفى ومن عالجت وماذا تعرف وأين يوجد المُختطفون...
هم لا يريدون التنازل عن هذه الفكرة، ولكن أعتقد بما أنه خضع حتى الآن لأكثر من 7- 8 تحقيقات ولم يُثبت شيء عليه فإنه غالبا ستكون له محاكمة خلال الأيام القريبة كمقاتل غير شرعي ويتم فيها تمديد اعتقاله لمدة 6 أشهر وقد يتم تمديدها مرة أخرى.
كمحامية للدكتور حسام ولكونه طبيبا هل تواصلت معكِ أي مؤسسة دولية معنية بالعاملين في القطاع الصحي كمنظمة الصحة العالمية أو "أطباء بلا حدود" لمعرفة وضعه وظروف اعتقاله؟
لم يتواصل معي أحد من هذه المنظمات، ولا أعرف ماذا يفعلون! أنا جدا مستغربة، كان بإمكانهم على الأقل بعث رسائل لإدارة السجن للسؤال عن وضعه، يعني أنتم كنقابات ومنظمات معنية بالشأن الصحي والكوادر الطبية أقل ما يمكنكم فعله مراسلة إدارة السجون أو الجيش والسؤال كيف يتم اعتقال طبيب.
علما بأن الكثير من الكوادر الطبية موجودون داخل المعتقلات، بل إن معظم المعتقلين حتى هم مدنيون إما صحفيون أو معلمون.. الخ، لكن بالنسبة لإسرائيل مجرد أن يكون الشخص موظفا حكوم فهذا سبب كاف لأن يتم اعتقاله والتحقيق معه.
وهنا نتحدث عن ظروف اعتقال لاإنسانية وأسرى يموتون، لهذا تُعتبر الثانية في السجن وكأنها عام كامل، كذلك هناك تجويع وبرد شديد وإهانات طوال اليوم، أي إنهاك المعتقلين المعزولين انعزالا تاما عن العالم الخارجي، دون أن يتلقوا أي رعاية طبية.
أخيرا هل تواصلتِ مع عائلة الدكتور حسام أبو صفية، وكيف هي أوضاعها؟
طبعا تواصلنا مع عائلته منذ اللحظات الأولى، أنا شخصيا حصلت من أول يوم على توكيل من زوجته وأبنائه وقمنا بمتابعة القضية حتى هذه اللحظة، ولدي تواصل معهم تقريبا أسبوعيا.
أسرته قلقة خاصة أنهم تعرضوا لمصيبتين، الأولى استشهاد الابن والثانية اعتقال الأب.. أيضا هناك ضغوطات عليهم للخروج من غزة لكنهم رافضون.. طبعا الضغط ليس سهلا خاصة بعد كل ما مروا به، هم أيضا خسروا بيتهم نتيجة القصف، ولهذا فمن الطبيعي أن يكونوا قلقين.