دعت المستشارة الألمانية السابقة، أنجيلا
ميركل، إلى اتباع نهج صارم في التعامل مع حزب "البديل من أجل ألمانيا"
اليميني الشعبوي، محذّرة من السماح له بتحديد اتجاهات الساحة السياسية في البلاد.
وقالت ميركل، في مقابلة مع برنامج
"فونكس بيرزونليش"، إنه "لا يجوز أن نجلس مثل الأرنب أمام
الأفعى"، مؤكدة ضرورة ألا تسمح الأحزاب الديمقراطية لحزب "البديل"
بقيادة المشهد السياسي أو فرض إيقاعه على مؤسسات الدولة. وأضافت أن على الأحزاب
التقليدية إظهار مواقفها بوضوح أكبر حتى يتمكن المواطنون من تمييز الفوارق بينها
وبين الحزب اليميني.
وقالت إن التعاون مع أحزاب "لا تؤيد
الاتحاد الأوروبي، ولديها علاقة مختلفة تماما مع روسيا، ولا تدافع عن الديمقراطية
الليبرالية" غير وارد، في إشارة واضحة إلى "البديل". وشددت على أن
التحالف المسيحي، إلى جانب الحزب الاشتراكي الديمقراطي، يمتلكان ما يكفي لإقناع
المواطنين دون اللجوء إلى أي شكل من أشكال التنسيق مع اليمين المتطرف.
وفي ما يتعلّق بانتقادها السابق لتمرير
التحالف المسيحي قرارًا للهجرة بأصوات "البديل" في يناير الماضي، أوضحت
ميركل أن تدخلها آنذاك كان "حالة فريدة"، لكنها أكدت احتفاظها بحق
التعليق على القضايا ذات الأهمية الوطنية.
من هو حزب "البديل من أجل
ألمانيا"؟
تأسس حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) عام 2013 كحزب
محافظ قومي، قبل أن يتحول سريعًا نحو اليمين الشعبوي ثم إلى اليمين المتطرف في بعض
أجنحته، خصوصًا في شرق البلاد.
برز الحزب أولًا بمعارضته لسياسات إنقاذ
اليورو، ثم اكتسب زخمه الأكبر خلال أزمة اللاجئين عام 2015، حين عارض بقوة
سياسة
الباب المفتوح التي اعتمدتها ميركل، ما جعله يجذب أصواتًا احتجاجية على سياسات
الهجرة والاندماج.
يتبنى الحزب مواقف مناهضة للاتحاد الأوروبي،
ويدعو إلى تشديد سياسات اللجوء، وينتهج خطابًا قوميًّا حادًا، كما يُتهم بعض
قياداته بالارتباط بتيارات يمينية متطرفة. وترى الاستخبارات الداخلية الألمانية أن
بعض فروعه تمثل "تهديدًا محتملًا للدستور"، وتخضع لرقابة رسمية.
لماذا موقف ميركل مهم؟
يحمل موقف ميركل وزنًا خاصًا داخل الحياة
السياسية الألمانية لعدة أسباب:
ـ هي صاحبة القرار الأكثر إثارة للجدل داخل
ألمانيا الحديثة: سياسة استقبال اللاجئين عام 2015، وهو القرار الذي شكل نقطة
الانطلاق لصعود "البديل".
ـ تجنبت التعليق على السياسة اليومية منذ
مغادرتها المنصب، مما يجعل أي تصريح لها يُعامل كرسالة سياسية ذات دلالات.
ـ تمثل تيارًا محافظًا تقليديًا داخل
ألمانيا، وعلاقتها بحزبها السابق وبالحزب الاشتراكي الديمقراطي تجعل صوتها مؤثرًا
في الوسط السياسي.
ـ تخشى ميركل من التطبيع مع اليمين الشعبوي،
خاصة بعد حوادث سابقة لوّحت فيها بعض القوى اليمينية داخل التحالف المسيحي
بإمكانية التقارب التكتيكي مع "البديل".
لهذه الأسباب، يُنظر إلى تصريحات ميركل
كتحذير واضح من أي محاولة مستقبلية لتطبيع التعاون السياسي مع الحزب اليميني
المتشدد.