استقبل الفريق أول السعيد شنقريحة، الوزير
المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الخميس، ديمتري
شوغاييف، مدير المصلحة الفدرالية للتعاون العسكري والتقني بفيدرالية
روسيا، في
لقاء يُعدّ الأرفع من نوعه بين
الجزائر وموسكو في المجال العسكري خلال الأشهر
الأخيرة.
وجرت المحادثات بين الجانبين بحضور رؤساء
دوائر ومديرين مركزيين بوزارة الدفاع الوطني وأركان الجيش الوطني الشعبي، إلى جانب
أعضاء الوفد الروسي، وركز اللقاء على حالة تقدم التعاون العسكري والتقني بين
الجزائر وروسيا، إضافة إلى استعراض المسائل ذات الاهتمام المشترك بين الطرفين في
مجال الدفاع والاستعدادات العسكرية.
تعزيز التعاون العسكري والتقني
وتأتي هذه الزيارة في سياق تعميق
العلاقات
العسكرية بين الجزائر وروسيا، والتي شهدت خلال السنوات الأخيرة تعزيز القدرات
القتالية للجيش الوطني الشعبي، خاصة في مجالات التسليح والتدريب وتبادل الخبرات
التقنية. ويعد التعاون في مجال التسليح أحد الركائز الأساسية للعلاقات الثنائية،
حيث تستفيد الجزائر من خبرات روسيا في تطوير قدراتها العسكرية عبر برامج تدريبية
مشتركة وتحديث منظومات الأسلحة.
كما ناقش الطرفان المجالات التقنية الحديثة
المتعلقة بالدفاع، بما يشمل تحديث البنية التحتية للجيش، وتطوير معدات المراقبة
والاستطلاع، وتوطين بعض التقنيات العسكرية وفق الاحتياجات الاستراتيجية للجزائر.
أهمية اللقاء في ظل السياق الإقليمي والدولي
ويكتسب هذا اللقاء أهمية خاصة في ظل
التحديات الأمنية الإقليمية في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل، حيث تواجه الجزائر
وروسيا تهديدات متنوعة تشمل الإرهاب والجريمة المنظمة، ما يعزز الحاجة إلى تعاون
أمني وعسكري متقدم لمواجهة المخاطر المشتركة.
كما يندرج هذا اللقاء ضمن سياسة الجزائر في
تنويع شركائها العسكريين والاستفادة من خبرات الدول الصديقة، دون الدخول في محاور
إقليمية أو صراعات دولية، وهو ما تؤكده تصريحات المسؤولين الجزائريين بشأن
الاستقلالية في صنع القرار العسكري.
تعميق العلاقات الاستراتيجية بين الجزائر
وروسيا
وفي لندن رأى الخبير الأمني الجزائري كريم مولاي، أن اللقاء يعكس رغبة الجزائر وروسيا في توسيع آفاق
التعاون العسكري والتقني، بما يشمل صيانة الأسلحة الروسية، وتطوير الصناعات
الدفاعية المحلية، وتحسين قدرات الجيش الوطني الشعبي في مختلف القطاعات، بما
يتماشى مع التطورات التكنولوجية الحديثة.
كما يمثل هذا اللقاء، وفق مولاي في حديثه لـ
"عربي21"، إشارة واضحة لاستمرار
التنسيق العسكري بين البلدين على الرغم من الخلافات التي جرت حول دور جماعة الفاغنر المدعومة روسيا في مالي، وقبلها في موقف موسكو الرافض لعرض الجزائر على أوروبا أن تكون بديلا للنفط والغاز الروسيين بعد الحرب الروسية ـ الأوكرانية، ويعكس حرص الجزائر على تعزيز شراكاتها الاستراتيجية
بعيدًا عن أي ضغوط سياسية خارجية، في وقت يشهد فيه العالم تحولات جيوسياسية
متسارعة، خصوصًا في المجالات العسكرية والأمنية.
وأضاف مولاي: "النظام الجزائري يعيش حالة ارتباك حقيقي لا سيما بعد تصويت مجلس الأمن على قرار الحكم الذاتي للصحراء 2797 في 31 تشرين أول / أكتوبر الماضي، وهو يسعى لترميم علاقاته القديمة من خلال صفقات هذه المرة عسكرية لتحديث المنظومة الدفاعية وأغلبها من صنع روسي".
وأكد مولاي أن "هذا التوجه يمكن فهمه في إطار مراجعة من النظام الجزائري لسياساته الخارجية وإعادة التموضع إقليميا في مواجهة التطورات الأمنية والسياسية والعسكرية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة"، وفق تعبيره.