صحافة إسرائيلية

تقرير إسرائيلي يكشف إخفاقات القيادة السياسية والعسكرية خلال حرب غزة

أظهر التقرير أن جيش الاحتلال الإسرائيلي غير حجم قوة الدبابات دون أي توجيه- جيتي
أظهر التقرير السابع الذي أصدره مراقب الدولة في الاحتلال الإسرائيلي بشأن حرب غزة أن القيادة السياسية قصرت في أداء واجبها لضمان استعداد البلاد لمواجهة التحولات الأمنية المتسارعة، لافتا إلى غياب رؤية وطنية واضحة تقوم على مفهوم أمني منظم ومحدث.

ونقلت صحيفة "معاريف" عن مراقب الدولة متنياهو أنجلمان تحذيره، في تقرير رقابي شديد اللهجة حول إدارة الحرب، من غياب رؤية استراتيجية بعيدة المدى لدى القيادة السياسية، مؤكداً أن التقرير لا يُعد بديلاً عن تحقيق شامل يحدد مكامن الخلل والمسؤوليات عن أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وقال: "في مثل هذه الحالة، فإن قدرة المستوى السياسي على توجيه الجيش الإسرائيلي وبقية الأجهزة الأمنية برؤية استراتيجية طويلة المدى، وتحديها وممارسة الرقابة والإشراف عليها ناقصة وفي بعض الحالات غير موجودة"، موضحا أن "هدف التقرير هو إثارة قضايا تتعلق بالصلة بين مفهوم الأمن القومي وأحداث 7 أكتوبر".

وأشار مراقب الدولة إلى أن "رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي بادر إلى كتابة مفهوم للأمن القومي لدولة إسرائيل في الأعوام 2017-2018 وعمل على ترسيخه، لم يكمل ما بدأه ولم يقم بالموافقة على مفهوم رسمي للأمن القومي لدولة إسرائيل واتخاذ قرار ملزم بشأن حجر الزاوية لتطبيق هذا المفهوم - وهو تغيير في الأولويات الوطنية وتخصيص إضافات كبيرة للميزانية لتلبية الاحتياجات الأمنية على حساب احتياجات أخرى، هذا بالرغم من الأهمية والحاجة التي أقر بها بنفسه".

وأضاف أنجلمان: "بذلك، لم يمارس مسؤوليته في هذا الشأن وبقي مفهومه دون القدرة على تطبيقه بشكل صحيح ودون صلاحية ملزمة".

وأشار التقرير إلى أن رؤساء مجلس الأمن القومي، الذين تعاقبوا على مناصبهم منذ إقرار قانون المجلس عام 2008، لم يقدموا أي تصور محدث للأمن القومي لعرضه على الكابينت السياسي-الأمني، ما يعكس تقصيراً في أداء المجلس لدوره الأساسي في بلورة السياسات الأمنية للدولة.

وجاء في التقرير أن "إسرائيل تمر بواحدة من أصعب ساعاتها، وهي تخوض حربا تكلف تضحيات عديدة ولا تزال تنتظرها تحديات صعبة ومعقدة، الفجوات في استعداد وجاهزية دولة إسرائيل لمواجهة التحديات الأمنية غير المسبوقة التي تهدد سيادتها ومصالحها الوطنية وأمن سكانها ومواطنيها، والتي تجلت نتائجها المأساوية في 7 أكتوبر 2023، وتثير تساؤلات صعبة بشأن عمليات التفكير والتخطيط الاستراتيجي الطويل المدى لحكومة إسرائيل والكابينت السياسي-الأمني بقيادة رئيس الوزراء".

وأكد التقرير أن "الفشل مستمر وممتد لسنوات، حيث لم يمارس المستوى السياسي على مر الأجيال مسؤوليته في ضمان أن دولة إسرائيل مستعدة للتحديات الأمنية المتغيرة بناءً على مفهوم أمني وطني منظم ومحدّث وموافق عليه رسميا، وهكذا، فإن حكومات إسرائيل بقيادة رؤساء الوزراء على مر الأجيال، لم توافق مطلقًا على مفهوم رسمي للأمن القومي، خلافا لما هو متبع في الدول الغربية"، كما يعد هذا التقرير السابع الذي يصدر حول حرب "السيوف الحديدية" (حرب غزة).

وأشار مراقب الدولة إلى أن الجيش الإسرائيلي غيّر خلال سنوات نطاق حجم قوة مصفوفة الدبابات دون أي توجيه من المستوى السياسي، وبرؤية تفتقر إلى الأساس الاستراتيجي المنظم والموافق عليه رسميا.

وذكر التقرير أن "في عام 2020، نفذ الجيش الإسرائيلي بقيادة رئيس الأركان آنذاك الفريق أول احتياط أفيف كوخافي برنامجا لتحديد حجم مصفوفة الدبابات، دون أن يعرض وزير الدفاع آنذاك نفتالي بينيت البرنامج مسبقا على الكابينت السياسي-الأمني، لمراجعة الحاجة إليه، وهذا لم يكن متوافقا مع ملخص المناقشة مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من يناير 2020".

وحذر أنجلمان من أن إسرائيل، حتى تاريخ الانتهاء من التدقيق، لا تمتلك مفهوما أمنيا قوميا رسميا يتمتع بصلاحية ملزمة.

وأوضح أن "أحداث 7 أكتوبر وتأثيراتها المصيرية توجب مراجعة، من بين أمور أخرى، مفهوم الأمن القومي غير الرسمي الذي ترسخ في دولة إسرائيل، والتعامل السياسي مع مفهوم الأمن القومي لدولة إسرائيل، والحاجة إلى بلورة والموافقة على مفهوم أمن قومي منظم ورسمي".

ورأى معدو التقرير أن الهجوم المفاجئ الذي نفذته حركة "حماس" في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 مثل انهيارا متزامنا لثلاثة من الركائز الأساسية للأمن القومي الإسرائيلي، وهي الردع والإنذار والدفاع، وهي مبادئ تعد جوهر المفهوم الأمني غير الرسمي السائد في إسرائيل.

وأضاف التقرير أن المبدأ الرابع، المتمثل في "الحسم" والذي يشكل محور حرب "السيوف الحديدية"، لم تتضح نتائج تطبيقه بعد حتى انتهاء عملية التدقيق.

وخلص التقرير إلى أن الهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة "حماس" ضد إسرائيل نسف القناعة الراسخة لدى الجيش والقيادة السياسية، والتي جرى تداولها في اجتماعات الكابينت السياسي-الأمني قبل أشهر من الهجوم، كما روج لها في وسائل الإعلام خلال السنوات الماضية، ومفادها أن الحركة تردعها المخاوف من الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل.

وكشف التقرير أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أخفقت في إصدار أي تحذير مسبق عن الهجوم، ما جعل إسرائيل تتعرض له بشكل مفاجئ، رغم ما تمتلكه من تفوق عسكري وتقني وقدرات استخباراتية متطورة تعد من بين الأقوى في المنطقة.