على مدار عامين تقريبًا، ينضم المزيد من
الإسرائيليين مرارًا وتكرارًا لصفوف جيش
الاحتلال خلال أشهر طويلة من القتال في غزة ولبنان وسوريا والضفة الغربية، ورغم ما تقوم به قوات الاحتياط من جهود لتطويرها بشكل مكثف، لكن النتيجة أنها تتآكل بوتيرة مقلقة، وفق الاعترافات الإسرائيلية.
وقال ضابط الاحتياط السابق الباحث الأول في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، الجنرال أريئيل هايمان، أن "
جيش الاحتياط هو أحد عوامل قوة إسرائيل، لأنه جيش نظامي صغير نسبيًا يتحول فجأة لجيش كبير، وهو ما كان عليه في حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973، وتكرر الأمر نفسه في حرب غزة 2023، لكن منذ تلك التعبئة الطارئة للقوة بأكملها، حدث الكثير من التطورات السلبية، ومنها شعور جنود الاحتياط بالإرهاق وعائلاتهم، مما يُهدد منظومة الاحتياط بأكملها، وبالتالي الأمن القومي للاحتلال، فيما يدرك الجيش النظامي والمجتمع بأسره هذه الصعوبة".
وأضاف هايمان في مقال نشرته صحيفة "
يديعوت أحرونوت"، وترجمته "عربي21" أن "الحلول المُقدمة لحل مشاكل جيش الاحتياط اقتصرت حتى الآن في معظمها على المزايا المالية والتعديلات التشريعية والتعويضات الجزئية لأصحاب العمل، دون حل المشكلة الرئيسية، سواء تقصير أيام الخدمة العسكرية، أو وقف الاستنزاف، أو توفير الأمان لعائلات جنود الاحتياط التي تعيش شهورًا في قلق وضغط نفسي كبير في المنزل، ونقص في المعرفة، واختلال وظيفي".
وأشار إلى أن "المساعدة المالية المقدمة لجنود الاحتياط مهمة، لأن المنح والمزايا تُساعدهم حقًا، لكن هناك حدًا لقدرتهم على التعامل مع الاستنزاف البشري والنظامي بالمال، كما أن الشعور بالرسالة القومية، وهو عنصر دعم نظام الاحتياط في الماضي، وفي بداية الحرب، آخذ في التآكل، وعندما تستمر المهمات لأشهر دون هدف واضح، وعندما تكون هناك فجوة واضحة بين ما يقوله المستوى العسكري وما يقرره المستوى السياسي، يصعب توقع استمرار جنود الاحتياط في تحمل العبء بنفس الالتزام".
وأكد أن "المشكلة أعمق مما نراه ظاهريًا، حيث يتصرف مخطط العمليات في الجيش كما لو أن قدرته على استدعاء جنود الاحتياط لا حدود لها، لكن استمراره في استخدامهم كمورد غير محدود، قد يُسرّع بمجيء اللحظة التي لن تعود بعدها قوة الاحتياط لما كانت عليه، وما هي عليه اليوم، لأنه من المهم تذكّر أن تآكل قوة الاحتياط هو تآكل للأمن القومي لدولة الاحتلال برمّتها".
وأوضح أن "هناك أمور يجب فعلها أهمها أن على الجيش التعامل مع قوة الاحتياط كموردٍ محدود، فكما لا يُمكن الشروع في عمليةٍ دون ذخيرةٍ كافية، لا يُمكن الشروع في عمليةٍ طويلة الأمد دون ضمان قدرة قوة الاحتياط على تحمّل العبء، وكما لا يُمكن القول "دعونا نأمل أن يكون الأمر على ما يرام" عندما يتعلق الأمر بالذخيرة، ينطبق الأمر نفسه على نشر قوة الاحتياط".
وأضاف أن "الأمر الثاني الذي لا يقل أهمية هو زيادة الميزانية، فإضافة المزيد من الجنود للانضمام لجيش الاحتياط من شأنه تخفيف العبء الهائل عليهم، وهنا يدور الحديث عن المصدر الرئيسي لتجنيد المزيد من الجنود في المجتمع الحريدي، لهذا السبب، يشعر جنود الاحتياط بالغضب الشديد إزاء تشريع الإعفاء من التجنيد، أو التجنيد في المدارس الدينية، وهنا تظهر الفجوة هائلة بين من يُستدعون مرارًا وتكرارًا لمئات الأيام من خدمة الاحتياط، ومن يتمتعون بإعفاء شامل".
وختم بالقول إن "هذه المؤشرات تعتبر من الأسباب الرئيسية لاستنزاف الموارد، وبالتالي تتزعزع الأسس الوطنية والقومية للالتحاق بالجيش، وهنا لن تُجدي أي مليارات أو منح مالية نفعًا، لأنه إذا لم يتم تقليص نطاق أيام الاحتياط، وتوسيع قاعدة المنخرطين في الخدمة العسكرية، فسيجد الإسرائيليون أنفسهم يُواجهون انهيارًا لموارد بالغة الأهمية لأمنهم القومي".