صحافة دولية

من الدبلوماسية إلى الملاعب.. كيف تعاني "إسرائيل" من العزلة الدولية؟

سفير إسرائيل السابق في جنوب أفريقيا أكد أن المقاطعة الرمزية لها أثر أكبر من الأرقام - جيتي
تزداد عزلة الاحتلال الإسرائيلي على الساحة الدولية مع استمرار الحرب والأزمة الإنسانية في غزة، حيث امتد التأثير السلبي ليشمل المجالات الاقتصادية والثقافية والرياضية.

وبحسب شبكة الـ"سي إن إن " فأن الانتقادات الدولية تصاعدت منذ إعلان الاحتلال الإسرائيلي عن عملية برية في مدينة غزة، مع غارة غير مسبوقة استهدفت قيادة حركة حماس في الأراضي القطرية، فيما خلصت لجنة تحقيق مستقلة تابعة للأمم المتحدة لأول مرة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة، وأكدت الحكومة الإسرائيلية رفضها الكامل لهذه النتائج، مؤكدة أن عملياتها تندرج ضمن حق الدفاع عن النفس.

وأشار التقرير إلى أن الاتحاد الأوروبي، الشريك التجاري الرئيسي للاحتلال الإسرائيلي، اقترح الأسبوع الماضي فرض عقوبات قد تؤدي إلى تعليق اتفاقية التجارة الحرة، شريطة موافقة الدول الأعضاء، بينما فرضت دول غربية عدة عقوبات مستهدفة على بعض الأفراد والمستوطنات والمنظمات الداعمة للعنف في الضفة الغربية المحتلة.

وأكدت المصادر لشبكة الـ"سي إن إن" أن الاحتجاج العالمي يؤثر سلبا على الاقتصاد الإسرائيلي من عدة جوانب، مشيرة إلى إعلان صندوق الثروة السيادية النرويجي في آب / أغسطس استثماره في إسرائيل، معتبرا تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة سببا لذلك.

وأشار التقرير إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يواجه حظر تصدير أسلحة جزئي أو كامل من فرنسا وإيطاليا وهولندا وإسبانيا والمملكة المتحدة ودول أخرى، بسبب موقفها في غزة، بينما اعترف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في وقت سابق من هذا الشهر بأن إسرائيل تواجه "نوعًا من العزلة" قد يستمر سنوات، مشددًا على ضرورة الاعتماد على الذات في تطوير صناعة الأسلحة وتعزيز الاقتصاد، لكنه عاد وأوضح أن تصريحاته كانت تتعلق فقط بصناعة الدفاع.

وبحسب الشبكة، تأثرت إسرائيل أيضًا في مجال الفنون والثقافة مع تصاعد الحرب، حيث أعلنت هيئات الإذاعة في دول أوروبية منها أيرلندا وهولندا وإسبانيا أنها ستقاطع مسابقة الأغاني الأوروبية إذا شاركت إسرائيل في 2026، فيما أشار تلفزيون RTE الأيرلندي إلى أن المشاركة الأيرلندية ستكون "غير أخلاقية بالنظر إلى الخسائر البشرية المروعة في غزة".

وأوضح الاتحاد الأوروبي للإذاعة أن الدول الأعضاء ستصوت في تشرين الثاني / نوفمبر على الدول المشاركة، مؤكدة أن إسرائيل شاركت في المسابقة منذ عام 1973.

وأكد التقرير أن مهرجان موسيقي في مدينة غنت البلجيكية ألغى مؤخرًا حفلاً كان سيقدمه أوركسترا ميونخ الفلهارمونيكي بقيادة الملحن الإسرائيلي لاهاف شاني، مشيرًا إلى أن المهرجان أوضح أن شاني "أبدى دعمه للسلام والمصالحة في مناسبات عديدة، لكننا لا نملك معلومات كافية حول موقفه من النظام الإسرائيلي الذي يمارس الإبادة الجماعية".

وبحسب الشبكة، صرح وزير الثقافة الإسرائيلي بأن حرب غزة تندرج ضمن حق الدفاع عن النفس وفق القانون الدولي، مؤكداً رفضه لجميع اتهامات الإبادة الجماعية. وأضاف التقرير أن وزير الثقافة الإسرائيلي هدد بمنع تمويل "جوائز الأوسكار الإسرائيلية" بعد فوز فيلم عن طفل فلسطيني، فيما وقع آلاف صناع الأفلام على تعهد بعدم التعاون مع المؤسسات السينمائية الإسرائيلية المتورطة في ما وصفوه بـ "الإبادة الجماعية ونظام الفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني"، من بينهم أوليفيا كولمان وإيما ستون وأندرو غارفيلد وهانا إينبايندر.

وأفادت الشبكة أن الرياضة لم تسلم من هذا التأثير، حيث تم إلغاء المرحلة النهائية من سباق الدراجات الإسباني "لا فولتا" بعد مظاهرات حاشدة مؤيدة للفلسطينيين، وأبلغ منظمو بطولة شطرنج اللاعبين الإسرائيليين بعدم المشاركة تحت علم بلادهم، مما دفعهم للانسحاب، وفقًا لوكالة رويترز.

وأكد التقرير أن وسائل الإعلام الإسرائيلية أعربت عن مخاوفها من إمكانية إيقاف إسرائيل عن المشاركة في بطولات كرة القدم الأوروبية، مشيرًا إلى انتقادات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بعد عرض لافتة في ملعب نهائي كأس السوبر كتب عليها "أوقفوا قتل الأطفال، أوقفوا قتل المدنيين"، وأفادت الشبكة أن وزير الثقافة والرياضة الإسرائيلي ميكي زوهار قال إن المسؤولين الإسرائيليين عملوا "بشكل مكثف في الخفاء لمنع مبادرة إيقاف إسرائيل عن المشاركة في بطولات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم".

وأشار التقرير إلى أن الضغط الاقتصادي والثقافي على إسرائيل قارن بالضغط الذي واجهته جنوب أفريقيا في فترة نظام الفصل العنصري، حيث واجهت حملة مقاطعة واسعة أدت إلى عزلة دولية تدريجية، مع سحب المنتجات ورفض الموسيقيين المشاركة واستبعاد البلاد من البطولات الدولية.

وأفاد السفير الإسرائيلي السابق لدى جنوب أفريقيا إيلان باروخ، للشبكة، بأن "المقاطعة الرمزية لها أثر أكبر من الأرقام والإحصاءات"، مشيرًا إلى أن ربط الضغط السياسي بالثقافة والرياضة سيؤثر على إسرائيل كما حدث مع جنوب أفريقيا.

وأضاف أن مجموعة العمل التي يرأسها تضم أكاديميين وإعلاميين ودبلوماسيين سابقين، ويناصرون الاعتراف بدولة فلسطين وحل الدولتين، مؤكداً ضرورة ممارسة ضغوط حازمة على إسرائيل لمنعها من الاحتفاظ بامتيازاتها التجارية مع الاتحاد الأوروبي في ظل انتهاك حقوق الإنسان الفلسطينية.

وأفادت المصادر أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ألقى خطابًا في قمة الجمعية العامة للأمم المتحدة حول حل الدولتين، مشيرًا إلى تقدم فرنسا في الاعتراف بدولة فلسطين وسط غضب من سلوك إسرائيل في حرب غزة، مؤكداً أن الأمر لا يتعلق فقط بالعلاقات التجارية، بل بالوضع المتميز لإسرائيل الذي أصبح مهددا.

وأكد التقرير أن الحكومة الإسرائيلية تواجه معارضة داخلية واسعة، مع احتجاجات منتظمة ضد الحرب ومطالب بوقف إطلاق النار لإطلاق الأسرى لدى حركة حماس مشيرًا إلى أن حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) التي يقودها فلسطينيون، حظيت باهتمام ودعم أكبر منذ بدء الحرب في غزة.

ولفت التقرير إلى ان انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع أدى إلى مزيد من عزلة إسرائيل دوليًا، مع اعتراف العديد من الدول الغربية بدولة فلسطين قبل انعقاد الجمعية، بما في ذلك كندا وفرنسا والمملكة المتحدة.

وأشارت دراسة أجراها روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط، إلى تراجع دعم بعض الدول التقليدية لإسرائيل، موضحًا أن عدد الدول التي تمتنع عن التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن قضايا إسرائيل يقل، وهو ما ينظر إليه على أنه دعم سلبي لإسرائيل.

وأكد ساتلوف أن بعض الدول التي صوتت ضد إسرائيل لديها علاقات سرية وثيقة مع إسرائيل، وتعتبر شريكًا استراتيجيًا، محذرًا من أن الدول التي كانت تدعم إسرائيل بقوة بدأت تتخذ موقفًا معاكسًا مع مرور الوقت.