قالت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر إن المجتمع الدولي توصل أخيرا إلى قناعة بضرورة وقف الحرب، وذلك بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن هناك صفقة "في متناول اليد".
وفي تصريحات خاصة لصحيفة الغارديان، نقلتها الصحفية بيبا كريرار، أوضحت كوبر أن العالم بات "على وشك تأمين اتفاقية سلام تنهي نزاعاً استمر لعامين وأزمة إنسانية أودت بحياة عشرات الآلاف من
الفلسطينيين".
وأضافت وزيرة الخارجية الجديدة، التي عادت لتوها من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن قادة المجتمع الدولي "وصلوا إلى لحظة يريد فيها العالم إنهاء هذه الحرب".
وفي مقابلة مع الغارديان قبل مؤتمر حزب العمال في ليفربول، دعت كوبر الحكومة
الإسرائيلية إلى "تغيير مسارها بشكل عاجل" بعيداً عن هجومها العسكري المتجدد على
غزة. في المقابل، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو في خطابه أمام الأمم المتحدة إن بلاده "يجب أن تنهي المهمة" في غزة.
ورغم ذلك، رفضت السياسية العمالية البارزة الاستنتاج بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في القطاع، على الرغم من الضغوط داخل حزبها لدفع الحكومة لاعتماد هذا الموقف، مؤكدة مجدداً أن "الأمر من اختصاص المحاكم لا الحكومات".
وأقرت كوبر بأن "الكلمات تبدو جوفاء" في ظل الوضع الكارثي على الأرض، مؤكدة أن الأولوية يجب أن تكون استغلال الزخم الجديد وراء اتفاق سلام يضع حداً لـ"صرخات ومعاناة الأطفال الفلسطينيين".
وأشارت الصحيفة إلى أن كوبر تُعتبر من بين الوزراء الذين حثوا زعيم حزب العمال كير ستارمر بشكل غير معلن على الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وقالت كوبر إنها، رغم تفهمها لحجم الرعب الذي يشعر به كثيرون إزاء الوضع الإنساني، ترى أن واجبها يتمثل في التركيز على إنهاء الحرب.
ووفقا لتقرير الغارديان، فإن البيت الأبيض يدعم على ما يبدو خطة تؤدي إلى تعيين رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير رئيساً لإدارة انتقالية في غزة، إلا أن كوبر لم تجب عن سؤال وُجه إليها مرتين بشأن ما إذا كان بلير هو الشخص المناسب لقيادة هذه السلطة الانتقالية.
ولفت التقرير إلى أن بلير يتمتع بعلاقات جيدة مع دول الخليج بحكم عمله السابق مبعوثاً للجنة الرباعية إلى الشرق الأوسط، كما يحظى بروابط مع البيت الأبيض من خلال جاريد كوشنر، صهر ترامب والمهندس الرئيسي للخطة، لكنه في المقابل لا يزال شخصية مثيرة للجدل في المنطقة بسبب دوره في حرب العراق عام 2003.
وأضافت أن "بداية العملية" هي وقف إطلاق
النار وإعادة المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح جميع الأسرى. ومع ذلك، أقرت بأن العملية
هشة وأن هناك العديد من العقبات التي تنتظرها.
وأضافت: " لا يمكننا التظاهر بأن هذا
ليس صعبا للغاية، كما أن استمرار الأزمة يجعل الأمر صعبا. لكن لا شك أن هناك عزما
حقيقيا وحماس للسعي وإنهاء الحرب، والسعي ليس فقط إلى وقف إطلاق نار فوري، بل إلى خطة
مستقبلية مناسبة".
وقبل أيام قليلة من استضافة نتنياهو في واشنطن، قال
ترامب للصحافيين يوم الجمعة بأنه "يبدو أن لدينا اتفاقا بشأن غزة". وأقرت
كوبر بأن الرئيس الأمريكي سيلعب دورا محوريا في إشراك إسرائيل في هذه العملية.
ويقول دبلوماسيون
إن خطة البيت الأبيض للسلام، المكونة من 21 نقطة، متوافقة مع الخطة الخاصة بفلسطين
التي أقرتها الأمم المتحدة الأسبوع الماضي، والتي تتضمن اتفاقا على عدم نزوح جماعي
من غزة، وعدم وجود دور لحماس، وعدم ضم الضفة الغربية.
لكن من المفهوم أن المطلعين في وزارة الخارجية يشعرون
بالقلق إزاء جوانب من خطة ترامب، بما في ذلك الدور الذي قد يلعبه بلير. وقالت كوبر: "كان توني بلير أحد الأشخاص الذين
أضافوا مقترحات إلى هذه العملية، وكان ذلك مهما للغاية، ولكن كانت هناك أيضا العديد
من العمليات الأخرى". "لا يزال هناك قدر هائل من العمل الذي يتعين القيام
به. في هذه المرحلة، هناك شعور ببناء توافق في الآراء، ولكن علينا الحفاظ على ذلك على
المسار الصحيح".
وكان محمود عباس، الرئيس الفلسطيني، آخر زعيم التقت به كوبر قبل انتقالها من منصب وزيرة خارجية حكومة الظل عام 2011، وأول زعيم التقت
به عندما أصبحت وزيرة خارجية
بريطانيا في وقت سابق من هذا الشهر. ولم تلتق بنتنياهو بعد،رغم أنها كانت في نيويورك
عندما أدلى بتصريحاته في الأمم المتحدة.
وقالت كوبر: "لا يوجد حل عسكري فعال لهذه المسألة،
ولا سبيل لتعزيز أمن إسرائيل ولو عن بعد من خلال هذا الهجوم الإضافي على مدينة غزة". وأضافت:"من أجل أمن الإسرائيليين، وكذلك أمن
الفلسطينيين، وكذلك التعامل مع هذه الأزمة الإنسانية المدمرة، أعتقد أن الحكومة الإسرائيلية
بحاجة ماسة إلى تغيير مسارها".
وتجري
وزارة الخارجية البريطانية تقييمات داخلية منتظمة حول ما إذا كان هناك خطر جدي من ارتكاب
إسرائيل إبادة جماعية في غزة، لكنها صرحت في وقت سابق من هذا الشهر أنها لم تتوصل إلى
استنتاج نهائي بأن هذا هو الوضع الراهن. وقالت: "في كل مرة نتحدث فيها عن أزمة
إنسانية أو أيا كانت الكلمات التي نستخدمها، نشعر أنها فارغة، لأن جوهر الأمر هو صراخ
وألم طفل صغير، وهذا هو جوهر كل هذا، وهذا ما يجب أن ينتهي. يجب وضع حد للحرب".
وأضافت: "أعتقد أن سبب هذا الشعور بالضيق هو أن الجميع يرى هول ما حدث، وأن الشعور
بأن لا شيء يفعل. يبدو وكأن لا شيء يتغير. يبدو أن كل شيء يزداد سوءا" و
"التحدي الذي يواجهنا الآن هو أن هناك لحظة حاسمة، وعلينا أن نضمن تحويل هذه اللحظة،
من خلال العمل الدولي، إلى عملية سلام."