يَظهر
عمل ونشاط وذكاء الحكومات الرصينة في كيفيّة إدارتها للملفّات الداخليّة والخارجيّة
بحكمة وشفّافيّة ومقدرة على العمل في أصعب الظروف الدوليّة والإقليميّة والداخليّة
وأعقدها!
وقد
أهمل أغلب الإعلام المحلّيّ والأجنبيّ غالبيّة الملفّات الخارجيّة العراقيّة منذ
العام 2003 وحتّى اللحظة، وسلّط الضوء على الملفّات الداخليّة، الأمنيّة والسياسيّة
والانتخابيّة والنفطيّة والماليّة والمناحرات الاجتماعيّة التي لها أوّل وليس لها
آخر!
ونحاول
هنا تسليط الضوء على بعض الملفّات الخارجيّة العراقيّة، ومنها ملفّ الأموال المهرّبة
والمتناثرة ولا أقول المسروقة، لأنّ ملفّ السرقات ملفّ ضخم وغامض والتقديرات فيه
غير دقيقة على الإطلاق!
أهمل أغلب الإعلام المحلّيّ والأجنبيّ غالبيّة الملفّات الخارجيّة العراقيّة منذ العام 2003 وحتّى اللحظة، وسلّط الضوء على الملفّات الداخليّة، الأمنيّة والسياسيّة والانتخابيّة والنفطيّة والماليّة والمناحرات الاجتماعيّة
وسبق
لهيئة النزاهة الاتحاديّة العراقيّة أن كشفت (10 أيّار/ مايو 2025) أنّ
العراق نجح
في استرداد أكثر من نصف مليار دولار من الأموال المهرَّبة خلال العام 2024! وعند
التدقيق في المبلغ المستردّ نجد أنّ أضعاف أضعافه طُمرت في الخارج بمشاريع وهميّة،
وعمليات تبييض الأموال في دول أخرى!
وبخصوص
حجم تلك الأموال المهرَّبة فهي تقريبيّة، ولا توجد أيّ أرقام دقيقة بالموضوع،
وهنالك مَن يُقدّرها ما بين 350 إلى 500 مليار دولار. وتُقدّر اللجنة الاقتصاديّة
النيابيّة العراقيّة الأموال المهرَّبة خارج البلاد بنحو 500 مليار دولار أمريكيّ!
فمَن سيستردّها؟ وهل يتمتّع العراق بعلاقات ومكانة دوليّة تؤهّله لاسترجاع هذه
الأموال لأنّها جزء من الثروة الوطنيّة المنهوبة؟
والملفّ
الثاني يتعلّق بالترشيحات لمناصب سفراء العراق حول العالم، وهذا الملفّ بحاجة إلى
إعادة تقييم ودراسة شاملة كونه من الملفّات الممثّلة للعراق حول العالم، وعليه
العديد من الملاحظات! وهذا الملفّ منذ العام 2003 وحتّى اليوم، كما هو الحال في
جميع الملفّات، داخل ضمن المحاصصة السياسيّة، الشيعيّة والسنّيّة والكرديّة والأقلّيات!
وفي
السابع من أيلول/ سبتمبر 2025 صادقت رئاسة الجمهوريّة العراقيّة على تعيين الدفعة
الأولى من السفراء الجدد، والبالغ عددهم 86 سفيرا، وذلك بعد أيّام من التصويت
عليهم داخل البرلمان.
وغالبيّة
المرشّحين يفتقرون للمؤهّلات الكافية لترشيحهم لهذه المناصب الدقيقة، فضلا عن
افتقارهم للخبرات السياسيّة والدبلوماسيّة، وبالمحصّلة كانت ترشيحاتهم قائمة على
العلاقات الحزبيّة والولائيّة والعائليّة وغيرها من الروابط البعيدة عن المؤهّلات
الرصينة الواجب توفّرها لهذه المناصب المثاليّة والدوليّة!
وقبل
أيّام تابعت تصريحا لسفير عراقيّ، وقد ظهر الرجل بدرجة هزيلة من الإمكانيّات التعبيريّة،
وكأنّه طالب مرحلة ابتدائيّة يتلعثم بكلامه! فكيف رُشِّح، ومَنْ رَشَّحه؟
وهكذا
الحال مع غالبيّة المرشّحين الذين دخلوا عنوة لعالم الدبلوماسيّة، وحصدوا هذه
المناصب التي تُعدّ الواجهة الخارجيّة للدولة والمظلة والخيمة الراعية للمغتربين وعوائلهم
في أرجاء الأرض!
وبخصوص هذا الملفّ ينبغي التذكير بأوضاع الجاليات العراقيّة
حول العالم، وتجاهل السفارات لظروفهم القانونيّة المتعلّقة بالإقامات ومجمل
أوضاعهم الحياتيّة والاجتماعيّة، وانقطاع تواصلها التامّ مع المهجّرين!
ومن الملفّات الخطيرة كذلك ملفّ مشاركة مليشيات عراقيّة للقتال
مع نظام بشار الأسد، وقد قُتِل منهم المئات. وبداية كانون الأوّل/ ديسمبر 2024 كشف
مصدران سوريّان أنّ "فصائل شيعيّة موالية لإيران دخلت من العراق لمساعدة القوّات
السوريّة بالقتال"، وبعد سقوط النظام عادت تلك المجاميع للعراق!
ومن القضايا الشائكة القائمة ملفّ ذهاب شباب العراق للقتال
مع الجيش الروسيّ في الحرب مع أوكرانيا. وقد أقرّت لجنة العلاقات الخارجيّة
البرلمانيّة العراقيّة بوجود "عراقيّين يقاتلون في روسيا، ولا أحد يعرف
أعدادهم الحقيقية"!
وهنالك
عصابات داخل العراق وخارجه تُنسّق مع الشباب "الفقراء" وتوصلهم لروسيا
عبر التأشيرات السياحيّة والدراسيّة، أو بتهريبهم عبر
بيلاروسيا، وأرمينيا
وكازاخستان!
وهنالك العديد من الدوافع لبعض شباب العراق للقتال في
روسيا، ومنها الفقر،
والبحث عن حياة أفضل، والرواتب الضخمة التي لا تقلّ
عن 2000 دولار شهريّا، والوعود بالجنسيّة الروسيّة والتأمين الصحّيّ
لهم ولعائلاتهم!
عشرات الملفّات الخارجيّة المهملة التي تحاول الحكومات والبرلمانات المتعاقبة التغليس عليها، ومنها ملفّ المعارضة، والأوضاع الحياتيّة والاجتماعيّة والدراسيّة والصحّيّة للمغتربين في دول الجوار!
وبحسب
تقرير نشره موقع "MIDDLE EAST
UNCOVERED" في الخامس من أيلول/ سبتمبر 2025، فإن عباس
وتوت هو أوّل عراقيّ يُقتل في الحرب عام 2023، وكان سجينا في روسيا، وعُقِدَت معه
صفقة للقتال، وبعد ستّة أشهر سيُطلق سراحه، ولكنّه قُتِل خلال تلك الفترة.
ويقول مقاتل عراقيّ في روسيا: "مَن يَصعد
"للقتال" يعود جريحا، ومَنْ لا يعود فهو ميت"! ويختم التقرير بالقول: "دخل العراق حرب أوكرانيا عبر
الاتّجار بالبشر. يُباع الشباب العراقيّ لآلة الحرب لأنّ قادتهم في الداخل تخلوا
عنهم"! ولا أحد يعرف كم قُتِل من شباب العراق في روسيا؟
وآخر الملفّات "المتشابكة" ملفّ إطلاق سراح إليزابيث
تسوركوف، الباحثة الإسرائيليّة الروسيّة، يوم 9 أيلول/ سبتمبر 2025،
بعد عامين من اختطافها على يَد مليشيا حزب الله العراقيّ، دون تطرّق إعلان حكومة
بغداد لآليّات إطلاق سراحها، ويقال بأنّ المليشيا الخاطفة حصلت على مليار ونصف المليار
دولار من حكومة بغداد!
وهنالك كذلك عشرات الملفّات الخارجيّة المهملة التي تحاول
الحكومات والبرلمانات المتعاقبة التغليس عليها، ومنها ملفّ المعارضة، والأوضاع
الحياتيّة والاجتماعيّة والدراسيّة والصحّيّة للمغتربين في دول الجوار!
وهكذا فإنّ الحكومات الرصينة هي التي تُحافظ على سمعتها
داخل الوطن وخارجه، وتُدير البلاد بحكمة وشفّافيّة وترفض المساومات والتمييز بين
المواطنين! فمتى سيكون في العراق مثل هذه الحكومات الراقية والأصيلة؟
x.com/dr_jasemj67