على مدار أسبوع مضى، لم يكن للمصريين
المهتمين بالشأن العام، من حديث على السوشيال ميديا، ووسائل التواصل الاجتماعي،
إلا عن موضوع علاقة المملكة العربية
السعودية بالإخوان المسلمين، والمعارضة
المصرية، فمن شائعة لقاء بين الإخوان ومسؤولين سعوديين في القنصلية السعودية في
اسطنبول، لتصريحات منشورة في جريدة الشرق الأوسط السعودية، على لسان قيادي إخواني
هو الدكتور محمد عماد، والمعارض المعروف الدكتور أيمن نور، تتحدث التصريحات
المنسوبة إليهما، عن العلاقة بالسلطة المصرية، والاستعداد للمصالحة معها.
الحديث عن المصالحة مع النظام، أو الحوار معه، أو أي سياق في هذا الإطار، هو حديث بات باهتا، ولم يعد يدل سوى على سذاجة في الطرح، أو تعجل خطوة لم يقم بها النظام، فحتى الآن لا يوجد تفكير جاد، أو خطوة ولو شكلية من النظام نحو التصالح، سواء مع الإخوان أو المعارضة، وكل حديث عن مصالحة هو محض خيال في عقل وفكر من يتحدث، ولا يوجد له أي أساس في الواقع.
ورغم صدور بيان عن الإخوان بنفي لقائهم بأي
مسؤولين سعوديين، ونفي محمد عماد ما ورد في التصريح، وبأنه تم تحريفه، ولم يذكر ما
تم تحريفه تفصيلا في المنشور على لسانه، ولم يصدر عن أيمن نور، تأكيد أو نفي لما
نشر على لسانه، إلا أن جمهور المعارضة والإسلاميين هاجم ما صرح به نور وعماد، حيث
ما نشر كان يمثل سقفا واطئا في النظرة للسلطة.
وراح بعض المعارضين يحلق في أجواء من
الخيال، بأن نشر تصريحات لمعارضين بعد هجوم على الإخوان استمر 13 عاما لم يكن
للشرق الأوسط أي مساحة للحديث الحسن عن الإخوان أو المعارضة، فاعتبروا ذلك مؤشرا
مهما، وتغيرا ملموسا، لكن الأمر لم يستمر طويلا، فتم حذف كلام نور وعماد، وكانت
الشرق الأوسط قد نشرت في اليوم التالي لتصريحاتهما تصريحات مضادة لمؤيدين للسيسي،
يهاجمون فكرة المصالحة، وما طرحاه، وبعبارات شديدة اللهجة، فحذفت الشرق الأوسط
كلام نور وعماد، وأبقت على كلام أتباع السيسي المهاجم لنور والإخوان.
الحديث عن المصالحة مع النظام، أو الحوار
معه، أو أي سياق في هذا الإطار، هو حديث بات باهتا، ولم يعد يدل سوى على سذاجة في
الطرح، أو تعجل خطوة لم يقم بها النظام، فحتى الآن لا يوجد تفكير جاد، أو خطوة ولو
شكلية من النظام نحو التصالح، سواء مع الإخوان أو المعارضة، وكل حديث عن مصالحة هو
محض خيال في عقل وفكر من يتحدث، ولا يوجد له أي أساس في الواقع.
ولعل الحالة الوحيدة التي كانت تمثل فعلا
حقيقيا، في إطار إخراج معتقلين، كانت منذ عام ونصف، حين تم الاقتراح من الإمارات
على السيسي تنفيسا للضغط الشديد، وحرصا منها على مصالحها في مصر، تم اقتراح إنشاء
حزب سياسي جديد، وخروج خمسة آلاف معتقل، من الشخصيات غير المعروفة، وتشجعت
المخابرات المصرية لذلك، وعرضت الفكرة على السيسي ورحب بها، لكن الجهة الوحيدة
التي أجابت إجابة جعلته يتوجس من الخطوة، وهو: الأمن الوطني، أمن الدولة سابقا،
لأن المسألة باتت بالنسبة له ثأر تاريخي، وعداوة أزلية مع المعارضة، وثوار يناير،
فتراجع السيسي عن هذه الخطوة، وتمت الموافقة على الحزب، والذي أنشئ بالفعل.
الجديد هذه المرة، هو إقحام اسم السعودية في
الموضوع، وهو أمر مستبعد، وغير حقيقي، بل كذب صراح، ليس لأن السعودية لا يمكن أن
تقوم بدور يتعلق بالإخوان، لكن ما لا يفهمه كثيرون من المعارضة المصرية، والذين
يظنون أن مثل هذه الأمور تعني أن السيسي والدول الداعمة له بينهم تماهي في
المواقف، وتوافق تام، هو أمر غير صحيح، بل السيسي نفسه في التعامل مع ملف الإخوان
يفرق بين إخوان مصر، وإخوان فلسطين، كحماس مثلا، فرغم إعلانها أنها منقطعة الصلة
تنظيميا، لكنها مصنفة لديهم أنها إخوان فكرا، ومع ذلك يتعامل معها بشكل آخر.
الأمر نفسه في السعودية، فرغم أنها ليست على
وئام مع إخوان مصر، لكن تعاملها مع ملف الإخوان يعتبر من أخف الدول الخليجية
تشددا، وأحيانا يمر بمراحل احتقان، ومراحل تهدئة، سواء مع إخوان مصر، أو إخوان
الأقطار الأخرى المقيمين في السعودية.
ليست هناك جهة أدبية، تحاسب السياسي أو الإعلامي أو الشيخ، الذي يسعى وراء التريند، على حساب المصلحة العامة، وهو سلوك مراهق، يضيع الفرص الحقيقية، ويضع المعارضة في حالة من الحرج والمذلة والمهانة، ويزيد من معاناة أصحاب المظالم في السجون، وفي المنافي، وهي حالة تحتاج للمراجعة الجادة من القوى السياسية المعارضة، لوضع حد لهذه الظاهرة، وهذا السلوك الضار.
وكذلك السيسي مع الإمارات والسعودية، وهما
من أكبر الدول الداعمة له، لكن الوئام السياسي والتوافق ليس صحيحا أنه مائة في
المائة في كل المواقف، فالإمارات مختلفة تماما مع السيسي في التعامل السياسي في
السودان، وليبيا، وأثيوبيا وسد النهضة، فرغم الاتفاق على الموقف السياسي من
الإخوان، حيث إن الإمارات في عدائها للإخوان تنطلق من موقف أيديولوجي، وهو ما
نلاحظه في ضغوطها على سوريا في ملف الإخوان، والضغط على عدم إعطاء أي مساحة
للإخوان، ورهن الدعم بعدم تمكينهم في أي مساحة في تجربة سوريا ما بعد بشار.
هذه النقطة مهمة في فهم علاقة السيسي
بداعميه، وهو ما يخطئ في قراءته كثيرون من المعارضة المصرية، فهم يصورون أي هجوم
من الذباب الإلكتروني السعودي والمصري أنه اقتراب سقوط له، وأن التخلي الإقليمي
عنه أصبح أمرا باتا، وأنه يمكن أن يغير الداعم الإقليمي موقفه، وينتقل لمربع
المعارضة، وهذا هو الوهم بعينه، فالسعودية في علاقتها بالإخوان مبنية على مصلحة
المملكة، وهو ملف لا يملك السيسي أن يمنعها منه لو صحت لها مصلحة مع الإخوان في
قطر من الأقطار، فضلا عن الإخوان المصريين، وهو ما نراه في دول أخرى تحسنت علاقة
السيسي بها بعد قطيعة شديدة، كتركيا وقطر مثلا.
آفة ما أعلنته منصات لشخصيات محسوبة على
المعارضة، أنها لا تتعدى مساحة ركوب التريند، أو صناعة تريند، بهدف المشاهدات، أو
لفت الانتباه للشخصيات، ولو باختلاق أحداث ليس لها أساس، ولأن أصحاب هذه المنصات،
يعلمون أنه لا توجد مساحة للحساب على ما يقومون به، سواء حساب قانوني أو معنوي،
بأن يعاقبه الجمهور بالانصراف عنه، أو أن تقوم المعارضة بتفعيل ما كان ينتشر من
فترة تحت هاشتاج: مروج مخدرات، وهو ما كان يطلق على أي صاحب منصة، ينشر الخرافات
أو الأكاذيب، بغية المشاهدات، ودغدغة المشاعر، وهو ما جرأ كثيرين على إطلاق منصات وقنوات،
تقذف ليل نهار بأضاليل وأكاذيب، تضر بالمعارضة، ولا تفيدها في شيء، وتصرف جهودها
في مجالات وميادين لا طائل من ورائها، وكأنها مسلطة على المعارضة لتشتيتها،
وتفريقها وهي في حالة تشتت وتفرق بالأساس.
فليست هناك جهة أدبية، تحاسب السياسي أو
الإعلامي أو الشيخ، الذي يسعى وراء التريند، على حساب المصلحة العامة، وهو سلوك
مراهق، يضيع الفرص الحقيقية، ويضع المعارضة في حالة من الحرج والمذلة والمهانة،
ويزيد من معاناة أصحاب المظالم في السجون، وفي المنافي، وهي حالة تحتاج للمراجعة
الجادة من القوى السياسية المعارضة، لوضع حد لهذه الظاهرة، وهذا السلوك الضار.
Essamt74@hotmail.com