مقالات مختارة

جرائم "إسرائيل" بعيدا عن الإعلام!

الأناضول
أبشع الجرائم في عصرنا الحاضر تلك التي تُنقل على الهواء مباشرة للقريب والبعيد، والأشد بشاعة أن ملايين الناس صارت تنظر لتلك الجرائم وكأنها أحداث عادية، ويُمكن للجميع متابعتها وهم يتناولون الطعام، أو يحتسون الشاي!

ولا خلاف حول أهمية الإعلام المحايد ودوره في نقل الحقائق للعالم، حيث تُعدّ وسائل الإعلام المتنوّعة ركيزة أصيلة في حياة الدول والشعوب.

ويتركّز دور الإعلام في نقل الحقائق والأحداث والأخبار فضلا عن تشكيل الرأي العامّ، وتوجيه المجتمع والتوعية والتثقيف والترفيه والرقابة الأصيلة النقية باعتباره السلطة الرابعة في الترتيبات الهرمية للسلطات في غالبية الدول!

وهذا الدور الدقيق، غالبا، يكون في أوقات السلم، والسلام، ولكن في أوقات الحرب والتناحر يختلف دور الإعلام تماما، بل وتتضاعف أهميته ومسؤوليته قياسا بالأوقات الطبيعية!

وتأتي أهمية الإعلام في الحرب بنقله للحقائق الميدانية، أو تضليل العدو ضمن عمليات التمويه والحرب النفسية، ورفع معنويات المقاتلين والتعبئة العامّة بما يضمن إلحاق الهزيمة المادية والمعنوية بالعدوّ!

والدور الأبرز للإعلام الحربي هو توثيق جرائم العدوّ وانتهاكاته في أرض المعركة وضد المدنيين العزل!

والإعلام اليوم، في زمن القرية الصغيرة التي نحن فيها، بات من الضروريات التي لا يُمكن الاستغناء عنها في جميع المجالات، وخصوصا تلك المتعلّقة بالإنسان!

ومنذ أكثر من 655 يوما تُتابع «إسرائيل» جرائمها البشعة بحقّ أهالي غزة، وكأنها تُسابق الزمن لقتل المزيد من الأبرياء، وهدم المزيد من البنايات، وسحق المزيد من مظاهر الحياة، وكأننا أمام سياسة محو مدروسة وتُنفّذ بدقة متناهية وأمام أنظار العالم!

وقتلت «إسرائيل»، حتى ساعة كتابة هذا المقال، 59219 فلسطينيا في غزة، وفقا للجهاز الفلسطيني المركزي للإحصاء!

والجرائم «الإسرائيلية» البعيدة عن الإعلام لم تقتصر على الطائرات المسيّرة التي لا تُفرّق بين الضحايا، بل هنالك اليوم أسلحة التجويع التي تَتَفنّن «إسرائيل» في استخدامها، بصمت وهدوء، ضد ما يقرب من مليوني نسمة في غزة!

ومن هنا، ولمعرفتها بأهمية الإعلام، حاولت «إسرائيل» نحر الإعلام المحايد والشعبي في غزة حتى لا يَنقل بعض الحقائق للعالم!

ومن هذا المنطلق طالب «فيليب لازاريني»، المفوّض العامّ للأونروا يوم 18/7/2025 برفع الحظر المفروض على دخول وسائل الإعلام الدولية لغزة، لأنه «الحظر» سيُغذّي حملات التضليل المشككة بالبيانات والروايات» الناقلة للجرائم «الإسرائيلية»!

والصحفيون الناقلون للحقائق في غزة هم أهداف أصيلة للطائرات المسيّرة، وأكّد «لازاريني»: «مقتل أكثر من 200 صحفي فلسطيني»!

وهنالك احصائيات تؤكّد مقتل أكثر من 230 صحفيا خلال 655 يوما، وآخرها استشهاد الزميلة «ولاء الجعبري» وأطفالها الخمسة، الأربعاء الماضي، في غارة «إسرائيلية»!

ورغم التحذيرات العالمية تواصل «إسرائيل» استخفافها بالإنسان والقوانين الدولية، وتتابع جريمة تجويعها لأهالي غزة!

وشاهدنا، وخلال البث المباشر، سقوط عشرات الغزيين على الأرض من شدّة الجوع، وقد مات منهم حتى اللحظة 115 شخصا، فيما حذّرت صحة غزة من تفاقم المجاعة، وتأثيرها على حياة المواطنين!

والمدهش أن جنود «إسرائيل» يتلاعبون بأرواح الفلسطينيين المنتظرين للمساعدات الإنسانية بالرصاص الحيّ، وكأنهم يلعبون لعبة إلكترونية، وهذه الجرائم البشعة، نقلها الإعلام الشعبي الفلسطيني للعالم!

هذه الحقائق دفعت «أفيغادور ليبرمان» زعيم حزب «إسرائيل بيتُنا» للقول، الثلاثاء الماضي، بأن هذه «الحرب شَوّهت صورة إسرائيل»!

والاستخفاف «الإسرائيلي» دفع العاهل البلجيكي «الملك فيليب» للقول يوم 21/7/2025:»ما يجري في غزة عار على الإنسانية»!

وحثّ الإعلامي الأمريكي «جنك أويغر» لينتقد بشدة وسائل الإعلام الغربية، ويكشف «تحيّزها الواضح لصالح إسرائيل وتجاهلها لمعاناة فلسطين»!

إن الجرائم «الإسرائيلية» سواء أكانت أمام الإعلام، أم في الظلام فسيكتبها التاريخ بمداد الخزي والعار!
ومهما حاولت «إسرائيل» أن تخفي الحقيقة فستفشل، واليوم الإعلام الشعبي الفلسطيني ينقل جرائمها لحظة بلحظة حتى يَطّلع العالم على بعض جناياتها المتوحّشة والفظيعة!

وأخيرا ننقل رسالة فريق قناة «غزة الآن» للعالم بسبب المجاعة، قبل يومين: «نكتب إليكم كلماتنا في لحظات حرجة، وقد لا نتواصل بعدها»!

الشرق القطرية