التلازم والترابط بين الحكومات والناس لا يُمكن الانفكاك منه منذ مراحل ما قبل الولادة، وحتّى
مرحلة ما بعد الموت! والحكومات
الناجحة تُهيئ الأجواء الصحّيّة والإنسانيّة للمواطنين، وبما يَضمن لهم حياة آمنة وكريمة!
والسياسة الرسميّة (المناصب) والشعبيّة (البرلمانيّة)
ليست ميدانا لتجربة قدرات الأشخاص عبر "اللعب السياسيّ" بمناصب حسّاسة تُمنح
لهم تبعا لروابطهم الحزبيّة والولائيّة والشخصيّة والعائليّة وبعيدا عن المهنيّة
والقدرات المؤهّلة.
وقد ابتلينا في
العراق منذ العام 2003 بالكثير
من السياسيّين العاجزين، الذين لم يَفقهوا السياسة، وفنّ إدارة الدولة، والمناصب
الحسّاسة والمهمّة!
والسياسة لم تَعُد لدى غالبيّة هؤلاء من أدعياء
السياسة فنّ إدارة الدولة، وتنظيم شؤون الناس وخدمتهم، بل فنّ القدرة على إقناع
الناخبين، وإدارة "لعبة الكذب" على الجماهير وصولا لقبة البرلمان، ومنها
لعالم الرفاهية، والحسابات المصرفيّة، والسيّارات الفارهة، والقصور الفاخرة،
والحشم والخدم وبقية النعم التي لم تَخطر ببالهم!
ابتلينا في العراق منذ العام 2003 بالكثير من السياسيّين العاجزين، الذين لم يَفقهوا السياسة، وفنّ إدارة الدولة، والمناصب الحسّاسة والمهمّة!
والسياسة لم تَعُد لدى غالبيّة هؤلاء من أدعياء السياسة فنّ إدارة الدولة، وتنظيم شؤون الناس وخدمتهم، بل فنّ القدرة على إقناع الناخبين، وإدارة "لعبة الكذب" على الجماهير
ومع هذا "التّزلّف المصلحيّ للناخبين"
نجد أنّ أكثريّة الساسة يتجاهلون، وبسرعة غريبة، مَنْ أوصلوهم للبرلمان، ويتنكّرون
للنعم التي وُهِبَت لهم عبر المناصب العامّة، وينشغلون بالتجارة، والترف الخرافيّ،
بعيدا عن مهامهم الأصلية!
والسؤال هنا، ماذا يُريد هؤلاء الساسة وحاشيتهم
من العراق والعراقيّين؟
والاجابة على هذا التساؤل مركّبة، وتحتاج لحقنة
كبيرة من الحياديّة والموضوعيّة حتّى لا يَميل الكاتب لطرف على حساب الآخر!
بداية، وحينما نُراجع التاريخ "السياسيّ"
لأكثريّة ساسة العراق سنقف عند عشرات التصريحات والمواقف القاتلة للقيم والأخلاق،
والتي أنكروها لاحقا ونجحوا في حذفها من محرّكات البحث العالميّة!
هؤلاء الساسة، وكما قال رئيس الوزراء
الأسبق حيدر العبادي، "كلّهم يكذبون"، وحتّى ادّعاؤهم للديمقراطيّة فهو
كذبة كبيرة وبدليل أنّ عباس الموسوي، المستشار المقرّب من نوري المالكي قال، يوم 8
تشرين الأول/ أكتوبر 2025، بأنّ أكثر من 200 صحفيّ وإعلاميّ استدعوا للقضاء بسبب
شكاوى قُدّمت من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني! وهذا الكلام يُدلّل على زيف
الديمقراطيّة، وأنّ الإطار التنسيقيّ الذي رشّح السوداني يسعى لإزاحته بكافّة السبل!
وأيضا هنالك اليوم استخدام فاحش لأسلوب "الإعدام
السياسيّ القانونيّ" للمنافسين الأقوياء في
الانتخابات البرلمانيّة وبحجج هزيلة!
والتطوّر الجديد تمثّل باغتيال عضو مجلس
محافظة بغداد، والمرشّح للانتخابات البرلمانيّة صفاء الحجازي ليلة الثلاثاء الماضي،
بعبوة لاصقة في سيّارته! وهذا مؤشّر خطير على احتماليّة عودة التصفيات الجسديّة
السياسيّة في قابل الأيّام!
وبهذا فإنّ أساس غالبيّة مشاكل العراق هي
الإدارة السيّئة و"الهمجيّة السياسيّة الديمقراطيّة"
التي تَهدف للبقاء في سدّة الحكم دون النظر للواقع السيئ!
وأدلة الخراب الإداريّ والماليّ يصعب
حصرها، وقد حدّثني صديق من الأنبار بأنّه ذهب للهند لعلاج والدته من مرض ما، وهناك
قال له المترجم بأنّ هذه الولاية تنقلب سنويّا لمدينة عراقيّة لكثرة الباحثين عن
العلاج في الهند!
ومنهم مَن باعوا بيوتهم وسيّارتهم وممتلكاتهم
الأخرى لعلاج مريضهم، بينما تقف المستشفيات، الحكوميّة والخاصّة، عاجزة عن واجباتها؛
إما بسبب عدم الاختصاص وغياب الأجهزة المختصّة، أو الأجور الباهظة التي تطلبها
المستشفيّات الخاصّة البعيدة عن أيّ رقابة حكوميّة لأنّ معظمها تعود لسياسيّين أو
متنفّذين!
وأزمات العراق العامّة كثيرة، وأبرزها:
السلاح خارج نطاق القوّات الحكوميّة، وارتفاع الدين الداخلي لأكثر من 65 مليار
دولار، وتهالك القطاع الصحّيّ، وأزمة المياه، وهشاشة المنظومة الكهربائيّة،
وعشوائيّة التوظيف، وغيرها من السلبيّات!
أزمات العراق العامّة كثيرة، وأبرزها: السلاح خارج نطاق القوّات الحكوميّة، وارتفاع الدين الداخلي لأكثر من 65 مليار دولار، وتهالك القطاع الصحّيّ، وأزمة المياه، وهشاشة المنظومة الكهربائيّة، وعشوائيّة التوظيف، وغيرها من السلبيّات!
وخارجيّا، أدرجت الخزانة الأمريكيّة، في 9
تشرين الأول/ أكتوبر 2025، ثلاثة مسؤولين في بنوك عراقيّة على قائمة العقوبات
لاستغلالهم مناصبهم لصالح فيلق القدس الإيرانيّ وكتائب حزب الله العراقيّ وعصائب
أهل الحق! وشمل القرار رئيس اللجنة الأولمبيّة عقيل مفتن، وشركة "المهندس"
التابعة للحشد الشعبيّ!
وأحدث صور الخراب، أكّدتها بيانات "IQ
Air" في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2025، حيث احتلّت بغداد المرتبة
الأولى كأكثر مدينة تلوّثا في العالم.
وأخيرا ننقل بعض كلام الرئيس الأمريكيّ
دونالد ترامب عند تَطرّقه للعراق في كلمته بمؤتمر السلام بشرم الشيخ، الاثنين
الماضي: "العراق يمتلك كمّيات هائلة من النفط، لكنّهم لا يعرفون كيف يتصرّفون
بها"! وهذا الكلام يحمل الكثير من المعاني، ومنها سوء الإدارة، والفساد
الماليّ والإداريّ المُتعاظِم والمتفلِّت!
هذا التخبّط، وهذه الفوضى، وضبابيّة
المستقبل؛ تستدعي التزاحم الرسميّ لإعادة وصياغة الواقع بما يتلاءم وخيرات العراق
وصبر الناس الذين لم يعرفوا السكون والراحة منذ نهاية العهد الملكيّ!
المعركة العراقيّة المرتقبة ستكون خلال التحضيرات
للانتخابات البرلمانيّة، في 11 كانون الثاني/ نوفمبر المقبل وما بعدها، وستبرز في
صراع
القوى الشيعيّة على منصب رئاسة الوزراء!
إنّ الرعب والفوضى السياسيّة والشعبيّة
والإرهاب يهدم الدولة، وعليه فإنّ تجديد إنسانيّة الإنسان ضرورة سياسيّة
وأخلاقيّة، ويُفترض العمل بعزم شديد وهمّة مرتفعة للوصول إلى إعادة الأمل لحياة الناس،
ورعايتهم وتطويرهم فكريّا ونفسيّا ومادّيّا!
وهكذا فإنّ الحكومة الصافية هي الملاذ
الآمن لجميع المواطنين، وإلا فإنّها ستُشارك في الجريمة عبر سياسات التغليس عن
واقعهم، واهتمامها بفُرَص الفوز برئاسة الحكومة مجدّدا!
ومع هذه المنافسات والفوضى لا ندري ما
الذي جناه العراق والناس بعد أكثر من 20 عاما من الاحتلال والديمقراطيّة، ولا ندري
إلى أين يقودون العراق والناس!
x.com/dr_jasemj67