ملفات وتقارير

ما قصة فريق الدراجات الإسرائيلي الذي عطل سباق إسبانيا؟.. "أداة دعاية وغسيل رياضي"

ظهر الفريق الإسرائيلي على ساحات رياضة الدراجات العالمية باسم "إسرائيل ستارت أب نيشين"- موقع الفريق
تعرض فريق "إسرائيل بريمير تيك - Israel–Premier Tech" لاحتجاجات عدة خلال مشاركته في سباق "طواف إسبانيا - Vuelta a España" للدراجات الهوائية الذي انطلق في آب/ أغسطس، واختتم في العاصمة مدريد في 14 أيلول/ سبتمبر، وهي المرحلة النهائية التي تم إلغاؤها.

 واقتحم مئات المتظاهرون المؤيدون لفلسطين مسار المرحلة الحادية والعشرين والأخيرة من السباق، ما أدى إلى إيقافه نهائيًا قبل 56 كيلومترًا من نهايته، وإلغاء المرحلة بالكامل، حيث أزالوا الحواجز الأمنية في عدد من الشوارع الرئيسية، ورفعوا شعارات تطالب بوقف العدوان ومقاطعة "إسرائيل".


 ولا يقتصر وجود هذا الفريق الإسرائيلي على مجرد المشاركة والمنافسة في الفعاليات الرياضية، بل يمتلك العديد من الأهداف الدعائية التي تسعى إلى تسويق "إسرائيل" عالميًا وتحسين صورتها وسط تواصل وتصاعد جرائمها في الأراضي المحتلة وحول العالم.

ما قصة الفريق؟
ظهر الفريق الإسرائيلي على ساحات رياضة الدراجات العالمية باسم "إسرائيل ستارت أب نيشين" وشارك في طواف فرنسا الشهير، وامتد بعد ذلك إلى رياضات وأماكن أخرى أكثر انتشارًا بين الجماهير.

 وتأسس فريق "بريمير تيك" تحت اسم "إسرائيل ستارت أب نيشين"، مع ترويج أنه تأسس عام 2014، ثم حصل على اسمه الحالي نتيجة تعاون مع شركة كندية تحمل ذات الاسم، إلا أن الشعار الأصلي أدرج بجانب الاسم الجديد، وهو عبارة عن اسم الفريق إلى جانب النجمة السداسية التي تم تبنيها في علم دولة الاحتلال الإسرائيلي.


 ورغم ترويج أن الفريق تأسس منذ أكثر من 11 عامًا، إلا أن أكاديمية ركوب الدراجات الإسرائيلية استحوذت على فريق "كاتوشا-ألبيسين" الروسي، في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، بما في ذلك ترخيصه لخوض طواف العالم، الذي يتضمن المشاركة في أبرز السباقات العالمية ضمن 38 حدثًا، ما يعني الترويج لـ"إسرائيل" في أهم دول العالم.

 ويذكر أن مصطلح "ستارت أب نيشين" أو "أمة الشركات الريادية والناشئة"، هو في الحقيقة شعار تروجه "إسرائيل" على أنها الأفضل في تأسيس الشركات الريادية وحديثة النشأة، إلا أن الحقيقة عكس ذلك تمامًا، إذ يتجه مختلف التقنيين الإسرائيليين للعمل في شركات عالمية كبرى.

 وجرى تقديم رؤية الفريق على أنها تهدف إلى "رؤية فريق إسرائيلي في طواف فرنسا" (أعرق وأهم بطولة دراجات هوائية في العالم) وتوفير فرص للشباب الإسرائيليين للتألق دوليًا، إلا أن تقريرًا لموقع "تايمز أوف إسرائيل" أكد أن الهدف الأوسع للفريق كان "ترويج إسرائيل للعالم" من خلال الدراجات وتشجيع الجيل المقبل من الرياضيين الإسرائيليين.


يدير الفريق ويملكه بشكل أساسي رائد الأعمال الإسرائيلي الكندي سيلفان آدامز، إلى جانب رون بارون، بعدما انضم كمساهم رئيسي بعد الإطلاق، وأكد بنفسه أنه "أكبر ممول منفرد" للفريق.

ويُلقب آدامز بـ"سفير إسرائيل الذي نصب نفسه بنفسه"، وأعلن أن الهدف من المشروع هو "تقديم صورة نموذجية لإسرائيل على أنها ديمقراطية نشطة وقوية ومنفتحة ومتسامحة ومتنوعة"، وبحسب موقع "فيلو نيوز" تأتي الموازنة الرئيسية للفريق من "تبرعات آدامز الخيرية"، مع دعم محدود من "وكالة السياحة الإسرائيلية - Go Israel".

وتحظى قائمة رعاة الفريق بتنوع واسع يشمل شركات ومنظمات إسرائيلية وعالمية، ومن أبرز الرعاة شركة "بريمير تيك" الكندية، التي جرى تضمين اسمها بعد كلمة "إسرائيل" في اسم الفريق. وترعى الفريق أيضًا شركات أخرى مثل شركة الدراجات الألمانية "فاكتور بايكس - Factor Bikes" التي تزود الفريق بالدراجات، وشركات معدات مثل "إكوي - Ekoi" و"سيرامك سبيد - CeramicSpeed" للقطع عالية الأداء، إلى جانب شركات تمويل واستثمار.

 ويحظى الفريق بدعم أيضًا من قطاع أكاديمي وإعلامي؛ فقد ظهرت كل من جامعة تل أبيب وجامعة بن غوريون ضمن شركاء الفريق، وهذا إلى جانب منظمة "Startup Nation Central" غير الربحية الإسرائيلية التي تعمل على دعم "الابتكار وتسويق صورة إسرائيل".

الدور الدعائي
يُصوِّر الفريق نفسه صراحةً كـ"سفير لإسرائيل" في العالم عبر الرياضة، ويعلّق صاحب المشروع سيلفان آدامز بأن هوية الفريق "إسرائيلية بكل وضوح"، وأن "نجمة داوود" مضمنة في الشعار الرسمي للفريق، وهو يسهم في تقديم "صورة أكثر واقعية عن إسرائيل وتشجيع السياحة فيها".

 وصرّح آدامز مرارًا بأنه يجلب الفريق إلى "إسرائيل" لحمل "رسائل إيجابية عن البلاد ولقاء المسؤولين"، وأنه يمول معظم ميزانيته الخاصة، لكنه ينفي أن يكون الفريق "مؤسسة حكومية" أو جزءًا من سياسة رسمية.

 ويشكل الفريق بمسماه وصوره أداة لتعزيز صورة "إسرائيل" عالميًا، وأشار تقرير "تايمز أوف إسرائيل" إلى أن "استهداف الفريق بالمظاهرات والانتقادات يعود لاعتباره مبادرة خاصة تهدف لتعزيز صورة إسرائيل في أنحاء العالم".

 ومؤخرًا، احتفى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ"إنجازات" الفريق عبر تغريدة قال فيها: "عمل رائع لسيلفان وفريق إسرائيل للدراجات لعدم الاستسلام للكراهية… لقد جعلتم إسرائيل فخورة!".


 وتم وصف مشاركة الفريق الإسرائيلي في المنافسات الدولية بأنها "غسيل رياضي - Sportswashing" لأفعال الحكومة الإسرائيلية، ودعت حركة مقاطعة "إسرائيل" وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها "BDS" وجهات أخرى داعمة للقضية الفلسطينية ومناهضة للجرائم الإسرائيلية إلى احتجاجات في مسابقات كبرى ضد مشاركة الفريق.

بدون اسم
وقرر فريق "بريمير تك" الإسرائيلي إزالة اسمه الكامل من قمصان المتسابقين، واكتفى بالأحرف الأولى خلال المرحلة الأخيرة من طواف إسبانيا للدرجات، وذلك في أعقاب احتجاجات وتظاهرات مؤيدة للفلسطينيين نهاية المرحلة الـ11 منه.

وقال الفريق الإسرائيلي في بيان: "وزع إسرائيل - بريمير تك زيا يحمل الأحرف الأولى من الاسم خلال الفترة المتبقية من السباق، من أجل إعطاء الأولوية لسلامة متسابقينا والمتسابقين ككل، وفي ضوء الطبيعة الخطيرة لبعض الاحتجاجات في سباق إسبانيا".


وتابع: "سيظل اسم الفريق هو إسرائيل-بريمير تك لكن الزي الذي يحمل الأحرف الأولى يتماشى مع قرارات العلامة التجارية، التي اعتمدناها سابقا لمركباتنا وملابسنا غير الرسمية".


ودعت رابطة متسابقي الدراجات المحترفين قبل المرحلة 11 إلى تحسين الأوضاع الأمنية في سباق إسبانيا، بعد عدد من الوقائع التي تورط فيها متظاهرون، ما أدى إلى حالة من القلق بشأن سلامة المتسابقين وكان فريق إسرائيل-بريمير تك هو الهدف الرئيسي.

وأنهى منظمو البطولة مرحلة من الطواف قبل ثلاثة كيلومترات من خط النهاية المقرر سلفا، بعد أن كفاحة الشرطة لاحتواء مئات المتظاهرين الذين كانوا يلوحون بالعلم الفلسطيني في مدنية بيلباو.
وأوقف متظاهرون يلوحون بالأعلام الفلسطينية الفريق الإسرائيلي على الطريق خلال سباق ضد الساعة، في فجيريس الأسبوع الماضي.


في الفورمولا
في كانون الثاني/ يناير 2020، أعلن الفريق الذي كان ما يزال تحت اسم "إسرائيل ستارت أب نيشين" عن شراكة مع فريق ويليامز للفورمولا 1لسباقات السيارات، بالتزامن مع تقديم السائق الإسرائيلي روي نيساني كسائق اختبار رسمي.


 وتضمنت الشراكة وضع شعار الفريق الإسرائيلي على سيارات ويليامز، في خطوة وُصفت بأنها تسويق متبادل بين الطرفين، مع حضور واضح للملياردير آدامز.



 رغم تداول أنباء عن دخول آدامز كمستثمر في فريق ويليامز، إلا أن تقارير رياضية متخصصة أكدت أنه نفى ذلك، موضحًا أن دعمه اقتصر على الجانب الدعائي عبر الشراكة، دون امتلاك حصص مالية في الفريق.


 في بطولة الفورمولا 2، ظهر شعار الفريق ومعه جمعية "تمن أمنية إسرائيل - Make-A-Wish Israel" على سيارة فريق "داماس - DAMS" الفرنسي بقيادة نيساني، واعتُبر هذا الظهور جزءًا من حملة أوسع لربط صورة "إسرائيل" بريادة الأعمال والابتكار.


 وقُدّم نيساني في الإعلام الإسرائيلي والدولي كأول سائق إسرائيلي يصل للفورمولا، في خطوة وُصفت بأنها تاريخية، وأكد آدامز أن ظهور نيساني والعلم الإسرائيلي على شاشات السباقات العالمية أمام مئات الملايين من المشاهدين يعكس بعدًا ترويجيًا لصالح "إسرائيل"، أكثر منه مجرد إنجاز رياضي فردي.