بينما
يُظهر هجوم القدس الذي أسفر عن مقتل سبعة مستوطنين الواقع الإحصائي المؤلم لعمليات
المقاومة، فإن هجوم المقاومة في حي الشيخ رضوان الذي قتل أربعة جنود، يكشف عن
مشاكل تكتيكية عميقة وقيود استراتيجية، مما يؤكد أن احتلال مدينة
غزة لن يؤدي لاستسلام
حماس، رغم أنه سيُكلفها ثمنًا باهظًا، وبالتالي فإن تغييرا سياسيا إقليميا كفيلا
بمنع
الاحتلال من الاستمرار في دفع ثمن المقاومة مرارًا وتكرارًا.
الجنرال
غيورا آيلاند الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي، ذكر أن "حدثين صعبين وقعا في
يوم واحد: هجوم القدس وعملية الشيخ رضوان، الأول صعب ومؤلم، لكنه واقع يُظهر
إحصائيًا أن أحد التنظيمات العديدة يُلحق الضرر أيضًا، رغم نجاح قوات الأمن في
إحباط مئات من محاولات الهجوم، ويُتوقع أن يكون النجاح في عام 2025 أعلى من
العامين السابقين، حيث تم القضاء على القدرات التهديدية التي أوجدتها قوى المقاومة
في شمال الضفة، خاصة جنين وطولكرم، إلى حد كبير نتيجة عملية منهجية واحترافية
وهجومية قادها قائد المنطقة الوسطى آفي بلوت، وقائد فرقة الضفة الغربية المنتهية
ولايته ياكي دولف".
وأضاف
في
مقال نشره موقع ويللا، وترجمته "عربي21" أن "الحديث عن الهجوم الصعب في قطاع غزة الذي يحمل دلالات أكثر بكثير، ويتعلق
بالمستويات الثلاثة: التكتيكية والعملياتية والاستراتيجي، الأول التكتيكي يُظهِر الدرس
القديم مرارًا وتكرارًا، وفقًا للمبدأ الثاني في الدفاع، وهو التعاون المتبادل، ومعناه
بسيط حيث يجب ألا تكون الوحدة العسكرية الأدنى، سواءً جندي مشاة واحد أو دبابة
واحدة، في وضعٍ يُجبرها على الدفاع بمفردها، بل يجب أن تكون دائمًا قوة أخرى مكونة
من جندي واحد أو فرقة مهمتها تأمين القوة المجاورة".
وأشار إلى أن "الهجوم الصعب الذي وقع في 2006، واختُطف فيه جلعاد شاليط، جاء من بين
أسباب أخرى، بسبب وجود دبابة واحدة في موقعها، وعدم وجود أي قوة أخرى تراقب أو
تتحكم في طرق الوصول إليها، وإذا نظرنا لعشرات الهجمات التي وقعت في الضفة الغربية
خلال العشرين عامًا الماضية، وحاولت فيها فرقة من المسلحين مفاجأة جنود في موقع أو
نقطة تفتيش أو موقع متقدم، فسنرى بوضوح النتيجة التالية، لأنه أينما وقف جنديان أو
أكثر في نفس المكان، كانا هدفًا، وكان من السهل مفاجأتهما وضربهما والفرار".
وأضاف
أنه "أينما وقف جنديان على بُعد 10 - 10مترا، كان المسلح الذي هاجم جنديًا
واحدًا يُقتل على يد رفيقه، وهناك تفسيران لذلك فعادةً ما تكون فرقة العدو التي
تتسلل نحو هدفٍ ما مكشوفةً أمام قوة أخرى تغطيها، وثانيها، والأهم، من يُهاجمون
على حين غِرّة، ومن مسافة قريبة، كما حدث لطاقم الدبابة في غزة، يجدون صعوبةً في
الرد، أما من لا يُهاجمون، لكنهم في مرمى البصر، فيمكنهم التصرف بفعالية".
وأكد الجنرال أن "المستوى الثاني العملياتي، من الواضح تمامًا في جميع حروب القرن الحادي
والعشرين أنه أينما اقتربت قوات الجيش من سكانٍ معاديين، سيتواجد المسلحون أيضًا، لأنه
من المستحيل فصلهم عن السكان، وحيثما يوجد مسلحون، ستكون هناك هجمات أيضًا، وقد أدرك
رئيس الأركان السابق، هآرتسي هاليفي، هذا الأمر، ولذلك دعا لنهج المداهمة، أي
مهاجمة الأهداف المسلحة ثم الانسحاب الكامل، وتكمن المشكلة في أنه عند الانسحاب،
يعود المسلحون لنفس المكان تمامًا".
وأشار إلى أنه "من هنا تأتي الحاجة لاحتلال نفس الأحياء مرةً ثانيةً وثالثةً ورابعةً مثل
الشجاعية، جباليا، بيت حانون، وغيرها، ومع كل هجومٍ من هذا القبيل، اضطرت قوات
الجيش لدفع أثمان الاقتحام مرارًا وتكرارًا، لذلك، يُفضّل رئيس الأركان الحالي آيال
زامير احتلال الأراضي، والبقاء فيها، لكن هذا يُؤدي لوجود بؤر استيطانية ثابتة
يسهل مفاجأتها نسبيًا، والاستنتاج بسيط، وقد صرّح به زامير منذ الأسبوع الأول".
أما
"المستوى الثالث الاستراتيجي الذي ينبغي مناقشته فهو احتلال مدينة غزة، حيث
لا يزال 900 ألف غزاوي موجودين، سيؤدي لهجمات عديدة كالتي وقعت في حادثة حي الشيخ
رضوان العصيبة، ولن يؤدي لاستسلام
حماس، حيث لا يوجد بديل أو قائد مؤقت لها يستسلم رسميًا، أو يوافق على إلقاء سلاحها،
حيث لن تستسلم دون قيد أو شرط".
وأوضح
أنه "في هذه الحالة، من الصواب اتخاذ أحد أمرين: الخيار الأول الموافقة على
صفقة، جزئية أو كلية، لإنهاء الحرب، على أمل إعادة جميع الرهائن، ولا يزال 20 منهم
على قيد الحياة، والثاني، وهو الأفضل، هو الاستجابة المتأخرة لعرض الرئيس المصري
السيسي، المقدم قبل ستة أشهر".
الخلاصة
في هذا النقاش يتعلق باتباع إسرائيلي لنهج هجومي واستباقي أمر ضروري سواء في الضفة
او غزة، مع انتقاد حقيقة وجود ثغرات كثيرة في الجدار الأمني حول
القدس المحتلة، لأن سدّ هذه الثغرات عملية شاقة ومكلفة، لكنها ضرورية، ولا يتم تنفيذها
بشكل متسق بما فيه الكفاية، من بين أسباب أخرى، بسبب الخلافات غير الضرورية بين الجيش
والشرطة، وبين وزارتي الحرب والأمن القومي.