ملفات وتقارير

غضب عربي من تصريحات نتنياهو عن رؤية "إسرائيل الكبرى".. وغياب مصري

تصريحات نتنياهو تتعارض مع مبادئ القانون الدولي- الأناضول
أثارت تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول ما وصفه بمشروع "إسرائيل الكبرى" موجة غضب عربية واسعة، امتدت من البيانات الرسمية إلى تحليلات المفكرين والكتّاب على منصات التواصل الاجتماعي.

وحملت تصريحات نتنياهو، التي أطلقها في مقابلة تلفزيونية مع قناة إسرائيلية، إشارات توسعية واضحة أثارت القلق في المنطقة بأسرها، حيث لم تكن مجرد تأكيد على رؤية تاريخية للدولة الإسرائيلية.

وأكد نتنياهو في مقابلته أنه بشعر بالتزامه ومهمته برؤية تاريخية وروحية لحماية "الحلم الإسرائيلي"، مشددًا على أن هذه الرؤية تشمل ما وصفه بـ"إسرائيل الكبرى"، وهي فكرة تتجاوز الحدود المعترف بها دوليًا، وتشمل أراضي فلسطينية وجوارها العربي.

وجاءت تصريحاته في سياق حديثه عن التحديات الأمنية والسياسية التي تواجه "إسرائيل"، مشيرًا إلى أن هذه الرؤية ليست مجرد حلم، بل واجب تاريخي ينقله جيل إلى جيل.

الكلمات التي استخدمها نتنياهو، ورسمها بصور رمزية على الهواء، لم تمر مرور الكرام لدى الدول العربية، التي اعتبرت التصريحات استفزازًا خطيرًا يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.

قطر.. امتداد لنهج الغطرسة
ردود الفعل لم تتأخر، حيث أعربت وزارة الخارجية القطر عن "استنكارها الشديد" لتصريحات نتنياهو، معتبرةً إياها مخالفة للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالحدود والسيادة الوطنية.

وأصدرت الوزارة بيانًا شديد اللهجة، أدانت فيه تصريحات نتنياهو بشأن ما أسمته "رؤية إسرائيل الكبرى"، واصفةً إياها بأنها "امتداد لنهج الغطرسة والعدوان".


وجاء في البيان الرسمي: "إن الادعاءات الإسرائيلية الزائفة لن تنتقص من الحقوق المشروعة للدول والشعوب العربية"، مؤكدًا على "ضرورة تضامن المجتمع الدولي لمواجهة الاستفزازات التي تعرض المنطقة لمزيد من العنف والفوضى".

كما أكدت قطر في بيانها "دعمها الكامل لجميع الجهود الرامية إلى تحقيق سلام عادل وشامل ومستدام في المنطقة"، داعيةً إلى "تعزيز أسس الاستقرار".

وأكدت الدوحة أن استمرار هذا الخطاب التوسعي يمثل تهديدًا مباشرًا للسلم الإقليمي، داعية المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف أي محاولات لتوسيع السيطرة الإسرائيلية على الأراضي العربية.


الأردن.. أوهام عبثية

وفي بيان رسمي مشابه، دانت وزارة الخارجية الأردنية تصريحات نتنياهو واعتبرتها "أوهامًا عبثية تهدد سيادة الدول العربية وحقوق الشعب الفلسطيني"، مؤكدة أن هذه التصريحات تتعارض مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وتزيد من التوترات على طول الحدود الشرقية مع فلسطين والأراضي المحتلة.

ومن جانبه أكد الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير سفيان القضاة، في بيان أُرسل لـ"عربي21" نسخة منه، أن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين لن تنال من الأردن والدول العربية ولا تنتقص من الحقوق المشروعة وغير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، مضيفا أن هذه التصريحات والممارسات تعكس الوضع المأزوم للحكومة الإسرائيلية ويتزامن مع عزلتها دوليا في ظل استمرار عدوانها على غزة والضفة الغربية المحتلتين.

وشدد القضاة، على أن هذه الادعاءات والأوهام التي يتبناها متطرفو الحكومة الإسرائيلية ويروجون لها تشجع على استمرار دوامات العنف والصراع، وبما يتطلب موقفا دوليا واضحا بإدانتها والتحذير من عواقبها الوخيمة على أمن المنطقة واستقرارها ومحاسبة مطلقيها.

وشدد على ضرورة تحرك المجتمع الدولي فورا لوقف جميع الإجراءات والتصريحات التحريضية الإسرائيلية المهددة لاستقرار المنطقة والأمن والسلم الدوليين.



غياب مصري

ومن ناحية أخرى غاب الرد المصري الرسمي على تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي حتى كتابة هذا التقرير، ولم تصدر وزارة الخارجية المصرية أية بيانات أو تصريحات رسمية على لسان مسؤوليها.

غضب شعبي
لكن الغضب لم يقتصر على التصريحات الرسمية فقط، بل امتد إلى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث شهدت منصات مثل إكس وفيسبوك انتشارًا واسعًا للانتقادات من المفكرين والكتّاب العرب.

كتب الإعلامي حفيظ دراجي: "فردّوها عليه إن استطعتم، يا من فضلتم التطبيع على الدفاع عن حقوقكم."




وتساءل رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية سبأ الكاتب نصر الدين عامر: "هل سيتحرك العرب للدفاع عن بلادهم؟!" فيما أشار السياسي الفلسطيني مصطفى البرغوثي إلى أن التصريحات تتجاوز ضم الأراضي الفلسطينية لتشمل أراضٍ عربية أيضًا، مضيفًا أن مثل هذه المواقف تتطلب موقفًا عربيًا حازمًا.


وعلق رئيس الهيئة العالمية لأنصار النبي صلى الله عليه وسلم، ومؤسس وقف الأنصارالداعية الدكتور محمد الصغير قائلا: "هل سنسمع ردًا يتناسب مع هذه الكارثة العلنية؟"، بينما وصف الكاتب ياسر الزعاترة التصريحات بأنها "أكثر تصريح وقاحة، والمقاومة تنوب عن الأمة.".



ولم تخلُ منصة إكس من تغريدة للناشط الحقوقي هيثم أبو خليل الذي كتب: "السفاح يتحدث عن إسرائيل الكبرى… وإعلام السامسونج صامت.".


ومن جانبه قال الدكتور مصطفى البرغوثي " ماذا ستقول الدول العربية ازاء إعلان نتنياهو أنه في مهمة تاريخية وروحية لإنشاء إسرائيل الكبرى ما يعني ليس فقط ضم جميع الأراضي الفلسطينية بل والعربية ايضا."


مخالفة للقانون الدولي
وتتعارض تصريحات نتنياهو مع مبادئ القانون الدولي التي تحظر الاستيلاء على أراضي دولة أخرى بالقوة، وخصوصًا مع قرارات مجلس الأمن 242 و338 التي تؤكد على ضرورة احترام الحدود والسيادة الوطنية، كما تكشف التصريحات عن توجهات إسرائيلية واضحة نحو التوسع الإقليمي، مما قد يزيد من عزلة تل أبيب على الساحة الدولية ويضعها تحت مزيد من الضغوط القانونية والسياسية.

كما تحمل التصريحات تداعيات إقليمية مباشرة، إذ قد تؤدي إلى تصعيد التوتر على طول حدود الضفة الغربية وقطاع غزة، مع انعكاسات محتملة على العلاقات مع الأردن وسوريا ولبنان، وقد تثير نقاشات داخلية في الدول العربية حول ضرورة توحيد المواقف الرسمية وتعزيز الردود الدبلوماسية على مثل هذه التصريحات.