طالبت
الجزائر، الحكومة الألمانية باتخاذ
إجراءات عملية وفورية لحماية أفراد
الجالية الجزائرية المقيمة بأراضيها، وذلك في
أعقاب مقتل المواطنة الجزائرية رحمة عياط في جريمة وصفتها السلطات بـ”الشنيعة
والمروّعة”.
جاء ذلك خلال لقاء جمع كاتب الدولة المكلف
بالجالية الوطنية بالخارج، سفيان شايب، بسفير جمهورية ألمانيا الاتحادية لدى
الجزائر، جورج فلسهايم، في مقر وزارة الشؤون الخارجية بالعاصمة الجزائرية.
ووفق بيان رسمي أصدرته الوزارة، فقد ناقش
الجانبان "الحركية التي تشهدها العلاقات الثنائية بين البلدين، وآفاق تعزيز
الشراكة الجزائرية الألمانية، خاصة في ما يتعلّق بالتعاون القنصلي بما يصون مصالح
الجالية الجزائرية المقيمة في ألمانيا".
مقتل رحمة عياط يفتح جرح الجالية
وخلال اللقاء، أبدى المسؤول الجزائري استياء
بلاده من الجريمة التي أودت بحياة رحمة عياط، وهي مواطنة جزائرية مقيمة في
ألمانيا، مشددًا على “ضرورة كشف دوافع ارتكاب هذا الفعل المروع، وملاحقة الجناة
قضائيًا”.
ولم تُكشف بعد تفاصيل الجريمة بشكل رسمي،
إلا أن الحادثة أثارت موجة من الغضب والحزن في أوساط الجالية الجزائرية، التي
طالبت عبر منصات التواصل الاجتماعي بتدخل عاجل من السلطات الجزائرية لمتابعة
القضية والضغط على برلين لتوفير الحماية للمواطنين الجزائريين في ألمانيا.
وطالب شايب، بحسب بيان الخارجية، بضرورة
“تعزيز الإجراءات الكفيلة بضمان أمن وسلامة أفراد الجالية الجزائرية بألمانيا،
خصوصًا في ظل تنامي المخاوف من تعرضهم للتمييز أو العنف في بعض الحالات”.
رسائل سياسية وإنسانية
التحرك الجزائري يأتي في سياق لا يخلو من
أبعاد سياسية وإنسانية، خاصة وأن قضية الجالية تشكل ملفًا حساسًا في السياسة
الخارجية للجزائر، التي تسعى إلى تعزيز حضورها القنصلي والدبلوماسي في الدول
الأوروبية التي تحتضن جاليات جزائرية كبيرة، على رأسها فرنسا وألمانيا وبلجيكا.
كما تعكس هذه الخطوة رغبة الجزائر في فرض
معادلة الاحترام المتبادل في علاقاتها الدولية، لا سيما في ما يخص حماية رعاياها
في الخارج، وهو ما أكد عليه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مرارًا، خاصة في
تصريحاته المتعلقة بالجالية ودورها الوطني والدبلوماسي.
الجالية.. بين المطالب والضغوط
يُقدّر عدد الجزائريين المقيمين في ألمانيا
بعشرات الآلاف، بينهم طلبة ومهنيون ولاجئون. وفي السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات
بين الجالية والسلطات الجزائرية تحسنًا نسبيًا من حيث توفير الخدمات القنصلية
وتسهيل الإجراءات، إلا أن الحوادث الفردية التي تتعرض لها الجالية تظل سببًا
دائمًا للقلق الرسمي والشعبي.
ومن المتوقع أن تتابع الجزائر تطورات
التحقيقات القضائية في جريمة مقتل رحمة عياط، وسط دعوات لمحاسبة الجناة، ومعرفة ما
إذا كانت الجريمة بدافع جنائي أم عنصري، خصوصًا في ظل تزايد حوادث الكراهية ضد
الأجانب في بعض المدن الأوروبية.
رغم الطابع الإنساني للقضية، إلا أن البعض
يرى أن الملف قد يُلقي بظلاله على العلاقات الثنائية بين الجزائر وألمانيا، خاصة
إذا ثبت وجود تقصير في حماية الجالية أو تباطؤ في التحقيقات.
لكن من جانب آخر، يرى فإن هذا التحرك
الجزائري السريع يؤشر على نضج دبلوماسي جديد في التعامل مع قضايا الجالية، ويعزز
دور وزارة الشؤون الخارجية في الربط بين العمل القنصلي والبعد الحقوقي والإنساني
في السياسة الخارجية.