قالت
صحيفة "
فاينانشال تايمز" البريطانية إن المصدّرين
الصينيين يحاولون تجنب
الرسوم الجمركية الأمريكية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب من خلال شحن المنتجات عبر
دول ثالثة لإخفاء أصلها الحقيقي.
وأوضحت
الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، أن منصات التواصل الاجتماعي الصينية
تعج بإعلانات تروج لخدمات "غسل بلد المنشأ"، في حين أثار تدفق البضائع من
الصين قلق الدول المجاورة التي تخشى أن تتحول إلى محطات عبور لتجارة موجّهة فعليًا
إلى الولايات المتحدة.
وأشارت
الصحيفة إلى أن تزايد استخدام هذه الحيلة يؤكد مخاوف المُصدّرين من أن الرسوم الجمركية
الجديدة، التي فرضها ترامب على السلع الصينية وتصل إلى 145 بالمائة، ستحرمهم من الوصول
إلى أحد أهم أسواقهم.
وتشترط
قوانين التجارة الأمريكية أن تخضع السلع لما يُعرف بـ"تحويل جوهري" في دولة
معينة، وهو ما يستلزم عادةً عمليات تصنيع أو معالجة تضيف قيمة ملموسة، لكي يُعترف بتلك
الدولة كمصدر للسلع لأغراض فرض الرسوم الجمركية.
وأضافت
الصحيفة أن الإعلانات على منصات التواصل الاجتماعي تعرض مساعدة المُصدّرين في شحن بضائعهم
إلى دول مثل ماليزيا، حيث يتم إصدار شهادة منشأ جديدة لها قبل إرسالها إلى الولايات
المتحدة.
وحسب
ما أفادت به وكالة الجمارك الكورية الجنوبية الشهر الماضي، فقد تم اكتشاف منتجات أجنبية
بقيمة 29.5 مليار وون (21 مليون دولار) تحمل معلومات مزورة عن بلد المنشأ في الربع
الأول من هذه السنة، وكان معظمها قادمًا من الصين متجهة إلى الولايات المتحدة.
وقالت
الوكالة في بيان لها: "نحن نشهد زيادة حادة في الحالات الأخيرة التي يتم فيها
استخدام بلادنا كمسار التفافي لتجنب الرسوم الجمركية والقيود المختلفة نتيجة لتغيرات
سياسة التجارة التي فرضتها الحكومة الأمريكية. لقد اكتشفنا العديد من الحالات التي
تم فيها تزوير منشأ المنتجات الصينية لتصبح كورية".
وذكرت
الصحيفة أن وزارة الصناعة والتجارة الفيتنامية دعت الشهر الماضي جمعيات التجارة المحلية
والمُصدّرين والمصنّعين إلى تعزيز الرقابة على منشأ المواد الخام والسلع الأولية ومنع
إصدار شهادات منشأ مزورة.
وأضافت
الصحيفة أن وزارة التجارة الخارجية التايلاندية كشفت الشهر الماضي عن تدابير لتشديد
الرقابة على منشأ المنتجات الموجهة إلى الولايات المتحدة، وذلك لمنع التهرب من الرسوم
الجمركية.
ونقلت
الشركة عن "أو" من شركة بايتاي قولها إنه، مثل العديد من الشركات الصينية،
كانت الشركة تشحن البضائع بنظام "حر على متن السفينة"، حيث يتحمل المشترون
المسؤولية عن المنتجات بعد مغادرتها ميناء التصدير، مما يقلل المخاطر القانونية على
المُصدّر، مضيفة: "العملاء فقط يحتاجون إلى تحديد الموانئ في غوانغتشو أو شنتشن،
وبمجرد وصول البضائع هناك، نكون قد أكملنا مهمتنا".
وقال
بائعون في شركتين للخدمات اللوجستية إنهما يمكنهما شحن البضائع إلى ميناء كلانغ في
ماليزيا، حيث تُنقل إلى حاويات محلية ويتم تغيير تغليفها وعلاماتها. وأضافوا أن لديهم
علاقات مع مصانع في ماليزيا لإصدار شهادات المنشأ.
وقالت
وزارة الاستثمار والتجارة والصناعة في ماليزيا، في بيان لها، إن البلاد "ملتزمة
بشكل قاطع بالحفاظ على نزاهة ممارسات التجارة الدولية" و"تعتبر أي محاولة
للتهرب من الرسوم الجمركية من خلال التصريحات الخاطئة أو المزورة، سواء كانت تتعلق
بقيمة أو منشأ البضائع، جريمة خطيرة".
وأضاف
البيان: "إذا كانت هذه التقارير حقيقية، فسوف نحقق في الأمر ونتخذ الإجراءات اللازمة،
بالتعاون مع جماركنا والسلطات الأمريكية".
ونقلت
الصحيفة تصريحات استشاري يقدّم نصائح للشركات في التجارة عبر الحدود؛ حيث قال إن
"غسل المنشأ" كان أحد الطريقتين الرئيسيتين المستخدمتين لتجنب الرسوم الجديدة
التي فرضها ترامب. أما الطريقة الأخرى، فكانت خلط السلع عالية التكلفة مع السلع الأرخص،
ليتمكن المُصدّرون من الادعاء زورًا بانخفاض تكلفة الشحن الإجمالية.
وحسب
الصحيفة، قالت صاحبة شركة تصنيع للسلع الاستهلاكية في مدينة دونغ غوان الصينية إن جمعيتين
محليتين عرّفوها على وسطاء عرضوا حلولًا للتهرب من الرسوم الجمركية مقابل 5 يوان
(0.70 دولار) لكل كيلوغرام يتم شحنه، حيث يقتصر دورها على الشحن إلى ميناء صيني ويتكفل
الوسطاء بالباقي.
وأوضحت
الصحيفة أن انتشار محاولات التهرب من الرسوم الجمركية أدى إلى إثارة قلق الشركاء التجاريين
الأمريكيين. وقال أحد كبار التنفيذيين في أحد أكبر 10 بائعين مستقلين على أمازون إنه
لاحظ حالات تم فيها تغيير منشأ الشحنات، مما يعرضها لخطر المصادرة من قبل سلطات الجمارك
الأمريكية.
واختتمت
الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى تصريحات المسؤول التنفيذي الذي أعرب عن تردده في قبول
عروض الموردين الصينيين، مثل توليهم دور "المستورد الرسمي" إلى الولايات
المتحدة ودفع الرسوم استنادًا إلى تكلفة التصنيع بدلًا من سعر الشراء الأعلى. وأوضح
أنه يخشى من تقديم الموردين لقيم مزيفة.