سياسة عربية

الكشف عن مهبط طائرات في ليبيا غيّر شكل الحرب في السودان

ونشأت الدعم السريع من "ميليشيا الجنجويد" التي حشدتها الحكومة السودانية قبل 20 عاما- الأناضول
ونشأت الدعم السريع من "ميليشيا الجنجويد" التي حشدتها الحكومة السودانية قبل 20 عاما- الأناضول
شارك الخبر
أكد أكثر من 12 مسؤولا عسكريا ومخابراتيا ودبلوماسيا إن مهبطا للطائرات في منطقة نائية بجنوب شرق ليبيا غيّر شكل الحرب الأهلية في السودان من خلال توفير طوق نجاة لقوات الدعم السريع، بحسب ما أفادت وكالة "رويترز".

وتخوض القوات شبه العسكرية قتالا ضد الجيش السوداني منذ أبريل نيسان 2023 بعد خلاف حول كيفية دمج قواتهما. وأسفر الصراع منذ ذلك الحين عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين وتفشي المجاعة في جميع أنحاء البلاد.

ونشأت الدعم السريع من ميليشيا "الجنجويد" التي حشدتها الحكومة السودانية قبل 20 عاما لإخضاع ولاية غرب دارفور.

وقال المسؤولون إن الإمدادات العسكرية التي أرسلت عبر مهبط الطائرات في الكفرة، الذي يبعد نحو 300 كيلومتر من الحدود السودانية، أسهمت في تعزيز قدرات قوات الدعم السريع بعد استعادة الجيش السوداني للعاصمة الخرطوم في مارس آذار. ولعب خط الإمداد هذا دورا محوريا في فرض الدعم السريع لسيطرتها على مدينة الفاشر في أكتوبر تشرين الأول، مما مكنها من زيادة نفوذها في دارفور وأفسح المجال أمام سلسلة من الانتصارات في جنوب السودان.

ويسيطر قائد عسكري ليبي متحالف مع الإمارات، التي يتهمها خبراء من الأمم المتحدة والكونجرس الأمريكي بدعم قوات الدعم السريع، على منطقة الكفرة الصحراوية الشاسعة. وتنفي الإمارات دعم أي من طرفي النزاع في السودان.

ويخضع المطار، الذي لم يكن مستخدما إلى حد كبير قبل هذا العام، لعملية تجديد واسعة النطاق، واستقبل عشرات من رحلات الشحن منذ الربيع، بالتزامن مع تواجد كبير لقوات الدعم السريع في جنوبه، وذلك بحسب ما يظهر في تحليل صور الأقمار الصناعية وبيانات تتبع الرحلات ومنصات التواصل الاجتماعي.

وقال مسؤول في الأمم المتحدة مطلع على عمليات قوات الدعم السريع، والذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن استخدام الجماعة للكفرة "غير قواعد اللعبة بأكملها" من خلال توفير قناة للإمدادات والمقاتلين لتعزيز الحصار الذي دام 18 شهرا على مدينة الفاشر.

اظهار أخبار متعلقة


وقال جاستن لينش، المدير الإداري لشركة "كونفليكت إنسايتس جروب" لتحليل البيانات، إنه رصد ما لا يقل عن 105 عمليات هبوط لطائرات شحن في مطار الكفرة بين أول أبريل نيسان وأول نوفمبر تشرين الثاني، وذلك من خلال ربط صور الأقمار الصناعية ببيانات تتبع الرحلات الجوية. ولم يتسن لرويترز التحقق من هذا الرقم بشكل مستقل.

وأضاف "نمط وموقع و(نوع) الطائرات" والرحلات الجوية إلى الكفرة "ترتبط بدعم الإمارات لقوات الدعم السريع. أصبحت الكفرة وجنوب ليبيا مركزا لوجستيا هاما للجماعة شبه العسكرية".

وللإمارات مصالح اقتصادية في السودان، حيث كانت تخطط لضح استثمارات بمليارات الدولارات في ميناء مطل على البحر الأحمر وأراض زراعية سودانية قبيل اندلاع الحرب الأهلية. كما تربطها علاقات بقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، الذي أرسل آلاف الجنود للقتال إلى جانب الإمارات في اليمن.

ولم ترد الإمارات على طلبات للتعليق. كما لم ترد قوات الدعم السريع، التي تنفي تلقيها أي دعم من الإمارات، على أسئلة الوكالة.

ودأب الجيش السوداني على اتهام الدعم السريع بالحصول على إمدادات عسكرية عبر ليبيا. وفي سبتمبر أيلول، قدم شكوى إلى الأمم المتحدة قال فيها إن مرتزقة كولومبيين سافروا عبر الكفرة لدعم الجماعة شبه العسكرية.

ويسيطر الجيش الوطني الليبي، بقيادة خليفة حفتر، على شرق ليبيا وجنوبها حيث يقع المطار. ونفى مرارا دعم قوات الدعم السريع، أو الانحياز لأي طرف في الصراع السوداني.

وقال مسؤول عسكري في الجيش الوطني الليبي في الكفرة، طلب عدم الكشف عن هويته، إن رحلات الشحن الجوي إلى الكفرة نقلت مدنيين وجنودا ورجال شرطة من مطارات أخرى في شرق ليبيا وإليها. ونفى وجود مقاتلين من قوات الدعم السريع في المنطقة، مضيفا "ليس لنا أي علاقة بالنزاعات في الدول المجاورة".

وأكدت "رويترز" أنه للوقوف على حجم عملية الكفرة، تواصلت مع 18 مسؤولا دبلوماسيا وعسكريا ومخابراتيا ومع غيرهم من المسؤولين من الدول الغربية والأفريقية و14 خبيرا في الشؤون الإقليمية والعسكرية.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن الإمارات كثفت إمدادات الأسلحة إلى قوات الدعم السريع عبر ليبيا والصومال. ونقدم لأول مرة تفاصيل دور المطار في هذا القضية.

التحول المحوري في ليبيا
تشهد ليبيا انقساما مستمرا منذ سنوات بين فصيلين متنافسين، كلاهما متهم بتهريب الأسلحة والمخدرات والمهاجرين. ووفقا لتقرير صادر في الأول من ديسمبر كانون الأول عن المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، فإن وحدات محلية تابعة للجيش الوطني الليبي، الذي سيطر على شرق ليبيا بدعم من الإمارات قبل نحو عشرة أعوام، تربطها علاقات تهريب قوية مع عناصر من قوات الدعم السريع.

وبحسب تقرير من خبير بالأمم المتحدة، فإن بعض مقاتلي الجيش الوطني الليبي ساعدوا، بعد اندلاع الحرب في السودان بفترة وجيزة، في نقل شحنات عسكرية إلى الحدود، بعد وصولها إلى الكفرة جوا من بنغازي. لكن تقدم الجيش سرعان ما عطل مسار النقل، وعاد المطار إلى حالة الإهمال.

اظهار أخبار متعلقة


وقال مسؤولون وخبراء إن اهتمام قوات الدعم السريع بالكفرة تجدد بعد أن أدى الضغط السياسي في العام الماضي إلى تعقيد مهمة استخدام خط إمداد عبر مهبط طائرات ناء في شرق تشاد، وهو أقرب بكثير إلى خطوط المواجهة في دارفور.

وبحلول شهر كانون الثاني/ يناير أظهرت صور خدمة كوبرنيكوس الفضائية بناء مخيم على بعد نحو 80 كيلومترا إلى الجنوب من الكفرة. وذكر مركز مرونة المعلومات (سي.آي.آر)، وهو منظمة غير ربحية مقرها بريطانيا، في تقرير صدر في يوليو تموز، أنه رصد وتتبع مركبات ومقاتلين من قوات الدعم السريع في المخيم إلى دارفور.

وجاء أيضا في تقرير المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود أن انسحاب قوات الدعم السريع من الخرطوم نقل مركز ثقل الحرب إلى دارفور، مما جعل إعادة فتح خطوط الإمداد من ليبيا أمرا حتميا.

وذكرت لوثيقة دبلوماسية غربية أرسلت إلى دول غربية أخرى في سبتمبر أيلول واطلعت عليها رويترز أنه بعد أن تمكنت قوات الدعم السريع من استعادة مناطق حدودية رئيسية في يونيو حزيران، أصبح "الممر الليبي" "نقطة محورية رئيسية" لعمليات الإمداد لها.

دور الكفرة يتزايد
بحلول أيار/ مايو كان مطار الكفرة قد خضع بالفعل لتجديد شامل. وبدأت شركتان محليتان للطيران تسيير رحلات مع بنغازي في يونيو حزيران.

وتزايد عدد طائرات الشحن الكبيرة على المدرج. ولم تكن أي منها ظاهرة في صور خدمة كوبرنيكوس للعام الماضي، وكانت تظهر كل ثلاثة إلى خمسة أيام تقريبا.

لكن في شهر نيسان/ أبريل ظهرت واحدة على الأقل في ست من أصل سبع صور. وارتفعت أعداد هذه الطائرات طيلة فصل الصيف، وخلال الأسابيع التي سبقت سقوط الفاشر، وكان من الممكن رؤية ما يصل إلى خمسة منها في آن واحد.

وتظهر بيانات تتبع الرحلات الجوية من موقع فلايت رادار24 أن بعض رحلات الشحن على الأقل إلى الكفرة تم تشغيلها بواسطة شركات طيران سبق اتهامها بالضلوع في تهريب الأسلحة من الإمارات.
وجرى تشغيل طائرة إليوشن-76، والتي حلقت إلى الكفرة من دبي في الخامس من يونيو حزيران، بواسطة شركة سابسان للطيران المحدودة التابعة لقرغيزستان.

وذكر تقرير لخبراء الأمم المتحدة صدر في أيار/ مايو 2022 بشأن ليبيا أن شركة الطيران قامت بتسيير رحلات جوية "للإمداد المباشر وغير المباشر بالمعدات العسكرية وغيرها من المساعدات" كجزء من جسر جوي إلى حفتر في مطلع العقد الحالي من القرن الحادي والعشرين.

وحلقت الطائرة ذاتها إلى الكفرة في 12 تموز/ يوليو قادمة من بوصاصو في منطقة بونتلاند بالصومال، حيث دربت الإمارات قوات الأمن المحلية وقدمت التمويل لها. وتنفي الإمارات استخدام المطار لتقديم الدعم لقوات الدعم السريع.

اظهار أخبار متعلقة


وأظهرت بيانات تتبع الرحلات الجوية ومنشورات على منصات التواصل الاجتماعي هبوط طائرتين من طراز إليوشن تابعتين لشركة فلاي سكاي إيرلاينز، وهي شركة طيران قرغيزية أخرى متهمة في تقرير الأمم المتحدة بتهريب الأسلحة من الإمارات إلى حفتر، في الكفرة.

وبحسب تحليل سابق لرويترز، قامت الطائرتان بما لا يقل عن ست رحلات جوية لكل منهما من الإمارات إلى أم جرس، وهو مهبط طائرات يقع شرق تشاد. وأشار خبراء الأمم المتحدة في تقرير صدر في كانون الثاني/ يناير 2024 إلى اتهامات "ذات مصداقية" بأن الإمارات كانت تزود قوات الدعم السريع بالأسلحة عبر هذا المدرج، وهو ما نفته الإمارت.
التعليقات (0)