حذّر هاني المصري، مدير عام المركز
الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية، من تدهور متسارع في الأوضاع
داخل الأراضي الفلسطينية، مشيراً إلى أن غياب طرف فلسطيني قوي وموحد بات يُشكل أحد
أبرز أسباب تفاقم الأزمة واستمرار السياسات الإسرائيلية المتعنتة دون وجود قوة
فلسطينية قادرة على ردعها أو مواجهتها بفعالية.
وفي تصريحات خاصة لـ
"عربي21" على
هامش مشاركته في منتدى الدوحة الذي يناقش مستقبل الصراع في الشرق الأوسط ورهانات
السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قال المصري إن المشهد الفلسطيني يعيش حالة
ضعف غير مسبوقة، مشيراً إلى أن
الاحتلال الإسرائيلي يستثمر هذا الفراغ لصالحه عبر
توسيع الاستيطان، وفرض وقائع جديدة على الأرض، وعرقلة أي مسار سياسي جاد.
وأكد المصري أن الهيئة الدولية التي يجري
الحديث عن تشكيلها لإدارة قطاع
غزة بعد الحرب لن تكون قادرة على إحداث تغيير جوهري
في الواقع الفلسطيني، موضحاً أنها "غير قادرة على تغيير ديمغرافيا الشعب
الفلسطيني، كما أنها غير مؤهلة لإدارة الشأن الفلسطيني دون مشاركة فلسطينية حقيقية
وفاعلة".
وأضاف: "لا ترامب ولا توني بلير، ولا
أي شخصية أو
قوة دولية، قادرة على إدارة الوضع الفلسطيني أو فرض حلول عليه دون أن
يكون للفلسطينيين أنفسهم دور أساسي في تقرير مصيرهم وصياغة مستقبلهم السياسي".
وفي معرض حديثه عن السيناريوهات المطروحة
لما بعد الحرب على غزة، اعتبر المصري أن الرهان على أن قوة دولية قد تأتي
لـ"استئصال" حركة حماس هو رهان خاطئ ويعكس جهلاً بطبيعة المجتمع
الفلسطيني وتكوينه السياسي.
وقال: "الذين يعتقدون أن أي قوة دولية
يمكنها إنهاء وجود حماس أو استئصالها من المشهد السياسي لا يعرفون حقيقة الشعب
الفلسطيني، ولا يفهمون طبيعة توازنات القوى فيه. حماس لا تزال تتصدر المشهد
السياسي الفلسطيني، وتشير استطلاعات الرأي إلى أنها اليوم أقوى في الضفة الغربية
منها في قطاع غزة".
وأوضح أن قوة حماس أو غيرها من الفصائل ليست
مجرد نتيجة ظرفية أو عسكرية، بل مرتبطة بقضايا أعمق تتعلق بالاحتلال، والمقاومة،
والفراغ السياسي، وفشل المشروع السلمي حتى الآن.
وحول آفاق الحل السياسي، جدد المصري التأكيد
على أن حل الدولتين لا يزال المسار الأنجع والأكثر واقعية لتحقيق الاستقرار في
المنطقة، رغم ما يشهده من تراجع على الأرض بسبب سياسات الحكومة الإسرائيلية
المتعاقبة.
وبيّن أن إسرائيل، من خلال ممارساتها، تواصل
تقويض هذا الخيار عبر التوسع الاستيطاني ورفضها الاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب
الفلسطيني، رغم إدراكها ـ كما يدرك المجتمع الدولي ـ أنه لن يكون هناك سلام حقيقي
ودائم في المنطقة دون تمكين الفلسطينيين من إقامة دولتهم المستقلة ذات السيادة.
وختم المصري حديثه لـ
"عربي21"
بالقول: "القضية الفلسطينية ليست مسألة أمنية يمكن حلها بالقوة، وليست ملفاً
إدارياً يمكن تسليمه لهيئة دولية. إنها قضية شعب وحقوق تاريخية، ولن يكون هناك حل
حقيقي ما لم يكن الفلسطينيون أنفسهم في صدارة أي مشروع سياسي قادم".