السؤال
الأدّق، إكمالا لسؤال
نتنياهو إلى أين؟ نتنياهو ذاهب بالوضع العام إلى أين؟ سواء
أكان على مستوى فلسطين والكيان الصهيوني، أم الوضع العربي والإسلامي إلى أين؟
يصبح هذا
السؤال أشدّ إلحاحا، عندما يمضي نتنياهو بسياسته وممارسته، بموازاة أو بابتعاد، من
السياسة التي يعلنها
ترامب ويتجه إلى تنفيذها، الأمر الذي يزيد من عزلة نتنياهو وضعفه،
وضرورة وضع حدّ له. وذلك ليس من جانب القوى المضادّة للكيان الصهيوني فحسب، وإنما
أيضا من جانب ترامب إذا كان حريصا على تنفيذ ما تقدّم به من مشروع حمل اسمه، أو من
سياسات سعى إلى تنفيذها، ولعل آخرها التدخل المباشر في السودان.
ترامب
استهدف بعد إعلان مشروعه إلى العمل عربيا وإسلاميا، وصولا إلى إندونيسيا، لبسط
المظلة الأمريكية على الدول العربية والإسلامية. وقد استدرك ضرورة وقف الحرب في
قطاع
غزة، وتلبية بعض المطالب العربية والإسلامية، فلسطينيا، ولو في الحدود
الأدنى، أو ولو بإطلاق وعود خُلبية.
فهذه
السياسة (الاستراتيجية) تتناقض مع ممارسة نتنياهو، التي عرّفها بالحروب ضدّ سبع
جبهات، وراحت سياسات ترامب تترجم نفسها، بعد اتفاق وقف إطلاق النار في 9 تشرين
الأول/ أكتوبر 2025. وبالفعل، تمّ تبادل للأسرى، وانسحاب جزئي لقوات الاحتلال،
وتسهيل دخول المساعدات.
بهذا يكون نتنياهو ذاهبا إلى إشعال مواجهات ستؤدي إلى فشله، وإلى إفشال مشروع ترامب سيئ الذكر، إذا ما استمر بسياسة عدم وضع حدّ لنتنياهو، إن لم يكن الاستمرار بسياسة التواطؤ الانحيازية فاقدة الإرادة
وانطلق
ترامب لعقد مؤتمر دولي في شرم الشيخ، والبدء بتنفيذ مشروعه، طبعا مع تأكيد الخيلاء
والعظمة لشخصه. ولكن نتنياهو الذي اضطر للانحناء المؤقت، وإعلان الموافقة اللفظية
على اتفاق وقف إطلاق النار، سرعان ما راح يمارس نصف حرب ضدّ غزة، وتقديم ربع
المساعدات الغذائية والطبية والحياتية، المطلوبة والمقرّرة، مما يعنى استمرار
الإبادة بالتجويع، والحرمان من مقومات الحياة. هذا، ومضى في تنفيذ سياسات نصف حرب
في غزة ولبنان وسوريا، وفتح جبهة حرب في الضفة الغربية، وجدّد وعودا بحربٍ كاملة
في
لبنان، بعد آخر العام 2025.
سياسة
نتنياهو هذه، تشمل استفزازا، وتحديّا للوضع العربي والإسلامي، حتى في نظر أكثر
الدول تأييدا لمشروع ترامب. كما تشمل استحالة القبول أو الصبر طويلا على سياسات
الحرب في غزة، أو لبنان، أو حتى على المستوى العام. ولعل عملية بيت جن في
سوريا،
تحمل رسالة مباشرة، وغير مباشرة، بأن نتنياهو لا يستطيع ممارسة الاستباحة العسكرية
التي يمارسها دون ردّ مناسب؛ علما أن ميزان القوى والرأي العام يسمحان بذلك، إلى
جانب ما يعانيه نتنياهو من ضعف متعدّد الأوجه والأبعاد، عالميا وإقليميا وفلسطينيا،
ومن داخل الكيان الصهيوني نفسه. وقد عبّر عن ذلك مؤخرا، بتذلله أمام رئيس الكيان،
طلبا للعفو القضائي عن محاكمته، والأسوأ، خوفه من لجنة التحقيق بطوفان الأقصى.
وبهذا
يكون نتنياهو ذاهبا إلى إشعال مواجهات ستؤدي إلى فشله، وإلى إفشال مشروع ترامب سيئ
الذكر، إذا ما استمر بسياسة عدم وضع حدّ لنتنياهو، إن لم يكن الاستمرار بسياسة
التواطؤ الانحيازية فاقدة الإرادة.