ماذا حصل في مذكرة اعتقال نتنياهو بعد عام من صدورها؟
عربي21- محمد خليل20-Nov-2505:00 PM
0
شارك
وقعت خلال السنة من صدور المذكرات العديد من الأحداث المتعلقة بالقرار غير المسبوق- جيتي
تمر سنة كاملة على قرار المحكمة الجنائية الدولية في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، بإصدار مذكرتي توقيف بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير حربه السابق يوآف غالانت، وذلك بتهم ارتكاب جرائم.
ووقعت خلال هذه السنة العديد من الأحداث المتعلقة بالقرار غير المسبوق، سواء برفض دول بارزة تنفيذه بينما دعمته أخرى، إضافة إلى شن حملات هجوم وتشويه حادّة ضد أبرز شخصيات المحكمة الدولية واتهامها بالانحياز.
جدول زمني في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر توقيف ضد نتنياهو وغالانت بتهمة تجويع المدنيين في غزة، وفي اليوم التالي صدرت ردود فعل دولية واسعة، وأكد الاتحاد الأوروبي أن القرار ملزم لجميع الدول الأعضاء، بينما وصفت الولايات المتحدة الأمر بأنه "فظ" وأنها تقف جانب "إسرائيل".
Netanyahu 🇮🇱 is wanted by the ICC
Trump 🇺🇸 lauded him at the White House
Because they are partners in crimes against humanity
Two evil monsters responsible for the racist murder of 20,000 Palestinian 🇵🇸 children
ومع حلول 9 كانون الثاني/ يناير 2025، أعلنت الحكومة البولندية أنها ستؤمّن مرورًا "حرًا ومأمونًا" لأي مسؤول إسرائيلي يحضر ذكرى محرقة أوشفيتز دون توقيف.
وشملت مذكرات الاعتقال حينها أيضا القائد العام لكتائب القسام الجناح العسكري محمد الضيف، إلا أن المذكرة جرى سحبها في 3 شباط/ فبراير 2025، بعد إعلان حركة حماس استشهاده.
أما في 3 نيسان/ أبريل 2025، زار نتنياهو المجر، وخلال الزيارة أعلن رئيس الوزراء المجري فكتور أوربان نية حكومته الانسحاب الكامل من المحكمة الجنائية الدولية.
اظهار أخبار متعلقة
وجاء ذلك رغم أنه بحسب القانون الدولي، يسري قرار الانسحاب بعد عام من الإخطار، وبالتالي كانت المجر ملزمة قانونيًا بتنفيذ المذكرة حتى أبريل/ نيسان 2026.
ردود الفعل تناولت دول عدة القرار الدولي بتنوع، حسب موقعها من معاهدة روما الموقعة للمحكمة، فقد أعلن مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي أن القرار ملزم لكافة الدول الأعضاء في الاتحاد وواجب التنفيذ، وكانت هولندا التي يقع فيها مقر المحكمة من أوائل المعلنين عن استعدادها الكامل للتعاون وتنفيذ القرار، إذ صرح وزير خارجيتها بأنها "تحترم استقلال المحكمة.. وسنلتزم بنظام روما بالكامل".
وأكدت كندا التزامها بواجباتها الدولية، وأنها تتمسك بالقانون الدولي والامتثال لجميع أحكام ميثاق روما، كما رحبت جنوب أفريقيا، وهي دولة طرف في القضية ضد "إسرائيل"، بالقرار واعتبرته خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة ودعت جميع الدول الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتها.
وشجع السودان والأردن وتشاد والعراق والعديد من الدول الإسلامية الأخرى على احترام القرار، ورحبت تركيا به وأكدت أنه خطوة أمل لمحاسبة مرتكبي الجرائم.
Netanyahu declares the ICC an anti-Semitic organization for investigating the Zionist regime's war crimes. Lol.pic.twitter.com/wr97sJoNqo
في المقابل، أعلنت الولايات المتحدة رفضها للقرار بصورة قاطعة، فقد وصف الرئيس حينها جو بايدن إصدار المذكرات بأنه "فظيع"، مجددًا التأكيد على مساندة "إسرائيل"، محذّرًا من اعتبار الجرائم الإسرائيلية مساوية لـ"جرائم حماس".
وأعرب البيت الأبيض عن "قلقه من استعجال المدعي العام" وإثارة "أخطاء في الإجراءات" ساهمت في اتخاذ القرار، وعلى نحو مماثل، أكدت "إسرائيل" رسميًا رفضها وأنها تشعر بـ"القرف والصدمة"، ووصفت المذكرات بأنها "تحرّض على معاداة السامية".
أما المجر فقد أعلنت موقفًا معارضًا؛ فقد انتقد وزير خارجيتها القرار واعتبره "غير مقبول"، ودعا رئيس وزرائها أوربان إلى دعوة نتنياهو لزيارته تحديًا للمذكرة، وعلى الرغم من كون بولندا طرفًا في نظام روما، فقد ضمنت حكومة رئيس وزرائها توسك مرورًا آمنًا لأي مسؤول إسرائيلي يحضر احتفالاً رسميًا مثل ذكرى محرقة أوشفيتز دون توقيف.
وتراوحت مواقف الدول الأخرى بين التأكيد على التزاماتها بموجب القانون الدولي والتردد أو الانتقاد، مثل فرنسا التي اعتبرت تطبيق القرار "قضية قانونية معقدة".
زيارات نتنياهو خلال الفترة من صدور مذكرة توقيف المحكمة الجنائية الدولية في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 إلى الشهر ذاته من 2025، قام نتنياهو بعدة زيارات رسمية خارجية، إلا أنها اقتصرت على الولايات المتحدة غير المنضمة إلى الجنائية الدولية، وذلك سواء خلال زيارته إلى واشنطن أو نيويورك.
وزار نتنياهو أيضا خلال هذه الفترة دولة المجر، بما في ذلك لقاء رئيس الوزراء المجري لبحث التعاون العسكري والدفاعي، وخلال الزيارة أعلنت المجر انسحابها من نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية.
وحرصت "إسرائيل" على تخطيط كافة التحركات الجوية لنتنياهو بعناية لتجنب الاقتراب من أجواء دول أعضاء موقعة على روما، فقد سلكت طائرة "جناح صهيون - Wing of Zion" الرسمية مسارات طويلة غير مباشرة مفضلة المرور فوق القواعد الأمريكية.
وأثناء رحلة أيلول/ سبتمبر 2025 إلى نيويورك وصلت الرحلة إلى 13 ساعة بدلاً من 11 ساعة في العادة، بسبب تحليق الطائرة في مسار بحري جنوبي لتجنب أجواء أوروبا الغربية الموقعة على ميثاق روما.
وجرى التنسيق المسبق لمسار الطائرة مع الدول المعنية للسماح بالطيران الآمن فوق أجوائها، فسمحت فرنسا بإبداء الموقف قبل الرحلة، رغم أن الطائرة لم تدخل مجالها الجوي في الرحلة لاحقًا.
وبسبب القرار، لم تُنَفَّذ بعض الزيارات الخارجية التي رُوِّجت لها أو دُعِي إليها بعد مذكرة التوقيف، ومنها زيارة مفترضة لمصر في كانون الأول/ ديسمبر 2024، حين تداولت وسائل إعلام إسرائيلية أخبارًا عن توجه مفاجئ لنتنياهو إلى القاهرة للمشاركة في مفاوضات لوقف النار في غزة، لكن المتحدث الرسمي باسم نتنياهو نفى ذلك رسميًا.
اظهار أخبار متعلقة
وكان مقرّرا أن يحضر نتنياهو احتفال تنصيب البابا الجديد لاون الرابع عشر، إلا أن مكتبه اتخذ قرارًا بإلغاء الزيارة وعدم المجازفة بسبب احتمالية تنفيذ أمر الاعتقال.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد دعا نتنياهو لحضور قمة في شرم الشيخ لمتابعة اتفاقية وقف النار، لكنه أعلن عدم الحضور بسبب "توافق موعدها مع مناسبة دينية وطنية".
هجوم على المحكمة شهدت الفترة منذ إصدار المذكرات العديد من الأحداث البارزة، وطالت الاتهامات شخص المدعي العام للمحكمة، كريم خان. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 كشفت تقارير بأن الهيئة الإشرافية للمحكمة باشرت تحقيقًا خارجيًا في اتهامات بـ"التحرش الجنسي وسوء السلوك" بحق خان.
ونفى خان جميع الاتهامات وأكد أنها حملة تشهير تستهدفه مع وقف التحقيقات بشأن "إسرائيل"، وفي أيار/ مايو 2025 اضطر خان إلى تنحية نفسه مؤقتا عن منصبه ليتولى مدعيان آخران إدارة منصبه مؤقتا.
واستغلت "إسرائيل" هذه الاتهامات للطعن بشرعية المذكرات، وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، قدمت "إسرائيل" طلبًا إلى الدائرة الاستئنافية للمحكمة الجنائية الدولية لاستبعاد خان عن الملف وإلغاء المذكرات، بزعم أن الأخير "سعى لأهداف شخصية غير مشروعة لتشويه سمعة إسرائيل" وتشتيت الانتباه عن ادعاءات التحرش ضده.
بدورها، اتخذت الولايات المتحدة إجراءات واسعة، وفرضت عقوبات على أربعة من قضاة المحكمة في حزيران/ يونيو 2025 كردّ فعل على المذكرات.
Israel has filed a formal petition seeling the REMOVAL of ICC Prosecutor Karim Khan
Why? He filled the Arrest Warnets for Benjamin Netanyahu and Yoav Gallant.
وشنّت منظمات غير حكومية مؤيدة لـ"إسرائيل" حملات للتشكيك في نزاهة المحكمة وتحريض رأي عام معادٍ لها، ومع ذلك، لم يسفر أي من تلك المحاولات عن إلغاء أو تعليق المذكرات؛ فقد أقرّت المحكمة إبقاء التحقيقات قائمة.
مستقبل المذكرات من الناحية القانونية، تظل المذكرات سارية المفعول إلى أن تحسم المحكمة قضية اختصاصها، ونص المادة 89 من نظام روما يجعل تنفيذ مثل هذه الأوامر واجبًا على جميع الدول الأطراف، وهذا يعني أن أي دولة موقعة ملزمة قانونًا باعتقال نتنياهو وغالانت وتسليمهما إذا وجدا على أراضيها. ويذكر أن عدد هذه الدول حاليا هو 123 دولة.
اظهار أخبار متعلقة
وجاء في تقرير لموقع "لوفير ميديا - Lawfare Media" الأمريكي المتخصص في الشؤون القانونية أنه "لا يتوقع الكثيرون رؤية أيٍّ من الرجال الثلاثة (نتنياهو وغالانت والضيف) في قفص الاتهام في لاهاي قريبًا، لكن هذا لا يعني أنها بلا أثر على الإطلاق. ولن تدفع مذكرات التوقيف إسرائيل إلى تعليق حملتها العسكرية، مع ذلك، فإنها ستجعل نتنياهو وغالانت وأي أفراد آخرين يُحتمل توجيه اتهامات إليهم يفكرون مرتين قبل السفر إلى دول طرف في نظام روما الأساسي".
وأضاف التقرير "تبقى المذكرات أداة قانونية قائمة بشكل نظري، ولكن تنفيذها الفعلي مرهون بظروف مستقبلية سياسية وقانونية، وستبقى المذكرات حتى ظهور حسم قضائي نهائي بقضية الاختصاص أو تغيير كبير في الوضع السياسي. وفي حال انعقاد مرحلة ما بعد النزاع أو تسوية سياسية شاملة، فقد تسعى المحكمة مجددًا لتحريك إجراءاتها؛ أما في المدى القصير، فيبدو أن المذكرات ستظل حاضرة كظل قانوني يحدّ من تنقل الشخصيات المستهدفة، دون أن تؤدي إلى تنفيذ سريع ما لم يطرأ تحول جوهري في الموقف الدولي".