20- الابتكار
وريادة الأعمال كمحرك للنمو الاقتصادي
في
عصر تتسارع فيه وتيرة التحولات الاقتصادية والتكنولوجية بشكل غير مسبوق، لم يعد
النمو الاقتصادي مرتبطا فقط بحجم الموارد الطبيعية أو رأس المال التقليدي، بل أصبح
رهينا بقدرة الأمم على الابتكار وتحويل الأفكار الإبداعية إلى واقع ملموس يخلق
قيمة مضافة ويفتح آفاقا جديدة للتنمية.
تكشف
التجارب العالمية أن الدول التي نجحت في بناء اقتصادات قوية ومتقدمة هي تلك التي
استثمرت في الابتكار وريادة الأعمال، وحوّلت عقول أبنائها إلى مصانع للأفكار،
ومشاريعهم الناشئة إلى قاطرات للنمو والتشغيل. فالابتكار لم يعد ترفا فكريا أو
نشاطا هامشيا، بل أصبح ضرورة استراتيجية وخيارا حتميا لكل دولة تطمح إلى مكانة
مرموقة على الخريطة الاقتصادية العالمية. والأمم التي تتقدم اليوم ليست بالضرورة
الأغنى بالموارد، بل الأذكى في توظيف عقولها وإطلاق طاقاتها الإبداعية.
ومصر،
بما تمتلكه من ثروة بشرية شابة وطاقات إبداعية هائلة، تقف اليوم أمام فرصة تاريخية
لبناء منظومة وطنية متكاملة للابتكار تحول إمكاناتها الكامنة إلى قوة دافعة للنمو
الاقتصادي. لكن هذا التحول يحتاج إلى أكثر من مجرد رؤوس أموال ومختبرات، إنه يحتاج
إلى منظومة قيمية تحفز الإبداع وتكافئه، وثقافة مجتمعية تحتضن المبادرة وتتقبل
المخاطرة المحسوبة.
مصر، بما تمتلكه من ثروة بشرية شابة وطاقات إبداعية هائلة، تقف اليوم أمام فرصة تاريخية لبناء منظومة وطنية متكاملة للابتكار تحول إمكاناتها الكامنة إلى قوة دافعة للنمو الاقتصادي. لكن هذا التحول يحتاج إلى أكثر من مجرد رؤوس أموال ومختبرات، إنه يحتاج إلى منظومة قيمية تحفز الإبداع
وهنا
تبرز أهمية البعد الإسلامي، الذي لا يمثل قيدا على الابتكار بل محفزا له وموجها
لمساره. فالإسلام الذي حث على التفكر والتدبر في آيات الكون، والذي جعل طلب العلم
فريضة والعمل عبادة، يقدم إطارا أخلاقيا واقتصاديا يدفع نحو ابتكار هادف يخدم
الإنسان ويحقق العمران. حضارتنا الإسلامية التي أنتجت علماء ومخترعين غيروا وجه
التاريخ، من الخوارزمي إلى ابن الهيثم، تشهد على أن الابتكار في جوهره قيمة
إسلامية أصيلة عندما يُوظف لخدمة المجتمع وتحقيق المصلحة العامة.
إن
الطريق نحو وضع
مصر ضمن العشر الكبار اقتصاديا يمر حتما عبر بناء اقتصاد قائم على
المعرفة والابتكار، اقتصاد لا يكتفي باستهلاك
التكنولوجيا بل يساهم في إنتاجها
وتطويرها، اقتصاد يحتضن المبدعين ويشجع المخاطرة المحسوبة ويكافئ الإبداع، ويربط
كل ذلك بمنظومة قيمية تضمن أن يكون الابتكار في خدمة الإنسان والمجتمع.
وهذا
المقال يستعرض الرؤية الإسلامية للابتكار، والاستراتيجيات العملية لبناء هذه
المنظومة، مستلهما التجارب العالمية الناجحة، ومستشرفا التحديات التي يجب التغلب
عليها لتحقيق هذا الهدف الطموح.
الرؤية
الإسلامية للابتكار.. عندما يلتقي الإبداع بالقيم
في
قلب الحضارة الإسلامية، لم يكن الابتكار مجرد نشاط اقتصادي أو علمي، بل كان تجسيدا
عمليا لمبدأ الاستخلاف في الأرض. فالإنسان في المنظور الإسلامي ليس مستهلكا سلبيا
للموارد، بل مستخلف مكلف بإعمار الأرض وتطويرها، وهذا يستلزم بالضرورة التفكير
الإبداعي والسعي الدؤوب لتحسين الحياة.
الإبداع
كفريضة غائبة
عندما
أمر القرآن الكريم بالتفكر والتدبر في آيات الكون في أكثر من 700 آية، لم يكن ذلك
دعوة للتأمل السلبي، بل دفعا نحو البحث والاكتشاف والابتكار؛ "قُلْ سِيرُوا
فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا" ليست مجرد دعوة للسفر، بل منهج للملاحظة والتعلم
من تجارب الأمم والاستفادة منها. وعندما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن
الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه"، كان يرسي أساسا للتميز والإبداع في
كل مجال.
دروس
من بيت الحكمة
لم
تكن بغداد في عصرها الذهبي مجرد عاصمة سياسية، بل كانت مختبرا عملاقا للابتكار. في
بيت الحكمة، لم يكن العلماء المسلمون يكتفون بترجمة علوم الأمم السابقة، بل كانوا
يطورونها ويضيفون إليها ويبتكرون. الخوارزمي لم يكتف بالحساب الموروث، بل ابتكر
علم الجبر وأسس لعلم الخوارزميات الذي تقوم عليه ثورة المعلومات اليوم، وابن
الهيثم لم يقبل النظريات البصرية السائدة، بل أجرى تجارب علمية دقيقة وأسس لمنهج
البحث التجريبي قبل أوروبا بقرون.
هذا
التراث يخبرنا أن الابتكار الإسلامي لم يكن عشوائيا أو مقلدا، بل كان أصيلا وهادفا،
يستند إلى قيم واضحة: خدمة الإنسان، تحقيق المصلحة العامة، ونشر المعرفة دون
احتكار.
الضوابط
الأخلاقية: قوة لا قيد
في
عالم اليوم، حيث يطرح الابتكار تحديات أخلاقية معقدة -من الذكاء الاصطناعي إلى
التعديل الجيني- تبرز أهمية المنظور الإسلامي الذي يضع ضوابط أخلاقية واضحة دون أن
يكبل الإبداع. فالابتكار في الإطار الإسلامي مطلوب ومحفز، لكنه يجب أن يحقق
المقاصد الشرعية: حفظ النفس والعقل والمال، وتحقيق العدالة، ورفع الضرر عن المجتمع.
هذه
الضوابط ليست قيودا سلبية، بل هي بوصلة أخلاقية تضمن أن الابتكار يخدم الإنسانية
ولا يستعبدها، يحل المشكلات ولا يخلق أخرى. الشركات العالمية الكبرى اليوم تبحث عن
الابتكار المسؤول والذكاء الاصطناعي الأخلاقي، وهي مفاهيم كان الإسلام قد أرساها
منذ قرون.
ريادة
الأعمال: بين المخاطرة المحسوبة والتوكل
يقدم
الإسلام نموذجا فريدا في التعامل مع المخاطرة، وهي جوهر ريادة الأعمال. فهو لا
يدعو إلى التهور والمغامرة العشوائية، ولا إلى الجمود والخوف من الفشل؛ اعقلها
وتوكل هو المبدأ: خطط جيدا، استشر، ادرس السوق، ثم أقدم متوكلا على الله. الصحابة
كانوا تجارا مبدعين يخاطرون بأموالهم في رحلات تجارية محفوفة بالمخاطر، لكنها
مخاطرة محسوبة مبنية على معرفة بالأسواق وفهم للفرص.
والإسلام
حين يشجع على الصدقة الجارية والوقف، يقدم نموذجا مبكرا للاستثمار الاجتماعي
والابتكار الذي يحقق عائدا مجتمعيا مستداما، وهو ما تسعى إليه اليوم حاضنات
الأعمال الاجتماعية والمشاريع الهادفة للربح والأثر معا.
الذكاء
الاصطناعي الخادم: حين تكون التقنية تابعا للمقاصد لا سيدا عليها
في
ظل الثورة التقنية المتسارعة، لم يعد السؤال المركزي هو ماذا يمكن للذكاء
الاصطناعي أن يفعل؟ بل لماذا وكيف نوجهه ليكون خادما للإرادة الإنسانية النبيلة؟
هنا تبرز بوصلة المقاصد الشرعية كإطار حاكم، يحوّل هذه التقنية من قوة عمياء إلى
أداة ذكية تُوظف في خدمة الإنسان وتحقيق العمران. فالتقنية في المنظور الإسلامي -مثلها
مثل أي مورد- هي وسيلة وليست غاية، وخضوعها للمقاصد يعني أنها تُصمم لتحقيق مصلحة
حقيقية، لا لمجرد تحقيق إنجاز تقني.
فخوارزمية
التمويل الآلي لا تكتفي بتحقيق الربح، بل تُبرمج لتحقيق مقصد حفظ المال بتجنب
الربا والغش والمضاربة المدمرة. ونظام التعرف على الوجوه لا يُطلق في الفضاء دون
ضابط، بل يُحكم بقانون حفظ النفس والعرض والكرامة. الذكاء الاصطناعي الخادم هو ذاك
الذي يُصمم ليُسهّل الصلاة والصيام، لا ليعيقها، وليُعزز قيم الشفاقة والعدل، لا
ليهدرها. إنه الابتكار الذي يضع الضمانة الأخلاقية قبل الجاذبية التسويقية، فيتحول
من سيد يفرض منطقه إلى تابع أمين يحقق رسالة الإنسان في الأرض: التعمير والاستخلاف.
من
جامد إلى دافع: تحويل الوقف إلى محرك للاقتصاد الإبداعي
لم
يعد الوقف مجرد عقارات جامدة تدر ريعا محدودا، بل يمكن أن يتحول إلى أقوى محرك استثماري
للاقتصاد الإبداعي. تخيل صندوقا وقفيا لا يوزع صدقات، بل يستثمر في عقول الشباب وأفكارهم،
فيتحول ريعه إلى رأس مال مجتمعي صبور ينتظر النمو لسنوات. هذا الوقف الجديد لن يمول
بناء مساجد فقط، بل سيمول حاضنات أعمال تستضيف مئات المبتكرين، ومعامل تصنيع رقمي يحول
أفكارهم إلى نماذج أولية، ومِنحا استثمارية للشركات الناشئة في مجالات الطاقة النظيفة
والتكنولوجيا الطبية. الوقف هنا لا يقدم هبة، بل يدخل في شراكات مضاربة حقيقية، يتحمل
فيها المخاطرة ويشارك في النجاح، فيتحول من دائن إلى شريك. ريع هذه الاستثمارات لن
يعود فقط إلى المستفيدين التقليديين، بل سيضخ من جديد في الصندوق الوقفي لينمو ويتوسع،
ويولد دورة اقتصادية متجددة تخلق فرص العمل وتطلق الطاقات الإبداعية. هكذا نعيد إحياء
سنة الوقف بمنطق العصر، فنتحول من ثقافة الإنفاق على المشروعات إلى ثقافة الاستثمار
في المشروعات، ليصبح الوقف أقوى دافع لاقتصاد المعرفة والإبداع.
من
النظرية إلى التطبيق: بناء منظومة ابتكار بهوية إسلامية
هذه
الرؤية الإسلامية للابتكار ليست مجرد أطروحات نظرية أو شعارات براقة، بل تترجم
عمليا إلى منهج متكامل في بناء منظومة الابتكار المصرية. فالابتكار الحقيقي يجب أن
يكون هادفا يحل مشكلات حقيقية ويخدم المجتمع، لا مجرد منتجات استهلاكية تافهة تلهث
وراء الربح السريع. وهذا يعني أن نوجه طاقات المبتكرين نحو القضايا التي تمس حياة
الناس: الصحة، والتعليم، والغذاء، والطاقة النظيفة، وحلول التحديات البيئية.
والمنظومة
التي نبنيها يجب أن تكفل العدالة في توزيع فرص الابتكار، فلا يكون الإبداع حكرا
على النخبة في القاهرة والإسكندرية، بل متاحا لشاب طموح في أسوان أو مطروح لديه
فكرة تستحق الدعم. والشراكة الحقيقية بين المبتكر والمجتمع تعني أن النجاح الفردي
للشركة الناشئة يجب أن يترجم إلى فرص عمل ونقل للمعرفة ومساهمة في التنمية
المحلية، لا مجرد إثراء سريع لمؤسس المشروع.
والاستدامة
في منظومة الابتكار تعني أن نفكر في الأجيال القادمة، فلا نستنزف مواردنا الطبيعية
أو البشرية في سباق محموم نحو النمو السريع، بل نبني اقتصادا معرفيا يتجدد ويزدهر
عبر الأجيال، والشفافية والنزاهة في التعاملات التجارية وحماية حقوق الملكية
الفكرية واحترام الشراكات تصبح ليست مجرد قوانين نلتزم بها، بل قيم نؤمن بها لأنها
جزء من منظومتنا الأخلاقية.
إن
الرؤية الإسلامية للابتكار هي في جوهرها دعوة لبناء منظومة أصيلة تنطلق من هويتنا
وقيمنا، لا تستورد نماذج جاهزة من الغرب أو الشرق، بل تستلهم منها وتتعلم ثم تطور
نموذجها الخاص الذي يجمع بين التحفيز على الإبداع والالتزام بالقيم، بين الطموح
للتميز والمسؤولية تجاه المجتمع. وهذا بالضبط ما تحتاجه مصر لبناء منظومة ابتكار
مستدامة تقودها نحو مصاف الدول العشر الكبرى اقتصاديا.
التجارب
الدولية.. دروس من ميادين النجاح
الرؤية الإسلامية للابتكار هي في جوهرها دعوة لبناء منظومة أصيلة تنطلق من هويتنا وقيمنا، لا تستورد نماذج جاهزة من الغرب أو الشرق، بل تستلهم منها وتتعلم ثم تطور نموذجها الخاص الذي يجمع بين التحفيز على الإبداع والالتزام بالقيم، بين الطموح للتميز والمسؤولية تجاه المجتمع
الابتكار
ليس احتكارا غربيا، بل هناك تجارب ملهمة من مختلف القارات، دول بدأت من ظروف أصعب
من مصر لكنها قفزت اقتصاديا ببناء منظومات ابتكار قوية. دعونا نستخلص الدروس
القابلة للتطبيق في السياق المصري.
سنغافورة
حولت جزيرة صغيرة بلا موارد إلى عاصمة عالمية للابتكار باستثمار كل شيء في الإنسان؛
نظام تعليمي صارم يركز على العلوم والتكنولوجيا، واستقطاب أفضل الجامعات العالمية،
وبيئة أعمال نموذجية بإجراءات سريعة ونزاهة مطلقة، ورؤية استراتيجية بعيدة المدى
تتطور بوضوح من مرحلة لأخرى.
كوريا
الجنوبية كانت في الخمسينيات أفقر من معظم أفريقيا، واليوم تصدر التكنولوجيا
للعالم. سرها في الخطط الخمسية الواضحة التي تركز في كل مرحلة على قطاع واحد حتى
إتقانه، والاستثمار الهائل في التعليم والبحث، وثقافة تحترم العلم والاجتهاد بشدة.
الصين
حولت شنتشن من قرية صيد فقيرة إلى عاصمة التكنولوجيا بإعلانها منطقة اقتصادية خاصة
جذبت الشركات الأجنبية، تعلمت منها، ثم تجاوزتها. الصين لم تكتف بالتصنيع للآخرين،
بل استثمرت بكثافة في البحث والتطوير حتى أصبحت رائدة لا تابعة.
الهند
بنت في بنغالور عاصمة البرمجيات العالمية من خلال معاهد تقنية نخبوية (IIT)
تنتج آلاف المبرمجين سنويا، واستفادت من اللغة الإنجليزية كجسر للعالم، واستثمرت
الشتات الهندي في وادي السيليكون كقناة للمعرفة ورأس المال.
الإمارات
فهمت مبكرا أن النفط سينضب، فاستثمرت عائداته في بنية تحتية عالمية وبيئة أعمال
جاذبة؛ أطلقت استراتيجيات وطنية للابتكار والذكاء الاصطناعي بتمويل سخي، وجلبت
أفضل الجامعات والشركات، وخلقت مناطق حرة متخصصة لكل قطاع.
رواندا
نهضت من رماد الإبادة الجماعية لتصبح الأكثر تقدما رقميا في أفريقيا. قررت القفز
فوق مراحل التطور التقليدية والاستثمار مباشرة في الحلول الرقمية؛ حكومة
إلكترونية، وطائرات بدون طيار لتوصيل الدواء، ونظام دفع رقمي شامل. الرؤية الواضحة
من القيادة والإرادة الحديدية للتنفيذ صنعتا المعجزة.
ماليزيا
انتقلت من اقتصاد زراعي إلى صناعي ثم معرفي خلال جيلين فقط؛ استثمرت في التعليم
التقني، وجذبت الاستثمارات الأجنبية بحوافز ذكية، ثم فرضت عليها نقل التكنولوجيا
وتدريب العمالة المحلية. اليوم ماليزيا تصدر الإلكترونيات وأشباه الموصلات للعالم.
فنلندا
حولت اقتصادا يعتمد على الخشب والورق إلى اقتصاد معرفي قائم على الابتكار. استثمرت
4 في المئة من ناتجها القومي في البحث والتطوير، وأعطت الجامعات استقلالية كاملة
وتمويلا سخيا، وبنت شراكات قوية بين الأكاديميا والصناعة. "Nokia"
وحدها كانت تمثل 4 في المئة من اقتصاد البلد، وحين انهارت لم تنهر فنلندا، بل ظهرت
مئات الشركات الصغيرة من رحمها.
تشيلي
في أمريكا اللاتينية أصبحت نموذجا للابتكار بإطلاق برنامج "ستارت-أب تشيلي"
الذي يدفع لرواد الأعمال من كل العالم للقدوم وتأسيس شركاتهم فيها، بتأشيرات سريعة
ودعم مالي وإرشاد مجاني. جلبت مئات المشاريع المبتكرة وخلقت نظاما بيئيا حيا
للابتكار.
القواسم
المشتركة.. ما يوحد كل هذه القصص
رغم
اختلاف السياقات والثقافات، تتفق كل التجارب الناجحة على عناصر أساسية: رؤية
استراتيجية واضحة وإرادة سياسية قوية للتنفيذ، واستثمار ضخم في التعليم والتدريب
لأن الإنسان هو رأس المال الحقيقي، وبيئة أعمال محفزة بقوانين واضحة وإجراءات
سريعة ونزاهة، وتركيز استراتيجي على قطاعات محددة بدلا من التشتت، ودعم حكومي ذكي
في البداية ثم ترك المجال للقطاع الخاص، وانفتاح على العالم والتعلم من الآخرين
دون فقدان الهوية، وثقافة تحترم الابتكار وتتقبل الفشل كجزء من التعلم.
مصر
تمتلك ما لا تمتلكه كثير من هذه الدول: موقع استراتيجي فريد يربط القارات، وسوق
ضخم يتجاوز المئة مليون نسمة، وتاريخ حضاري عريق يمنح ثقة وهوية، وثروة بشرية شابة
تشكل أكثر من 60 في المئة من السكان. المسألة ليست في الإمكانيات، بل في الإرادة
والتنفيذ. الطريق واضح، والنماذج الناجحة
أمامنا، والموارد متوفرة، ينقصنا فقط القرار الجاد بالبدء والاستمرار مهما كانت
العقبات.
في
المقال التالي -إن شاء الله- سنحدد استراتيجيات الابتكار وريادة الأعمال وأهم
المخاطر والتحديات التي تواجه البيئة المصرية.