قضايا وآراء

مصر ضمن الـ10 الكبار اقتصاديا: رؤية إسلامية لنهضة اقتصادية شاملة (15)

علي شيخون
"بناء الإنسان المصري كمحرك رئيس للنهضة الاقتصادية"- عربي21
"بناء الإنسان المصري كمحرك رئيس للنهضة الاقتصادية"- عربي21
عندما نتحدث عن بناء الإنسان المصري كمحرك للنهضة الاقتصادية، فإننا لا نبدأ من فراغ، بل من قاعدة صلبة من القيم والمبادئ التي تشكل الأساس الذي يقوم عليه البناء كله
15- بناء الإنسان المصري كمحرك للنهضة الاقتصادية

في رحلتنا الاستراتيجية عبر هذه السلسلة نحو تحقيق حلم مصر في مصاف العشرة الكبار اقتصاديا، وصلنا إلى أهم محطاتها وأكثرها حساسية، الإنسان المصري. فبعد أن استكشفنا الأسس الفلسفية والمؤسسية، وحللنا المقومات الاستراتيجية والموارد المتاحة، يبرز أمامنا السؤال الجوهري: كيف نبني الإنسان القادر على قيادة هذه النهضة الاقتصادية الطموحة؟

إن التاريخ يعلمنا حقيقة لا تقبل الجدل؛ أن الأمم لا تنهض بالموارد والخطط والاستراتيجيات وحدها، بل بالإنسان الذي يحمل هذه الخطط على كتفيه، ويحولها من أحلام على الورق إلى واقع ملموس في الحياة. والحضارة الإسلامية في أوج عطائها تقدم لنا أروع الأمثلة على هذه الحقيقة، حين صنعت نهضة حقيقية امتدت من الأندلس إلى آسيا الوسطى، لا بقوة السلاح وحده، بل بقوة الإنسان المؤمن المبدع المنتج.

وفي عصر يتسارع فيه التطور التكنولوجي بوتيرة مذهلة، ويشهد تحولات جذرية في طبيعة العمل والإنتاج، تزداد أهمية العنصر البشري أكثر من أي وقت مضى. فالذكاء الاصطناعي والأتمتة لن تلغي دور الإنسان، بل ستعيد تعريفه، وتضع أمامه تحديات جديدة تتطلب مهارات مختلفة وقيما راسخة وقدرات متجددة على التعلم والتكيف.


في هذا السياق، يبرز السؤال المحوري: ما هي خصائص الإنسان المصري الذي نحتاجه لقيادة النهضة الاقتصادية؟ وكيف نبني منظومة تنمية بشرية شاملة تجمع بين أصالة القيم الإسلامية وحداثة المهارات المطلوبة للقرن الحادي والعشرين؟

إن الإسلام لا ينظر إلى التنمية البشرية كمجرد عملية لإكساب المهارات التقنية، بل كعملية شاملة لبناء الشخصية المتوازنة التي تجمع بين القوة الروحية والكفاءة المهنية، وبين الالتزام الأخلاقي والفعالية الاقتصادية. وهذا التوازن الفريد هو ما يمكن أن يكون الميزة التنافسية الحقيقية للإنسان المصري في المنافسة العالمية.

في هذا المقال، سنستكشف معا كيف يمكن لمصر أن تبني منظومة تنمية بشرية متميزة تجمع بين عمق التراث الإسلامي وتقدم العلوم الحديثة، وبين أصالة القيم الراسخة وحداثة المهارات المطلوبة. سنتعلم من التجارب العالمية الناجحة دون أن نفقد هويتنا، ونستفيد من أحدث النظريات في التنمية البشرية دون أن نتخلى عن قيمنا.

التربية الإيمانية والأخلاقية كأساس للنهضة

تمثل التربية الإيمانية في المنظور الإسلامي المنبعَ الروحي والوقودَ المعنوي لأي نهضة حقيقية. فهي لا تهدف إلى مجرد تكوين فرد صالح في محيطه الضيق، بل إلى صناعة الإنسان-الرسالة الذي يرى في عمارة الأرض وتحقيق التقدم المادي جزءا لا يتجزأ من عبادة الله تعالى. وهذا يعني أن الإيمان هنا ليس شعورا وجدانيا منعزلا، بل هو قوة محركة تزرع في النفس مسؤولية كونية؛ مسؤولية الخليفة الذي استُخلف في الأرض ليعمرها بالعدل والإحسان.

عندما نتحدث عن بناء الإنسان المصري كمحرك للنهضة الاقتصادية، فإننا لا نبدأ من فراغ، بل من قاعدة صلبة من القيم والمبادئ التي تشكل الأساس الذي يقوم عليه البناء كله. وهذا الأساس في التصور الإسلامي ليس مجرد إضافة جمالية أو لمسة روحانية، بل هو القوة المحركة الحقيقية للإنتاج والإبداع والتميز.

إن الإيمان الراسخ يولد في النفس البشرية طاقة هائلة من الدافعية والإصرار والعطاء. فالمؤمن الحق لا يعمل فقط من أجل الكسب المادي أو التقدير الاجتماعي، بل يعمل وهو مدرك أن عمله عبادة، وأن إتقانه واجب ديني، وأن إنتاجه مسؤولية أمام الله والتاريخ والأجيال القادمة.

وهذا ما نلمسه بوضوح في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه". هذا التوجيه النبوي الكريم يحول العمل من مجرد وظيفة أو مهنة إلى رسالة مقدسة، ويرفع من مستوى الأداء ويحفز على التطوير المستمر.

إن القيم الإسلامية ليست مجرد مثاليات نظرية، بل هي قواعد عملية تؤثر إيجابيا على الأداء الاقتصادي والإنتاجي. فالصدق في المعاملة يبني الثقة ويخفض تكاليف المراقبة والمتابعة، والأمانة في العمل تقلل من المخاطر وتزيد من الكفاءة، والعدالة في التعامل تخلق بيئة عمل إيجابية تحفز على الإبداع والعطاء.

وعندما نطالع تجارب الشركات العالمية الناجحة، نجد أن أكثرها تميزا هي التي تتبنى قيما أخلاقية راسخة في ثقافتها المؤسسية. الفرق أن هذه القيم في التصور الإسلامي لها جذور عميقة في العقيدة، مما يجعلها أكثر ثباتا واستدامة ومقاومة للتغيرات والضغوط.

وتزداد أهمية الأخلاقيات المهنية كعامل حاسم في نجاح المؤسسات وتميزها. العملاء والمستثمرون والموردون يبحثون عن الشركات التي يثقون في نزاهتها ومصداقيتها، والموظفون المتميزون ينجذبون للمؤسسات التي تحترم قيمهم وتقدر إنسانيتهم.

الإسلام قدم منظومة أخلاقية متكاملة تجعل من الممكن بناء ثقافة مؤسسية متينة تقوم على الثقة المتبادلة والاحترام والتعاون. هذه الثقافة لا تؤدي فقط إلى تحسين المناخ العام للعمل، بل تنعكس إيجابيا على الإنتاجية والجودة والابتكار.

إن من أكبر الأخطاء الشائعة في فهم التنمية الاقتصادية هو الاعتقاد بأن القيم والأخلاق مجرد كماليات يمكن الاستغناء عنها في سبيل تحقيق النمو السريع. هذا الفهم المغلوط يتجاهل حقيقة علمية مؤكدة: القيم الراسخة هي الأساس الحقيقي للإنتاجية المستدامة والتميز طويل المدى.

يمثل مبدأ التسخير نظرة المسلم للكون والموارد من حوله على أنها مسخّرة له ليكشف قوانينها ويوظفها للخير. هذه النظرة تنتج عقلية استكشافية وإبداعية، وتقضي على نظرة العداوة بين الدين والعلم أو بين الإيمان والتقدم التكنولوجي، فطلب العلم النافع والابتكار في كل المجالات هو استجابة لهذا التسخير.

ويأتي مبدأ المراقبة الذاتية (الإحسان) أن تعبد الله كأنك تراه، وهو أعلى درجات الإيمان، وعند تطبيقه في مجال العمل، يتحول إلى أقوى نظام للجودة الشاملة على الإطلاق. الموظف أو الصانع أو المدير الذي يستشعر مراقبة الله له في تفاصيل عمله، لن يحتاج إلى رقابة خارجية مكلفة، وسيسعى دائما للإجادة والإبداع، لأن عمله أصبح مرتبطا برضا ربه.

إن مبدأ الإحسان في الإسلام ليس مجرد دعوة أخلاقية، بل هو منهج شامل للحياة والعمل. "وأحسنوا إن الله يحب المحسنين"؛ هذا التوجيه القرآني يرسي أساسا قويا لثقافة التميز والجودة العالية في كل مناحي الحياة.

والإتقان، كما ورد في الحديث النبوي الشريف، يحول العمل من مجرد أداء وظيفي إلى عبادة وإبداع. فالمسلم الحق لا يكتفي بإنجاز العمل المطلوب منه، بل يسعى دائما لتحسينه وتطويره وإتقانه إلى أعلى مستوى ممكن.

هذان المبدآن -الإحسان والإتقان- عندما يترسخان في ثقافة العمل، يخلقان بيئة من التميز المستمر والتطوير الدائم، وهو ما تحتاجه أي أمة تسعى للنهضة والريادة.

الأمانة في التصور الإسلامي ليست مجرد عدم السرقة أو الاختلاس، بل هي منظومة شاملة من المسؤوليات تجاه العمل والوقت والموارد والعلاقات. الموظف الأمين هو الذي يحافظ على وقت العمل، ويستخدم موارد المؤسسة بحكمة، ويحرص على مصلحتها كما يحرص على مصلحته الشخصية.

وهذا المستوى العالي من الأمانة والمسؤولية يخفض بشكل كبير من تكاليف الرقابة والمتابعة، ويقلل من المخاطر التشغيلية، ويزيد من كفاءة الأداء العام. فالمؤسسة التي يتمتع موظفوها بمستوى عالٍ من الأمانة تستطيع أن تركز طاقتها على الإبداع والتطوير بدلا من إنفاقها على أنظمة الرقابة المعقدة.

العدالة في التعامل بين الموظفين، وفي توزيع المكافآت والترقيات، وفي تحميل المسؤوليات، تخلق مناخا إيجابيا يحفز الجميع على بذل أفضل ما لديهم، فالعامل الذي يشعر بالعدالة يكون أكثر استعدادا للعطاء والتضحية من أجل نجاح المؤسسة. أما الظلم وعدم العدالة فيخلقان بيئة من الإحباط والسلبية تنعكس حتما على مستوى الأداء والإنتاجية. ولهذا نجد أن المؤسسات الناجحة عالميا تولي اهتماما كبيرا لضمان العدالة في أنظمتها الإدارية.

إن الصبر والمثابرة، وهما من القيم الأساسية في الإسلام، يلعبان دورا حاسما في تحقيق النجاح الاقتصادي المستدام. فالنهضة الحقيقية لا تحدث بين ليلة وضحاها، بل تحتاج إلى جهود مستمرة ومثابرة طويلة المدى.

الشعوب التي تتمتع بثقافة الصبر والمثابرة هي التي تستطيع أن تحقق إنجازات حقيقية وتبني حضارات عظيمة، وهذا ما نلمسه في تجارب الأمم الناجحة، حيث نجد أن نهضتها لم تكن وليدة اللحظة، بل نتيجة لعقود من الجهد المتواصل والعمل الدؤوب.

ويقوم مبدأ التوكل والأخذ بالأسباب بضبط العلاقة بين الجهد البشري والنتائج. فالإيمان يدفع إلى بذل الجهد المطلق والأخذ بكل الأسباب المتاحة (وهذا هو دور الإنسان)، ثم يربط القلب بالتوكل على الله في تحقيق النجاح (وهذا هو دور الإيمان). هذه المعادلة تمنع الإحباط عند الفشل، وتقضي على الغرور عند النجاح، وتحافظ على استمرارية العطاء.

أما مبدأ المسؤولية والمحاسبة؛ فيوسع دائرة المسؤولية من النطاق الشخصي إلى نطاق الأمة والأجيال القادمة، فالإنسان المؤمن مسؤول عن عمله أمام الله أولا، ثم أمام المجتمع والتاريخ. هذه المسؤولية المتعددة المستويات تخلق ضميرا عملاقا هو حجر الأساس للنزاهة والشفافية والعدالة.

هذه المبادئ مجتمعة لا تنتج مجرد عاملٍ جيد، بل تنتج الإنسان الاستراتيجي صاحب الرؤية، الذي يبني مشروعه الاقتصادي على أسس متينة من القيم، فيكون نجاحه نجاحا حقيقيا ومستداما.

مهارات لازمة للإنسان المصري للعصر جديد

إن بناء الإنسان المصري القادر على قيادة النهضة الاقتصادية لا يقتصر على ترسيخ القيم والأخلاق فحسب، بل يمتد إلى تزويده بالمهارات الحيوية التي يتطلبها عصر التحولات المتسارعة. نحن نعيش في لحظة تاريخية فاصلة، حيث تعيد التكنولوجيا تشكيل طبيعة العمل والإنتاج بوتيرة لم تشهدها البشرية من قبل.

لكن الخطر الحقيقي ليس في هذا التطور التكنولوجي ذاته، بل في عجزنا عن مواكبته والاستفادة منه. والفرصة الذهبية أمامنا تكمن في أن نكون جزءا من هذا التحول، لا مجرد متفرجين عليه أو ضحايا له.

والتفكير النقدي بوصلة مهمة في عصر المعلومات، ففي عالم تتدفق فيه المعلومات كشلّال جارف، لم تعد القدرة على حفظ المعلومات هي المطلوبة، بل القدرة على تحليلها وتقييمها وتوظيفها. التفكير النقدي أصبح المهارة الأساسية التي تفرق بين من يقود التطور ومن ينقاد خلفه.

الإنسان المصري الذي نريد بناءه يجب أن يكون قادرا على طرح الأسئلة الصحيحة، وتحليل المشكلات المعقدة، وتقييم البدائل المختلفة، واتخاذ قرارات مدروسة في ظل عدم اليقين. هذه المهارة ليست ترفا فكريا، بل ضرورة حيوية في عصر تتسارع فيه وتيرة التغيير وتتعقد فيه التحديات.

والجميل في الأمر أن الإسلام قد حثنا منذ قرون على إعمال العقل والتفكر والتدبر؛ "أفلا تعقلون".. "أفلا تبصرون".. "أفلا تفكرون"، هذه الآيات الكريمة تدعونا لاستخدام عقولنا في فهم الكون من حولنا وسنن الله فيه.

إن الانتقال من مجرد تقليد النماذج الناجحة إلى إبداع حلول جديدة ومبتكرة هو قلب التحول الذي نسعى إليه، فالإبداع ليس موهبة خاصة يولد بها البعض دون غيرهم، بل هو مهارة تمكن تنميتها وتطويرها من خلال البيئة المناسبة والتدريب المنهجي.

المجتمعات التي تشجع على طرح الأسئلة غير المألوفة، وتتقبل الأخطاء كجزء من عملية التعلم، وتكافئ الحلول الإبداعية حتى لو لم تنجح في البداية، هي التي تنتج المبدعين والمبتكرين. أما المجتمعات التي تكبت الفضول وتعاقب على المحاولة وتكتفي بالحلول التقليدية، فهي محكومة بالتخلف والتبعية.

التعلم المستمر أهم مهارة في القرن الحادي والعشرين ربما تكون مهارة التعلم نفسها. ففي عصر تتطور فيه المعرفة والتكنولوجيا بسرعة مذهلة، لم يعد كافيا أن نتعلم مرة واحدة ونعتمد على هذا التعلم طوال حياتنا، بل أصبح التعلم المستمر ضرورة حيوية للبقاء والنجاح

ولم تعد المهارات الرقمية مجرد تخصص تقني، بل أصبحت لغة العصر التي يجب أن يتقنها كل إنسان يريد أن يكون فاعلا في عالم اليوم؛ من البرمجة البسيطة إلى فهم البيانات الضخمة، ومن التعامل مع الذكاء الاصطناعي إلى إدارة المنصات الرقمية، هذه المهارات باتت ضرورية في كل المجالات تقريبا.

لكن الهدف ليس أن نحول كل المصريين إلى مبرمجين، بل أن نُكسبهم الذكاء الرقمي الذي يمكنهم من فهم عالم التكنولوجيا والتعامل معه بكفاءة. هذا يشمل القدرة على تعلم استخدام الأدوات الجديدة، وفهم كيفية عمل الأنظمة الرقمية، والتعامل الآمن مع المعلومات الحساسة، والاستفادة من الفرص التي تتيحها التكنولوجيا.

والنهضة لا تحدث بانتظار من يقودها، بل تحتاج إلى أفراد يتحملون مسؤولية صناعة التغيير. لهذا نحتاج إلى تنمية روح القيادة والمبادرة في كل مصري، ليس بمعنى أن يصبح الجميع مديرين، بل بمعنى أن يكون كل فرد قائدا في مجاله ومؤثرا في محيطه.

القيادة الحقيقية تبدأ بالقدوة الشخصية، والاستعداد لتحمل المسؤولية، والجرأة على اتخاذ قرارات صعبة، والقدرة على إلهام الآخرين وتحفيزهم. وهذه الصفات متجذرة في تراثنا الإسلامي، حيث يأمرنا الله بأن نكون أمة وسطا تقود العالم نحو الخير والعدالة.

التعلم المستمر أهم مهارة في القرن الحادي والعشرين ربما تكون مهارة التعلم نفسها. ففي عصر تتطور فيه المعرفة والتكنولوجيا بسرعة مذهلة، لم يعد كافيا أن نتعلم مرة واحدة ونعتمد على هذا التعلم طوال حياتنا، بل أصبح التعلم المستمر ضرورة حيوية للبقاء والنجاح.

والتفكير المنظومي مهم في عالم معقد ومترابط، لم يعد كافيا أن نفهم جزءا واحدا من المشكلة، بل نحتاج إلى رؤية الصورة الكاملة وفهم كيفية تأثير الأجزاء المختلفة على بعضها البعض. التفكير المنظومي يساعدنا على فهم الظواهر المعقدة واتخاذ قرارات أفضل تأخذ في الاعتبار جميع العوامل المؤثرة.

هذا النوع من التفكير ضروري خاصة في التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تتطلب حلولا شاملة ومتكاملة، فالإنسان الذي يفكر بطريقة منظومية يستطيع أن يرى الفرص التي لا يراها الآخرون، ويجد حلولا إبداعية للمشكلات المستعصية.

وفي المقال التالي من هذه السلسلة سنكمل فكرة بناء الإنسان المصري كمحرك رئيس للنهضة الاقتصادية.
التعليقات (0)

خبر عاجل