أظهر تحليل نشرته صحيفة "التلغراف" البريطانية أن حركة
حماس استعادت السيطرة على قطاع
غزة خلال ساعات من انسحاب جيش الاحتلال
الإسرائيلي، مشيرةً إلى أن الحركة بدأت بتنفيذ عمليات إعدام وقمع للمعارضين، إلى جانب إعادة تسليح وترميم شبكة أنفاقها.
وذكرت صحيفة "معاريف" العبرية، نقلا عن وكالات، أن حماس عادت إلى مدينة غزة وبقية المناطق الحضرية في القطاع فور انسحاب جيش الاحتلال ضمن المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام، وكأن العامين الأخيرين من الحرب لم يحدثا، مضيفة أن الحركة التي كانت تستتر قبل أيام في الأنفاق من الغارات الجوية، عادت لتفرض واقعا جديدا من الانتقام والاستجوابات والإعدامات العلنية بحق المتواطئين مع جيش الاحتلال.
وبحسب "التلغراف"، فإن حماس باشرت بإعادة تجنيد عناصرها وتسليحهم وتنظيم صفوفهم، إلى جانب إصلاح شبكة الأنفاق التي دمرتها الحرب، كما أشار التقرير إلى أن مسؤولين كبارا من إدارة ترامب زاروا إسرائيل الأسبوع الماضي للتأكيد على التزامهم بالاتفاق، رغم المخاوف من أن الجماعة "لن ترحل".
ونقلت الصحيفة عن كوبي مايكل، الرئيس السابق للقسم الفلسطيني في وزارة الشؤون الاستراتيجية، قوله إن حماس "تحاول إعادة صياغة واقع ما بعد الحرب في غزة لتصبح قوة لا يمكن تجاوزها"، مؤكدا أنها تحقق تقدما يوميا وأنها "لن تنزع سلاحها ولن تغادر القطاع طوعا".
وأشار التقرير إلى أن التعامل مع العائلات المسلحة في غزة شكل أولوية لدى الحركة، حيث شنت حماس في نهاية الأسبوع الأول من وقف إطلاق النار هجوما على عشيرة دغماش قرب غزة، وأسفر ذلك عن إطلاق نار جماعي على الأسرى أمام حشود كبيرة، ما أثار صدمة عالمية.
ومنذ ذلك الحين، دارت معارك أخرى أقل بروزا ولكنها شديدة العنف ضد فصائل منها جماعة ياسر أبو شباب في الجنوب، ووفق التقرير، فإن هذه الجماعات باتت عاجزة بعد توقف الغطاء الجوي الإسرائيلي، فيما تمتلك حماس ذخيرة وفيرة وصواريخ "آر بي جي" وطائرات مسيرة صغيرة.
وأوضحت "التلغراف" أن حسابات تابعة لحماس على مواقع التواصل نشرت باستمرار أخبارا وصورا عن مقتل معارضين، كما حصلت الحركة على معدات جديدة بينها سيارات دفع رباعي وأسلحة، يُعتقد أن بعضها كان من أصل إسرائيلي.
اظهار أخبار متعلقة
ونقلت الصحيفة عن الباحث كوبي مايكل قوله إن ترامب هدد بـ"تدمير" حماس في حال رفضت نزع سلاحها، لكن الحركة "لا تأخذ تهديداته على محمل الجد"، لأنها تدرك "بحسب مايكل" أن اهتمامه ينحصر في إنهاء الحرب وليس في تفاصيل المراحل اللاحقة من خطته، مضيفا أن ترامب "يريد هدوءا في غزة ليستمر ببناء تحالفه الإقليمي"، في حين يمنح البيت الأبيض دورا متزايدا لتركيا وقطر اللتين وُصفتا بـ"الحارستين الرسميتين للخطة" رغم تعاطفهما مع أيديولوجية جماعة الإخوان المسلمين.
ووفق التقرير، يخشى مسؤولون إسرائيليون من أن يؤدي هذا التعاون إلى إطالة المفاوضات وإلى قبول واشنطن بوضع لا ينزع فيه سلاح حماس فعليا، وأشارت "التلغراف" إلى أن إعادة تقديم حماس كسلطة أمر واقع قد تكون جزءا من هذه الاستراتيجية.
في السياق ذاته، نقلت الصحيفة عن أحمد فؤاد الخطيب، المحلل السياسي الغزي المقيم في الولايات المتحدة، قوله إن "حماس بعد تسليم الأسرى لم يعد لديها ما تساوم عليه سوى سيطرتها على مليوني فلسطيني في القطاع"، موضحا أن الحركة أعادت فتح مراكز "الاستجواب" في غزة.
وتابعت "التلغراف" أن المفاوضات الجارية في مصر حول مستقبل غزة تهدد بكشف الانقسامات الإقليمية، إذ تميل تركيا وقطر إلى تثبيت حماس كلاعب سياسي رئيسي، في حين تسعى السعودية والإمارات إلى تعزيز دور السلطة الفلسطينية في القطاع، كما ذكرت الصحيفة أن بعض الفصائل المسلحة غير المنضوية تحت حماس ترتبط بعلاقات طويلة الأمد مع حركة فتح وتأمل بعودتها إلى غزة.
اظهار أخبار متعلقة
وبحسب التقرير، فإن تشكيل "قوة استقرار دولية" في القطاع سيكون عاملاً حاسماً في المرحلة المقبلة، وأكدت إسرائيل أنها ترفض أي مشاركة تركية، بينما يضغط البيت الأبيض على رئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو للانفتاح، وأشار إلى أن إندونيسيا وأذربيجان هما أبرز الدول المرشحة للمشاركة في القوة، لكن هذا لا يبعث "وفق الخبراء الإسرائيليين" على الثقة بقدرتها على فرض نزع سلاح حقيقي، مشيرين إلى فشل قوة "اليونيفيل" في جنوب لبنان في الحد من تسلح حزب الله.
ولفتت "التلغراف" إلى أن حماس دعت المواطنين عبر قنواتها على الإنترنت إلى الإبلاغ عن الذخائر غير المنفجرة في القطاع، ما أثار مخاوف من إمكانية إعادة استخدامها في معارك مستقبلية.
وختم التقرير بالإشارة إلى أن سكان غزة ما زالوا يعيشون في ظروف مأساوية داخل مخيمات مكتظة مع اقتراب فصل الشتاء، بينما لم تبدأ إعادة الإعمار بعد.