صحافة دولية

الغارديان: غزة انتقلت من جحيم مطلق إلى كابوس تحت خطة ترامب

خطة ترامب للسلام لكنها تجاهلت جوهر الاحتلال الإسرائيلي- جيتي
خطة ترامب للسلام لكنها تجاهلت جوهر الاحتلال الإسرائيلي- جيتي
قالت صحيفة "الغارديان" إن الحياة في غزة قد تنتقل من "جحيم مطلق" إلى "كابوس محتمل"، إذا ما تم تنفيذ الخطة التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووقعها في شرم الشيخ.

وقال الكاتبان إن وقف إطلاق النار تطلب تدخلا مباشرا من رئيس أمريكي "لا يتقيد بالقيود" ليفرض على طرفي الحرب أمرا لم يكونا ليقبلاه بمحض إرادتهما.

وذكرا أن الخطة تدعو الفلسطينيين إلى "التكفير عن هجمات تشرين الأول/أكتوبر"، لكنها لا تطلب من إسرائيل التكفير عن "أعمالها الهجمية" التي تلت تلك الهجمات. فهي، كما قالا، تسعى إلى "نزع التطرف عن غزة" دون السعي إلى "إنهاء مسيانية إسرائيل"، وتدير مستقبل الحكم الفلسطيني بتفاصيل دقيقة، لكنها تتجاهل مستقبل الاحتلال الإسرائيلي.

وأضافا أن الخطة "غامضة" وتخلو من الجداول الزمنية أو آليات التنفيذ أو العقوبات على الانتهاكات المتوقعة، ومع ذلك، إذا سارت الأمور كما هو مرسوم ولم يُستغل الغموض لنسف الاتفاق أو تعطيله، وواصلت الدول العربية والإسلامية الضغط على واشنطن وأجبرت إسرائيل على الامتثال، فإن سكان غزة سيتحول وضعهم من "ضحايا helpless prey" إلى "لاجئين مشردين مرتين في أرضهم"، ورغم مأساوية ذلك، فسيُعدّ، بحسب الكاتبين، "إنجازا هائلا".

اظهار أخبار متعلقة



وأشار أغا ومالي إلى أن الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي، فشلا في تحويل مكاسب الحرب إلى مكاسب سياسية حقيقية.

فدولة الاحتلال، رغم تفوقها العسكري الإقليمي غير المسبوق، لم تكن يوما أكثر عزلة مما هي عليه الآن، بينما حظي الفلسطينيون بدعم واسع لم يُترجم إلى نتائج ملموسة، وبقيت حركتهم الوطنية "تائهة" كما وصفاها. وأوضحا أن أيّا من الطرفين لم ينجح في استثمار إنجازاته العسكرية أو الدبلوماسية لصالحه.

ورأى الكاتبان أن إنجاز هذه الهدنة تطلّب رئيسا أمريكيا "غير مقيد بالقيود الداخلية التقليدية"، يتمتع بجاذبية سياسية ويملك الجرأة على "كسر التقاليد" والتعامل مع حماس ومواجهة إسرائيل.

وأوضحا أن حكومة الاحتلال كانت تبحث عن عودة الأسرى واستمرار وجودها العسكري في غزة وإنهاء حرب تستنزف مواردها وتفقدها التعاطف الدولي، بينما كانت حماس تسعى إلى وقف "المذبحة الوحشية" وضمان تدفق المساعدات الإنسانية والإفراج عن السجناء، إضافة إلى استبعاد الترحيل الجماعي وضم الضفة الغربية، والاعتراف بها كطرف فلسطيني رئيسي في قضايا الحرب والسلام.

وأكد الكاتبان أن الطرفين قبلا "صفقة غير تامة"، وأن أهمية الخطة لا تكمن في بنودها بقدر ما تكمن في "القوة الغاشمة" التي فرضت تنفيذها، وهي القوة التي وصفاها بأنها "المحرك الحقيقي للتقدم في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني"، لا النصوص ولا الصيغ الفكرية التي يزدريها ترامب. وأضافا أن ما جرى "كان يجب أن يحدث منذ زمن بعيد"، وأن أرواحا كثيرة "كان يمكن إنقاذها"، محمّلين المسؤولين عن الحرب وزر هذه الخسائر.

وتطرقا إلى دور أطراف إقليمية ساهمت في إنجاز الصفقة، مشيرين إلى أن تركيا وقطر، اللتين تحظيان بثقة حماس، لعبتا دورا محوريا في إقناع الحركة بقبول ما كانت ترفضه سابقا، عبر ضمانات قدمتها لكل طرف.

اظهار أخبار متعلقة



وبحسب المقال، فقد منحت واشنطن ضمانات لإسرائيل، فيما قدمت الدوحة وأنقرة ضمانات لحماس، وكانت هذه الضمانات غير المباشرة أكثر نجاحا لأن الحركة، كما قالا، ترى أن الولايات المتحدة "أقل ميلا لخيانة الدول التي يهتم بها ترامب"، مقارنة بحركة مسلحة لا يكترث بها.

وأوضحا أن إسرائيل، التي اعتقدت أنها هزمت محور المقاومة الإيراني، وجدت نفسها أمام "محور إسلامي تركي قطري" جديد.

ولفت الكاتبان إلى غياب القيادة الفلسطينية المعترف بها في المشهد السياسي، مشيرين إلى أن المداولات بشأن مستقبل الفلسطينيين جرت "من دون وجود ممثل رسمي لهم". وقالا إن السلطة الفلسطينية "اكتفت بالتعليق على أهوال الحرب التي لم تشارك فيها"، ثم "صفقت لصفقة لم تكن طرفا فيها"، رغم عجزها عن حكم الضفة الغربية، وسعيها "للتطوع لحكم غزة". واعتبرا أن اضطرارها "للتوسل لتكون ذات أهمية" دليل على تراجع مكانتها.

وحذرا من أن القادم سيكون "مشؤوما"، لأن إسرائيل سعت إلى "كسر إرادة الفلسطينيين وسحق عزيمتهم"، لكن التجارب التاريخية تشير إلى أن "الدمار والقتل الجماعي" يولدان عناصر أكثر  تسعى للانتقام.

وذكّرا بأن تهجير عام 1948 أدى إلى ظهور منظمة التحرير الفلسطينية، وأن أحداث العامين الماضيين قد تفرز "نتائج أكثر فتكا"، معتبرين أن "التاريخ يجهز نفسه للانتقام"، وأن "الغد قد يكون تكرارا للأمس".

واعتبرا أن طريقة ترامب "غير التقليدية" ربما نجحت في خلق هدنة هشة، لكنها تحتاج إلى "هرطقة أكبر" لإنتاج حل دائم لغزة، ولتحقيق تعايش بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

اظهار أخبار متعلقة



وأكدا أن "الخطط الذكية" أو "اللغة الماهرة" لن تنجح، مشيرين إلى أن كل المواجهات السابقة بين إسرائيل وحماس، في أعوام 2009 و2012 و2014 و2021، انتهت بخطط لإعادة الإعمار وفتح المعابر وتخفيف القيود، لكنها لم تُنفذ. الأمر نفسه ينطبق على مقترحات حل الدولتين، التي صاغت ترتيبات دقيقة بشأن القدس والأمن والأراضي، لكنها فشلت في إنهاء الصراع.

وقالا إنه لو كانت المشكلة تقنية، لكانت الولايات المتحدة قد حققت نجاحا كبيرا بفضل "براعتها الدلالية"، لكنها لم تفعل.

واعتبرا أن الحل لن يأتي من "خطط مفصلة"، بل من "فهم السياسة واستخدام القوة وتشكيل حساسيات الطرفين". وأوضحا أن أي نهج ناجح يجب أن يتجنب "الحلول التقنية الفاشلة" التي راهنت على "إسرائيليين أكثر عقلانية" و"فلسطينيين أكثر اعتدالا" بلا نفوذ محلي، وركزت على تفاوض ثنائي غير متكافئ واستبعدت أطرافا مؤثرة، وتمسكت بمفاهيم تقسيم جامدة لم تعالج المظالم العميقة.

وختم الكاتبان بالقول إن الصراع ليس خلافا "تقنيا" على حدود أو أمن، بل "صراع عميق ودائم وعاطفي بين شعبين"، وأن التظاهر بغير ذلك "عبث محض".

وأكدا أن "سوء تفسير الواقع لم يجلب أي خير"، بينما "الاعتراف به قد يكون الخطوة الأولى نحو بعض الخير".
التعليقات (0)

خبر عاجل