نشرت صحيفة "إل باييس" الإسبانية
تقريرا يكشف تفاصيل الأزمة التي يواجهها وزير الحرب الأمريكي بيت
هيغسيث، المتهم بالتورط في عملية قد ترقى إلى جريمة حرب بعدما أصدر أمراً بقتل ناجين من هجوم سابق على قارب مشبوه.
وتتأزم الوضعية أكثر بسبب تناقض رواياته وتحميله المسؤولية لمرؤوسيه، خاصة في ضوء سجله الداعم لخرق قوانين الحرب وتصرفاته المثيرة للجدل، مما يبرز أزمة قيادة وانهياراً للمعايير الأخلاقية داخل الإدارة الأمريكية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21"، إن وزير الحرب الأمريكي، بيت هيغسيث، حاول تبرير قراراته باللجوء إلى "ضباب الحرب"، إلا أنه في الواقع حمّل مسؤولية عملية قد تُعدّ جريمة حرب لأحد مرؤوسيه، وهي القصف الثاني لقارب يُشتبه في نقله للمخدرات من
فنزويلا في مياه الكاريبي بهدف القضاء على الناجين من الهجوم الأول. ويعد هذا المرؤوس، الأدميرال فرانك برادلي، المسؤول العسكري الأعلى الذي قاد العملية.
ولفتت الصحيفة إلى أن وزير الحرب الأمريكي كان قد تباهى سابقاً لصحيفة واشنطن بوست، قبل أن تكشف التسلسل الكامل للأحداث، بإشرافه عن بُعد على الهجوم في الثاني من سبتمبر/أيلول. لكنه غيّر روايته يوم الثلاثاء حين استجوبه صحفي وسط تصاعد الاتهامات بارتكابه جريمة حرب، مدعياً أنه كان على علم بالعملية لكنه انصرف "لاجتماع تالٍ" بسبب "جدول أعماله المزدحم"، ولم يطّلع على النتائج إلا "بعد ساعات".
وعلّل ذلك بقوله: "القارب كان يحترق وقد انفجر، ومع اللهب والدخان يستحيل رؤية أي شيء... هذا هو ما يُعرف بضباب الحرب".
وبحسب الصحيفة، جلس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى جانب وزير الحرب خلال اجتماع مطوّل لمجلس الوزراء، وقال إنه لم يكن على علم "بأي هجوم ثانٍ"، مؤكداً أنه "لم يشارك في ذلك القرار".
كما استندت واشنطن بوست في تقريرها إلى صور مسلّطة التقطتها طائرة مسيرة، تظهر اثنين من أفراد الطاقم الأحد عشر يتشبثان ببقايا القارب، ثم إصدار الأوامر بقتلهما.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مجهولة أن هيغسيث أصدر الأمر شفهيًّا بقوله "اقتلوا الجميع"، قبل أن يتهم لاحقاً بوست بـ"تلفيق الحادثة".
وكان هيغسيث قد صرّح في سبتمبر/أيلول عند إعلانه قيادة "وزارة الحرب": "سنهاجم، ولن نكتفي بالدفاع. نريد أقصى فتك ممكن، وليست شرعية مترددة. نريد إنجازات عنيفة، وليس خطاباً سياسياً صحيحاً. سنكوّن محاربين، وليس مجرد مدافعين".
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، خلال مداخلة بودكاست وأثناء دراسة ترامب لتعيينه المثير للجدل، قال هيغسيث: "قواعد الاشتباك مشكلة كبيرة يعرفها الجميع. كل ما يفعله البعض هو اختيار حادثة والصراخ "جريمة حرب"".
اظهار أخبار متعلقة
كذب أم عدم كفاءة
أشارت الصحيفة إلى أن تصريحاته السابقة تبدو كأنها تتحدث عن الأزمة التي تحاصره الآن في واشنطن حتى من داخل حزبه، حيث انتقد النائب الجمهوري عن كنتاكي راند بول قرارات وزير الحرب قائلاً: "هيغسيث ادعى بعد نشر التقرير أنه لا علم له بالحادثة وأنها لم تحدث، ووصف الخبر بأنه مزيف. وفي اليوم التالي من البيت الأبيض، أكد حدوثها. فهو إما كاذب أو غير كفء".
كما أعلن عضو مجلس الشيوخ الجمهوري روجر ويكر (رئيس لجنة القوات المسلحة) والديمقراطي جاك ريد، عزمهما فتح تحقيق في الكونغرس حول دور هيغسيث في الهجوم المزدوج.
اظهار أخبار متعلقة
وزاد من حدة الانتقادات قيام هيغسيث بنشر رسم ساخر "ميم" على حسابه في إكس (تويتر) يظهر غلافاً مزيفاً لكتاب الأطفال الشهير "فرانكلين السلحفاة" بعنوان "فرانكلين يهاجم إرهابيي المخدرات"، حيث تظهر الشخصية مبتسماً وهو يقصف قوارب من طائرة هليكوبتر، مع تعليق: "اضيفوه لقائمة هدايا عيد الميلاد".
وتلقى هذا المزاح استنكارًا من دار النشر الكندية وانتقادات من سياسيين بارزين، حيث وصف زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر هيغسيث بأنه "وصمة عار في تاريخ البلاد"، فيما وصف الرسم الساخر بأنه "محاكاة مريضة"، قائلاً: "لا يمكن لقائد عسكري جاد أن يخطر بباله نشر شيء كهذا في خضم نزاع مسلح محتمل مع فنزويلا. كل ما يفعله هذا التغريد هو تأكيد عدم أهليته للمنصب".
وفي الختام، ذكرت الصحيفة أن جميع الديمقراطيين في مجلس الشيوخ صوتوا ضد تأكيد تعيينه وزيراً للدفاع، وسط انتقادات لكفاءته وطبيعته الشخصية، إلى جانب ظهور روايات من زملاء سابقين عن مشاكل مع الكحول واتهامات باعتداء جنسي على امرأة عام 2017، دُفِعَ لها 50 ألف دولار لتناسي علاقة يدعي هيغسيث أنها كانت "بتراضي الطرفين".