نفى مصدر قيادي في المقاومة الفلسطينية صحة ما أعلنه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مؤخرا حول انطلاق المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، قائلا: "هذه التصريحات غير صحيحة جملة وتفصيلا؛ فمفاوضات المرحلة الثانية لم تبدأ حتى الآن، ولا يوجد موعد محدد لبدء تلك المفاوضات المرتقبة".
ولفت، في تصريحات خاصة لـ"
عربي21"، إلى أن "الوسطاء القطريين والمصريين لم يتواصلوا مع فصائل المقاومة بشأن الحديث عن المرحلة الثانية من المفاوضات، وحتى الآن لم يُتفق على أي تاريخ بعينه"، مؤكدا أنه "في ظل الانتهاكات الإسرائيلية للمرحلة الأولى من الاتفاق، فإن الوقت يُستنزف حاليا في محاولة سدّ الثغرات وإجبار إسرائيل على الالتزام ببنود المرحلة الأولى من الاتفاق".
اظهار أخبار متعلقة
وأوضح لـ"
عربي21"، أن "فصائل المقاومة تواصلت مؤخرا مع الوسطاء بشأن
الخروقات الإسرائيلية للمرحلة الأولى، وقد أكد الوسطاء بدورهم أنهم يمارسون الضغط اللازم على الجانب الإسرائيلي من أجل وقف الخروقات وإدخال المساعدات، وتواصلنا الحالي مع الوسطاء يتركز حول محاولات منع إسرائيل من خرق الاتفاق، خاصة بعدما طالب سموتريتش وبن غفير نتنياهو بالعودة إلى الحرب فور تسلّم الرهائن".
وشدّد المصدر، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، على أن "هناك تراجعا من جانب إسرائيل في الالتزام ببنود الاتفاق، خصوصا فيما يتعلق بمسألة إدخال المساعدات، حيث تم تقليص الكميات، إذ لم يدخل إلى قطاع غزة سوى 173 شاحنة فقط من أصل 1800، ويبرر الاحتلال ذلك بأسباب تتعلق بتسليم الجثامين، غير أن هذا غير صحيح على الإطلاق، لأننا أصلا لم نتفق على قضية تسليم الجثامين في اليوم الأول".
خروقات إسرائيلية خطيرة
وتابع: "لقد أبلغنا الوسطاء بوجود خروقات إسرائيلية خطيرة يجب أن تتوقف فورا، وذكّرناهم بأنهم الضامنون للاتفاق، وقد أكدوا بدورهم أنهم سيتواصلون مع الأمريكيين ويمارسون الضغط اللازم لوقف كل هذه تلك الخروقات".
وزاد المصدر القيادي في المقاومة الفلسطينية لـ"
عربي21": "أما إذا استمرت تلك الخروقات أو تصاعدت – لا قدّر الله – فسيكون للمقاومة موقف أكثر حزما ولهجة مختلفة، وسيكون لكل حادث حديث ولكل شيء مقتضاه، وسنتعامل مع كل تطور بما يقتضيه الموقف".
كما نفى المصدر صحة تصريحات ترامب التي قال فيها إن حركة "حماس" أبلغته بأنها ستنزع سلاحها في قطاع غزة، قائلا لـ"
عربي21": "هذا أمر غريب حقا، بل يمكن وصفه بالكذب الصريح؛ فنحن نؤكد تماما أنه لم يتفق معنا أي أحد على أي شيء مقابل نزع سلاح المقاومة"، منوها إلى أنه "بحسب استطلاعات الرأي الأخيرة في المجتمع الأمريكي، فإن نحو 76 بالمئة من أقوال ترامب كاذبة؛ فهو الرئيس الأكثر كذبا على الإطلاق سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها".
اظهار أخبار متعلقة
وهاجم المصدر القيادي في المقاومة تصريحات نتنياهو الأخيرة التي قال فيها إن "أبواب الجحيم ستُفتح على حماس إذا رفضت تسليم سلاحها والسلام يُؤخذ بالقوة"، قائلا: "هذه لغة رعناء نحن نرفضها تماما بكل قوة، ويبدو أن هناك بعض الأمور التي تجري في الكواليس بين الإسرائيليين والأمريكيين نحن لا نعلم بتفاصيلها إلى الآن".
وواصل حديثه لـ"
عربي21" بالقول: "نحن تفاوضنا فقط حول المرحلة الأولى من الاتفاق، ولم ندخل بعد في مفاوضات المرحلة الثانية، ولم نعطِ مطلقا أي إشارات قبول تتعلق بنزع السلاح أو غيره، ويبدو أن ترامب يفاوض نفسه بتصريحاته تلك؛ وهو يتحدث مع الإسرائيليين، ويظن في النهاية أنه يستطيع فرض الأمر علينا كمقاومة، وهذا لن يحدث في نهاية المطاف".
وأردف: "نحن التزمنا بوقف الإبادة في غزة، لكن أن نقدّم أي تنازل يمسّ بحقوق شعبنا وجوهر قضيتنا؛ فهذا لم ولن يحدث أبدا، وقد كان موقف المقاومة واضحا للغاية قبل الإعلان وأثناءه وبعده: هذا السلاح لن يُسلَّم".
وحول مصير ملف الأسرى الكبار السبعة من الفلسطينيين الذين طالبت المقاومة بإطلاق سراحهم، قال لـ"
عربي21": "كنّا نودّ أن تكون نتائج التبادل أفضل من ذلك، وحاولنا بكل جهدنا الإفراج عن هؤلاء الأسرى الكبار، لكن ذلك لم يحدث للأسف، وقد تمت عملية تبادل الأسرى على هذا الحال".
واستدرك المصدر ذاته، قائلا: "لكن المقاومة، كما كانت ملتزمة سابقا بتحرير الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال، لا تزال على عهدها. هذا موقف مبدئي وثابت لا يتغير"، واستطرد قائلا: "نتيجةً لعدة ظروف وضغوط مختلفة، ذهبنا إلى هذا الاتفاق، ولكن إسرائيل ارتكبت العديد من الخروقات التي نسعى لمواجهتها عبر التواصل مع الوسطاء".
حكومة تكنوقراط لا مجلس سلام
وبشأن مسألة إدارة قطاع غزة مستقبلا، قال المصدر لـ"
عربي21": "موقف المقاومة واضح. نحن نقول إن إدارة غزة يجب أن تكون عبر حكومة تكنوقراط، وليس عبر ما يسمّى مجلس السلام، وإذا أصرّوا (الأمريكيون والإسرائيليون) على موقفهم هذا، فسيكون لنا حينها موقف حازم من هذه المسألة، ودعنا لا نستبق الأمور، ولكننا لن نقبل أبدا بإدخال أي قوات حكم إلى قطاع غزة، وسنواجه ذلك بكل ما لدينا من إمكانات وقدرات".
وبسؤاله عن عدد المراحل المتبقية في المفاوضات، أجاب: "هذا الأمر غير واضح بعد، لا بالنسبة لنا ولا بالنسبة للوسطاء، قد تكون هناك مرحلة ثانية وثالثة ورابعة، لكن ما هو واضح أن هناك سقفا أمريكيا وإسرائيليا عاليا وغير منطقي لا يمكن القبول به، في مقابل سقف وطني فلسطيني مرتفع يعبر عن نضال وإرادة الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة وفق القانون الدولي"، مضيفا: "نحن في مفاوضات صعبة وقاسية في هذا الإطار، لكننا معنيون قبل كل شيء بعدم عودة الحرب".
ترامب يهدد: قد أسمح لإسرائيل بالعودة للقتال في غزة
واليوم الأربعاء، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه سيدرس السماح لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو باستئناف العمل العسكري في غزة إذا رفضت حماس الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، وصرح لشبكة "سي أن أن" بأن القوات الإسرائيلية قد تعود إلى الشوارع "بمجرد أن أقول كلمة".
وفي 10 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، دخلت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى حيز التنفيذ، وفقا لخطة ترامب، والذي أجاب خلال قمة "شرم الشيخ للسلام" بمصر عن سؤال حول موعد بدء المرحلة الثانية، بأن المراحل مترابطة ببعضها وأن المرحلة الثانية بدأت.
وعُقدت
قمة شرم الشيخ الاثنين، برئاسة رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي وترامب، في مركز المؤتمرات بمدينة شرم الشيخ، بمشاركة قادة أكثر من 20 دولة، وقالت الرئاسة المصرية، إن "قمة شرم الشيخ للسلام" شددت على ضرورة البدء في "التشاور حول سُبل وآليات تنفيذ المراحل المقبلة" لخطة ترامب.
اظهار أخبار متعلقة
وتأتي القمة بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين "حماس" وإسرائيل حيز التنفيذ ظهر الجمعة بتوقيت القدس، بعد أن أقرته حكومة تل أبيب فجر اليوم ذاته، ففي 9 تشرين الأول/ أكتوبر أعلن ترامب توصل إسرائيل و"حماس" لاتفاق على المرحلة الأولى من خطته لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى، إثر مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين بمدينة شرم الشيخ، بمشاركة تركيا ومصر وقطر، وبإشراف أمريكي.
وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل منذ 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت 67 ألفا و913 شهيدا، و170 ألفا و134 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 463 فلسطينيا بينهم 157 طفلا.