احتلال يصول ويجول في المنطقة العربية، ويوغل في الدم
الفلسطيني من غزة إلى
مدن الضفة والقدس، وفاشي مثل بن غفير يقوم بتسليح مائة ألف مستوطن داخل مستعمرات
الضفة وسموتريتش ويسارع الخطى لضم الضفة، ويهدم بيوت الفلسطينيين في مدنهم وقراهم،
ويحول حياتهم إلى جحيم داخل معازل فصل عنصري، وحكومة تواصل ارتكاب جرائم التطهير
العرقي في غزة على مرأى ومسمع العالم كله.. ثم تأتي عملية "فدائية"
داخل مدينة
القدس، في الوقت الذي كان يتفاخر به الفاشي إيتمار بن غفير، بتحقيق
عملية ردع وكي لوعي الفلسطينيين، وفرض حالة من الاستسلام في الضفة الغربية والقدس،
تمنع الضحية الفلسطينية من النضال بالحجر والبندقية والصراخ السلمي.
ما يقارب العامين والشعب الفلسطيني يواجه جبروت المؤسسة الصهيونية في غزة، مع
نفاق المجتمع الدولي في مواجهة جرائم الإبادة الصهيونية، والذي ليس بحاجة لشرح
وتفصيل بعدما شرحت وقائع الجرائم
الإسرائيلية ارتباطها الوثيق مع السياسات
الاستعمارية الغربية الداعمة لها. ومن الواضح أن الإدارة الأمريكية بزعامة ترامب،
بذلت أقصى الجهود وتضغط لدعم الفكرة الصهيونية الفاشية منذ اللحظة الأولى التي
أعلنت فيها إسرائيل عزمها على تنفيذ جرائم الإبادة في غزة.
فشلت إسرائيل رغم كل القوة والدعم الذي تتمتع به، من فرض نقيض لحالة التصادم والصراع بينها وبين أصحاب الأرض، وتفشل في عزل النضال الفلسطيني بين الضفة وغزة والقدس والداخل الفلسطيني
تسلح العالم في بداية
الأمر بذرائع 7 أكتوبر 2023، و"بحق إسرائيل بالدفاع عن نفسها وفي
الوجود"، وهذا كان عاملا هاما في تكريس التطهير العرقي، وفي تصاعد النبرة والسلوك
الفاشي في الضفة والقدس ضد الفلسطينيين.
في هذا السياق، تأتي عملية القدس بالتزامن مع سلوك عدواني صهيوني مستمر، وسيكون
من تداعياتها مزيد الفاشية التي تستطيع المؤسسة الصهيونية اقترافها، واللعب بورقة العملية
لتنفيذ إجراءات عقابية قمعية وحشية، تكون امتدادا للخطط الموضوعة للفلسطينيين.
وهذا ما عبر عنه نتنياهو مباشرة بعد العملية لشرعنة خنق حياة الفلسطينيين في الضفة،
وبقاء العزم على جريمة التطهير العرقي في غزة كما يريدها اليمين الفاشي في إسرائيل
لبقية المدن الفلسطينية؛ ومن دون أي رد فعل من الضحية التي ترد عنها العدوان منذ
تعرضها للنكبة!
لذلك بعد هذه المرحلة المريرة للشعب الفلسطيني، تتضح لأوساط متزايدة من
الرأي العام العالمي أن الوقت حان لتحقيق العدالة والحرية لشعب فلسطين، وأن نضاله
ضد مستعمره حق وطني وإنساني وقانوني، وأن إسرائيل ليست نعجة مسكينة تستحق العطف
والدعم. فسردية تزوير الحقائق ومحاولة طمس الوجود الفلسطيني ونعته "بالإرهاب"؛
الذي استغلته المؤسسة الصهيونية لفترات طويلة ومتعاقبة من أجل تثبيت السيطرة على
الأرض بسحق وإبادة أصحابها الأصليين، وخلق بدائل ونقائض لوجود الفلسطينيين على
الأرض، من خلال الاستيطان والتهويد والتهجير والقتل والعزل، كل ذلك من أجل شطب
حقوقه وفرض حالة من الاستسلام الجماعي عليه وعلى المنطقة العربية.
رغم كل ذلك، فشلت إسرائيل رغم كل القوة والدعم الذي تتمتع به، من فرض نقيض
لحالة التصادم والصراع بينها وبين أصحاب الأرض، وتفشل في عزل النضال الفلسطيني بين
الضفة وغزة والقدس والداخل الفلسطيني، فبين تلك المكونات يكمن الجوهر: ضحية واحدة
للنكبة والاحتلال والاستيطان والتهويد والسطو والأسرلة والتهجير والقتل والتطهير
العرقي، وحصة الفاشية تتوزع على الكل الفلسطيني.
الفشل الذاتي الفلسطيني، والنقيض الذي لم يصبح واقعا بعد يؤسس لعملٍ جاد في بناء جبهة فلسطينية موحدة؛ يكون بمقدورها تجميع قواها وتنظيم طاقتها لبلورة بديل وطني قادر على مواجهة استحقاقات مرحلة الإبادة الجماعية وتداعيات التغول الفاشي في المدن الفلسطينية
وفي موازاة هذا يستمر الفشل الذاتي الفلسطيني، والنقيض الذي لم يصبح واقعا
بعد يؤسس لعملٍ جاد في بناء جبهة فلسطينية موحدة؛ يكون بمقدورها تجميع قواها
وتنظيم طاقتها لبلورة بديل وطني قادر على مواجهة استحقاقات مرحلة الإبادة الجماعية
وتداعيات التغول الفاشي في المدن الفلسطينية.
الخروج الفلسطيني الرسمي من حالة الترنح، والضعف الشديد والمأزق الخانق
الذي وصلت إليه سلطة رام الله، هو نقيض حالة الاستنقاع بالعجز الذاتي، وما ينتظره
الشعب الفلسطيني هو حالة مغايرة من مستوى تحدي إرهاب الإبادة الذي وجه للسلطة
مباشرة وينفذ ضد شعبها على الأرض.
فرغم الخراب الذي تعيشه السياسة العربية وجامعتها في مواجهة إرهاب وعدوان
الاحتلال، ورغم الضغائن التي تملأ النفوس والمسافات الشاسعة التي تفصل العربي عن
العربي وعن فلسطين.. رغم كل هذا، بل ربما لأجل كل هذا، تبقى عدالة قضية فلسطين
وكفاح شعبها الرغبة المحمومة لنهوض شعوب حول الأرض تشكل نقيض التزوير الفاجر لنضال
شعب يسعى للتحرر، فالأسباب التي استدعت حضور النقيض في شوارع غير عربية، ما زالت
تكرر نفسها بإلحاح في عالم العرب والفلسطينيين، وذلك يحتاج لنضال طويل وشاق لركل
العوائق والعقبات المعرقلة لمقاومة المشروع الاستعماري الصهيوني، وبالتالي يتطلب
كل ذلك كفاحا صبورا حتى يقف النقيض على قدميه.
x.com/nizar_sahli