اتهمت وزارة الصحة
الفلسطينية في قطاع
غزة سلطات الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق العاملين في القطاع الصحي المعتقلين داخل سجونها، مؤكدة أنهم يواجهون ظروفا "مأساوية ولا إنسانية"، وسط تزايد القلق الدولي من تصاعد الانتهاكات بحق
الكوادر الطبية منذ بدء الحرب الإسرائيلية الشاملة على القطاع في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وفي بيان صحفي صادر عنها، قالت الوزارة إن الاحتلال يفرض قيودا مشددة على الأسرى الفلسطينيين عموما، وعلى المعتقلين من الكوادر الطبية على وجه الخصوص، مشيرة إلى أن 360 من العاملين في القطاع الصحي تعرضوا للاعتقال منذ بدء العدوان، بينهم أطباء متخصصون وممرضون ومسعفون، ما تسبب في حرمان آلاف المرضى والجرحى من الرعاية المنقذة للحياة.
حسام أبو صفية... "شهادة على الانتهاك"
أبرزت الوزارة في بيانها قضية الدكتور حسام أبو صفية، المعتقل منذ 27 كانون الأول/ديسمبر 2023، والذي أكدت محاميته أنه يعاني من تدهور خطير في وضعه الصحي، جراء تعرضه للتعذيب الجسدي والضرب المستمر أثناء التحقيق، إلى جانب فقدانه نحو 40 كغم من وزنه، وتدهور حالته نتيجة إصابته بارتفاع ضغط الدم وضعف في عضلة القلب، مع حرمانه المتعمد من العلاج.
وحذرت الوزارة من أن استمرار هذا التعاطي غير الإنساني مع الأسرى الطبيين قد يؤدي إلى تداعيات صحية لا يمكن تداركها، مطالبة المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لتجريم ممارسات الاحتلال والإفراج عن جميع المعتقلين من الكوادر الصحية، وفق ما تضمنته المعاهدات والاتفاقيات الدولية.
منظمات دولية توثق... وأرقام مقلقة
وفي تقرير صدر خلال شباط/فبراير الماضي، قالت منظمة "رصد العاملين في مجال الرعاية الصحية الفلسطينية" (HWW)، وهي هيئة حقوقية غير حكومية، إن ما لا يقل عن 162 من العاملين الصحيين ما زالوا قيد الاحتجاز في السجون الإسرائيلية، بينهم عدد من كبار الأطباء في غزة، فيما تشير بيانات أخرى إلى وجود 24 مفقودا جرى نقلهم قسرا من المستشفيات خلال الحرب، ولم يُعرف مصيرهم حتى الآن.
وفي السياق ذاته، أكدت منظمة الصحة العالمية أن نحو 297 من العاملين الصحيين الفلسطينيين تم احتجازهم على يد الجيش الإسرائيلي منذ بدء الحرب، دون أن تملك المنظمة بيانات دقيقة حول من تم الإفراج عنهم أو لا يزالون رهن الاعتقال.
بينما وثقت منظمة HWW نفسها احتجاز ما لا يقل عن 339 شخصًا من العاملين في مجال الصحة، معتبرة أن العدد الفعلي قد يكون أعلى بكثير، نظرا للصعوبات في الوصول إلى معلومات دقيقة داخل الأراضي الفلسطينية المحاصرة.
اظهار أخبار متعلقة
شهادات عن التعذيب والتجويع
ازداد القلق الحقوقي الدولي عقب تحقيق نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، تضمن شهادات لسبعة من كبار الأطباء الذين تعرضوا للاعتقال من داخل المستشفيات أو سيارات الإسعاف في غزة، وأكدوا أنهم تعرضوا خلال أشهر الاعتقال إلى التعذيب الجسدي والنفسي، والضرب والتجويع، وظروف اعتقال لاإنسانية، قبل أن يتم إطلاق سراحهم دون توجيه أي تهمة.
وأكد المعتقلون السابقون أن ما تعرضوا له لم يكن مجرد حالات فردية، بل سياسة ممنهجة تستهدف تحييد الكادر الطبي الفلسطيني، في إطار حملة أوسع تهدف إلى شل النظام الصحي في غزة خلال الحرب.
انتهاك صارخ للقانون الدولي
وتنص القوانين الدولية وعلى رأسها اتفاقية جنيف الأولى لعام 1864 بوضوح على تحييد الطواقم الطبية والمرافق الصحية من العمليات العسكرية، وتشير المادة (35) من القانون الدولي الإنساني على حظر الهجمات على الأماكن المخصصة لإيواء الجرحى والمرضى، وتحمي جميع العاملين في المجال الطبي.
غير أن هذه القوانين، "تبقى حبرا على ورق في الحالة الفلسطينية"، في ظل غياب أي محاسبة للاحتلال الإسرائيلي على ما يرتكبه من انتهاكات ممنهجة بحق المدنيين والأطقم الطبية والمنشآت الصحية، مضيفة أن استمرار الإفلات من العقاب شجّع الاحتلال على تصعيد جرائمه ضد الكوادر الطبية.
وختمت وزارة الصحة الفلسطينية دعوتها بمناشدة عاجلة إلى المنظمات الحقوقية الدولية والهيئات المعنية بحماية العاملين في المجال الصحي، للضغط من أجل وقف الاعتداءات الإسرائيلية والإفراج الفوري عن جميع الأسرى من الطواقم الطبية، وفتح تحقيقات دولية شفافة لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، والعمل على توفير الحماية الفعلية للمستشفيات والطواقم الطبية كما تنص عليه القوانين والأعراف الدولية.