صحافة دولية

FT: "مصائد الموت" في غزة.. مساعدات غذائية تقتل الفلسطينيين بدلا من إنقاذهم

FT: أدلة عن مصائد الموت التي ينصبها الاحتلال الإسرائيلي وغزة الإنسانية في قطاع غزة - الأناضول
FT: أدلة عن مصائد الموت التي ينصبها الاحتلال الإسرائيلي وغزة الإنسانية في قطاع غزة - الأناضول
كشفت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية في تقرير استقصائي موسع، أن نظام توزيع المساعدات الغذائية الذي يروج له كل من الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة في قطاع غزة، قد تحول إلى "مصائد موت" يدفع ثمنها الفلسطينيون الجوعى بأرواحهم، في مشهد قالت الصحيفة إنه "يفاقم المأساة ولا يخففها"، في وقت يواجه فيه أكثر من مليوني إنسان المجاعة والحصار.

ووفقاً للتقرير، يضطر الآلاف من سكان جنوب غزة لقطع كيلومترات طويلة عبر مناطق مدمّرة وخطوط اشتباك محفوفة بالمخاطر، من أجل الوصول إلى مراكز توزيع المساعدات التي تشرف عليها "مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي هيئة حديثة النشأة مدعومة أمريكيا، تعمل تحت إشراف مباشر من جيش الاحتلال الإسرائيلي، وبمشاركة عناصر أمنية أمريكية خاصة (مرتزقة).

"رجع بلا شيء.. أو لم يرجع أبداً"
يقول الشاب الفلسطيني جهاد، والذي كان يعمل فني أدوات طبية٬ ويبلغ من العمر 26 عاماً، إنه توجّه خمس مرات إلى نقاط توزيع تابعة للمؤسسة في خان يونس، ماراً عبر الجنود والدبابات والطائرات المسيرة، لكنه في كل مرة عاد خاوي الوفاض. 

وتابع:"في إحدى المرات، أُطلق الرصاص على رجل كان يقف بجانبي وتناثرت أمعاؤه عليّ"، يقول جهاد، الذي توقف عن الذهاب بسبب "خطورة ما يحدث" والذي وصفه بأنه "يتجاوز حدود التصور".

وفي مرة أخرى، تعرّض جهاد للسطو تحت تهديد السكاكين فور حصوله على صندوق مساعدات. 

وتعلق الصحيفة بأن هذا المشهد يعكس نموذجا إنسانيا منهارا تم تقديمه كبديل عن الأمم المتحدة، وادعى الاحتلال الإسرائيلي أنه يضمن عدم تسرب المساعدات إلى حركة حماس، لكن الواقع يؤكد فشلا ذريعا.

أكثر من 500 شهيد وآلاف الجرحى
بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، استشهد أكثر من 500 فلسطيني وجُرح الآلاف أثناء محاولاتهم الوصول إلى مراكز توزيع الغذاء التابعة للمؤسسة. 

وتشير الصور الفضائية ومقاطع الفيديو الموثقة، التي استعرضتها فايننشال تايمز، إلى أن النظام الجديد لم يخفف من المعاناة بل فاقمها، إذ تحوّلت خرائط المؤسسة المنشورة عبر فيسبوك إلى إشارات غير موثوقة، تُعلن غالباً عن فتح المراكز في منتصف الليل، ولا تمنح سوى دقائق محدودة للمتابعة قبل أن يُعلن إغلاقها مجددا.

وفي بعض الحالات، نشرت المؤسسة إعلانات عن إغلاق مراكز حتى قبل دقائق من الموعد المعلن لفتحها، وهو ما أدى إلى تخبط واسع وسط الفلسطينيين الذين يعانون من انقطاع الإنترنت ويعتمدون على هذه الإعلانات للوصول إلى الطعام.

اظهار أخبار متعلقة


شهادات: الموت ينتظر من يبحث عن الغذاء
الحلاق حسن عبد الله، الذي هُجّر إلى منطقة المواصي، وصف هذه المراكز بـ"مصائد الموت"، مشيرا إلى أنه نجح مرة واحدة فقط في الحصول على الطعام من أصل سبع محاولات. 

وقال: "إذا لم تمت برصاص الجيش، قد تقع ضحية لعصابات مسلحة تهاجم الخارجين من المراكز"، مضيفا أن الخوف ليس فقط من القناصة بل من الفوضى أيضاً.

من جانبه، قال محمد داوود، منسق زهور سابق، إنه سمع إطلاق نار في كل مرة حاول فيها الوصول إلى المساعدات، مشيرا إلى أن الدبابات والمسيرات الإسرائيلية تبدأ إطلاق النار بعد لحظات من فتح بوابات المراكز.

أما جوهر راهبور، وهو جراح بريطاني تطوع في مستشفى ناصر جنوب غزة، فأوضح أن المستشفى يستقبل يومياً أعداداً كبيرة من المصابين القادمين من تلك المراكز، مشيراً إلى أن غرف العمليات كانت تعمل بطاقتها القصوى منذ الصباح.

جيش الاحتلال يبرر إطلاق النار.. ويبرّر القتل
ورغم اعتراف جيش الاحتلال الإسرائيلي بإطلاق النار في مناطق المساعدات، إلا أنه زعم أن ذلك جاء كإجراء تحذيري، مبرراً الأمر بأن "بعض المتقدمين شكّلوا تهديداً لقواته"، مدعيًا أن "المناطق خارج الطرق المخصصة تُعدّ مناطق قتال".

إلا أن شهادات منظمة "كسر الصمت"، التي تضم جنودا إسرائيليين سابقين، تفيد بأن قواعد الاشتباك تسمح بإطلاق النار بقصد القتل على أي رجل في سن القتال يقترب من الحدود دون إذن، حتى لو كان باحثاً عن طعام.

وفي هذا السياق، أكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان يوم السبت الماضي، أن 31 شخصا قُتلوا وأصيب العشرات في "أكبر تدفق للقتلى" إلى مستشفاها الميداني منذ بداية الحرب، في حادثة مرتبطة مباشرة بموقع توزيع مساعدات.
التعليقات (0)