تستعد قافلة "
البنيان المرصوص" للانطلاق في مسيرها البري بداية من
تركيا مرورا بسوريا ثم الأردن، متجهة إلى الأراضي
الفلسطينية المحتلة، في محاولة جديدة لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع
غزة، والتضامن مع الشعب الفلسطيني في وجه العدوان الإسرائيلي المتواصل.
ولم تكن هذه القافلة هي الأولى من نوعها، إذ سبقتها قبل أيام قافلة "الصمود" التي انطلقت من العاصمة التونسية متوجهة إلى غزة، في إطار جهود شعبية متصاعدة لنصرة القضية الفلسطينية، في ظل ما يُوصف بـ"الإبادة الجماعية" التي يتعرض لها المدنيون في القطاع.
نقطة التخييم عند معبر باب الهوى
ومن المقرر أن تتوقف قافلة "البنيان المرصوص" في نقطة تخييم قرب معبر باب الهوى الحدودي بين تركيا وسوريا، حيث سيقيم المشاركون في خيام مشابهة لتلك التي يعيش فيها أهالي غزة، في إشارة رمزية للتضامن، واستعدادًا لاستقبال المزيد من المنضمين إلى القافلة من جنسيات مختلفة.
ويُنتظر أن تستمر فترة التخييم في محيط المعبر لنحو ثلاثة أيام، قبل أن تتحرك القافلة باتجاه مدينة درعا جنوب
سوريا، في الطريق نحو الحدود السورية الفلسطينية. وتُقدر مدة الرحلة بين باب الهوى ودرعا بنحو خمس ساعات مرورًا بعدة محافظات سورية.
في موازاة التحضيرات اللوجستية، يخطط المنظمون لإطلاق حملة إعلامية واسعة النطاق في محيط معبر باب الهوى، تهدف إلى جذب المزيد من المشاركين والمؤيدين للقافلة.
اظهار أخبار متعلقة
كما يجري العمل على توفير وسائل نقل داخل سوريا، تشمل حافلات وسيارات، بحسب الدعم المتاح، مع إعطاء أولوية في النقل للعائلات والأطفال.
ويؤكد منظمو القافلة في منشوراتهم عبر صفحتهم الرسمية على منصة "تليجرام" أن المشاركة "تتطلب نية صادقة وعزيمة قوية، بالإضافة إلى حمل بطاقة هوية أو جواز سفر، وخيمة صغيرة للمبيت، أو خيمة جماعية للمجموعات. كما يُطلب من المشاركين إحضار بعض الملابس والمستلزمات الأساسية الشخصية، استعدادًا لفترة التخييم والمبيت".
التمويل والدعم: جهود ذاتية ومحدودة
أوضح القائمون على القافلة أن كافة التحضيرات واللوجستيات تُدار بجهود فردية من شباب عرب وأتراك متطوعين، دون أي تمويل رسمي أو دعم من منظمات إسلامية أو عربية حتى الآن.
وأكدوا أنه يتم التواصل مع منظمات خيرية، من بينها هيئة الإغاثة الإنسانية التركية (İHH)، أملاً في توفير بعض الاحتياجات الأساسية مثل الطعام والخيام.
كما شدد المنظمون على ضرورة التزام المشاركين بالانضباط وتجنّب الاحتكاك بالجهات الأمنية أو الرسمية في تركيا وسوريا، مؤكدين أن الهدف الأساسي للقافلة هو كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة، والدخول إلى الأراضي الفلسطينية لأداء الصلاة في المسجد الأقصى المبارك.
فيما يتعلق بحركة السوريين الحاملين لبطاقة "الكيملك" التركية، طمأن المنظمون هؤلاء المشاركين بأن التنسيق جارٍ مع السلطات المختصة من أجل تسهيل دخولهم وعودتهم بعد انتهاء التحرك، مع تقديم طلبات تصريح خاصة للعودة إلى الأراضي التركية.
اظهار أخبار متعلقة
وفي حال تعذرت العودة، أكد القائمون "أن شرف المحاولة في سبيل الله يكفي، معربين عن ثقتهم بأن الحكومة التركية لن تتخذ موقفًا سلبيًا أو يمنع مشاركة السوريين، تجنبًا للإحراج أمام الشعوب الإسلامية".
ومن المخطط أن يلتحم المشاركون من الجانبين التركي والسوري عند نقطة التخييم في معبر باب الهوى، قبل الانطلاق بشكل جماعي إلى درعا ومن ثم إلى الحدود السورية الفلسطينية، في مسيرة يُراد لها أن تكون سلمية وشعبية بامتياز، وصرخة مدوية في وجه الحصار المستمر على الشعب الفلسطيني في غزة.
وأكد المنظمون أن القافلة "لا تتبع أي جهة رسمية أو فصيل سياسي، بل جاءت بجهود تطوعية من شباب غيورين على القضية الفلسطينية ومقدسات الأمة، مشيرين إلى أن شعوب العالم باتت تراقب ما يجري، وأن الوقت قد حان للانتقال من الدعاء والتضامن الرمزي إلى خطوات فعلية ميدانية".
واختتم البيان بدعوة الراغبين في المشاركة إلى تجهيز خيامهم ومستلزماتهم والاستعداد للتخييم بالقرب من المسجد الأقصى لعدة أيام، عقب كسر الحصار، مع التأكيد على أن القضية عادلة، والطريق الذي تسلكه القافلة هو طريق الحق والعدالة.
اقتحام "مادلين" في المياه الدولية
ويذكر أنه في الاثنين اقتحمت قوات كوماندوز تابعة للبحرية الإسرائيلية، السفينة "مادلين" التابعة لأسطول الحرية، أثناء إبحارها في المياه الدولية قرب شواطئ قطاع غزة، في خطوة تهدف إلى منعها من الوصول إلى القطاع المحاصر.
وكانت السفينة، التي ترفع علم المملكة المتحدة، تحمل على متنها 12 ناشطًا دوليًا وشحنة رمزية من المساعدات الإنسانية، في محاولة سلمية لكسر الحصار البحري المفروض على غزة منذ سنوات.
وتعرضت "مادلين" قبيل عملية الاقتحام لتشويش في الاتصالات وهجوم من طائرات مسيرة قامت برش مادة بيضاء مهيجة.
اظهار أخبار متعلقة
ووثق النشطاء على متن السفينة اللحظات الأخيرة قبل انقطاع الاتصال، حيث ظهروا في بث مباشر وهم يرتدون سترات النجاة ويستعدون للاعتقال، وسط دعوات متكررة لإلقاء الهواتف المحمولة في البحر للحفاظ على الخصوصية وتأمين المواد التوثيقية.
وبعد ساعات من عملية الاقتحام، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن السفينة "مادلين" في طريقها إلى أحد الموانئ الإسرائيلية، ووصفت المبادرة بـ"الاستعراض الإعلامي"، مشيرة إلى أن المساعدات ستُنقل إلى غزة عبر القنوات الإنسانية الرسمية، وأن النشطاء سيتم ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية.
شكوى جنائية ضد قادة العملية
في المقابل، أعلنت مؤسسة "هند رجب" التي تتخذ من بروكسل مقرًا لها، أنها تقدمت بشكوى رسمية إلى وحدة جرائم الحرب في الشرطة البريطانية، ضد الضباط الإسرائيليين المسؤولين عن العملية.
وتضمنت الشكوى اتهامات مباشرة لقائد القوات البحرية الإسرائيلية، الأميرال دافيد سار سلامة، وأفراد من وحدة "شاييتت 13" الخاصة، بتنفيذ عملية اعتراض غير قانونية في المياه الدولية، واستخدام مواد كيميائية، واحتجاز 12 مدنيًا.