شدد تقرير نشره "
معهد واشنطن"، على أن الاتفاق النووي المدني المزمع بين
السعودية والولايات المتحدة لا يهدف فقط إلى تمهيد الطريق لتطبيع محتمل مع "إسرائيل"، بل قد يشكل مدخلا لمعالجة المخاوف المتعلقة بالقدرات النووية العسكرية
الإيرانية وانتشار السلاح النووي في المنطقة.
وقال سايمون هندرسون، مدير "برنامج برنشتاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في المعهد، إن وزير الطاقة الأمريكي كريس رايت أعلن خلال زيارته إلى السعودية في 13 نيسان /أبريل الجاري عن التوصل إلى "اتفاق مبدئي" بشأن التعاون في تطوير الصناعة النووية المدنية.
وأوضح هندرسون في تقرير نشره عبر المعهد ذاته، أن "البلدين على مسار للتوصل إلى مثل هذا الاتفاق"، مضيفا أن "المزيد من التفاصيل ستُعلن في وقت لاحق من العام".
اظهار أخبار متعلقة
وأشار رايت إلى أن التعاون سيخضع لما يُعرف بـ"اتفاقية 123" النووية، التي تشترط ضمانات رسمية لمنع الانتشار النووي، مثل حظر تخصيب المواد النووية أو إعادة معالجتها، مع الاكتفاء باستيراد الوقود النووي.
وقال رايت إن الاتفاق "يشكل أساسا قانونيا ضروريا قبل أن يُسمح للجهات الأمريكية بالمشاركة في مشاريع نووية مدنية بالخارج".
ولفت التقرير إلى أن تصريحات رايت جاءت في نفس عطلة نهاية الأسبوع التي شهدت اجتماع مفاوضين أمريكيين وإيرانيين في عمان، موضحا أن الربط بين القضيتين ليس مفاجئا.
وأضاف الكاتب أن إيران تخصب اليورانيوم بمستويات تفوق ما هو مطلوب لأي برنامج نووي مدني، فيما لا تزال
الولايات المتحدة تستحضر تحذير ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عام 2018 حين قال: "إذا تمكنت إيران من تطوير قنبلة نووية، فسوف نحذو حذوها في أقرب وقت ممكن".
وأضاف التقرير أن "السعودية تمتلك برنامج تخصيب ناشئ"، لافتا إلى أنها تستخدم على ما يبدو "أجهزة طرد مركزي تعتمد على تكنولوجيا كان العالم الباكستاني عبد القدير خان قد زود بها إيران في وقت سابق".
وذكر هندرسون أن "التكنولوجيا النووية كانت من بين مطالب السعودية خلال المناقشات بشأن التطبيع مع إسرائيل، إلى جانب ضمانات أمنية أمريكية وتكنولوجيا عسكرية متقدمة"، إلا أن هذه الحزمة جُمدت منذ عام 2023 بسبب الحرب على غزة.
وأشار التقرير إلى أن المضي في هذا المسار سيواجه تحديات عدة، من بينها محدودية قدرة الولايات المتحدة حاليا على تصدير محطات الطاقة النووية المدنية، على الرغم من تطورها في مجال المفاعلات النمطية الصغيرة (SMRs)، التي قد تكون مناسبة لتحلية المياه وتوليد الكهرباء في الشرق الأوسط، لكنها لا تزال قيد مراجعة التراخيص، ولن تكون متاحة للاستخدام قبل أواخر العقد الحالي أو أوائل العقد المقبل.
وأوضح هندرسون أنه حتى "اتفاقية 123" لا تمنع تخصيب اليورانيوم بالضرورة، مستشهداً بالاتفاقية التي أبرمتها واشنطن مع الإمارات عام 2009، والتي تضمنت بندا يُلزم الولايات المتحدة بعدم منح دولة شرق أوسطية أخرى امتيازات أفضل من تلك التي مُنحت لأبو ظبي، ما يعني ضمنيا إمكانية تخصيب اليورانيوم مستقبلا إذا حصلت دولة أخرى على هذا الحق.
وفيما يتعلق بالمفاوضات النووية الإيرانية، أشار التقرير إلى أن المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف سيبدأ جولة جديدة من المحادثات مع طهران في 19 نيسان/أبريل الجاري.
اظهار أخبار متعلقة
لكن التصريحات الصادرة عن الإدارة الأمريكية بدت متضاربة، فقد قال ويتكوف في 15 نيسان /أبريل عبر "إكس"، إنه "يجب على إيران أن توقف برنامجها للتخصيب النووي والتسلح النووي وتزيله". لكنه صرح قبل ذلك بيوم لشبكة "فوكس نيوز" قائلا: "لا يحتاجون إلى التخصيب بنسبة تتجاوز 3.67 في المئة… سيتعلق الأمر كثيرا بالتحقق من برنامج التخصيب ومن ثم التحقق في نهاية المطاف من التسلح".
وأكد هندرسون أن استمرار المحادثات يُبقي دعم واشنطن لأي عمل عسكري إسرائيلي ضد إيران معلقا، معتبرا أن "دول الخليج باتت أكثر انخراطا مع طهران في الأشهر الأخيرة"، وتبدو "مترددة في دعم ضربات عسكرية ضد برنامجها النووي".
وختم التقرير بالإشارة إلى أن التطورات في الرياض ومسقط قد "تُشكل خطوة إيجابية في سبيل تقليص التهديد النووي الإيراني"، وإن كانت "بكلفة محتملة تتمثل في إبقاء العلاقات السعودية - الإسرائيلية غير رسمية"، خصوصا في ظل تركيز إدارة
ترامب على تعزيز العلاقات الاقتصادية خلال جولته الخليجية المرتقبة.