ملفات وتقارير

العالم يستعد لوداع عام مثقل بالصراعات.. ويستقبل آخر مليئا بالأزمات

أضيف 70 نزاعاً جديداً خلال العام 2025 وانتهى 18 نزاعاً - الأناضول
أزمات كبيرة وأحداث مأساوية بلغت ذروتها في عام 2025 الذي يوشك على نهايته، سنة شهدت سلسلة من الصراعات الحادة والواسعة النطاق التي هيمنت على الشؤون العالمية، على نطاق لم يُشهد له مثيل منذ عقود، وفق بيانات نشرها موقع "Statista" المختص بتوثيق الإحصائيات والذي أكد أن أكبر الآثار في الخسائر البشرية والمعاناة والدمار تتجلى خلال السنوات الأخيرة عبر مقُتل مئات الآلاف بشكل مباشر وإصابة الملايين بجروح، ونزح وتيتم وتضور شعوب بأكملها للجوع وتعرض مجتمعات للإيذاء، باتت تعاني من صدمات نفسية؛ ومستويات دمار هائلة لدرجة أن بعض المناطق قد لا تتعافى تمامًا أبدًا.



مع انتهاء عام 2025، ستدخل الحروب في أوكرانيا وغزة والسودان عامها الثالث أو الرابع، وسط فشل محادثات السلام حتى الآن لدى بعضها، وهشاشة الاتفاقيات والهدن لدى آخرى، كما شهد العام الماضي تصعيدًا في أزمات الشرق الأوسط بدءا من لبنان إلى ىسوريا وصولا إلى اليمن، مخلفة مآسي لا تحصى لاستمرار أزيز الرصاص والنزيف البشري حتى اللحظة، وفي مكان آخر من الخريطة، كانت هناك أزمة ممتدة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، ونزاعًا قصيرًا بين القوتين النوويتين الهند وباكستان، وحرب أهلية في ميانمار، وعودة نشاط حركات التمرد في في النيجر ومالي وبوركينا فاسو.

العالم على صفيح ساخن
وفقاً لدراسة صادرة عن شركة "ميشائيل باور إنترناتسيونال" المتخصصة في البيانات الجغرافية، ومقرها مدينة كارلسروه الألمانية، بلغ عدد النزاعات السياسية في العالم هذا العام مستوى غير مسبوق، حيث رصد تقرير "حصيلة الأمن لـ2025" استمرار 1450 نزاعاً سياسياً بمستويات مختلفة من كانون الثاني/ يناير حتى أيلول/سبتمبر الماضي، فيما أضيف 70 نزاعاً جديداً خلال العام، وانتهى 18 نزاعاً.


تعددت أشكال النزاعات.. والمآساة واحدة
الباحث ومُعد الدراسة نيكولاوس شفانك، الذي كان يدير سابقاً معهد هايدلبرغ لأبحاث النزاعات الدولية، حذر من تزايد خطر الاستهانة من التصعيدات، أكد أن النزاعات الموثقة لم تقتصر على المعارك العسكرية، بل شملت أيضا ضغوطاً اقتصادية، أو رسائل استراتيجية، أو حالات حصار سياسي.

وأوضح شفانك أن النزاعات التي تتسم بمستوى عنف منخفض تؤدي إلى تردد في اتخاذ إجراءات وقائية، إضافة إلى محدودية الاستعداد لتبني نهج سياسي واقتصادي جديد أو تحمل تكاليف معتدلة في المراحل المبكرة من النزاع، وأضاف: "نتيجة لذلك، غالباً ما تُتخذ التدابير بعد وقوع أضرار كبيرة بالفعل".



وأشار تقرير شركة "ميشائيل باور إنترناتسيونال"، إلى أن من أبرز الاتجاهات في 2025، هي الزيادة الواضحة في النزاعات الثنائية المتعلقة بالتجارة والرسوم الكمركية، والتي أثارتها على وجه الخصوص إجراءات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهو ما أدى إلى تداعيات دولية سريعة.

وبحسب الدراسة، شملت النزاعات حتى نهاية أيلول/سبتمبر الماضي 89 حربا، أي أكثر بـ11 حرباً مقارنة بالعام الماضي، ووقعت هذه المواجهات عالية الحدة في 31 دولة، مثل الحرب بين روسيا وأوكرانيا أو النزاعات الداخلية في شمال مالي، فيما لا تزال مناطق أفريقيا، والشرق الأوسط وأجزاء من آسيا الأكثر تضرراً.

جبل الجليدوأشارت الدراسة إلى أن تسعة نزاعات بلغت لأول مرة هذا العام أعلى مستوى، وهو الحرب، وتتعلق جميعها بنزاعات هيمن عليها العنف منذ سنوات. وعزت الدراسة زيادة عدد الحروب في 2025 إلى تفاقم نزاعات طويلة الأمد وليس إلى اندلاع حروب جديدة واسعة النطاق، وسُجِّلت أكبر التصعيدات في الصومال والكونغو وبوركينا فاسو، و"هي تطورات غالباً ما تبقى خارج نطاق اهتمام وسائل الإعلام الغربية لكنها تغير بشكل كبير الظروف الأمنية الإقليمية"، بحسب التقرير.

وأضاف شفانك: "الحروب ليست سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد"، مشيراً إلى أن العديد من النزاعات الفادحة تجرى دون عنف متواصل في ساحات القتال، لكنها تؤثر على الدبلوماسية والأسواق والاعتبارات الأمنية،  وتحدث شفانك عن استخدام أكثر استهدافاً للعقوبات والرسوم والقيود على الصادرات والاستثمارات إضافة إلى الضغوط الدبلوماسية، ما يؤدي غالباً إلى آثار كبيرة دون اندلاع حروب مفتوحة، محذراً من أن هذه النزاعات التي غالبا ما يتم تجاهلها يمكن أن تتطور إلى مواجهات جيوسياسية أو جيواقتصادية واسعة النطاق.

ودون مستوى الحرب، رصد التقرير 523 أزمة عنيفة، "تتراوح بين احتجاجات تتحول مؤقتاً إلى أعمال عنف - نحو 140 احتجاجاً في دول مثل فرنسا وصربيا والمكسيك والفلبين - وصولاً إلى مواجهات مع جماعات مسلحة في دول مثل جمهورية أفريقيا الوسطى والهند وإندونيسيا"، وتشمل هذه الفئة أيضاً توترات عابرة للحدود مثل تلك بين السودان وجنوب السودان أو بين إثيوبيا وكينيا.

معناة من الحروبفي بداية العام 2025 الذي شارف على الانتهاء، قالت صحيفة "الغارديان" إن أنظار العالم ظلت متركزة على الشرق الأوسط وأوكرانيا، لكن وحشية الحرب تنتشر في أماكن أخرى من العالم، وأضافت الصحيفة في تقرير لها، أن الشعور المنتشر هذه الأيام هو أن العالم أصبح مكانا خطيرا، وتشير التقديرات إلى أن الصراعات العالمية تضاعفت على مدى السنوات الخمس الماضية، وأن واحداً من كل ثمانية أشخاص في جميع أنحاء العالم عانى من الحرب.

أزمات لا يمكن للعالم تجاهلها
معظم الصراعات الحالية، سواء كانت تنطوي على حروب وغزوات، أو انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، أو مجاعة جماعية أو قمع سياسي، لا تحظى بالتغطية الكافية أو يتم نسيانها أو تجاهلها، حتى باتت تلك الأزمات صورة رهيبة عن عالم أصبح مدمنا على الحرب، وبالتالي فأن قائمة الدول التي ستبقى مدرجة ضمن المناطق الأكثر عرضة لمواجهة أزمة إنسانية متفاقمة في العام المقبل 2026 ستكون حاضرة حيث يتركها النظام العالمي المتغير في مواجهة كوارث متصاعدة وسط تراجع الدعم الدولي بحسب لجنة الإنقاذ الدولية.

الجوع والنزوح والعنف
ويسلط تقرير اللجنة لعام 2026 الضوء على 20 دولة، ويصنف الدول العشر الأكثر عرضة للخطر، وتضم هذه الدول 12 بالمئة فقط من سكان العالم، ومع ذلك فهي مسؤولة عن 89 بالمئة من الاحتياجات الإنسانية العالمية.

وفي العام المقبل، من المتوقع أن يواجه عشرات الملايين من الناس تفاقماً في الجوع والنزوح والعنف، في ظل استمرار تراجع الاهتمام السياسي من قبل المجتمع الدولي، والتصرفات التخريبية لبعض الحكومات والتي باتت عاملا مهما في زعزعة استقرار العالم، من خلال ميلها المتزايد إلى انتهاك ميثاق الأمم المتحدة والحدود الدولية وحقوق الإنسان الأساسية والمحكمة الجنائية الدولية.


وفيما يلي الدول العشر الأكثر عرضة لمواجهة أزمة إنسانية متفاقمة في عام 2026:

عامان من الحرب
أدى أكثر من عامين من الحرب إلى دمار هائل  في غزة واستشهاد ما يزيد عن 70 ألف شخص، وفقًا لوزارة الصحة في غزة، وأدى العدوان الإسرائيلي إلى تدمير البنية التحتية والأسواق والخدمات الأساسية من غذاء وماء ومأوى ورعاية صحية في جميع أنحاء غزة، وتضرر أو دُمر  ما يقرب من 80 بالمئة من المباني، ونزح حوالي 90 بالمئة من السكان، وغالبًا ما نزحوا عدة مرات.  



تقدّم "خطة السلام" التي تقودها الولايات المتحدة وتدعمها دول إقليمية، والتي تتضمن وقف إطلاق النار، أملاً محدوداً في أن يُسهم الضغط الخارجي في تخفيف حدة الصراع عام 2026، إلا أن انتهاكات وقف إطلاق النار تكررت في الأسابيع التي تلت دخوله حيز التنفيذ، ولا تزال الاحتياجات الإنسانية الكارثية قائمة. في غضون ذلك، في الضفة الغربية، يُؤدي تصاعد عنف المستوطنين، والقيود المالية، والتفتت الإقليمي إلى تآكل الأمن الفلسطيني والحياة اليومية.

ما هي المخاطر التي ستواجهها الأراضي الفلسطينية المحتلة في عام 2026؟
يواجه المدنيون ظروفاً تهدد حياتهم: فقد أدى القصف الإسرائيلي إلى تدهور الظروف الأساسية اللازمة لاستمرار الحياة، ووفقاً لوزارة الصحة في غزة، فقد استشهد أو جُرح  أكثر من 10بالمئة من سكان غزة قبل الحرب، وانهار النظام الصحي، حيث أسفرت أكثر من 800 غارة على المرافق الصحية عن إغلاق جميع المستشفيات. ومع  تدمير 92 بالمئة من المنازل أو جعلها غير صالحة للسكن، لم يعد أمام المدنيين النازحين أي مكان يعودون إليه. يمثل الجوع والمرض تهديداتٍ جسيمة، وفي آب/أغسطس 2025، تأكدت المجاعة  في مدينة غزة، حيث يواجه ثلث السكان انعدامًا كارثيًا للأمن الغذائي (المستوى الخامس من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي)، كانت هذه أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي للفرد على مستوى العالم.

ورغم دخول المزيد من الغذاء والمساعدات إلى غزة منذ ذلك الحين، إلا أن آثار هذا الجوع لا تزال قائمة. فالأجسام المنهكة لم تعد قادرة على مقاومة العدوى الفيروسية، التي يُرجح أن تكون الآن  السبب الرئيسي للوفاة في غزة خارج نطاق الصراع. أما بالنسبة للأطفال، فستكون الآثار مدى الحياة: إذ يعاني ما لا يقل عن  130 ألف طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد، أي ضعف مستويات عام 2024، لا تزال المساعدات محدودة للغاية: يواجه قطاع غزة حصارًا بحريًا وإغلاقًا شاملًا للطرق الجوية والبرية، مما أدى إلى انخفاض المساعدات إلى مستويات حرجة. ورغم زيادة عمليات إيصال المساعدات منذ وقف إطلاق النار، إلا أنها لا تزال أقل بكثير من العدد  المحدد في الاتفاق وهو 600 شاحنة تدخل غزة يوميًا.

وفي الضفة الغربية، تواجه العائلات الفلسطينية تهديدات متزايدة من المداهمات وهجمات المستوطنين، مع نزوح ما يقرب من  40 ألف شخص منذ أوائل عام 2024، ويؤدي التوسع الاستيطاني الإسرائيلي المخطط له شرق القدس إلى مزيد من التفتيت في الضفة الغربية، مما يقيد بشدة عمليات المنظمات غير الحكومية وسلامة الفلسطينيين وسبل عيشهم.

السودان.. استمرار وحشية الحرب الأهلية
للعام الثالث على التوالي، تصنف لجنة الإنقاذ الدولية  السودان على رأس قائمة الدول الأكثر عرضة لتفاقم الأزمة الإنسانية. فقد أودت  الحرب الأهلية الكارثية في السودان ، الدائرة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، بحياة أكثر من  150 ألف شخص منذ أبريل/نيسان 2023، وتمنع وصول المساعدات المنقذة للحياة إلى المجتمعات المحتاجة. كما تسبب الصراع في أزمة غذائية مدمرة، مما أدى إلى مجاعة في مناطق من السودان ووفاة أشخاص يومياً.

ما هي المخاطر التي سيواجهها السودان في عام 2026؟
خسائر فادحة في صفوف المدنيين:  لا تزال الحرب الأهلية في السودان عالقة في مأزق وحشي. ولا تخضع الأطراف المتحاربة لأي مساءلة. ومن المرجح أن تتزايد الحصارات مع اتساع رقعة الصراع، مما سيؤدي إلى عزل المدن عن المساعدات وإجبار النازحين على دفع مبالغ مالية للوصول إلى بر الأمان. ومع غياب أي بوادر لخفض التصعيد، يواجه الملايين تهديدات خطيرة لسلامتهم.

وتُؤجّج القوى الأجنبية الحرب حيث تستفيد القوى الإقليمية من الحرب في السودان، مما يُقلّل من حافز كلٍّ من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع للتفاوض على السلام.

وتتدفق كميات كبيرة من الذهب خارج البلاد، بينما تدخل إليها الأسلحة، بما في ذلك الطائرات المسيّرة المتطورة.

ولا تلوح في الأفق نهاية للمجاعة المدمرة:  دفعت أعمال العنف والحصار  19.2 مليون شخص ، أي 40% من السكان، إلى أزمة أو ما هو أسوأ من انعدام الأمن الغذائي.

وقد عانى أكثر من  200 ألف شخص من مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي وخطر المجاعة اليومي. ورغم بعض الإنتاج الزراعي في شرق السودان، لا تزال المجاعة المستمرة منذ سنوات طويلة مستمرة في السودان.

تقطع الأطراف المتحاربة المساعدات:  فالسلطات المتنافسة وتحصين خطوط المواجهة تقطعان شريان الحياة الإنسانية. وتحتفظ كل من قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية بأنظمة بيروقراطية وتصاريح منفصلة، مما يعقد عملية إيصال المساعدات. وتستمر الاعتداءات على عمال الإغاثة دون رادع، فالسودان ثالث أخطر دولة على عمال الإغاثة، إذ يمثل  12% من الهجمات ضدهم على مستوى العالم في عام 2025.


جنوب السودان.. تزايد خطر الحرب الأهلية
يواجه جنوب السودان خطر الانزلاق مجدداً إلى حرب أهلية، مع انهيار اتفاقية السلام لعام 2018 وانهيار الحكومة الحالية، في الوقت نفسه، أدت الحرب الأهلية في السودان المجاور إلى تدفق اللاجئين، وتفاقم التوترات الداخلية، وتعطيل صادرات النفط الحيوية، مما أدى إلى اضطرابات اقتصادية وتزايد السخط بين أفراد قوات الأمن غير المدفوعة الأجر، كما أن الفيضانات السنوية المتكررة تُلحق دماراً هائلاً بالإنتاج الغذائي، وتُحاصر الملايين في أزمة إنسانية متفاقمة.


ما هي المخاطر التي سيواجهها جنوب السودان في عام 2026؟
قد ينزلق جنوب السودان مجدداً إلى حرب أهلية، بعد فشله في تنفيذ بنود رئيسية من اتفاقية السلام لعام 2018، التي أنهت نزاعاً دام خمس سنوات. وقد أدى الانهيار الاقتصادي إلى عدم حصول قوات الأمن على رواتبها لأشهر، مما يزيد من خطر اندلاع النزاع.

فالحرب الدائرة في السودان المجاور تُهدد اقتصاد جنوب السودان بشكل مباشر، والذي يعتمد على تصدير معظم نفطه عبر السودان، وقد تستغل أطراف النزاع الانقسامات العميقة في جنوب السودان لتعبئة الميليشيات والتأثير على صادرات النفط هذه، التي تُشكل  90 بالمئة من إيرادات حكومة جنوب السودان.

ويدخل جنوب السودان عام 2026 بأزمة جوع حادة، حيث يواجه 28 ألف شخص مستويات كارثية من الجوع وخطر الموت جوعاً يومياً. ومن المتوقع أن تتفاقم قبضة الجوع على جنوب السودان مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية  أربعة أضعاف في حين انهارت الدخول.

إضافة إلى ذلك، تلوح في الأفق مخاطر الفيضانات وانتشار الأمراض: فقد أثرت الفيضانات الشديدة التي شهدها عام 2025، للعام السادس على التوالي، على أكثر من  900 ألف شخص، مما فاقم تفشي وباء الكوليرا الذي تجاوز عدد الإصابات فيه  100 ألف حالة. ومع توقعات هطول أمطار غزيرة نتيجة ظاهرة لا نينا في أوائل عام 2026، تواجه المجتمعات المحلية خطراً متزايداً من الفيضانات، وخسائر المحاصيل، وانتشار الأمراض المنقولة بالمياه، مما يزيد من تدهور الصحة وسبل العيش والأمن الغذائي

في لبنان.. يتزايد خطر الصراع بينما ينهار الاقتصاد
يتزايد خطر تجدد الصراع بين إسرائيل وحزب الله، الجماعة المسلحة اللبنانية غير الحكومية، في حين يعيش نحو  80 بالمئة من سكان لبنان تحت خط الفقر، وقد تسبب القتال بين الجانبين عام 2024 في نزوح  1.4 مليون شخص في لبنان، ومن شأن عودة الصراع واسع النطاق عام 2026 أن يُرهق الخدمات العامة الهشة في لبنان ويزيد الاحتياجات الإنسانية بشكل حاد.



ما هي المخاطر التي سيواجهها لبنان في عام 2026؟
يُنذر الصراع بموجات نزوح جديدة، فقد أسفر وقف إطلاق النار في تشرين الثاني/نوفمبر عن انخفاض مستدام، وإن كان غير كامل، في مستوى العنف، ولا تزال التوترات مرتفعة. ومن المرجح أن يؤدي أي تجدد للصراع الكبير في عام 2026 إلى نزوح مئات الآلاف وتدمير البنية التحتية المدنية.

تواجه العائلات ضائقة اقتصادية شديدة:  فقد شهد لبنان انهياراً اقتصادياً حاداً، حيث فقدت عملته أكثر من  98 بالمئة من قيمتها بين 2023 و2024، مما أدى إلى تضخم مفرط. وقد فاقم الصراع من حدة الاحتياجات، تاركاً 1.2 مليون شخص يواجهون أزمة أو مستويات أسوأ من انعدام الأمن الغذائي، حيث يضطر الناس إلى اتخاذ إجراءات يائسة مثل التخلي عن وجبات الطعام أو إخراج أطفالهم من المدارس لإطعام أسرهم.

تتراجع الخدمات العامة مع تزايد الاحتياجات:  أكثر من  4 ملايين شخص في لبنان بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية. إلا أن الصراع ونقص التمويل جعلا المستشفيات والخدمات العامة عاجزة عن تلبية الاحتياجات على نطاق واسع.

إثيوبيا.. يتزايد خطر نشوب صراع كبير مع تفاقم بؤر التوتر العالمية
تُؤدي ديناميكيات محلية وإقليمية مترابطة إلى زعزعة الاستقرار في شمال  إثيوبيا ، ما قد يُنذر بنشوب صراع واسع النطاق. إضافةً إلى ذلك، يستمر القتال الذي تُشعله الجماعات المسلحة في نزوح المدنيين، كما وتُفاقم الصدمات المناخية، كالجفاف والفيضانات، الوضع الإنساني.

ومع التخفيضات الكبيرة في المساعدات، بما في ذلك خفضٌ قدره 387 مليون دولار من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في عام 2025، فإن المنظمات الإنسانية غير مُجهزة بشكل كافٍ للتعامل مع هذه الأزمات المتداخلة.


ما هي المخاطر التي ستواجهها إثيوبيا في عام 2026؟
خطر تجدد الصراع يهدد المدنيين، حيث تتفاقم التوترات بين الحكومة الفيدرالية والقوات الإريترية وقوات تيغراي وجماعات أمهرة وتزعزع استقرار اتفاق السلام الهش الذي تم التوصل إليه في عام 2022، وقد شهدت منطقة تيغراي في إثيوبيا إعادة إعمار محدودة، ويعيش ما يقرب من 800 ألف شخص حاليًا في ظروف مزرية.

تشهد منطقة أوروميا الوسطى نزوحًا واسع النطاق، فقد أدت الاشتباكات بين الجماعات المسلحة والقوات الحكومية في ولاية أوروميا الإثيوبية إلى نزوح أكثر من  288 ألف شخص في عام 2025، كما ودمر العنف سبل العيش، وأدى إلى تفاقم سوء التغذية الحاد لدى الأطفال، وأجبر العائلات على الفرار.

ونظرًا للدور المحوري الذي تلعبه أوروميا في الاقتصاد الإثيوبي، فإن عدم الاستقرار يعرقل التجارة ووصول المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء البلاد. تؤدي الصدمات المناخية إلى تفاقم الجوع والمرض ومن المتوقع أن تجلب ظاهرة لا نينا الفيضانات إلى الشمال والجفاف إلى الجنوب في عام 2026.

يمكن أن تدمر الفيضانات المحاصيل وتزيد من تفشي الكوليرا وتزيد من النزوح، في حين يهدد الجفاف المحاصيل والماشية في المناطق الرعوية، وتؤدي تخفيضات المساعدات إلى تفاقم الأزمة، وبالتالي ستستمر  آثار خفض الحكومة الأمريكية  387 مليون دولار من التمويل لإثيوبيا في عام 2025، مما سيؤدي إلى تقليص توزيعات الغذاء لملايين الأشخاص وتهديد العلاج الحرج لسوء التغذية لـ 650 ألف امرأة وطفل

بوركينا فاسو.. تصاعد العنف يُعمّق الأزمة
انخرطت جماعات مسلحة مرتبطة بتنظيم الدولة والقاعدة في حملة متصاعدة من عمليات الخطف والتجنيد القسري والاعتداءات على المدنيين في  بوركينا فاسو على مدى السنوات الثماني الماضية، وقد فرضت هذه الجماعات حصارًا على المدن، ما أدى إلى قطع الإمدادات الغذائية والمائية والرعاية الصحية عن أكثر من  مليون شخص، فيما تشير تقارير إلى أن الهجمات لا علاقة لها بدوافع دينية، بل لأسباب اقتصادية، كما ساهمت الفيضانات والجفاف المتكرران في زيادة النزوح وتفاقم الأزمة.، وقد أعاق انعدام الأمن المستشري قدرة المنظمات الإنسانية على الوصول إلى المجتمعات الأكثر احتياجًا.


ما هي المخاطر التي ستواجهها بوركينا فاسو في عام 2026؟
العنف يحاصر المدنيين، حيث تعد بوركينا فاسو مركز الصراع في منطقة الساحل، وتمثل أكثر من  55 بالمائة من الوفيات المرتبطة بتنظيم القاعدة أو الجماعات المرتبطة بتنظيم الدولة بين 2024 و2025، ومع انتشار العنف نحو المناطق الحضرية، يواجه المدنيون مخاطر متزايدة للهجمات المباشرة والنزوح.

فرضت جماعات مسلحة حصاراً على 29 مدينة وقرية على الأقل  عام 2025، مما حدّ بشكل كبير من وصول المساعدات الإنسانية إلى 1.1 مليون شخص، وقد يؤثر توسع نطاق هذا الحصار على المزيد من المجتمعات عام 2026، كما أن الخدمات الأساسية على وشك الانهيار، حيث تتضاءل قدرة الحكومة على توفير الخدمات الصحية والطارئة الأساسية.

ومع تقلص ميزانيات المساعدات العالمية، من المرجح أن تتفاقم الاحتياجات غير الملباة في عام 2026، مما سيؤدي إلى تسريع انتشار الأمراض، وتفاقم الجوع، وزعزعة استقرار المجتمعات. من المتوقع أن تؤدي الصدمات المناخية إلى تفاقم الأزمة، مما سيؤدي إلى تدمير مخزونات الغذاء والأراضي الزراعية ودفع العائلات إلى مزيد من الفقر.

مالي.. الجماعات المسلحة توسع سيطرتها
تواجه مالي حالة من عدم الاستقرار المتصاعد في أعقاب التغييرات الحكومية، وانسحاب القوات الفرنسية، وتزايد وجود الفيلق الروسي في أفريقيا. وقد توسعت الجماعات المسلحة في جميع أنحاء وسط وجنوب مالي، حيث هاجمت طرق التجارة الرئيسية وقطعت تدفق الوقود والسلع إلى العاصمة باماكو.


ما هي المخاطر التي ستواجهها مالي في عام 2026؟
يؤدي العنف إلى انقطاع الخدمات الأساسية، كما أن الجماعات المسلحة تهدد بالفعل الطرق الرئيسية وممرات التجارة، بما في ذلك الطرق السريعة التي تُؤمّن  95 بالمئة من وقود مالي. وسيؤدي استمرار الهجمات على وسائل النقل إلى تفاقم النقص الحاد في الوقود، مما يُعيق قدرة المستشفيات والمدارس وشبكات المياه على العمل.

يتفاقم الجوع مع اضطراب الأسواق جراء الصراع، فالعنف يعيق الزراعة، ويقطع الطرق، ويزيد من صعوبة حصول الناس على الغذاء، قبل انتشار الجماعات المسلحة، في جنوب مالي، كان  1.5 مليون شخص يعانون بالفعل من نقص حاد في الغذاء، مع وجود ما يقرب من  3000 شخص معرضين لخطر المجاعة. ومع تركيز الجيش على القتال، قد يتفاقم انعدام الأمن الغذائي بشكل كبير بحلول عام 2026.

جمهورية الكونغو الديمقراطية.. فشل اتفاقية السلام
يتصاعد الصراع في شرق  جمهورية الكونغو الديمقراطية رغم اتفاقية السلام الموقعة مع رواندا عام 2025، وتتزايد حدة الاشتباكات التي تشارك فيها جماعة إم 23 المسلحة المدعومة من رواندا، حيث تواصل الجماعة توسيع نفوذها الإقليمي في شرق الكونغو الديمقراطية واستغلال مواقع تعدين المعادن النادرة والذهب القيّمة، ويؤدي العنف الذي تشارك فيه عدد من الجماعات المسلحة المحلية، بالإضافة إلى قوات من أوغندا وبوروندي ورواندا، إلى نزوح السكان، وتفاقم انعدام الأمن الغذائي، وزيادة خطر تفشي الأمراض.


ما هي المخاطر التي ستواجهها جمهورية الكونغو الديمقراطية في عام 2026؟
تواصل الجماعات المسلحة استغلال مواقع التعدين في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية لتمويل حملاتها. وحتى مع انعقاد محادثات لإنهاء العنف، تم تهريب كميات غير مسبوقة  من المعادن المتنازع عليها في عام 2025.

كما يتفاقم الجوع مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، و من المتوقع أن يزداد مستوى الجوع القياسي في جمهورية الكونغو الديمقراطية  سوءًا في عام 2026 مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، في ظل تداعيات الصراع الذي يهدد الأمن الغذائي، حيث يعيش 73 بالمئة من السكان في فقر مدقع، ويحتاج أكثر من  8.2 مليون طفل وامرأة حامل إلى مساعدات غذائية.

أحد أسوأ تفشيات الكوليرا في عقد  من الزمان يجتاح جمهورية الكونغو الديمقراطية وسيهدد المزيد من المجتمعات في عام 2026 حيث يفشل النظام الصحي في البلاد في الاستجابة، كما تهدد تخفيضات المساعدات البرامج الإنسانية، فقد انخفضت خدمات الإغاثة في جمهورية الكونغو الديمقراطية بشكل حاد بعد إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. وفي الوقت نفسه، يتعرض العاملون في مجال الإغاثة لهجمات متزايدة، مع ارتفاع الحوادث الأمنية بنسبة  33 بالمئة في عام 2025، مما يزيد من صعوبة تقديم الخدمات.

ميانمار.. ملايين الأشخاص عالقون بسبب الصراع والكوارث
بعد خمس سنوات من استيلاء الجيش على السلطة عام 2021، لا يزال الصراع العنيف في ميانمار مستمراً بين الجماعات المسلحة والجيش المركزي دون أي مؤشر على نهايته. وفي الوقت نفسه، لا تزال استجابة ميانمار الإنسانية تعاني من نقص حاد في التمويل، حتى بعد أن  فاقم زلزال مدمر عام 2025 الأزمة في البلاد، تاركاً  16.2 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية.


ما هي المخاطر التي ستواجهها ميانمار في عام 2026؟
قُتل ما يقرب من  90 ألف شخص في الصراع الذي اندلع في ميانمار منذ عام 2021، ويواجه المدنيون تهديدات متزايدة بالنزوح والعنف، بما في ذلك ارتفاع حاد في عدد القتلى جراء الغارات الجوية والأسلحة المتفجرة.

كما أدت تخفيضات المساعدات العالمية في عام 2025 إلى حرمان الملايين من المساعدات الإنسانية، وتواجه النساء والفتيات في الملاجئ المكتظة مخاطر خاصة، حيث  تتزايد العنف والاتجار بالبشر والزواج المبكر، بينما يتراجع التمويل المخصص لتلبية احتياجاتهن، ويُفاقم تغير المناخ والصدمات الطبيعية الأخرى المخاطر، وسيستمر الصراع الدائر في تقويض قدرة ميانمار على الاستجابة لتهديدات المناخ والصدمات الطبيعية الأخرى، وهي قدرة مُنهكة أصلاً بسبب سنوات من الصراع. وأبرز مثال على ذلك؟ تعرض الناجون من  الزلزال المدمر الذي ضرب ميانمار عام 2025  لغارات جوية في أعقابه مباشرة، وفقًا للأمم المتحدة. المجتمعات المعزولة عن المساعدات.

هايتي.. سيطرة العصابات تُؤجّج مستويات قياسية من الجوع والنزوح
تشهد هايتي فوضى سياسية منذ اغتيال الرئيس جوفينيل مويس عام 2021، ما ترك البلاد بلا حكومة فعّالة ولا أمن، وتسيطر العصابات المسلحة الآن على معظم أنحاء العاصمة بورت أو برانس، وقد باءت محاولات استعادة النظام، بدعم دولي، بالفشل، ومن المقرر أن تنتهي ولاية المجلس الرئاسي الانتقالي، الذي يحكم هايتي حاليًا، في تشرين الثاني/فبراير 2026. وقد تستغل العصابات هذا الفراغ في السلطة، ما يزيد من معاناة المدنيين الذين يواجهون تصاعدًا في العنف والجوع والنزوح.


ما هي المخاطر التي قد تواجهها هايتي في عام 2026؟
تواصل العصابات المسلحة إلحاق الأذى بالمجتمعات من خلال القتل والابتزاز والاختطاف، وقد قُتل  أكثر من 800 مدني في الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، أي أكثر من ضعف عدد القتلى في الفترة نفسها من عام 2024، كما بلغت حالات النزوح والجوع مستويات قياسية، فقد أجبر عنف العصابات  1.4 مليون شخص، أي أكثر من 10 بالمئة من سكان هايتي، على الفرار من ديارهم. كما ويواجه أكثر من  نصف سكان هايتي مستويات جوع كارثية مع استمرار تصاعد العنف والنزوح.

وأيضا، تواصل العصابات الهايتية استخدام العنف الجنسي  للسيطرة الممنهجة على المجتمعات، بينما تجند الأطفال بمعدلات مقلقة. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نصف أعضاء العصابات هم من الأطفال، مع  ارتفاع بنسبة 700 بالمئة في عمليات التجنيد خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024.