ملفات وتقارير

من الحرب إلى الحوكمة.. "جبهة تحرير أزواد" ترسم معالم حضورها في شمال مالي

تركز خلافات جبهة تحرير أزواد مع الحكومة على مطالب سياسية واقتصادية وإدارية، أبرزها الاعتراف بهويتها الثقافية واللغوية، مشاركة السكان في إدارة الموارد الطبيعية.. الأناضول
أعلنت جبهة تحرير أزواد أمس الأحد حصيلة أدائها المؤسسي والميداني، بمناسبة مرور الذكرى الأولى على تأسيسها، في خطوة تهدف إلى تسليط الضوء على إنجازاتها وتعزيز صورتها بين السكان المحليين والجاليات الأزوادية في الخارج.

وجاء في بيان صادر عن الجبهة أن العام الأول من عمرها شهد عمليات عسكرية ساهمت في وقف تقدم القوات المعادية ومنع خسارة مساحات جديدة، إلى جانب تحقيق قفزات تقنية تمثلت في إنشاء وتدريب وحدات متخصصة في تعطيل المستشعرات والطائرات المسيرة والاتصالات المعادية.

كما أشارت الجبهة إلى تشكيل وحدات عسكرية متخصصة في الحرب التقليدية وتأمين المدن، بهدف حماية المناطق التي تسيطر عليها وتوسيع نفوذها.

على الصعيد الداخلي، أبرز البيان جهود الجبهة في إعادة التنظيم المؤسسي، حيث تمكنت من إنشاء المكاتب الجهوية والمحلية وتعزيز شبكات الارتباط الميداني، بالإضافة إلى تقوية قدرات الفرق المكلفة بالإدارة الترابية والاجتماعية والتنظيمية.

ولم يقتصر الاهتمام على الجانب العسكري والإداري، بل شمل المجتمع المدني من خلال دعم التنسيقات والجمعيات النسوية، ومكاتب الجاليات والقوى الحية الأزوادية في الخارج.

وفي مجال الحوكمة، أشار البيان إلى أن العام الأول شهد دخول المؤسسات القيادية حيز العمل الفعلي، بما في ذلك المجلس الثوري والمجلس الاستشاري، ما يعكس سعي الجبهة إلى بناء هياكل قيادية دائمة ومرنة قادرة على إدارة الصراع وتنظيم الشؤون الداخلية.

كما تضمن البيان تحية للشهداء وتضامنًا مع الأسر المتضررة من الصراع، مع تأكيد الجبهة على امتنانها لأبناء وبنات أزواد داخل الإقليم، وفي المهجر، ومخيمات اللجوء على صمودهم والتزامهم بقيم التضامن والوحدة.

ويأتي هذا الإعلان في وقت يواصل فيه الإقليم مواجهة تحديات أمنية وسياسية كبيرة، وسط صراع مستمر بين الجماعات المتمردة والقوات الحكومية، ما يجعل حصيلة الجبهة خلال عامها الأول مؤشراً على قدرتها على الصمود وتنظيم نفسها داخلياً وعسكرياً، رغم الضغوط الميدانية والسياسية المحيطة بها.

من هي جبهة تحرير أزواد والإقليم الذي تنشط فيه؟

إقليم أزواد يقع في شمال مالي، وهو منطقة صحراوية شاسعة يسكنها في الغالب الطوارق وأقليات أخرى، وقد عانى لعقود من النزاعات المسلحة والمطالبات بالاستقلال عن الحكومة المركزية في باماكو. تأسست جبهة تحرير أزواد كحركة مسلحة وإدارية تمثل مصالح السكان المحليين وتسعى إلى تحقيق حكم ذاتي واسع أو استقلال فعلي للإقليم، في ظل شعور السكان بالإهمال والتهميش الاقتصادي والسياسي من قبل السلطات المركزية.

ويشهد الإقليم منذ سنوات توترات مستمرة بين الجماعات المتمردة والقوات الحكومية، إضافة إلى نشاط مجموعات إرهابية مسلحة استغلت الفراغ الأمني في الصحراء لنشر الفوضى وتهريب الأسلحة، ما جعل الوضع الأمني والسياسي في المنطقة هشًا للغاية.

خلافات الجبهة مع الحكومة

تركز خلافات جبهة تحرير أزواد مع الحكومة على مطالب سياسية واقتصادية وإدارية، أبرزها الاعتراف بهويتها الثقافية واللغوية، مشاركة السكان في إدارة الموارد الطبيعية، والحصول على قدر أكبر من الحكم الذاتي. كما تتهم الحكومة المركزية الحركة بالتمرد المسلح، بينما تؤكد الجبهة أن سياساتها الدفاعية والهجومية تهدف إلى حماية المدنيين ومنع توسع نفوذ القوات الحكومية في مناطقها.