طب وصحة

مقارنة بين الحليب النباتي وحليب الأبقار.. أيهما الأفضل للصحة؟

أكثر من ثلث الحليب النباتي يحتوي سكرا مضافا بمستويات تشبه الحليب المنكه- الأناضول
تثير المقارنة بين الحليب النباتي وحليب الأبقار أسئلة واسعة حول أيهما الأفضل لصحة الإنسان، خصوصاً مع تزايد الإقبال العالمي على البدائل النباتية خلال السنوات الأخيرة، مقابل استمرار اعتماد شريحة كبيرة على الألبان الحيوانية.

وشهدت الأسواق العالمية تحولا لافتا مع توسع استخدام الحليب النباتي المصنوع من اللوز والشوفان وفول الصويا وجوز الهند، رغم أن حليب الأبقار ما يزال الأكثر انتشارا حول العالم.

وتظهر التقديرات الاقتصادية أن قيمة سوق الحليب النباتي التي وصلت إلى 35 مليار دولار في عام 2021، قد تتجاوز 123 مليار دولار بحلول عام 2030.

ويضم حليب الأبقار مجموعة من العناصر الضرورية للنمو، من بينها فيتامين "بي 12" B12 والكالسيوم والبوتاسيوم والفوسفور؛ كما أن معظم الأنواع التجارية مدعمة بفيتامين "دي" D، وهي ممارسة بدأت منذ ثلاثينيات القرن الماضي لحماية الأطفال من الإصابة بالكُساح.


وفي المقابل، توضح دراسة أجريت عام 2023 على 233 نوعا من الحليب النباتي أن "70 بالمئة من هذه المنتجات مدعمة بالكالسيوم وفيتامين دي"، ومع ذلك، تختلف خصائص كل نوع تبعاً لمكوناته وطريقة تصنيعه.

ولا يحتوي حليب الأبقار على أي نسبة من الألياف الغذائية، بينما توفر العديد من أنواع الحليب النباتي كميات بسيطة منها؛ فبعض منتجات حليب الشوفان تحتوي على 2-3 غرامات من الألياف في كل وجبة، في حين يقدم الصويا واللوز وغيرهما نسباً أقل.

وفي سياق النقاش حول فوائد ومخاطر هذه البدائل، تقول الطبيبة وأخصائية التغذية الروسية يلينا سولوماتنينا إن الحليب النباتي "لا ينبغي اعتباره بديلا كاملا لحليب البقر أو الألبان الحيوانية، سواء من حيث وفرة العناصر الدقيقة أو محتواه من الكالسيوم والبروتين وفيتاميني D وА"، بحسب موقع "RT" الروسي.

وتشير إلى أن المشكلة لا تكمن في المكوّن النباتي نفسه، بل في "المواد الصناعية المضافة أثناء التصنيع بهدف الحفظ وتحسين الطعم"، مضيفة أن هذه المواد "قد تكون ضارة بحد ذاتها، ما يستدعي قراءة مكونات العبوة بدقة قبل الشراء".

وتلفت اختصاصية التغذية أبيجيل جونسون إلى أن كميات الألياف الموجودة في الحليب النباتي، رغم قلتها، قد تساهم في تلبية الاحتياجات اليومية، لكنها توضح أنه "للوصول إلى نصف احتياجات الجسم من الألياف نحتاج إلى ثلاثة أكواب من الحليب النباتي يوميا"، مؤكدة أن الحصول على الألياف من البقوليات والحبوب الكاملة والفواكه والخضروات هو الخيار الأفضل.

ويمثل البروتين أحد أهم الفروق بين الحليب الحيواني والنباتي؛ إذ يوفر كوب الحليب البقري، سواء كامل الدسم أو قليل الدسم، ثمانية غرامات من البروتين، فيما تصل الكمية في بعض الأنواع "فائقة التصفية" إلى 13 غراماً بفضل إزالة جزء من الماء واللاكتوز لرفع تركيز البروتين.


أما في البدائل النباتية، فقد وجد الباحثون أن أعلى نسبة بروتين موجودة في حليب البازيلاء (7.5 غرامات لكل كوب)، يليه حليب الصويا بمتوسط 6.1 غرامات، بينما يحتوي حليب اللوز على غرام واحد فقط.

وفي ما يتعلق بصحة العظام، حددت منظمة الصحة العالمية الاحتياج اليومي من الكالسيوم بـ500 ملليغرام. وتكشف البيانات أن حليب جوز الهند يحتوي على نحو 460 ملليغراماً من الكالسيوم في الكوب الواحد، يليه حليب اللوز بـ450 ملليغراماً، ثم حليب الأبقار بحوالي 310 ملليغرامات.

ورغم أن صناعة الألبان ووزارة الزراعة الأمريكية طالما روجتا لدور الحليب البقري في بناء عظام الأطفال، إلا أن الدراسات الحديثة تشير إلى أن "الإفراط في تناول الألبان والكالسيوم لا يزيد قوة عظام الأطفال".

وينصح أستاذ التغذية في جامعة "هارفارد تي. إتش" والتر ويليت بالاعتماد على "نظام غذائي متنوع يشمل الحليب النباتي والخضروات والحبوب الكاملة والأسماك والمكسرات والبذور، بدلاً من الاعتماد على حليب الأبقار وحده".

وعلى مستوى الدهون، تظهر المقارنات أن أغلب أنواع الحليب النباتي تحتوي على نسب منخفضة جداً من الدهون المشبعة، باستثناء حليب جوز الهند الذي يضم كميات مرتفعة من هذا النوع من الدهون المرتبطة بزيادة الكوليسترول الضار.

ويوضح ويليت أن حليب الصويا، على سبيل المثال، يحتوي على أحماض دهنية ذات تأثيرات إيجابية على مستويات الكوليسترول في الدم، ما يجعله خياراً جيداً للحد من مخاطر أمراض القلب.

وفي المقابل، يحمل حليب الأبقار نسباً متنوعة من الدهون؛ إذ يحتوي كوب الحليب الخالي من الدسم على نحو 0.2 غرام من الدهون (1.4 غرام منها دهون مشبعة)، بينما ترتفع الكمية إلى 8 غرامات في الحليب كامل الدسم (4.5 غرامات منها دهون مشبعة).

ومع ذلك، لم تجد الأبحاث علاقة واضحة "بين تناول الألبان كاملة الدسم أو قليلة الدسم وأمراض القلب"، بل إن الزبادي ومنتجات اللبن الرائب "قد تقلل من مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية".

وبرغم أن الحليب النباتي يحظى بشعبية متزايدة، تشير المتحدثة باسم أكاديمية التغذية ميليسا ماجومدار إلى أنه "لا ينبغي اعتباره بديلاً كاملاً لمنتجات الألبان الحيوانية".

وتشرح أن جودة الحليب النباتي تختلف تبعاً لنوعه ومحتواه من العناصر الغذائية والسكريات المضافة، موضحة أن "بعض الأنواع تحتوي على سكر مضاف بمستويات تتجاوز ما يوجد في بعض الحلويات"، وهو ما تؤكده أبيجيل جونسون التي تشير إلى أن "أكثر من ثلث الألبان النباتية تضم كميات من السكر تماثل تلك الموجودة في الحليب المنكه مثل الفراولة أو الشوكولاتة".


وتوضح جاكي هافن من مركز سياسات التغذية بوزارة الزراعة الأميركية أن كثيراً من أنواع الحليب النباتي "لا توفر العناصر الأساسية التي تميز حليب الأبقار، مثل البروتين والزنك والكالسيوم والبوتاسيوم وفيتامينات بي".

وإلى جانب ذلك، يعد عدم تحمل اللاكتوز سبباً لجعل الحليب النباتي خيارا مناسبا لشريحة واسعة؛ إذ تشير الدراسات إلى أن 68 بالمئة من سكان العالم قد يعانون حساسية تجاه الحليب الطبيعي بسبب عدم قدرة أجسامهم على هضم اللاكتوز، ما يؤدي إلى التقلصات والانتفاخ، لكن الحساسية ليست حكرا على حليب الأبقار فقط؛ إذ تُظهر الأبحاث أن حليب اللوز والصويا وجوز الهند "قد يسبب ردود فعل تحسسية لدى بعض الأشخاص أيضاً".