صحافة إسرائيلية

مخاوف إسرائيلية من مشروع قانون مجلس الأمن الخاص بغزة في اليوم التالي

الاحتلال يعرقل تنفيذ بنود المرحلة الأولى من الاتفاق- جيتي
في الوقت الذي يتواصل فيه التدخل الأمريكي المباشر في تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ورغم أن مشروع القرار الذي تُروج له الإدارة الأمريكية في مجلس الأمن، يوفر بالفعل شرعية دولية نادرة لنزع سلاح غزة، وتولّي قوة استقرار عربية مُعتدلة زمام الأمور، لكن غموضه الشديد يُتيح لحماس ثغرة أمنية بالغة الأهمية تُمكّنها من الحفاظ على سلطتها حتى اليوم التالي، وهذا مكمن قلق الاحتلال.

وذكر عاموس يادلين، الرئيس السابق للاستخبارات الإسرائيلية، أمان، ونوعا شوسترمان دفير، رئيسة برنامج الفلسطينيين بمنظمة "التفكير الإسرائيلي" أن "مشروع القرار الذي تُروج له الإدارة الأمريكية بمجلس الأمن, يهدف لأن يكون ركيزة أساسية في تنفيذ خطة ترامب لغزة، ويتمثل هدفه بمنح شرعية دولية واسعة النطاق للخطوات الواردة في الخطة، من خلال تشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية مؤقتة، وتشكيل قوة استقرار دولية، وتشكيل مجلس سلام، ونقل السيطرة تدريجيًا للسلطة الفلسطينية فقط بعد استكمال الإصلاحات المُتفق عليها".

وأضافا في مقال مشترك نشرته القناة 12، وترجمته "عربي21" أن "إسرائيل لديها أهداف حربية واضحة ومهمة، تتمثل بتفكيك حماس، ونزع سلاحها، ونزع سلاح غزة، ووعد بأنها لن تشكل تهديدًا أمنيًا، وهذه أهداف يمكن تخفيفها في قرار من مجلس الأمن، وعلى عكس خطة ترامب المكونة من 20 نقطة، ووقعتها في أكتوبر الولايات المتحدة وتركيا وقطر ومصر، يجب أن يمر القرار بتصويت في منتدى يضم 15 عضوًا، بما فيها باكستان والجزائر، ودون أن يستخدم الأعضاء الدائمون، خاصة الصين وروسيا، حق النقض-الفيتو، ضده".

وأشار الكاتبان إلى أن "الدول المعنية التي ستنضم لقوة الأمن الإسرائيلية، أو مجلس السلام، ستكون ملتزمة بخطة ترامب، مع أن القرار قد لا يعكس تمامًا روح خطة ترامب، وبالتأكيد ليس أهداف الحرب الإسرائيلية، لكن من الناحية العملية، يعد هذا اقتراحًا مخففًا فيما يتعلق بخطته التي تحاول المساعدة في تنفيذ مرحلتها الثانية، لكنها لا تقدم استجابة شاملة للأهداف الإسرائيلية، خاصة قضايا الأمن ونزع السلاح، صحيح أن الخطة تقدم مكاسب مبدئية للاحتلال، لكنها تحتوي على غموض عملي".

وأوضحا أن "مهمة قوات الأمن الإسرائيلية تشير للتحقق من عملية نزع السلاح، لكنها لا تحدد من سينفذ العملية فعليًا، إذا لم تنزع حماس سلاحها طواعية، وصحيح أن القرار يذكر الشرطة الفلسطينية في غزة، لكنه لا يحدد مهامها وعلاقتها بقوات الأمن الإسرائيلية، كما لا يوجد أي شرط بين إعادة الإعمار وإكمال عملية نزع السلاح، بمعنى آخر، سيتم تقديم المساعدات الإنسانية بالتأكيد، وربما إعادة التأهيل الاقتصادي أيضًا، وقد يستمر ذلك، حتى دون التفكيك الكامل للقوة العسكرية لحماس".


وزعم الكاتبان، أنه "في مثل هذه الحالة، ثمة مخاوف مبررة من أن حماس ستستخدم إعادة الإعمار المدني لإعادة بناء البنية التحتية المسلحة، وعلى عكس خطة ترامب، تشير صياغة القانون إلى "تدمير ومنع إعادة بناء البنية التحتية العسكرية والهجومية"، لكنها لا تتضمن إشارة واضحة للأنفاق غير الهجومية والبنية التحتية الداعمة لإنتاج الأسلحة، وبالتالي فمن وجهة نظر إسرائيلية، ينطوي القرار على نقطة ضعف أساسية، تتمثل في أن خطة ترامب الأصلية اشترطت النزع الكامل للسلاح كشرط لإعادة الإعمار، بينما مشروع القانون يسمح بالتنفيذ المتوازي للعمليتين، مما قد يحوّل نزع السلاح إلى شعار، بدلاً من شرط ملزم".

وأضافا أن "وجود الجيش الإسرائيلي في غزة حوله غموض مقلق، فقد حددت خطة ترامب خريطة انسحابه، لكنها لم تحدد شروط الانتقال من الخط الأصفر إلى الخط الأحمر، ولا يتناول القرار المقترح هذا الأمر، ولا يمنح صفة قانونية لوجوده في غزة، ووضعه الميداني، ولعل غياب المرجعية يُنشِئ فجوة استراتيجية وسياسية خطيرة، فبينما يرغب الجيش بالحفاظ على مساحة أمنية مستقلة وحرية عمل لمكافحة أي تصعيد عسكري، يُمكن تفسير صياغة القرار بأنها تُقلل من سلطته الميدانية، خاصةً إذا أصبح مجلس الأمن هيئة إشرافية، وإذا لم تُرسخ آلية تنسيق صريحة لضمان حرية عمله، فقد يجد نفسه مُلزما بالقيود التي تُمليها القوات الدولية".

تكشف هذه القراءة الإسرائيلية حجم المخاوف من مشروع القرار الأممي الخاص بمستقبل غزة في اليوم التالي، رغم وجود حالة من التوافق الواسع على ضرورة نزع سلاح حماس، والاستعداد العربي والدولي لإرسال قوات إلى غزة، مما يعتبر فرصةً نادرةً لجلب عناصر موالية للاحتلال إليها، لكن ذلك لا يضمن تحقق التطلعات الإسرائيلية، في ظل الغموض المحيط بنصوص القرار، وآليات تطبيقه.