في وقت لا تزال فيه المنطقة تعيش تداعيات الحرب وتبدلات التحالفات، تتحدث الصحافة العبرية عن مؤشرات متزايدة لتقارب سعودي–إسرائيلي تقوده واشنطن، مدفوعًا بالمصالح الاقتصادية والأمنية المشتركة، ومرتبطًا برؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لمستقبل المملكة والمنطقة.
وأكدت صحيفة "
إسرائيل
هيوم" العبرية أن الولايات المتحدة تتوقع حدوث تقارب حقيقي بين إسرائيل والسعودية
خلال العام المقبل، وربما قبل الانتخابات الإسرائيلية المرتقبة، مشيرة إلى أن مسار
التطبيع بين الجانبين لم يتوقف رغم الحرب، وأن الاتصالات مستمرة على مستويات مختلفة.
كما نقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي رفيع إشادته بموقف دولة
الإمارات، التي وصفها بأنها "الصديقة العربية الحقيقية لإسرائيل"، مشيرًا إلى أنها واصلت رحلاتها الجوية إلى تل أبيب خلال الحرب وقدّمت مساعدات إنسانية للفلسطينيين في غزة، بالتنسيق مع إسرائيل.
وأكد التقرير أن الإمارات والسعودية تتبنيان موقفًا موحدًا يعتبر أن إعادة إعمار غزة لن تكون ممكنة ما دامت حركة حماس موجودة، مع التزامهما في الوقت نفسه بتمويل مشاريع إنسانية وإعادة بناء البنى التحتية في المناطق المتضررة.
وقالت الصحيفة، نقلاً
عن دبلوماسي أمريكي رفيع، إن "الأمر ليس مسألة رهان، بل نتيجة طبيعية للواقع الجيوسياسي
والمصالح الاقتصادية المتشابكة"، مضيفًا أن ما كان يجب أن يحدث منذ زمن
"سيحدث قريبًا"، على حد وصفه.
وأوضحت أن ولي العهد
السعودي الأمير محمد بن سلمان يرى في التعاون مع إسرائيل جزءًا من رؤيته الطموحة "
السعودية
2030"، التي تستند إلى شراكات اقتصادية وتكنولوجية وأمنية واسعة، لافتة إلى أن
هذه الرؤية تتقاطع مع مجالات التفوق الإسرائيلي في الابتكار والأمن السيبراني والتكنولوجيا
المالية.
وأشارت الصحيفة إلى
أن
ابن سلمان يسعى أيضًا إلى اتفاق دفاعي مع الولايات المتحدة، يشمل تعاونًا أمنيًا
غير مباشر مع إسرائيل، في مواجهة إيران وأذرعها في المنطقة، بما في ذلك الحوثيون في
اليمن.
وكشفت أن السعودية
ساعدت إسرائيل خلال الحرب مع إيران في حزيران / يونيو الماضي، حيث اعترضت مروحيات سعودية
طائرات مسيرة إيرانية كانت متجهة إلى الأراضي الإسرائيلية.
وتابع التقرير أن إيران
وحركة حماس حاولتا عرقلة مسار التطبيع، مشيرًا إلى أن وثائق استخباراتية أظهرت أن أحد
أهداف هجوم السابع من تشرين الأول / أكتوبر كان إفشال التقارب بين الرياض وتل أبيب.
وأضافت الصحيفة أن هذا الهدف تحقق مؤقتًا، في ظل إدارة أمريكية ديمقراطية واجهت صعوبات
في التعامل مع الحرب وتعقيداتها.
وقالت الصحيفة إن عودة
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أعادت ملف التطبيع السعودي – الإسرائيلي
إلى الطاولة، بصفته راعي اتفاقيات أبراهام، ونقلت عن ترامب قوله إنه سمع من كبار المسؤولين
السعوديين رغبة صريحة في الانضمام إلى الاتفاقيات، مؤكدًا أن دخول السعودية سيشجع دولاً
عربية وإسلامية أخرى على اللحاق بها.
وأضافت "إسرائيل
هيوم" أن الاتصالات المباشرة بين الرياض وتل أبيب بلغت مرحلة متقدمة في
إيلول/ سبتمبر 2023، حين بُث خطاب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة على
شاشة التلفزيون السعودي للمرة الأولى، وهو ما عُدّ مؤشراً على تقارب غير مسبوق.
ورأت الصحيفة أن الحرب
الأخيرة عطّلت المسار لكنها لم توقفه، موضحة أن السعودية، رغم إدانتها لهجوم السابع
من تشرين الأول / أكتوبر، تبنّت خطابًا سياسيًا أكثر حذرًا تجاه إسرائيل، لكنها لا
تزال مهتمة بمواصلة المسار ضمن إطار سياسي جديد يتوافق مع خطة ترامب.
وختمت الصحيفة تقريرها
بالتأكيد على أن كلا البلدين – السعودية والإمارات – ينظران إلى شرق أوسط مستقر كفرصة
اقتصادية واستراتيجية كبرى، وأن تعاونهما مع إسرائيل في مجالات التكنولوجيا، والأمن،
والطاقة، والتعليم، قد يرسم ملامح مرحلة جديدة في المنطقة خلال العام القادم.